أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - السيدة حواء















المزيد.....


السيدة حواء


سعود سالم
كاتب وفنان تشكيلي

(Saoud Salem)


الحوار المتمدن-العدد: 6601 - 2020 / 6 / 24 - 20:09
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


أسطورة التكوين في التراث الإسلامي
٧ - السيدة حواء

بعد هروب ليليت بقي آدم وحيداً في الجنة تعيساً حزيناً لفقدها، وذلك بعد أن أبعدها إبليس عنه بأن وسوس لها بأن لا تخضع لآدم حسب بعض الروايات، شعر آدم بالحنين لدفء ليليث وجسدها الناري الأنثوي، وأنه يحتاج لمن يؤنسه بعد أن رحلت، فلم يعد بمقدوره العيش وحيداً. فأشفق الله على ما آل إليه حاله، فخلق له حواء من ضلعٍ أعوج، تطيعه وتخضع له ليأنس بوجودها وتكون له سندا وعونا في الحياة، هذا ما لم يرُق لإبليس الذي حاول مراراً الوسوسة لآدم بالهروب من الجنة للبحث عن ليليث التي فقدها، لتصبح في النهاية حلماً يراوده، وتحول الحلم بتكراره إلى كابوسٍ وألمٍ ولحظة اشتياقٍ تعذبه في الليالي الطويلة، ورغم وجود حواء وحبه لها صار التفكير بليليث شغله الشاغل. حواء المطيعة له المتفهمة لكل تصرفاته. وكانت راضية عن دورها كزوجة وخادمة مطيعة لأوامره. يعتقد المسلمون الشيعة بأن رواية خلق حواء من ضلع آدم هي رواية يهودية كما تذكرها التوراة عند اليهود، والحقيقة بنظرهم أن حواء قد تم خلقها من بقايا طين آدم، وبالتالي فهي أقل منه رتبة وعليها طاعة آدم الذي خلق أولا. بينما يعتقد غالبية المسلمين بتضافر الأدلة الشرعية من نصوص الكتاب والسنة وكلام سلف الأمة ومن تبعهم من الأئمة على أن آدم هو أصل النوع البشري، خلقه الله من تراب، ثم خلق منه زوجته حواء، فبث منهما البشر جميعا. فقد بين الله قدرته على خلق حواء من نفس آدم فى العديد من الآيات القرآنية ومنها: قوله فى سورة النساء: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا} [النساء: 1]، وقوله فى سورة الأعراف " {هُوَ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَجَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا لِيَسْكُنَ إِلَيْهَا فَلَمَّا تَغَشَّاهَا حَمَلَتْ حَمْلًا خَفِيفًا فَمَرَّتْ بِهِ فَلَمَّا أَثْقَلَتْ دَعَوَا اللَّهَ رَبَّهُمَا لَئِنْ آَتَيْتَنَا صَالِحًا لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ} [الأعراف: 189]، وقوله فى سورة الزمر {خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ثُمَّ جَعَلَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقًا مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلَاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ. وقد اختلف المفسرون في تفسير الآيات المتعلقة بخلق حواء. منهم من يرى أن {خَلَقَكُمْ مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} يعني بالنفس الواحدة: آدم، وخلق من هذه النفس زوجها، وهي حواء، فإنّها أخرجت من آدم، أي من ضلعه، كما يقتضيه ظاهر الآية في كلمة  {مِنْهَا}. وهذا القول هو قول جمهور المفسرين، وممن قال بهذا القول ابن عباس : "خلق الله حوّاء من ضلعٍ من أضلاع آدم القصرى". وأخرج ابن المنذر، وابن أبي حاتم، والبيهقي عن ابن عباس قال: "خلقت المرأة من الرجل، فجعل نهمتها في الرجل، وخلق الرجل من الأرض، فجعل نهمته في الأرض، فاحبسوا نساءكم". وقال الطبري: أي خَلَق من هذه النفس الواحدة زوجها، ويعني بـ (زوجها):الزوج الثاني للنفس، وهي حواء، وقد خلقت من ضلعه. وقال ابن كثير معنى قوله: {وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا} وهي حواء خلقت من ضلعه الأيسر من خلفه، وهو نائم، فاستيقظ، فرآها فأعجبته، فأنس إليها وأنست إليه. وقال الزمخشري: ولم تخلق أنثى غير حواء من قصيري رجل، وجاء العطف بـ (ثم) للدلالة على مباينتها، فضلاً ومزية، فهو من التراخي في الحال والمنزلة، لا من التراخي في الوجود. بمعنى: أنه تأخر خلق حواء عن خلق آدم، وأن منزلتها أدنى من منزلته.