أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض رمزي - تغريدة لثورة تموز خارج السرب














المزيد.....

تغريدة لثورة تموز خارج السرب


رياض رمزي

الحوار المتمدن-العدد: 6615 - 2020 / 7 / 10 - 00:52
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


ذكرى ثورة 14 تموز التي (غبّرت) غيّرت وجه العراق إلى الأبد. رياض رمزي
"الأنهار تصب مياهها العذبة في البحر، من أين إذن جاءته الملوحة؟". بابلو نيرودا التساؤلات.

تشير الأخبار أن درجة الحرارة في أغلب محافظات البلاد وصلت نصف درجة الغليان. شمسٌ لاهبة على نحو يليق بسمعة شهر تموز. ضيّقت على خناق الأحياء وأشعرتهم بدرجة ضعفهم. لديهم الكثير ليفقدوه إن غامروا بالخروج خوفا من شمس وقفت في سمت السماء، مثل جنود احتلوا قلعة تشرف على المدينة لها سلطة عسكرية على أحياء يجلسون في بيوتهم وعيونهم مصوبة على الخارج. سحنتهم محرومة من الهواء النقي غمرها شحوب يتشح بصفرة هي عين ما يرتاب الأطباء منه. الهواء غير النقي جعل تلك الوجوه تحصل على الصفقة الأسوأ، مبقية مرافق الجسم غير المرئية كالقلب والكبد، عند تقسيم فيئها من الأرزاء، تحصل على النصيب الأوفر جاعلة قوانين الفناء تحكم مواطني البلاد بدلا من قوانين الحياة.
اتذكّر واحدا من الأيام التموزية قبل الثورة وكنت واقفا وراء شباك البيت أشاهد كلبا كانت أكثر همومه شأنا العبور نحو الضفة الأخرى من الشارع حيث زرعت البلدية أشجارا وارفة ليجد ظلا. اختار مكانا ظليلا وتبول تحت شجرة ما انفكت توفّر ظلالا للهاربين من قطط وكلاب. بعد مرور عشرين عاما وكنت واقفا أشاهد منظرا شبيها لكلب من نفس سلالة الكلاب التي لا تنقصها الحيلة للعبور إلى الضفة الأخرى معتقدا أن الأشجار ما زالت في مواقعها. حين انتقل كانت الأشجار قد قطعت من قبل من كان يقولون أن الأشجار بدأت توفّر ظلا لعاشقين وشباب يحتمون بها. لم يعرف الكلب أن الأمور ساءت بدلا من أن تتحسن على عكس ما كانت إذاعة صوت الجماهير تدّعي. لم يتمكن الكلب من العبور كان يرفع ساقا وينزلها بسرعة خوفا من يتلفها الحر الشديد. الشمس بطيشها الصبياني راحت تمطر الجو بقذائف نارية. كانت عيونه مصوّبة نحو أشجار زالت وتلاشت، وهو منظر أحزنه كثيرا فراح يعوي عواء مظلوم يطالب بحقه في تفريغ مثانته. منظر الأشجار المقطوعة والشمس اللهّابة جعلته يراجع حاجته فقرر أن يتخلص من الحمل سائرا بدون توقف بعد أن كانت مثانته أشبه بكيس منفوخ. هرول بسرعة متطلعا نحو نهاية الطريق. عندما بلغ نهايته توقف قرب كراج للخردة دخل وهو يتذكّر المثل المحلي الذي يقول" بالعربان ولا بالتربان" حوّر الكلب المثل قائلا" بين خردة الحديد ولا شواظ الشمس الشديد". صنعت العربات حائطا كثيفا قلّل من لهيب الشمس برغم أنه لم يمنع الحر من الولوج. شاهد، وهو يدخل في أحدى العربات المحروقة، كلبا آخر وقطّتين وغراب ومجموعة من الحمام وثلاثة ثعالب.. تعرضوا لحشد من المحن في البرية، فبات الكراج مسكنا أمينا لاح في وقتٍ مناسب.
هذه الصورة وهذا الوضع أعاداني إلى سفينة نوح التي لجأت إليها الذئاب وقطيع من االخرفان والماعز والبقر... لكن نوح كما يقال تلقّى تعهدا من الأعالي بتعطيل الغرائز حتى الوصول إلى جبل أرارات حفاظا على الجنس البشري من الفناء. كانت تدخل الزواحف والحيوانات السفينة وهي تبتسم لوجود ضمانة بعدم التعرض مردّها تعطيل الغرائز، وهو قرار أسدل خمارا من الهدوء على الحيوانات المتناحرة.
من شدة الحر تهاوت بتلات الزهور في الحدائق وامتزجت بإسفلت الشارع فراحت تعطي رائحة استحضر علماء البيولوجي كل ذكائهم لمنحها أسما، وحين لم يجدوا لها مثيلا سابقا قالوا أنها " ريحة جمهورية" لأنهم لم يقعوا على أمثالها قبل الثورة المجيدة. اعترت قادت الجيش نوبة زهو لأنهم أصابوا مجدا جديدا من رائحة مُهرت باسم واحدة من انجازاتهم. هكذا رائحة أنعمت عليهم بشهرة جعلت الجمهور يتذكّر ثورتهم.
كما يقال ما من وباء يحدث إلا والفئران ورائه. زملاء المهنة يفهمون بعضهم البعض: العسكريون عهدوا بالأمر إلى العارفيْن ثم صدام والإسلام السياسي، حيث أعلنوا كلهم حربا على المجتمع مثل سموم لم تعلن هدنة منذ ما يقارب ستة عقود.
ليس في حوزتنا نحن غير الكلام، لكن محمد الماغوط هدانا إلى طريقة مميّزة سوف نجازيه عليها بالشكر. دعا الماغوط اللاجئين العرب في دول المهجر للتجمع في مكان معيّن ورسم لهم خريطة طريق: التوجه نحو قبر المغفور له هرتسل ورفع لافتة تقول" أيها السيد هرتسل أعطنا وطنا قوميا ولو على مزبلة". أدعو أصدقائي الآن التوجه إلى قبر الماغوط ورفع لافتة نكتب فيها" أمنيتك باتت حقيقة لا وهم، وخيالك لم يعد خيالا بل واقعا تخطى الواقع. لقد حظيت بلادنا بهذا الامتياز: التحول إلى مزبلة لاحظت كل دول المعمورة مدى زفارتها". بما أن دعوة الماغوط قد تحقّقت فأنا أطالب أصدقائي بالتجمع مرة أخرى وتوجيه خطانا نحو مركز الطفح الأخضر كي نصرخ أمام ساكنيه متضرعين للمالكي والخزعلي، للسيستاني والشهرستاني، للفتلاوي ولأبي فدك المحمداوي أن يوفروا لنا سكنا" ليس كثيرا عليكم أن تعطونا سكنا حتى لو كان خرابة في مزبلتكم".
شيء ما ينبغي فهمه: إن كانت الثورة سيلٌ من ماء عذب طاهر من جلب العفونة إذن للبلاد؟".



