|
المعارضة السورية والنظام السوري وجهان لعملة واحدة: لا وألف لا للحقوق الكردية 1 من 2
جوان ديبو
الحوار المتمدن-العدد: 6612 - 2020 / 7 / 7 - 02:31
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في هذا المقال المسهب نسبياً والذي يتألف من جزأين، أتناول في الجزء الأول منه مواقف بعض المعارضين السوريين من عملية الحوار الكردي – الكردي في سوريا، وذلك من خلال تسليط الأضواء على بعض جوانب وطبيعة وماهية المعارضة السورية، وخاصة الائتلاف السوري الموالي لأنقرة، وكيفية تشابهها وتطابقها من حيث المضمون مع طبيعة وجوهر النظام الأسدي في دمشق الى حدود التماهي، ولا سيما فيما يتعلق الأمر بالموقف من القضية والحقوق الكردية في سوريا. أما الجزء الثاني والأخير من هذه الدراسة، والذي سيتم نشره لاحقاً، فهو يتطرق الى الحجج الواهية والواهنة التي تروجها المعارضة السورية المدعومة من تركيا الأردوغانية لمعاداة ومحاربة التطلعات الكردية المشروعة في كردستان سوريا، والتي لم تعد تنطلي على أحد، مفضلةً في هذا السياق، أي المعارضة الأخوانية، الاحتلال التركي على أن يستطيع الكورد التمتع ببعض حقوقهم التاريخية المسلوبة تماهياً مع النظام السوري الذي يفضل الاحتلال الروسي والإيراني والتركي على أن يتمكن السوريون ومنهم الكورد من تقرير مصيرهم بأنفسهم والحصول على بعض حقوقهم الشرعية. منذ السادس عشر من الشهر المنصرم، تاريخ إعلان ممثلين عن حزب الاتحاد الديمقراطي (أحزاب الوحدة الوطنية الكردية) في سوريا من ناحية، والمجلس الوطني الكردي من ناحية ثانية، عن انتهاء المرحلة الأولى من الحوار الكردي – الكردي بنجاح، انهال وابل من البيانات والتصريحات الصادرة من قبل حفنة من المعارضين السوريين تنديداً بذلك الحوار ومآلاته ومخرجاته بغض النظر عن طبيعته وكنهه وغاياته. الحجة القديمة – الجديدة التي ساقتها تلك البيانات والتصريحات هي ان مرامي ذلك الحوار تهدف الى تقسيم سوريا وإعلان اقليم كردستاني مستقل. علماً بأن الحوار الكردي الداخلي المقصود هنا، لم ينته بعد، ولم يتمخض عنه أية نتائج رسمية حتى تاريخ كتابة هذه السطور، وكل ما تم الإعلان عنه هو التوصل الى تفاهمات أولية والالتزام برؤية سياسية مشتركة من قبل الطرفين المنخرطين في الحوار. مع العلم أن المعلن الرسمي من قبل طرفي الحوار حتى الآن، وكذلك استناداً الى برامج واطروحات وأدبيات الطرفين، فإن كلاهما لا يدعوان الى الانفصال نهائياً، وإنما الى اللا مركزية في إطار الفيدرالية او الحكم الذاتي او الإدارة الذاتية. بالمقابل مواقف النظام السوري من عموم القضية الكردية في سوريا وادواتها وتجلياتها من حيث إنكار الطابع التاريخي لها، ورفض إضفاء الطابع القومي او الجيوسياسي عليها لا تتمايز البتة عن مواقف المعارضات السورية التي تشربت وارتوت من نفس المناهل والينابيع المشيدة على اضطهاد وإنكار الآخر. بيانات وتصريحات هؤلاء المعارضين السوريين اتهمت الحوار الكردي الداخلي وما قد ينتج عنه بالسعي الى تهديد وحدة سوريا واقتطاع جزء من أراضيها، وذلك إما من خلال ترسيخ الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا او تطويرها لتصبح فيدرالية في المستقبل، مما يعني من وجهة نظرهؤلاء التقسيم الحتمي. خاصة أن هذا الحوار يجري ويتقدم برعايا وإشراف أمريكي وربما فرنسي مما يضفي عليه شيء من الريبة والتهمة، لا بل والكفر ايضاً وفق آراء هؤلاء. أحد البيانات دعا بشكل لا مراء فيه الى تنظيم مقاومة عربية شاملة في مناطق الرقة وديرالزور والحسكة بهدف مجابهة التجاوزات