وقال الألوسي: المراد من الزوج حواء، وقد خلقت من ضلع آدم الأيسر، كما روي ذلك عن ابن عمر وغيره ، وقال أيضاً: والكيفية مجهولة لنا، ولا يعجز الله شيء. حواء إذا خلقت من ضلع آدم صراحة في أحاديث كثيرة منها ما رواه الإمام البخاري في صحيحه عن أبي هريرة عن النّبيّ محمد قال: «من كان يؤمن باللّه واليوم الآخر، فلا يؤذي جاره، واستوصوا بالنّساء خيرًا، فإنّهنّ خلقن من ضلعٍ، وإنّ أعوج شيءٍ في الضّلع أعلاه، فإن ذهبت تقيمه كسرته، وإن تركته لم يزل أعوج، فاستوصوا بالنّساء خيرًا» [صحيح البخاري: 51885]. وروى الإمام مسلم فى صحيحه عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه : «إنّ المرأة خلقت من ضلع، لن تستقيم لك على طريقة، فإن استمتعت بها استمتعت بها وبها عوجٌ، وإن ذهبت تقيمها كسرتها، وكسرها طلاقها» [صحيح مسلم: 1468].
عاش آدم وحواء في الجنة، وسمح لهما بالاستمتاع بحياتهما كيفما أرادا، وأباح لهما الأكل من كلّ ثمار الجنة، إلّا هذه الشجرةً التي نهاهما عن الاقتراب منها دون أن يشرح لهما السبب في هذا المنع، فأطاع آدم وحواء ولم يقتربا من تلك الشجرة، فقد كان هناك العديد من الأشجار المشابهة وعاشا في الجنة حياةً هنيئةً تغمرها السعادة والأمان، ممّا أشعل نيران حقد إبليس الذي أعلن العداوة من قبل على آدم. وبدأ إبليس بالمكر مُستغلاً إنسانية آدم، حيث " إنّ الإنسان ضعيف العزم، سريع النسيان، متقلّب الفؤاد "، فاستغلّ إبليس التكوين النفسي ووسوس لآدم، ولم يكتفِ إبليس بتلك الوسوسة، بل أقسم بالله على أنّه صادقٌ في نصحه، وأمينٌ، فصدّقه آدم بسبب فطرته السليمة حيث كان لا يُتخيّل أن يحلف بالله كذباً، فضعف آدم، ونسي أمر الله بعدم الاقتراب من الشجرة، فأكل منها هو وحواء، ومن الجدير بالذكر أنّ البعض يعتقد أنّ حواء هي من أغوت آدم ليأكل من الشجرة، ويستدلون بما روى أبو هريرة بأنّ محمد قال: (لولا بنو إسرائيلَ لم يَخنَزِ اللحمُ، ولولا حَوَّاءُ لم تَخُنْ أنثى زوجَها)، بالإضافة إلى ما جاء في بعض الإسرائيليات من أنّ حواء هي من شجعت آدم على الأكل من الشجرة، وأكلت قبله منها، وفي الحقيقة لم يذكر القرآن ما يدلّ على أنّ حواء هي من أغوت آدم وكذلك الحديث السابق لم يُصرّح بأنّ حواء قد حثت آدم على الأكل من الشجرة، كما أنّ الله لم يذكر حواء وحدها في الآيات التي تصف الحدث، بل كانت الآيات تذكر آدم وحواء معاً في صيغة المثنى، كقول القرآن: ذاقا وأكلا، حتى إنّ النصّ القرآني ذكر آدم وحده كمسؤولٍ عمّا حدث، حيث قال القرآن: (فَأَكَلا مِنها فَبَدَت لَهُما سَوآتُهُما وَطَفِقا يَخصِفانِ عَلَيهِما مِن وَرَقِ الجَنَّةِ وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى)، وهكذا أخطأ آدم بسبب فضوله، وإغواء إبليس له وأكله من الشجرة. بدأ إبليس بإغواء آدم حيث أوهمه أنّ الشجرة التي منعه الله هو وحواء من الأكل منها ما هي إلا شجرة الخلود في الجنة، وأنه إن أكل منها سيعيش أبد الدهر ولن يموت أبداً، بل سيُصبح ملكاً من الملائكة المقربين، والذين لا يصدق عليهم الموت، فأغواهما بما يحبانه من الخلود وأن يكونا من الخالدين، علما بأنه لا يوجد ما يدل على أن آدم وحواء كانا يعرفان فكرة الموت في ذلك الحين، ولكن للأساطير منطقها وزمانيتها الخاصة. فأكلا من الشجرة وعصيا أمر ربِّهما فاستحقا العقوبة لانتهاكهما ما أمر الله بعدم المساس به أو الاقتراب منه، لذلك أنزلهما الله من الجنة إلى الأرض بعد أن استغفر آدم ربّه وغفر له.
وبعد الفصل الأول من هذه الملحمة، يأتي الفصل الثاني والتي تدور أحداثه على الأرض بعد أن نفي آدم وحواء إليها من الجنة، حيث يبدأ الإنسان مهنة جديدة، فبدلا من الحياة يبدأ حرفة القتل.