#رياض_رمزي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- العزلة في زمن الكورونا
- عفيفة لعيبي: تحويل صناعة الأحزان إلى كسبٍ مشروع، أو الحزن حا ...
- موت مواطن لا ينتمي إلى وطنه. رياض رمزي
- فائز الزبيدي مقاتل أجبر على هدنة أبدية
- الميليشيات والاغتيالات
- بعض ما يحدث في جمهورية الإسلام السياسي
- صادق الصائغ لا بر إلا ساعداك
- تصفيق لأول من قال عبارة: الدولة أهم من دماء مواطنيها
- إلى نور مروان. وجهٌ جميل لا تليق به غير البسمة.
- يا وطن سائقي التك تك احبك الان اكثر
- محدثو النعمة-العراق نموذجاً
- بديهية كجملة - يطوف البط على الماء-
- فتوى صادقة
- رسالة مفتوحة إلى لجنة البوكرز العربية


المزيد.....




- وزير دفاع السعودية يوصل رسالة من الملك سلمان لخامنئي.. وهذا ...
- نقل أربعة أشخاص على الأقل إلى المستشفى عقب إطلاق نار في جامع ...
- لص بريطاني منحوس حاول سرقة ساعة فاخرة
- إغلاق المدارس في المغرب تنديدا بمقتل معلمة على يد طالبها
- بوتين وأمير قطر في موسكو: توافق على دعم سيادة سوريا ووحدة أر ...
- غزة البعيدة عن كندا بآلاف الأميال في قلب مناظرة انتخابية بين ...
- عراقجي يكشف أبرز مضامين رسالة خامنئي لبوتين
- بعد عقدين- روسيا تزيل طالبان من قائمة الجماعات الإرهابية
- روسيا تطلب مشاورات مغلقة لمجلس الأمن الدولي بشأن -هدنة الطاق ...
- اختتام تدريبات بحرية مصرية روسية في البحر المتوسط (صور)


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - رياض رمزي - تغريدة لثورة تموز خارج السرب