|
مواصلة الصراع السياسي في المغرب
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6612 - 2020 / 7 / 7 - 17:41
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل من صراع يدور بأوجه مختلفة في المغرب ؟ وانْ كان هناك صراع يجري ويدور ، فمن تكون مكوناته ؟ ، من هي اطرافه الأساسية ؟ ومن هي اطرافه الثانوية ؟ والى اين يتجه من حيث الحسم النهائي للمكونات التي تشترك فيه ؟ منذ ان خلق الله الدنيا ، خلق معها النقيض ونقيضه ، وخلق معها التناقضات ، كما خلق الاختلافات ، فالناس وعلى خلاف صحيح القرآن ليست من مذهب واحد ، ولا من طينة واحدة ، ولا ملة واحدة ، بل نجد ان اصل الحياة والكون ، هو صراع بمختلف العناوين ، منهم من يسميه ديني، ومنهم من يسميه طبقي ، واخرون يسمونه اجتماعي وهكذا .. والكل قد يسترجع حكاية ، او رواية تناحر هابيل وقابيل ، كأول صراع بدأ في الكون ، وربما سبقته صراعات إنسانية أخرى ، كصراع الانسان ضد ومع الطبيعة ، وصراعه ضد الحيوانات المتوحشة كالديناسورات التي لا تشبه دينسرونات اليوم ، و الصراع مع الطرق البدائية للعيش الأول للكائن البشري على وجه الأرض .. ان اصل الحياة هو صراع دائم ، ومتواصل على الخيرات ، على الثروة ، كما انه صراع على الحكم ، وصراع على كل ما يرتبط به من توابع تنتصر الى هذه الجماعة او تلك . فالصراع لا يمكن ان يكون اذا لم تكن هناك مصالح متناقضة ، وإذا لم تكن توجد جماعات تختلف فيما بينها ، فالصراع دليل على الاختلاف ، ودليل على الحق في فهم الظواهر ، وحتى الخارقة منها ، وهو دليل ان المجتمع غير ساكن وغير جامد ، بل يتحرك ويتفاعل استجابة للقوانين الاجتماعية الخارقة الغير مرئية ، التي تنزل صدفة وبدون اشعار ، أي دون ان تكون من انتاج الانسان ، ودون استطاعته التحكم فيها بما يجعله السيد لا المسود ، المنتصر لا المهزوم .. وبما ان اصل الحياة هو صراع ، فلا عجب ان ينصب الصراع حول الاختلاف في شكل النظم ، واشكال الحكم ، وفي كيفية توزيع الثروة ، وفي طرق الاستحواذ عليها ، كما يرتبط بنوع ودرجة العلاقة بين المكونات المتصارعة ، وبين المجتمع الذي يجري الصراع باسمه ، و لا اعتقد من اجله ، لان التجارب بينت ان أي صراع يستعمل ويوظف المجتمع ، فهو يستخدمه ككمبراس للوصول الى غايات ضيقة أنانية ، وشخصية لا علاقة لها بمصالح المجتمع اطلاقا ، وقد دلت تجارب كثيرة على ان المجتمعات الموظفة في الصراع ، تكون في جانب ، والمكونات التي تصارع من اجل ( المجتمع ) تكون في جانب آخر ، ولنا امثلة عن تجارب وطنية آلت الى الإفلاس السياسي والتنظيمي ، منذ ان شرعت في توظيف المجتمع بشكل ميكيافيلي ، لتحقيق أغراض لا علاقة لها بحاجيات ومصالح المجتمع ، وكيف عرت التجربة عن نفس المكونات التي استعملت المجتمع للوصول الى الحكومة ، حتى عندما استوزروا انقلبوا على ما رفعوه من شعارات باسم المجتمع ، الذي الحقوا به اضرارا لم يسبق لأية موظفين سامين ( وزراء ) في حكومة ، ان اقترفوها في حق المجتمع، ولنا تجربة حزب تجار الدين المسمى بحزب العدالة والتنمية .. في المغرب لم يكن الصراع السياسي باسم المجتمع ، يعود الى الفترة التي تلت استقلال إيكس ليبان ، لكن الصراع السياسي الذي كان يُحضّر للصراع بعد الاستقلال ، ابتدأ بشكله العنيف عند مقتل مناضلي حزب الشورى والاستقلال على يد حزب الاستقلال بدار " بريشة " ، وعندما عرّى حزب الاستقلال الحزب الشيوعي من طابعه الوطني ، واستفحل الصراع منذ سنة 1947 السنة الذي عرفت غرس بذرة البرجوازية المتوسطة ، وما فوق المتوسطة في مواجهة البرجوازية المحافظة التي مثلها جامع القرويين ، ومثلها الجناح المركانتيلي لحزب الاستقلال ، الذي انساق بطريقة الاعمى وراء الملك ، في مواجهة ما اطلق عليهم بالشيوعيين ، وبالانقلابيين ، وبالجمهوريين .. فالحركات الاستقلالية التي أسست لحركة 6 شتنبر 1959 ، كانت تحصيل حاصل للنزاع الذي شب منذ سنة 1947 ، ووجد تربته المفروشة ، بخلق البديل البرجوازي الصغير ، الذي سيمثله حزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية ، كطليعة تجمع متناقضات غريبة ، من السياسيين الى ، النقابيين الى ، المقاوميين ، الى الموالين للقصر الذين سينفصلون عنه بمجرد تأسيس حزب جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية .. الصراع الذي دار في المغرب ، لم يكن صراعا عاديا ، بل كان صراعا عنيفا ، لان موضوعه كان الحكم ، أي صراع بين توجهات سياسية ، وصراع بين تطلعات للظفر بالحكم ، وبالنظام ، ومنه الظفر بالثروة ، والجاه ، والمال ، والنفود . وبقدر ما كان الطرف المتصارع يلجأ الى العنف للجواب عن عنف الاخر الغير مسبوق ، لأنه وصل حد الاغتيالات لأشخاص ، بقدر ما كان الطرف الاخر يوظف كل الإمكانيات المتاحة ، لإسقاط النظام المسيطر على الحكم .. ستكون هناك عدة محطات خطيرة دونت لهذا الصراع ، الذي كان باسم المجتمع الغائب عن الصراع ، فكانت 16 يوليوز 1963 ، و كانت 3 مارس 1973 ، وكان الجيش باسم الضباط الوطنيين الاحرار في سنة 1971 و 1972 ، كما توسع الصراع عندما انضافت له مكونات ناقمة وساخطة على المتصارعيْن الاوليْن ، معارضة برجوازية ، ضد نظام كمبرادوري ، ليصبح صراعا بين بعض مكونات البرجوازية المتوسطة ، وما فوق المتوسطة ،وبين البرجوازية الكمبرادورية ، والبرجوازية الصغيرة التي ستتخذ لها اشكالا شتّى ، ميزتها في الساحة ، واعطتها قيمة مضافة للصراع الدائر ، لم تكن قيمته تقل مجابهةً ، وعنفاً ، وصراعاً حاداً ، عمّا ساد قبل ظهور التيار البرجوازي الصغير الداعي الى الجمهورية الديمقراطية الشعبية .. امام هذه القوى الثلاثة المتصارعة ، النظام البرجوازي الكمبرادوري ، الميركانتيلي ، البتريركي ، البتريمونيالي ، الاثوقراطي ، الثيوقراطي ، الاقطاعي ، المستبد ، الطاغي ، الحگارْ ، الناهب للثروة ، المهرب للدولار .. والبرجوازية المتوسطة التي كانت تبحث عن