|
من المسؤول عن عرقلة حل نزاع الصحراء الغربية ؟
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6615 - 2020 / 7 / 11 - 23:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
نزاع الصحراء الغربية المغربية الذي ابتدأ في مطلع سنة 1975 ، واستمر لمدة ستة عشر سنة حرباً ضروساً ، لم يعرف ثقل وحجم خطورتها ، ودورها في التسبب في الإسراع بتغيير الأنظمة ، ومنها تغيير الأوضاع عامة ، الاّ من احتك بها وعاصرها فعليا ... ، تحول منذ التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار ، الذي كان مقلباً وفخاً تم نصبه بعناية لجبهة البوليساريو ، ومنها للجزائر ، لأنه ساهم في اقبار الكفاح المسلح الذي كاد ان يحقق الشيء الكثير للجبهة ولراعيها ، لو زاوجا بين بدأ المفاوضات بإشراف اممي ، وفي نفس الوقت مواصلة الكفاح المسلح الذي وحده يحدد شكل المفاوضات ، ووحده يحسم نتيجة نهايتها ، ومفاوضات حرب الفيتنام بباريس ، مع مواصلة هجوم هانويْ على سيْگون ، كانت مثلا للاحتذاء به ... الى صراع اتهامات واتهامات متبادلة بين اطراف النزاع ، لرمي المسؤولية عن وضع اللاّحرب ، واللاّسلم الى الخصم ، من جهة ليدفع عنه مسؤولية الستاتيكو الجاثم منذ 1991 ، ومن جهة لتبرير الاستمرار في الوضع المعلق والمعاق إعاقة اصحابه ، ومن جهة للتغطية على الهزيمة المادية والنفسية التي تعاني منها جبهة البوليساريو وراعيها النظام الجزائري ، بسبب بور الحل الوحيد الذي يتمسكون به ، الذي هو الاستفتاء وتقرير المصير ، رغم ان هذا الحل لم يعد مُجديا بوجود جمهورية صحراوية عضو بالاتحاد الافريقي ، وتعترف بها العديد من الدول ، وبما فيها النظام المغربي الذي اعترف بها صراحة في يناير 2017 ، قبل احرزاه على العضوية بالاتحاد الافريقي .. فكيف تحوّل النزاع من كفاح مسلح دام ستة عشر سنة ، الى نزاع يعتمد المفاوضات السياسية والدبلوماسية العاقرة منذ سنة 1991 ، مع العلم ان المهمة الرئيسية التي أُنشئت من اجلها " المينورسو " ، والتي هي الاشراف على تنظيم الاستفتاء ، قد فشلت رغم انّ " بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " لا تزال موجودة بالأقاليم المتنازع عليها كمتفرج و ليس كلاعب .. ، وبعيدة كل البعد عن انجاز المهمة الأممية التي انشئت من اجلها ، لان البعثة نفسها لم تعد تؤمن بنجاحها في المأمورية التي انشئها اتفاق 1991 ، وأصبح وجودها لا يصلح لأي شيء ، عدا تسجيل حضور باهت وشكلي ، وبدون سلطات ، ولا مكانيزمات لضبط الوضع الذي اصبح منفلتا وغير متحكم فيه ، بسبب تبدل الأدوار التي املاها الامر الواقع المتعارض مع اتفاق 1991 ، أي شرعية الأرض التي تغلبت على الشرعية القانونية .. واملاها الطرف القوي المتحكم في الوضع ، وفي كل مجرياته ، الذي هو النظام المغربي الماسك لوحده بزمام الأمور ، وبزمام كل المبادرات .. إذن ما الغاية ، وما الفائدة من الإبقاء على بعثة فاشلة ، وفشلت في انجاز ما انشئت من اجله ، بل ما الفائدة من بقاء منظمة لم تعد تؤمن بما قرره لها من اختصاصات دقيقة ومحددة ، اتفاق وقف اطلاق النار الموقع تحت الاشراف الاممي في سنة 1991 ؟ وما الفائدة من استمرار جبهة البوليساريو ومعها عرابها النظام الجزائري ، في التمسك ببعثة أصبحت لا تؤمن بما انشئت من اجله ، حين فقدت قوتها الرمزية التي كانت لها عند انشاءها باتفاق كل اطراف النزاع ؟ والسؤال : من هو الطرف المسؤول عن اقبار حل الاستفتاء ، ومن هو الطرف المسؤول عن فشل ، بل موت " بعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " " المينورسو " ، ومع ذلك يستمر في الالتصاق بها التصاف الاعمى بعصى ( عكاز ) الطريق .. النظام الجزائري وجبهة البوليساريو ، يُحمّلان النظام المغربي المسؤولية الكاملة ، عن ما اسموه بعرقلة النظام المغربي للحل السلمي ، وكأننا منذ سنة 1991 ، والمنطقة تشتعل حربا كما كان الوضع قبل اتفاق وقف اطلاق النار . وبالرجوع الى عناوين نشرتها صحف تابعة للنظام الجزائري ، وللمؤسسة العسكرية الجزائرية ، وبالرجوع الى مواقع تابعة لجبهة البوليساريو ، سنجد إشارة هؤلاء بالأصبع الى تحميل النظام المغربي مسؤولية الستاتيكو الجاثم على المنطقة .. في احد عناوين صحافة النظام الجزائري ، سنجد العنوان التالي وبالخط العريض : " الجزائر تتهم المغرب بمحاولة تفادي إمكانية إيجاد حل لنزاع الصحراء الغربية " .. وفي موقع جبهة البوليساريو ، نجد العنوان العريض التالي " المغرب يعيق كل محاولات الحل السلمي للنزاع في الصحراء الغربية " .. ما شاء الله الجبهة وراعيها يلتقيان صدفة في تحميل النظام المغربي مسؤولية عرقلة الحل السلمي لنزاع الصحراء ، مع العلم ان هذا النزاع انتهى بمجرد توقيع الجبهة على اتفاق وقف اطلاق النار ، المقلب الفخ ، وتحت اشراف الأمم المتحدة في سنة 1991 .. فعن أي حل سلمي تتحدث الجبهة ، ومعها راعيها النظام الجزائري منذ ثلاثين سنة خلت ، كانت كلها سنوات سلم ولم تكن سنوات حرب ، وبتأكيد وتشبث الجبهة وعرابها النظام الجزائري بالسلم المعلق .. وهنا نطرح السؤال : من المسؤول الحقيقي عن ما اسموه بالعرقلة للحل السلمي للنزاع المفتعل بالمنطقة ؟ هل فعلا ان النظام المغربي هو المسؤول كما تذهب الجبهة والنظام الجزائري ، ام ان المسؤول الحقيقي لن يكون غير الجبهة والنظام الجزائري ، اللذين ارتكنا الى هذا الوضع الذي يعجبهم ، وراضون عليه ، ولو لم يكن يعجبهم ، ولو لم يكونوا راضين عليه فلماذا التعايش معه ، والاستئناس به منذ ثلاثين سنة مضت ولا يزالون ؟ الوضع الحالي بالنسبة لنظام المغربي يروقه ويعجبه كثيرا ، لأنه من جهة استفرد بثلثي الأراضي المتنازع عليها ، وقد نسميها بالأراضي الصالحة والمنتجة للثروات المختلفة ، وابرزها الفوسفاط ، والاسماك ، ومن جهة تقوقع وراء الجدار الذي يحميه ويعطيه مناعة عسكرية قوية ، باستحالة اختراق الجدار بسهولة بسبب الرادارات ذات التكنولوجية الرفيعة والعالية ، وبسبب وجود ملايين الألغام الأرضية ، والأسلحة النوعية التي تصلح لعمليات الاختراق ، ومن جهة لانّ الوضع الحالي بالنسبة للنظام المغربي مستقر ، ولا دولة واحدة من دول الفيتو تشوش عليه ، او تحرجه ، بل هناك ما يسمى بعلاقات السّمن والعسل بينهما ، اللهم بعض الخرجات مرّة مرّة من دولة قوية لزعزعة مواقف دول مجلس الامن الدّائمي العضوية ، والدول الغير دائمة العضوية ، ومن جهة ضغط النظام الجزائري في افق التخلص من الجبهة الى رمال تفاريتي ، بعد ان تأكد وبما لا يدعو الى الشك ، ان المجتمع الدولي وصناع القرار الساسي الدولي ، قد شلوا ونفضوا أيديهم من شيء كان يسمى بحرب الصحراء الغربية ، وهو موقف ووضع ساهمت فيه الجبهة ومعها عرابها النظام الجزائري ، حين اقتنع المجتمع الدولي المتحكم في السياسة الدولية ، وفي القرارات السياسية الكبرى ، باستحالة عودة جبهة البوليساريو الى عهدها ، قبل التوقيع على اتفاق وقف اطلاق النار في سنة 1991 ، وبعد ان تأكد المجتمع الدولي وبالواضح ، انّ النظام الجزائري الذي كانت له أدوار متميزة طيلة السبعينات من القرن الماضي ، قد اصبح متجاوزا حتى مِمَن من المفترض انهم حلفاءه ، وعلى رأسهم روسيا التي تحافظ على علاقات بيع أسلحتها بأموال الشعب الجزائري المُفقر والفقير ، إضافة الى شعور المجتمع الدولي بالأزمة الخانقة التي يوجد عليها الاقتصاد الجزائري ، بفعل تدني أسعار البترول .. ومثل انّ الوضع يروق النظام المغربي ، فانه يروق حتى النظام الجزائري وجبهة البوليساريو ، لانهما استأنسا وتوالفا مع وضع اللاّحرب ، واللاّسلم الجاثم منذ سنة 1991 .... هكذا وبعد ان طلّقا الكفاح المسلح الذي دام ستة عشر سنة ، عندما وقّعا على اتفاق وقف اطلاق النار ، سيركز السيد إبراهيم غالي على الصراع السياسي والدبلوماسي الذي استغرق ثلاثين سنة بدون فائدة ، واصبح مزهواً ومهووساً باللقاءات مع الرؤساء الافارقة ، وباللقاءات ضمن الاتحادات ، كلقاء الاتحاد الافريقي بالاتحاد الأوربي ، رغم ان الصين وروسيا المفروض فيهما انهما أصدقاء النظام الجزائري ، تجاهلا استدعاء الجمهورية الصحراوية ، لحضور لقاءات بينهما بين الاتحاد الافريقي .. لقد تم اقبار الكفاح المسلح الذي دام ستة عشر سنة ، وبعد الانتظار ثلاثين سنة من تنظيم الاستفتاء الذي اقره اتفاق وقف اطلاق النار ، والاستفتاء لم ينظم ، واصبح مع مرور السنين يبدو كشبح ، وبعد العجز الذي أصاب مؤسسات جيش الجبهة ، وتغيير القيادة في الجزائر ، وتغيير سياسة الدولة منذ سقوط الاتحاد السوفياتي ، وسقوط جدار برلين ، واقبار دول عدم الانحياز .. ستتحول قيادة الجبهة من الكفاح المسلح ، الى الصراع الدبلوماسي والسياسي في أروقة الأمم المتحدة ، الى خوض المعارك القانونية التي خرقها الاتحاد الأوربي حين جدد اتفاقيات الشراكة ، والاتفاقيات التجارية ، واتفاقيات الزراعة ، واتفاقيات الصيد البحري ، رغم قرار محكمة العدل الاوربية الغير ملزم لدول الاتحاد الأوربي ، حين يكون احد اطراف النزاع ليس اوربيا ... الى حرب الاتهامات للنظام المغربي بتحميله المسؤولية عن عرقلة ما تسميه بالحل السلمي ... هذا دون ان ننسى البكاء على الاطلال ، وندب الخدين ، وجلد الذات ، بسبب التورط في توقيع اتفاق وقف اطلاق النار الذي حطم بالكامل الحلم بإقامة الجمهورية الهلامية فوق كل أراضي الصحراء الغربية .. فاستجداء الدول الاوربية ، والدول الدائمة العضوية في مجلس الامن ، لينوبوا عن الجبهة ، وعن عرابها بتطبيق بنود اتفاق 1991 ، في حين ان الجبهة والعراب لا يحسنان غير التباكي والبكاء ، وذرف الدموع علّها تؤثر في مَنْ يصنع القرارات السياسية الدولية بتنصيب جمهوريتهم فوق الثلثين من الاراضي الخاضع للسيطرة المغربية ، هو شعور بالمرارة وبالغبن ، وندم على طيش التسرع دون تدقيق الحسابات قبل التوقيع على اتفاق 1991 .. ومرة أخرى من المسؤول عن الوضع المستمر منذ 1991 ؟ 1 ) النظام المغربي : لا يمكن ان نحمل النظام المغربي المسؤولية ، لأنه لا احد ينازعه عن ثلثي الأراضي الخاضعة لسيطرته ، لا الأمم المتحدة التي تصدر قرارات استشارية غير ملزمة وغير ضبطية ، ولا مجلس الامن الذي يكتفي بإصدار قرارات لا تختلف من حيث القوة ، عن قرارات الجمعية العامة التي يصدرها تحت البند السادس من الميثاق الاممي .. فالوضع الحالي يروق ويعجب النظام المغربي الذي يملك شرعية الأرض ، المقبولة بطريقة واضحة من قبل مجلس الامن ، ومن قبل اسبانيا وفرنسا .. كما ان تركيبة الجيش المغربي من جميع النواحي ، يأخذها النظام الجزائري وجبهة البوليساريو في الحسبان ، سيما وانهما يدركان قوته الضاربة ، لكنهما يجهلان درجتها القسوية ، التي تدفع النظام الجزائري بتحريك بعض الوحدات ، في مناورات عسكرية ليس بهدف التهديد ، بل بسبب الخوف من القوة الضاربة لجيش النظام المغربي التي تبقى مجهولة .. وما بعْثر حسابات النظام الجزائري والجبهة ، المناورات المشتركة التي يجريها جيش النظام ، مع جيوش الولايات المتحدة الامريكية ، والتنسيق العسكري مع فرنسا ، وإسرائيل ، واسبانيا .. وهو المحور الممتعض من تاريخ النظام الجزائري ، كنظام ذيل للاتحاد السوفياتي السابق ، والمعادي للمعسكر الغربي .. والسؤال : ماذا عن ثلث الأراضي التي تسيطر عليها جبهة البوليساريو ، وتعتبرها بالأراض المحررة ، وتقيم عليها بعض منشئاتها ، وتنظم احتفالاتها ، وتعقد مؤتمراتها ، وتجري بها مناورات عسكرية بأسلحة قدمتها لها الجزائر للضغط وللإثارة ؟ هل سلّم النظام المغربي بهذا الثلث الذي تسيطر عليه الجبهة ، وهنا ونظرا لاعترافه بالجمهورية الصحراوية في يناير 2017 ، ربما يكون النظام المغربي قد سلم في ذاك الثلث للجبهة لتقيم عليه دولتها ، والاّ اذا كان النظام المغربي يعتبر تلك الأراضي بالمغربية ، وهي جزء من ثلثي الأراضي التي يسيطر عليها من وراء الجدار ، وانّ تواجد عناصر الجبهة ، هو تواجد غير قانوني ، فماذا ينتظر النظام المغربي من استرجاع تلك الأراضي الى ثلثي الأراضي المكونة للصحراء الغربية ؟ ان استمرار هذا الوضع المرتبك ، وتحت انظار الأمم المتحدة ومجلس الامن ، اللذين يباركانه ، لانهما لم يحركا ساكنا عن هذا الوضع الشاد ، قد يُعتبر بمثابة اعتراف من الأمم المتحدة بسيطرة جبهة البوليساريو على تلك المنطقة ، وقد يكون بادرة غير معلن عنها لحل النزاع ،على أساس القبول باقتسام الصحراء بين النظام المغربي وبين جبهة البوليساريو ، سيما وقد سبق اقتسام الصحراء كغنيمة بين النظام المغربي ، وبين النظام الموريتاني ، وبين اسبانيا ، بمقتضى اتفاقية مدريد الثلاثية ، وهنا يبقى المشكل العويص ، في موقف النظام الجزائري الذي يراهن للوصول الى مياه المحيط الأطلسي ، وبناء الجزائر الكبرى من خلال انشاء دولة كنفدرالية بين الجزائر وبين الجمهورية الصحراوية ، او التوصل الى الادماج الكامل بين الدولتين ، وهو المخطط الذي يشغل تفكير القيادة الجزائرية ، منذ ان تورطت في حرب الصحراء في سنة 1975 .. فإذا تنازل النظام المغربي عن ثلث الأراضي التي تسيطر عليها الجبهة ستكون مشكلة ، واذا قرر استعادتها لثلثي الأراضي الداخلة وراء الجدار ، ستكون اكبر من مشكلة في غياب ترخيص وموافقة لمجلس الامن ، لان القيام بالاسترداد يعني فتح الحرب مباشرة .. 2 ) النظام الجزائري وجبهة البوليساريو : السؤال هنا . هل اتهام النظام الجزائري ، وجبهة البوليساريو ، للنظام المغربي بالمسؤولية في إعاقة الحل السلمي ، لنزاع عمّر لأكثر من خمسة وأربعين سنة ، هو اتهام صحيح ومشروع ؟ وإذا لم يكن الامر كذلك ، هل المعنى المقصود من اتهام النظام الجزائري والجبهة ، للنظام المغربي بعرقلة الحل السمي ، هو دعوة هذه الأطراف النظام المغربي ، انْ يتخذ المبادرة من تلقاء نفسهم ، فيجمع رحيله ويرحل طواعية عن الصحراء ، وكفى الله المؤمنين شر القتال .. ؟ فهل ينتظر النظام الجزائري ومعه الجبهة ، رحيل النظام المغربي عن الصحراء ، دون تدخل لمجلس الامن ، وبتنسيق مع الجمعية العامة للأمم المتحدة ؟ ومنذ متى اتخذ نظام ما المبادرة من تلقاء نفسه ،ورحل طواعية عن الإقليم المتنازع عليه مع دولة أخرى ؟ وهذا يربطنا بقصور النظرة ، والفهم عند النظام الجزائري الصبياني ، وعند جبهة البوليساريو ، عندما ينتظران ،وهما نائمين غير موجودين في هذا العالم ، ان تنوب عنهما الأمم المتحدة في دفع النظام المغربي الى اخلاء الصحراء ، دون ان تكون قد حصلت هناك أمور تقتضي هذا الطلب كالحرب مثلا ... ان سيطرة التقاعس ، والاتكالية ، والانتظارية التي دامت ثلاثين سنة مضت ، ولا يزال نفس التقاعس ، ونفس الاتكالية ، ونفس الانتظارية التي قد تدوم ثلاثين سنة أخرى ، تسيطر على النظام الجزائري المهزوم ، وعلى الجبهة التي فقدت بريقها واشعاعها ، بتوقيعها على وقف اطلاق النار في سنة 1991 ، يجعل منهما المسؤولين المباشرين على ما يسميانه بالعرقلة للحل ، وبالستاتيكو للأوضاع ... فإذا كان النظام الجزائري ومعه