رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 6613 - 2020 / 7 / 8 - 04:23
المحور:
الادب والفن
وجيه مسعود والهدوء
بعد مجموعة قصائد لم تخلوا من الغضب، ها هو "وجيه مسعود" يتخلص نهائيا من الواقع، ويتقدم إلى البياض المطلق، عابرا عالم الهدوء والنعومة فجاءت ألفاظ بيضاء وبلغة ممتعة، حيث تنسجم الفكرة والألفاظ وحجم القصيدة لخدمة الهدوء، يقول في قصيدته:
"ابتنيت ضفة - في الزق -
ساقية وشاطئين
ولابنتي’ وامهما ولخالتي
والشام والضفتين
رسمت تينا , سماء , بيادر وربوتين
ولفاطمة توسدت في سهل حوارة نجمتين
صار لي في حوارة مكتبة, غرفة وقبتين
2020 / 6 / 30 -"
حجم القصيدة له دلالة، فأما يشير إلى حالة الامتعاض/الضجر، واما إلى الرضا/الراحة، وفي حالة "وجيه" كانت الراحة بعد التعب، فالحجم المتواضع يشير إلى أنه قد (استنفذ) طافته في إبداء مشاعره تجاه الماضي والحاضر، فكان ناعما وهادئا في هذه القصيدة، فالطبيعة/الريف أحد المسكنات، عناصر التخفيف والفرح التي يلجأ إليها الشاعر كحال المرأة والكتابة والتمرد، فنجد حضور الطبيعة في ألفاظ: "ساقية، شاطئين، تيما، سماء، بيادر، ربوتين، سهل، نجمتين" فالطبيعة انعكست ايجابيا على الشاعر، بحيث جعلت القصيدة خالية من أي عواصف أو شدة.
كما أن حضور النساء في القصيدة يعكس حالة الرضا والراحة التي يمر بها الشاعر، فقد ذكر: "لابنتي، أمهما، خالتي، فاطمة" وكل هؤلاء النساء هن عائلته، ابنتاه ، زوجته، خالته، أمه" وبما أنه تناول نسوة يرتبط معهن برباط الحب والحنان، فقد ارتفعت مشاعر العاطفة عنده أكثر، والتي ظهرت من خلال الثنائية التي نجدها في: "شاطئين، لابنتي، الضفتين، نجمتين، ربوتين، قبلتين" وهذا يؤكد على حنينه وعاطفته الناعمة بعد أن تحررت من أثر الواقع وقسوته.
كما أن حضور المكان: "ضفتين، الشام، حوارة، نجمتين" يؤكد على أن ذاكرته ما زالت تحن إلى طفولته التي عاشها في الوطن، حوارة، وهذا ما أكده عندما ركز على حوارة من خلال "حوارة، نجمتين" وهما من معالم البلدة الرئيسية.
وإذا ما توقفنا عند (إهمال) الشاعر لذكر (الخمرة) التي لازمت لفظ "زق" في القصائد السابقة، نتأكد أننا أمام ولادة جديدة، أو حالة جديدة تمثل الهدوء والنعومة، وهذا ما شارة إليه الشاعر عندما استخدم عنصر الفرح الثالث، الكتابة، "مكتبة" وبهذا تعد هذه القصيدة (تمرد) ناعم على حالة الصخب التي مر بها الشاعر في قصائده السابقة.
القصيدة منشور على الحوار المتمدن
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