جمهورية برلمانية على الطريقة العربية ، بحيث لو نجحت في الانقضاض على الحكم ، لأصبح لنا ناهبون جدد للثروة ، ومهربون جدد للدولار ، ولأصبح لنا طغاة جدد ، ومستبدون جدد ينهبون باسم الاشتراكية المفترى عليها ، مثل من ينهب ويفترس باسم الله ، وباسم القران ، وباسم الدين ، وهي الجمهوريات التي كنست رؤوسها الجماهير العربية في ربيعها ، الذي لم يكن ابدا ربيعا ، وكان شتاء مليئا بالوحل الذي مثل بقاء الأنظمة التي خلقت الرئيس ، الذي تم كنسه برضاء وموافقة الرئيس ، حتى لا يسقط النظام الذي انتج الرئيس ... والبرجوازية الصغيرة التي لم تكن تختلف في شيء كوصولية ، تتلهف بغريزة حيوانية غير مُتحكم في تصرفاتها وفي خرجاتها ، المال ، والجاه ، والثروة ، والمصالح الشخصية التي تكشّفت بمجرد ان فتح لها الحاكم باسم الله ، وباسم القرآن ، العنابر و( البزابز ) المختلفة Les robinets ، حتى نسيت شعاراتها التي لم تتردد في إدانتها ، وفي التبرؤ منها ، وارتمت ومن دون مقدمات ، في حضن النظام تُجمّل وجهه الديمقراطي القبيح ، وتطبل وتزغرد للإنجازات ( ما شاء الله ) التي بالأمس كانت محط احكام بالإفلاس ، وبالفشل الذي لن يمحوهما غير نظام الجمهورية الديمقراطية الشعبية .. الصراع الثلاثي بين هذه المكونات المتناقضة في الشعارات المرفوعة ، وفي حجج المشروعات المقدمة ، والتي تلتقي وتشترك في حب السيطرة ، والاستحواذ ، والنهب ، واللهفة على الخيرات ، وفي الافتراس الغريزي ، الحيواني ، البهيمي ... ستنضاف اليها قوة رابعة ، كانت تنتصر الى المشروع اكثر من قروسطوي ، والأكثر من فاشي ، الرامي بالمجتمع الى العصور الخوالي ، عصر الظلمات المتعارض ، بل العدو لعصر النور والانوار .. ان هذا الرباعي الذي سيحط الرحال بالساحة ، مفرشاً له من طرف الكمبرادور بدعوى العقيدة في خطر ، والملاحدة ينتشرون ويتوسعون ، وان غداُ اتحاد سوفياتي ملحد ولا ديني ، في طور التركيب والانجاز ، محرضينهم على معارك دنكشوطية عبثية ، خدمت النظام ، ولم تخدم لا العقائديين ولا الايديولوجيين ، حتى عندما ضعف الجميع ، لم يتردد الكمبرادور من فتح أبواب ( قصوره ) سجونه في وجه الجميع ، و ليستريح من الجميع ، وليظفر وبكل أريحية ولوحده ، بالخيرات ، والثروة ، والجاه ، والمال والنفوذ ، وليمضي قدما ، وغير منزعج ، ولا مبالياً ، ومن دون خوف ولا بصيرة ، في تركيز أعمدة نظام قروسطوي ، بتريركي ، بتريمونيالي ، مركانتيلي ، اكثر من طاغي ، واكثر من استبدادي ، نظام مغلف بالتقاليد المرعية ، والطقوس المحنطة ، و المبتذلة ، المُذل والمُهين للرعايا الذين فقدوا الصواب ، وضاعت بوصلتهم ، وتاهوا دواباً بَكْمة لا ناطقة على وجه الأرض ، بدون معايير ولا ضوابط ، وبعد ان فقّرهم النظام الحاكم باسم الله ، وباسم الرّب ، وباسم محمد ،وباسم الاضرحة والمواسم ، وكثرة زيارة القبور للحظوة بالبركة ، ودفع شر الجن والعفاريت ... وأصبح اكبر نَفَرِهم متسولين ، استرزاقيين ، ينادون راعيهم الكبير ، وهم في مسيرات غبنٍ تشبه الحج حول الكعبة ، بالقفة فقط القفة ، وبالدعم فقط الدعم ، مع العلم ان حتى ولو ظفروا بالقفة فلن تكفيهم عيش أسبوع ، وان ظفروا بالدعم لن يكفيهم عيْش ثمانية أيام ... في خضم هذا الصراع حول الحكم الذي استعملت فيه كل الأسلحة ، سينتصر الحكم على المتصارعين الثلاثة الاخرين ، أصحاب الجمهورية العربية على الطريقة العربية ، وأصحاب الجمهورية العمالية الفلاحية ، وأصحاب دولة الخلافة الإسلامية .. لقد كان الانتصار ساحقا وماحقا ، ولم يكن رحيما ولا إنسانيا ، وانتهى بأصحابه الى الارتماء في أحضان النظام ، الذي أذّبهم بِتْرابي دارْ المخزن ، أي الحق بهم الإهانة والمذلة حين استصْغرهم، ومرّغ انفهم في روث الابقار وليس في وحل التراب ، لان النظام العلوي والعلويين معروف عنهم الضغينة والحقد ، وانهم لا ينسوا بسهولة ، وان كانوا يتظاهرون بالقلب الكبير ، وبان المغرب / النظام ، مسامح ومتسامح كريم .. فإهانة واذلال الخصم ، هو شيء مقصود ، ومبتغا عظيم ، لأنه رسالة موجهة الى الاحفاد ، والى احفاد الاحفاد ، حتى يتركوا الأمير وحده يفعل ما يريد ، يحلل ويحرم ما يريد ، وما لا يريد ... فالدولة هي دولة العائلة ، وليست دولة العامة ، ولو كانوا مثقفين سياسيين .. واسمها بالدولة العلوية ، لأنها دولة للعلويين لا دولة غيرهم ، الذي يجب ان يكونوا رعايا تقليديين في عمومهم ، وفي أغلبيتهم ، ورعيا عصريين فقط في ساستهم ، وزعماء نقاباتهم وجمعياتهم ... لكن رعايا عصريين او رعايا تقليديين ، فكلهم تحت إمرة امير المؤمنين ، حامي حمى الملة والدين ، والساهر على صحة وسلامة المواطنين ... انها دولة الامارة ، والامامة ، ودولة الراعي الكبير ، التي أسسها اجداده على الانتساب للدين ، وللدين فقط ، لقطع دابر اية قبيلة تتطلع الى حقها في السمو ، والجاه ، والمجد ، والسلطان ، كما كان عليه الحال ابّان الدولة العصبية ، القبائلية ، والمشاعة .. والسؤال : ما الفرق بين طغيان ، واستبداد ، وافتراس الدولة العلوية ، وبين طغيان ، واستبداد ، وافتراس دولة الجمهورية البرلمانية على الطريقة العربية ، وبين طغيان ، واستبداد ، وافتراس دكتاتورية المثقفين باسم العمال والفلاحين المُغيّبين دعاة الجمهورية الديمقراطية الشعبية ، وبين طغيان ، واستبداد ، وافتراس دعاة الخلافة الإسلامية ... فهل هناك الطغيان ، والاستبداد ، والافتراس الناعم ، وهناك الطغيان ، والاستبداد ، والافتراس البشع ، ما دام ان الجميع يعمل في تفقير الشعب المُفقر ؟ لقد حصل تحول جذري ، في الأطراف التي خاضت الصراع منذ سنة 1958 ، والى سنة 1999 ، السنة التي تولى فيها محمد السادس الملك ، فبينما ارتمى الجميع ومن دون تفكير ، وبالسرعة القصوى ، في حضن الدولة الحنونة ، السّخية ، الثدي المليء بالحليب .... وبعدما ظن الجميع انّ قوة الصراع اليوم تلاشت عمّا كان عليه الحال في السابق ، سيتبين ان الصراع لم ينطفئ قط ، وان النظام الذي احرز انتصاره العظيم ، والتاريخي على دعاة الجمهورية البرلمانية ، ودعاة الجمهورية الديمقراطية الشعبية ، ودعاة الخلافة ، وحتى جمهورية الضباط باسم الضباط الوطنيين الاحرار ، اصبح يواجه تحولا في المعارضة ، املته طبيعة التطورات الميدانية التي يرجع اصلها الى السبعينات والثمانينات ، لكنها ستعرف طفرتها النوعية التي تتطور في اتجاه القفزة النوعية ، مع مجيء الملك محمد السادس ، وهي انّ اطراف الصراع اليوم ، وبعد ان تم تحييد دعاة الجمهورية البرلمانية العربية ، وبعد ان تم تفتيت دعاة الجمهورية الديمقراطية الشعبية ، الى جزيئات اكثر من كمشة مناضلين ، يحنون الى تاريخ فقد بريقه بسقوط الاتحاد السوفياتي ، وبسقوط أنظمة اوربة الشرقية ، وانضمام اكثريتهم الى صفوف الدولة راعيتهم والحنونة عليهم ، وانْ كانت قد اهملتهم بعد ان نفّذوا دورهم ، وانتهت مهمتهم ، وتركتهم بدون عطف ولا حنان ، وتركتهم يواجهون اشعة الشمس الحارقة بالغربال ... وبعد ان تم تحييد التيار الإسلامي السبعيني ، بانضمام الأكثرية كوشاة ومخبرين عند البوليس ، ومغادرة الأقلية المغرب الى قفار اللجوء ... ستفرض نفسها في الصراع قوى جديدة / قديمة ، تعتمد في نضالها ضد النظام ، نفس أسلحة النظام التي هي الدين ، وكل ما يرتبط به من تفاصيل تركز وتبرر مشروعية الحكم ، كعقد البيعة ، ونظام الامارة ، والإمامة ، والانتساب الى النبي ، الامر الذي فرض أساليب جديدة في المواجهة ، وفي ضبط ميزان الصراع السياسي في الساحة .. في المغرب هناك قوتان رئيسيتان تتنازعان التمثيلية الدينية ، ومنها يتصارعان على نحو الحكم الأجدر بالتطبيق . من جهة هناك النظام السياسي المتمسك بنظام الامارة ، والامامة ، التي تستند على المرجعية الدينية ، ولا تستند على المرجعة العقلانية ، والنظام يتشبث بهذه المرجعية تشبث الغريق بحبل النجاة ، لأنها تعطيه سمواً ودرجة جد عالية ، في ضبط المجتمع الغارق في الامية والجهل ، ومن ثم تمكنه من سلطات استثنائية يعلو بها فوق الجميع .. ومن جهة نجد حركة اسلاموية باتجاهاتها المختلفة ، من دعاة نظام الجمهورية الاسلاموية ، الى دعاة نظام الخلافة التي لم تكن راشدة ، تنافسه التمثيلية الدينية ، حين لا تعترف له بسلطان الإمارة والإمامة ، وتنفي عنه الانتساب الى النبي ، وتصف نظامه بالجبري ، والطاغي ، وانْ لا علاقة تجمعه ب ( دولة ) الخلافة الرشيدة التي لم تكن ابدا رشيدة ، التي انتهت بصرع عثمان البرجوازي الذي سرق وعائلته بيت مال المسلمين الذين فقرهم ، وجوعهم ، ففتح عليه باب ثوار مصر الذين اهدروا دمه بتهمة الانحراف في وعنْ الدين ... ويشترك في هذه الجماعات ، كل الجماعات الاسلاموية التي مشروعها التأصيلي الدولة الاسلاموية الفاشية ، من جماعات التكفير المختلفة ، وكل الحركات الاخوانية ، وعلى راسها اكبر تنظيم تمثيلي وتنظيمي ، والأكثر انضباطا الذي هو العدل والإحسان .. المعركة المحتدمة مع النظام الاوليغارشي ، التقليداني ، الكمبرادوري ، لم تعد تحتاج الى وسائل العنف المادية ، التي استعملت في السبعينات والثمانينات من القران الماضي ، لكنها ستتحول عند اكبر جماعة ، وعند الجماعات التي تشاركها نفس التكتيك ، لبلوغ نفس الاستراتيجية ، الى النضال السلمي على الطريقة الغاندية ( غاندي ) ، من جهة لإشاعة سِلْميتها إزاء المتخوفين من برنامجها ، ومن مشروعها ، الذي لن يكون غير مشروع فاشي ، والرسالة موجهة للداخل المغربي ، وموجهة للخارج المغربي اكثر ، وهنا سنلاحظ ان الجماعة الاسلاموية نجحت في جر حزب النهج الديمقراطي الى الهرولة للتنسيق معها ، وللتحالف معها بدعوى انها تعارض النظام ، وترفض وجوده ، وبدعوى انها تجنح الى السلم ، والى السلمية ، وتدحض وترفض العنف على الاخرين ، وفي الأخير فهي جماعة مقموعة ، تتلقى من القمع ما لم يسبق لليسار في أوج قوة صراعه مع الحكم انْ تلقاه .. ومن جهة فالتكتيك للوصول الى الاستراتيجية ، التي هي نظام الخلافة الاسلاموية الفاشي ، هو الاجتهاد في تعريض ، وتوسيع القاعدة بخطة تنتهي بشكل هرمي ، يجعل القاعدة هي كل الشعب ، ويجعل رأس الهرم الصُّغيِّر ، هو النظام ، مما سيسهل امتصاص رأس الهرم ، وبعده لصالح قاعدة الهرم التي هي الجماعة ومعها كل الشعب ، وليس فقط بعضه ... يمكن للنظام ان يعالج وبسهولة ، مشاكل الجماعات الإرهابية الخارجة عن القانون ، من جهة لأنها لا تتمتع بتمثيلية شعبية وسط الشعب ، ومن جهة لان عدد افرادها يكون محدودا وقليلي العدد ، شأن معالجة النظام للجرائم العادية التي تحصل في المجتمع ... ومن جهة يبقى ظهور بعض الخلايا في بعض الأوقات امراً عادياً ، يفيد ويتوصل اليه البوليس بطريق سهل قبل الشروع في العمليات الإرهابية ، بمعنى ان الجماعات الإرهابية القليلة العدد ، لا تؤثر على النظام العام للدولة ، وليس بمستطاعها احداث التغيير المجتمعي كنضال ، يعتبر ويعد الأخطر في نضال الجماعات الاسلاموية الاخوانية ، التي تستهدف المجتمع بكثرة ، في نفس الوقت التي تتصارع مع النظام الجبري الحاكم باسم الإسلام .. بدعوى الوصول الى نظام الخلافة الفاشي ، او الوصول الى الجمهورية الاسلاموية ، التي يكون فيها الحكم للفقيه الشرعي الفرد ، او لمجلس الشورى المُكوّن من بضعة اشخاص يفرضون الوصاية على المجتمع وعلى الشعب ، او باسم اهل الحل والعقد ، او باسم ولاية الفقيه التي تركز كل النظام في شخص الوالي الفاشي ، وليس في شخص الشعب المعرض لاضطهاد زبانية الولي الفقيه ... ففرق كبير بين مواجهة بضعة افراد كخلايا إرهابية ، وظهورها يبقى مسألة عادية تفيد وتهم مخابرات النظام ، وبين مواجهة التكتيك المؤدي الى الاستراتيجية التي يحلمون الوصول اليها ، التي هي نظام الخلافة ، او نظام الجمهورية الاسلاموية ، من خلال ترتيب وضبط المواجهة بين الشعب الذي تكون تلك الجماعات قد اقنعته بصحة اطروحاتها المستمدة من الدين ، لان