عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 6610 - 2020 / 7 / 5 - 19:16
المحور:
الادب والفن
لماذا لا تَعْبِرُ النساءُ
جسورَ بغداد التسعة الآنَ
كما كانَ يحدثُ في الزمانِ القديم.
لا أقصِدُ النُسوةَ البديناتِ ، المُتّشِحاتِ بالبطّانيّاتِ ، العابراتِ دونَ ملامح
بل نساءَ الوجوهِ اللطيفةِ
و الشَعْرِ "المَهدودِ"
والفساتينِ الفضفاضةِ المُنقّطَةِ
التي تطيرُ أحياناً
فوقَ الرُكَبِ المُنيراتِ
ثلاثَ بوصاتٍ على الأكثر
وعندما تَمُرُّ بكَ إحداهُنَّ
يتسَرَبُ إليكَ شيءٌ لا تعرِفَهُ منَ العِطرِ
ويكسِرُ قلبكَ.
كانَ جسرُ "الشهداء"
هوَ جِسرُ "المُوظّفاتِ"
الذي تطيرُ "النفانيفُ" فوقه.
وكانَ "الصرّافيّةُ" جِسرَ الطالباتِ
بتلكَ الوجوهِ حِنطِيّةُ اللونِ
والعيونِ السودِ
والقاماتِ الطويلةِ
والتَنّوراتِ ضيّقةِ الخِصْرِ
وحقائبِ اليَدِ
ذاتِ الكنوزِ الخفيّةِ.
جِسرُ "الأحرارِ"
كانَ جِسرُ النساءِ الجسوراتِ
المُتبَقّياتِ من صرامةِ الكَرْخِ
والرابضاتِ ، كاللبَواتِ ، في "الصالِحيّة".
و "الجمهوريّةُ"
لم يكُنْ جسرَ النساءِ "الماشِياتِ"
بلْ جِسرَ نساءِ السيّاراتِ
وطالباتِ "الراهباتِ" النظيفاتِ جدّاً
وهُنَّ محشوراتِ في الباصاتِ الصفراء
القادماتِ من زمنِ "المنصورِ" و ضواحيها
إلى صرامةِ "الماسيرات"
في البابِ الشرقيّ.
أينَ هُنَّ الآن ؟
لماذا ماعادتْ النساءُ تمشي؟
وماذا يفعلُ مَشّاءٌ مثلي
وحيداً في آخرِ العُمْرِ
على جسرٍ
بلا رائحة ؟
لَمْ يَعُدْ هناكَ منَ العَيْشِ
إلاّ أقلُّ القليل
والذاكرةُ القديمة
يُتْعِبُها الزَحامُ القديم
والجسورُ الأربعةُ
في بغدادَ التي أُحِبُّها
فارِغةٌ كالقلب
حتّى منّي.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