الجبهة ، ينتظران الانسحاب الطوعي للنظام المغربي من الصحراء ، ويسلمها لهما على طبق من ذهب ، فهذا غباء وبلادة قل نظيرهما في العلاقات بين الدول ، ويمكن اعتباره نوعا من الاستعطاف والتسول ليجود عليهما بما دمره اتفاق وقف اطلاق النار ، فالقانون لا يحمي المغفلين ، والحروب كلها تبنى على خدعة .. اذن من المسؤول عن عرقلة ما يسميه النظام الجزائري والجبهة بالعرقلة للحل لنزاع الصحراء ؟ هل الجزائر والبولياسريو ومسؤوليتهما بارزة وواضحة ، ام النظام المغربي الذي يرفل بشرعية الأرض التي اعطته الامتياز ، والسبق ، والتحكم في اتخاذ المبادرات ، او في فرض شروط المفاوضات والتسويات التي لن تكون غير مغربية ؟ 3 ) الأمم المتحدة ومجلس الامن : بغض النظر على انهزامية النظام الجزائري ، واختلاط الفهم لديه ، ورداءة طرق فهمه لحقيقة الصراع الدائر بالمنطقة ، وبغض النظر عن قرار جبهة البولساريو الذي لن يكون غير قرار للنظام الجزائري ، فان المسؤول الأول والأخير ، الذي كان على النظام الجزائري ومعه جبهة البوليساريو التوجه اليه بالاتهام ، ليس النظام المغربي ، بل الأمم المتحدة ، ومجلس الامن اللذين عجزا قصدا عن حل نزاع الصحراء الذي عمر خمسة وأربعين سنة خلت . فمنذ ستينات القرن الماضي 1960 ، والى الآن والجمعية العامة تتخذ قرارات استشارية لا ضبطية ، ولا الزامية ، وكأن كل قرار هو نسخة مطابقة لما سبق صدوره من قرارات سابقة ، ونفس الشيء بالنسبة لمجلس الامن الذي يتخذ قرارات تحت البند السادس الغير ملزم من الميثاق ، فمنذ سنة 1975 وهو يتخذ القرارات تلو اختها ، وكل قرار يكون بدوره نسخة طبق الأصل للقرارات السابقة ، دون ان تتمكن لا الجمعية العامة ، ولا مجلس الامن من إيجاد حل يضع حدا لنزاع مفتعل ، وبتخطيط من المنتظم الدولي ، وبالأخص أصحاب حق الفيتو الذين يسيطرون على قرارات السياسة الدولية .. فإذا كان من جِهَةٍ احق بتحميلها المسؤولية عمّا سماه النظام الجزائري وجبهة البوليساريو بالعرقلة ، فهي الأمم المتحدة ومجلس الامن ، اما ترك الطرف المسؤول والمتسبب في العرقلة للحل السلمي ، وهو الحل الذي اتخذه اطراف النزاع في سنة 1991 ، وتحميل النظام المغربي المسؤولية ، يبقى جبناً وخوفاً سيعطي للأمم المتحدة ولمجلس الامن ، القناعة التامة ، و القناعة الراسخة بان النظام الجزائري فشل ، فانهزم ، وان جبهة البوليساريو كما عاهدوها في سنة 1975 ، اصبحت جبهة أخرى تمارس التباكي والتشكي ، وإصدار مقذوفاتها في الاتجاه الخطأ ، وهو ما سيؤثر سلبيا على ما تبقى من بريق كان بريقا في يوم من الأيام ، فاصبح نكسة في الأخير من هذه الأيام ... وسؤال الختم : الكل يعلم ان اتفاق وقف اطلاق النار الذي تم ابرامه في سنة 1991 ، بين النظام المغربي ، وبين جبهة البوليساريو ، قد تم تحت اشراف مجلس الامن ، واشراف الأمم المتحدة ، ومنذ ثلاثين سنة مرت على توقيع الاتفاق المذكور ، فشل الاتفاق ، وفشلت مفاصله " كبعثة الأمم المتحدة