الكردية والاستنجاد بدول الجوار، والمقصود هنا تركيا، للتدخل والقضاء على الإدارة الذاتية تحت ذريعة انها تابعة لحزب العمال الكردستاني، وذلك استرضاءً لتركيا الأردوغانية ومنحها تفويضاً مجانياً لاحتلال المزيد من المناطق الكردية في سوريا بهدف تقويض الإدارة الذاتية ذات الطابع التنوعي وليس الكردي، والتي تجمع تحت عباءتها ممثلين عن مختلف المكونات والفعاليات السياسية. ليس مهماً بالنسبة لهؤلاء المعارضين ان تحتل تركيا المزيد من الأراضي السورية وتقتل وتنتهك وتنهب وتصادر، وإنما المهم والأهم بالنسبة لهم هو القضاء على اية تجربة حكم ذاتي يكون للكورد فيها موطئ قدم. الاحتلال التركي أو الإلحاق والضم لتركيا بالنسبة لهؤلاء أفضل بعشرات المرات من استطاعة الكورد في التمتع بجزء من حقوقهم، وهذا ما يعكس بدوره طغيان النظرة الإنكارية للكورد لدى هؤلاء والتي تستند الى مفهوم الاستعلاء القومي والعنصري الذي لا يرى في الآخر المختلف عرقياً وفكرياً وسياسياً إلا تابع ودوني وكائن من الدرجة الثانية او الثالثة. من المؤسف، لكن من غير المستغرب، أن يصدر مثل هذه البيانات والتصريحات من بعض المعارضين البارزين في سوريا بعد انقضاء ما يقارب العشر سنوات من عمر المأساة السورية التي يصفونها هؤلاء المعارضين "بالثورة"، والتي على أساسها أصبح هؤلاء مصنفين كمعارضين لنظام الاستبداد، "والدعاة المفترضين للحرية والتعددية والديمقراطية". يمكن استنتاج مجموعة من المعطيات المريرة والقاتمة من خلال معاينة وفحص مثل هذه البيانات والتصريحات. إن اول ما يشي به مثل هذه التمظهرات السياسية هو أن المعارضة السورية هي نسخة طبق الأصل عن النظام السوري أو شديدة التشابه معه من حيث النظرية والتطبيق، أي من حيث الفكر والممارسة. في هذا السياق يقول الصحافي السوري بهاء العوام " لم تقدم فصائل المعارضة بديلا أفضل عن النظام. كانت أسوأ منه في أحيان كثيرة. وعندما تقترب أكثر من المشهد لتقرأ التفاصيل تجد أن المعارضة والنظام وجهان لعملة واحدة". المعارضة السياسية في أي بلد غالبا ما تشبه النظام الحاكم في ذلك البلد الى حدود التماهي، لأن النظام والمعارضة ينهلون من نفس منابع الفكر والسياسة والثقافة والتاريخ والاجتماع، وبالتالي ينتجون وينتهجون ذات العقلية في التعاطي مع القضايا والأحداث والوقائع والتحديات، لا بل يمكن القول بأن الرداءة والسوء والسلبية التي انتجتها وانتهجتها المعارضة السورية خلال عدة سنوات فقط فاقت وتجاوزت بأشواط ما انتجه نظام الأسدين الأب والابن خلال نصف قرن بالكامل. أيضاً يمكن استخلاص ان حكم الاستبداد الذي يجثم فوق رقاب السوريين منذ 1970 والى يومنا هذا لم يسمح بنشوء معارضة متبلورة لها معالمها وملامحها الخاصة. بمعنى آخر، لم يدع نظام الأسدين، الأب والابن، المجال لولادة معارضة سياسية واضحة المعالم والملامح، وممارسة العمل المعارضاتي الحقيقي والسوي، وبالتالي اكتساب المعارضين الخبرة التي تؤهلهم لمزاولة العمل السياسي المعارض على أصوله. لذلك المعارضات السورية الموجودة في زمننا الراهن تسلك وتنتهج نفس اساليب النظام القمعي والشمولي في دمشق في الحقلين السياسي والمسلح. ولهذا إذا أمعنا النظر في التمظهرات والمجسدات السياسية والتمثيلية للمعارضات السورية المختلفة، سنجدها تتماهى الى حد بعيد مع منتوجات النظام البعثي الأسدي في الشكل والمضمون. على سبيل المثال لا الحصر، المجلس الوطني السوري الذي تأسس في 2011 والائتلاف الوطني السوري الذي تشكَّل في 2012 يتماثلان الى حد بعيد مع الجبهة الوطنية التقدمية "الشكلية" التي