#سعود_سالم (هاشتاغ)       Saoud_Salem#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أبجدية الخيال والعلاقة بين الدين والفن
- محكوم علينا بالحرية
- ثورة ليليث
- دفاعا عن المثلية
- الله يزور نيوتن
- داغرمان - الفنان والموت
- ستيج داجرمان .. أو الحياة المضعوطة
- بخصوص ذكرى أول مايو
- الهروب للأمس البعيد
- زمن الإختناق
- السيدة ليليث
- السيد إبليس
- السيد آدم
- دحو الأرض والسماء
- أسطورة التكوين في التراث الإسلامي
- كتاب الموتى
- عن الموت والفكر الميت
- عن النمل وكلام الله
- القلب الخفي لعدوى الكوفيد
- كوفيد ١٩


المزيد.....




- مسؤولون أوكرانيون لـCNN: قوات كورية الشمالية انسحبت من الخطو ...
- عاجل| نيويورك تايمز: إدارة ترامب تخطط لمراجعة دقيقة لعملاء ف ...
- ماسك يبدأ تنفيذ تكليف ترامب.. وهذا ما فعله بموظفي الحكومة
- ترامب يعاقب عناصر -إف بي آي- المشاركين في التحقيقات بشأنه
- من بينهم مصريون.. محكمة تحدد مصير -المحتجزين في ألبانيا-
- رغم الحذر السائد قبيل قرار ترامب مؤشر أسهم أوروبا يقفز لمستو ...
- قراءة الإعلام المصري لصورة السيسي في -جيروزاليم بوست- الإسرا ...
- قوات كييف تقصف جمهورية دونيتسك بـ 119 مقذوفا في غضون 24 ساعة ...
- وزير الخارجية الأمريكي ونظيره السعودي يناقشان مستقبل غزة وال ...
- فوتشيتش يصف الاحتجاجات في صربيا بأنها محاولة لتدمير البلاد م ...


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سعود سالم - السيدة حواء