لتنظيم الاستفتاء في الصحراء الغربية " ، " المينورسو " ، واشراف مجلس الامن على توقيع الاتفاق ، يعني توافر الضمانات السياسية والقانونية لتنفيذه التنفيذ الاصح ، لكن الى الآن لم ينظم الاستفتاء ، ولم يتم إزالة ملايين الألغام الأرضية التي لا تزال مزروعة .... فمن المسؤول عن هذا الفشل . هل النظام المغربي ، ام ان المسؤولية المباشرة والواضحة هي لمجلس الامن ، وللأمم المتحدة الذين ضمنوا إنجاح اتفاق مات موته السريري في سنة 1993 ، ومات موتته الطبيعية منذ سنة الألفين ( 2000 ) ... فشيء من الشجاعة في توجيه الاتهام الى صوبه الصحيح .. المسؤول هو الأمم المتحدة ، ومجلس الامن ، ومنهما الدول التي تلك تملك استعمال حق النقض ( الفيتو ) في مجلس الامن ...
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
إسبانيا الأمة العظيمة ، ترتعش من شدة الخوف ، من الجار المغرب
...
-
مواصلة الصراع السياسي في المغرب
-
الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون يدعو النظام المغربي الى تقديم
...
-
هل من علاقة بين التناوب / الانتقال الديمقراطي ، وبين المنهجي
...
-
هواة سوق الوهِم ، سوق الانتخابات
-
حملة مسعورة قريْشية ، سعودية ، إماراتية ، ضد شعوب شمال افريق
...
-
الحلف الاطلسي - ( الناتو )
-
تهديد مصر بالحرب
-
الدعوة لإستقالة الوزير مصطفى الرميد
-
دعوة الى مغادرة المغرب
-
المغرب / فرنسا
-
مصر تطرق ابواب مجلس الأن ، بعد فشل مفاوضات سد النهضة
-
إنتخابات الملك ، لإنتاج برلمان الملك ، ومنه تشكل حكومة الملك
...
-
قراءة سريعة لنتائج الاقتراع السري بالجمعية العامة للأمم المت
...
-
جبهة البوليساريو تفتري على البرلمان الاوربي
-
العقلية الانقلابية
-
حكومة تكنوقراط ، حكومة وحدة وطنية
-
من يحكم ؟
-
هل يتدارك ملك المغرب ما تبقى من الوقت الضائع .....
-
شكرا الوحش كورونا
المزيد.....
-
وزير دفاع السعودية يوصل رسالة من الملك سلمان لخامنئي.. وهذا
...
-
نقل أربعة أشخاص على الأقل إلى المستشفى عقب إطلاق نار في جامع
...
-
لص بريطاني منحوس حاول سرقة ساعة فاخرة
-
إغلاق المدارس في المغرب تنديدا بمقتل معلمة على يد طالبها
-
بوتين وأمير قطر في موسكو: توافق على دعم سيادة سوريا ووحدة أر
...
-
غزة البعيدة عن كندا بآلاف الأميال في قلب مناظرة انتخابية بين
...
-
عراقجي يكشف أبرز مضامين رسالة خامنئي لبوتين
-
بعد عقدين- روسيا تزيل طالبان من قائمة الجماعات الإرهابية
-
روسيا تطلب مشاورات مغلقة لمجلس الأمن الدولي بشأن -هدنة الطاق
...
-
اختتام تدريبات بحرية مصرية روسية في البحر المتوسط (صور)
المزيد.....
-
فهم حضارة العالم المعاصر
/ د. لبيب سلطان
-
حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3
/ عبد الرحمان النوضة
-
سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا-
/ نعوم تشومسكي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
المزيد.....
|