المجتمع هجين يتأثر بكل ما له علاقة بالدين ، وبالإسلام ( التراويح ) ، الامر الذي يبشر بتكرار الثورة الاسلاموية الإيرانية الفاشية ، التي قتلت حلفاءها من الشيوعيين ( حزب تودة ) ، منظمة مجاهدي خلق ، منظمة فادئيي خلق ، الاشتراكيون ، الليبراليون ، ولينتهي الصراع بجثوم نظام الملالي على كل الدولة التي تخضع لشخص الولي الفقيه .. فعند حصول انتفاضة شعبية ، او ثورة جماهيرية ، فالشعارات التي سيرددها المنتفضون ستكون اسلاموية ، ولن تكون ماركسية ، ولا لينينية ، ولا اشتراكية ، او قومية ... لان المجتمع في جيناته وفي تركيبته النفسية مغلف بالدين ، وبكل مفاصله الرجعية . الم يرفع ناصر الزفزافي ، وحراك الريف شعارات دينية تميل الى الأباضية الشيعية ؟ الم تكن هي نفسها الشعارات الشيعية التي رددها الحراك في يناير 1984 ؟ والخطورة حين يطغى على الصراع نزوع الانفصال ، ونزوع العنصرية المقيتة .. وهو نفس الصراع العنصري تخوضه بدوافع صهيو/امبريالية الحركة المسماة بربرية ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون يدعو النظام المغربي الى تقديم
...
-
هل من علاقة بين التناوب / الانتقال الديمقراطي ، وبين المنهجي
...
-
هواة سوق الوهِم ، سوق الانتخابات
-
حملة مسعورة قريْشية ، سعودية ، إماراتية ، ضد شعوب شمال افريق
...
-
الحلف الاطلسي - ( الناتو )
-
تهديد مصر بالحرب
-
الدعوة لإستقالة الوزير مصطفى الرميد
-
دعوة الى مغادرة المغرب
-
المغرب / فرنسا
-
مصر تطرق ابواب مجلس الأن ، بعد فشل مفاوضات سد النهضة
-
إنتخابات الملك ، لإنتاج برلمان الملك ، ومنه تشكل حكومة الملك
...
-
قراءة سريعة لنتائج الاقتراع السري بالجمعية العامة للأمم المت
...
-
جبهة البوليساريو تفتري على البرلمان الاوربي
-
العقلية الانقلابية
-
حكومة تكنوقراط ، حكومة وحدة وطنية
-
من يحكم ؟
-
هل يتدارك ملك المغرب ما تبقى من الوقت الضائع .....
-
شكرا الوحش كورونا
-
المحكمة العليا الاسبانية
-
حصار قطر / حين يدعو المتورط في قتل الفلسطيني المبحوح ، ضاحي
...
المزيد.....
-
الإدارة الأمريكية توضح جهودها لـ-تهدئة التوترات- بين تركيا و
...
-
عائلات فلسطينية ترفع دعوى على الخارجية الأمريكية بسبب دعمها
...
-
نهاية أسطورة الاستبداد في المنطقة
-
-ذي تلغراف-: الولايات المتحدة قد تنشر أسلحة نووية في بريطاني
...
-
-200 ألف جثة خلال 5 سنوات-.. سائق جرافة يتحدث عن دفن الجثث ب
...
-
وليد اللافي لـ RT: البرلمان الليبي انحاز للمصالح السياسية وا
...
-
ميزنتسيف: نشر -أوريشنيك- في بيلاروس كان ردا قسريا على الضغوط
...
-
خوفا من الامتحانات.. طالبة مصرية تقفز من الطابق الرابع بالمد
...
-
ألمانيا وفرنسا وبريطانيا تدعو إيران إلى -التراجع عن تصعيدها
...
-
طهران تجيب عن سؤال الـ 50 مليار دولار.. من سيدفع ديون سوريا
...
المزيد.....
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
المزيد.....
|