|
عبد العزيز الطوالي يشعر الصمت ليلا
محمد الرحالي
باحث في الترجمة والأدب والسينما
(Mohammed Rahali)
الحوار المتمدن-العدد: 6616 - 2020 / 7 / 12 - 18:47
المحور:
الادب والفن
يراقصنا الشاعر عبد العزيز الطوالي في ديوانه الشعري "انشطارات الذات" في قصيدة وسمها "على الصمت يحيا الليل "، ليسافر بنا في المعاني المعتمة بذات انشطرت بين الليل والصمت لترسم معالم القصيدة سفر أراده شاعرنا إبحارا في الذات ومسوداتها النفسية والسيكولوجية المتعالقة على أطراف الليل في رحلة سمر طويل يغازل فيها عيون الليل امتا ولكن بالشعر ، يحوم حول الحلم الحقيقة أو بحثا عن بقعة ضوء فوق ركح الحياة ، وتشكل فضاء المقطع الأول من وحدات دلالية تحيل على حقل الليل : المسودة / الليل / المكسوفة / الليل / الحالكة ، لكن من هذا الليل المسود يبحث شاعرنا عن شمس يمكن القول بأنها انفجار نوراني سيحدث انشطارات أخرى في ليل الشاعر تحيله نورا ، يقول : أحرق كل لحظاتي المحبلة بالحقائق المسودة كل أيامي المكسوفة البداية ربما كل العمر سوف أقضيه في رحلتي بين الليل والليل أبحث عن شمس ترسل إلي خيوطها تعيد لأشيائي ما جرده الليل في الأزمنة الحالكة البعيدة .1 فالشمي التي ستعيد الحلم والحقيقة المفقودة إثر انشطار الذات وأشيائها الحميمة هو حلم يراود الشاعر، والجميل أن الرحلة سفر يتطلب عبور الزمن وإحراق لحظاته وأيامه الطويلة التي تغلفت بسواد الليل لكن الأمل باق في هذا السفر الشعري الماتع ، يقول شاعرنا : يستولي الأسى على حنجرتي المتسددة تهتز له أطرف ..أشلاء الذات أقهقه له في صمت من شدة الرعب أغرق في بحيرة الغضب : حينما أرى تضاريس العمر – براري المستقبل يغمرها الليل يبني أمامي أسوارا شاهقة مخيفة .2 هذا السفر لم يكن سهلا في الليل فلليل جنوده تلك التي تبعث الرعب في الذات الشاعرة وهي ترى رحلة الزمن تسابق رحلتها نحو الشمس تريد فناءها وانشطارها قبل بلوغ المراد في زمانه ومكانه الصحيح ، فيصير القهقهة والكلام صمتا مغزولا من غضب البحيرة التي هي الصمت نفسه والليل يكتسح جغرافيا الزمان في الذات الشاعرة ليبني بأسواره العالية سجنا للذات الشاعرة حتى لا تبلغ الحلم المنشود ، وللظلام امتداد الليل حضور في صراع الذات الشاعرة مع الانشطارات التي تعصرها من عيون ليل داج تريده نورا طافحا بالأمل عله يعيد للذات الشاعرة ثقتها فهي تخاف أن تصير عدما ، يقول الشاعر : هذا الظلام المعصور في الأكواب المسودة يولد بداخلي الرهب رهب الأشياء العادية ربما أصبحت شيء عدميا ربما أضعف الأشياء أوجد مهن أجل الأشياء أو لا أوجد بين الأشياء لأني لم ولن أكون شيئا كالأشياء قبل / بعد حدوث الأشياء شيء يحترق بداخلي عندما يستعصي علي النطق بعبارات سليمة أبحث عن الحقيقة وبعدما أ-ك أمزق الحقيقة .3 ويستمر الصمت حياة في الليل والخوف من العدم الغامر حتى صارت الذات تستنفذ بريق الأمل في انتظار العدم والوجود كشيء بل حتى ألا تكون ، فتعود مرة أخرى لتعيش الصمت معزوفا على أوتار الليل البهيم المخيف عنوانه استعصاء النطق السليم وحتى حين يصل الشاعر للحقيقة يشك فيها فلا يصدقها فيعود الصمت مرة أخرى عنوان المرحلة نحو الشمس المأمولة المنتظرة. يقول : إني الآن أركب البحر بشراع مزقتها الأمواج الماضية بشراعي اليتيمة التي تنتظر مجابهة الأمواج العاتية سأحاول الرحيل ..