أسسها حافظ الأسد سنة 1972. في حالة المجلس والائتلاف المعارضين، تنظيم الأخوان المسلمين في سوريا والمدعوم من قطر وتركيا كان وما يزال هو المهيمن على الهيئتين والبقية مشاركتهم ووجودهم كانت وما زالت رمزية واسمية. أما في حالة النظام، فإن حزب البعث وأسرة الأسد والحاشية كانوا وما زالوا المسيطرين على تلك الجبهة "المضحكة – المبكية" والبقايا كانوا تكملة عدد ومحاولة لتلميع صورة نظام القمع والاستبداد في الخارج. هذا يسري أيضاً على ممارسات تشكيلات المعارضة المسلحة التي ارتكبت الفظائع والانتهاكات الصارخة في المناطق التي تسيطر عليها بمعية الاحتلال التركي مثل عفرين وباقي المناطق الكردية المحتلة شرقي نهر الفرات. في هذا السياق، الأغلبية الساحقة من المعارضين السوريين هم من الأخوان المسلمين وبقايا البعث والشيوعيين ويعملون تحت أمرة الإسلام السياسي المتمثل بتنظيم الأخوان. وبالتالي يمكن القول بأن المعارضة السورية الراهنة، وخاصة تلك المتمثلة بالائتلاف الوطني السوري الموالي لتركيا وفصائلها المسلحة على الارض هي أشد خطورة وكارثية من النظام نفسه لأنها خليط متضاد لا جامع بين مكوناتها سوى الانقضاض على نظام الأسد واستلام السلطة، وبدافع طائفي محض بعد أن تم "أخونة" الائتلاف بأموال قطرية ورعايا وإشراف تركي. والقواسم المشتركة بين تشكيلات ذلك الخليط غير المتجانس هي العروبة بنسختها البعثية والإسلام السياسي السُني بنسخته الأخوانية، وليس بناء دولة ديمقراطية تقوم على اساس احترام حقوق الانسان والمكونات وحكم القانون، لأن هاتين الركيزتين، أي العروبة والإسلام السياسي السُني في السياق المتبع من قبل هذه التشكيلات المعارضة، وكذلك في السياق العام، لا تتواءم مع الديمقراطية ومعايير حقوق الانسان وحكم القانون، لا بل وتتعارض معها بشكل صارخ. يُتبع في الجزء الثاني والأخير.
#جوان_ديبو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الظاهر والمخفي في مهمة المبعوث الأمريكي لإصلاح ذات البين بين
...
-
هل باتت حرب الخليج الثالثة على الأبواب؟
-
-المنطقةالآمنة- في شمال وشمال شرق سوريا بين الرؤيتين الأمريك
...
-
خيارات الأكراد المحدودة في سوريا ما بعد الانسحاب الامريكي
-
اقليم كوردستان والبديل الذي لا يلوح في الافق
-
كذبة اوجلان ام كذبة نيسان؟ PKK: من تغيير العَلَم الى طمس الو
...
-
ماذا يحدث في كوردستان؟
-
هل وقع المحظور في المناطق الكوردية من سوريا؟
-
الكورد في سوريا واقتناص الفرصة التاريخية
-
عندما تتأبد الضحية دورها
-
جنيف 2: عُقد ولم يُعقد
-
أضواء على زيارة رئيس اقليم كوردستان ( العراق ) الى آمد ( ديا
...
-
مواسم الهجرة الى الجنوب
المزيد.....
-
زيلينسكي: الحرب مع روسيا قد تنتهي في هذا الموعد وأنتظر مقترح
...
-
الإمارات.. بيان من وزارة الداخلية بعد إعلان مكتب نتنياهو فقد
...
-
طهران: نخصب اليورانيوم بنسبة 60% وزدنا السرعة والقدرة
-
موسكو.. اللبنانيون يحيون ذكرى الاستقلال
-
بيان رباعي يرحب بقرار الوكالة الذرية بشأن إيران
-
تصريحات ماكرون تشعل الغضب في هايتي وتضع باريس في موقف محرج
-
هونغ كونغ تحتفل بـ100 يوم على ولادة أول توأم باندا في تاريخه
...
-
حزب -البديل- فرع بافاريا يتبنى قرارًا بترحيل الأجانب من ألما
...
-
هل تسعى إسرائيل لتدمير لبنان؟
-
زيلينسكي يلوم حلفاءه على النقص في عديد جيشه
المزيد.....
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
-
.سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية .
/ فريد العليبي .
المزيد.....
|