سأقطع المستحيل لا أدري ..في أية وجهة أمضي وحدي في هذا الليل تحت سماواتي القاحلة الراحلة وأي شاطئ ستقذفني إليه الريح الصرصر الدانية.4 هي استمرار المعاناة والمأساة حتى الفرار من الليل الذي أحال الشاعرة صمتا وخوفا مريبا يصير رحلتها في البحر مفقودة الأمل والسماوات قاحلة كأنها الصحراء وسراب العطش ، حتى اليد الطولى هي لليل يحيل السفر مرة أخرى صمتا يستعين بالريح والموج العاتي حتى لا تكتمل الرحلة نحو الشمس ، إنه صراع الشاعر مع الحياة والمستحيل الذي سيقطعه فينبعث الأمل من جديد في خضم الرحلة رغم الريح الصرصر والعاتية ، المهم أن الرحلة مكتملة نحو الانفراج المرقوب في المستقبل ، يقول شاعرنا : إني أشكو همي للأجيال السابقة أعيش فراغاتي المملوءة بفترات الصمت الساحقة لا أدري .. أ أطفئ ظمئي أم سأعيش في الصحراء رهين الأسراب الفائقة حتى يحكم الليل في آخر الليل وأموت أنا النحت بين الليل والليل على يد الليل في بداية الليل .5 فتفصح الذات الشاعرة عن الخوف من الليل الذي طالما أرق الشعراء لأنه زمن الولادة الجديدة للهموم وتقلب الذكريات التي تجعل الذات الشاعرة تعيش فراغاتها فتسيد الليل ليقض مضجعها وتبقى معصورة الذاكرة والذات الأنا النحن بلسان الشعراء هل ستنفرج الهموم أم ستبقى عطشانة لفجر ييمم العطش الطافي فيها وهو أمل معلق تجيب عنه الذات الشاعرة في قصائد أخرى . الهوامش: 1. عبد العزيز الطوالي ، ديوان: "انشطارات الذات" ، مقاربات للنشر والصناعات الثقافية ، ط1، فاس 2019، ص81. 2. المصدر نفسه ، ص81. 3. المصدر نفسه ، ص82. 4. المصدر نفسه ، ص82. 5. المصدر نفسه ، ص83.
#محمد_الرحالي (هاشتاغ)
Mohammed_Rahali#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السينما في المدرسة: فن أم مادة دراسية؟ لكمال بن ونِّيس/ ترجم
...
-
المرأة الأمازيغية منتجة للتراث وموضوعا له
-
المسرح نبش في الأسس
-
البعد الاجتماعي في الزجل المغربي
-
نظرة تاريخية موجزة عن الترجمة
-
السينما المغربية وتوظيف التراث الشعبيّ: نحو تجديد الخطاب الس
...
-
المسرح الشعبي المغربي الإرهاصات والتأسيس: الحلقة والأشكال ما
...
-
الترجمة تقنياتها ودورها في المثاقفة.
-
المدينة في الشعر المغربي المعاصر.
المزيد.....
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
-
-الشارقة للفنون- تعلن الفائزين بمنحة إنتاج الأفلام القصيرة
-
فيلم -الحائط الرابع-: القوة السامية للفن في زمن الحرب
-
أول ناد غنائي للرجال فقط في تونس يعالج الضغوط بالموسيقى
-
إصدارات جديدة للكاتب العراقي مجيد الكفائي
-
الكاتبة ريم مراد تطرح رواية -إليك أنتمي- في معرض الكتاب الدو
...
-
-ما هنالك-.. الأديب إبراهيم المويلحي راويا لآخر أيام العثمان
...
-
تخطى 120 مليون جنيه.. -الحريفة 2- يدخل قائمة أعلى الأفلام ال
...
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|