أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شريف الزهيري - وجه الرأسمالية في الصين ~أنج بايان















المزيد.....

وجه الرأسمالية في الصين ~أنج بايان


شريف الزهيري

الحوار المتمدن-العدد: 6599 - 2020 / 6 / 22 - 02:21
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


*نشر هذا المقال في 7 أكتوبر 2019

في إطار الاحتفال بالذكرى السبعين لتأسيس جمهورية الصين الشعبية في الأول من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، استعرضت الصين أسلحتها الجديدة وقواتها المسلحة لتتباهى بقوتها الإمبريالية. كما هو الحال في حربها التجارية، تُثبِّت الصين للدول الرأسمالية الكبرى، وخاصةً الولايات المتحدة، أنها مستعدة للانخراط  في الصراع الإمبريالي المتعاظم، بينما تطمح إلى توسيع نفوذها وسيطرتها في جميع أنحاء العالم.

في السنوات الماضية، عملت الصين على تحديث قواتها المسلحة إلى حدٍ كبير. وفقًا لخطابها الرسمي، فإن هذا يهدف إلى حماية المصالح الداخلية للبلد (بما في ذلك المناطق التي تطالب بها من جانب واحد مثل بحر الصين الجنوبي) وتوسيع نطاق مصالحها الخارجية وزيادتها.

هذا هو ما انتهت إليه الصين منذ اتِّباعها المسار الرأسمالي الاستغلالي والقمعي. وخلافًا لما يتوقعه قادتها، فإنه لم يُنفَّذ بطريقة سلمية أو برحابة صدر. في الحقيقة، فرضت الصين هذا التحول من خلال الاستغلال الشامل للملايين من مواطنيها وقمعهم، ومن خلال تدمير المجتمع والاقتصاد الاشتراكيين على نطاق واسع وشامل.

لا يمكن لقيادة الحزب الشيوعي الصيني إخفاء خيانتها للبروليتاريا، والهيمنة الحالية للرأسمالية الاحتكارية في الصين، وتعهدها باتخاذ تدابير يمكن اعتبارها عدوانًا إمبرياليًا. 

إن خطاباتها الاشتراكية الرنانة وإعلانها أنها لا تزال أمة اشتراكية "ذات خصائص صينية"، ليست سوى حجاب رقيق يهيِّء للناظر أن الصين تختلف عن غيرها من البلدان الرأسمالية الغربية الأخرى. فقد حافظت على البنية الخارجية  للحزب الشيوعي، جنبًا إلى جنب مع المجالس الشعبية واللجان. ولكن في حقيقة الأمر، فإن الدولة يهيمن عليها الرأسماليون الاحتكاريون داخل الحزب وخارجه، مع نظرائهم الأجانب.

(تفكيك ملكية الأرض الجماعية والزراعة)

كان أحد أول وأسوأ التدابير التي اتخذها التحريفيون الذين استولوا على الحزب الشيوعي الصيني لتدمير النظام الاشتراكي هو تفكيك الملكية الجماعية للأراضي، وإدارتها وزراعتها. في أواخر سبعينيات القرن العشرين، بدأت القيادة الصينية في تنفيذ سياسة "إلغاء التجميع" التي نقلت مسؤولية اللجان التعاونية عن الإنتاج الزراعي وتوزيعه إلى الأسر الفردية. وعلى الرغم من أن الكوميونات احتفظت بملكية الأراضي، فقد مُنِح المزارعون الافراد الحق في زراعة هذه الاراضي لمدة 15 سنة، ثم مددت عد ذلك إلى 30سنة. في ظل الصين الاشتراكية، تم تنظيم الكوميونات كشكل من أشكال الملكية العامة حيث تمتلك الدولة والكوميونات الكبيرة الأراضي، ويتم تحديد الإنتاج بشكل جماعي وإدارته من قبل الكوميونات، والموارد والثروة تُفيد عامة الناس.

تتكون الكوميونات الصغيرة من5000 أسرة، بينما يمكن أن يصل العدد في الكوميونات الكبيرة إلى 20000 أسرة.

وخلافًا للدعاية التي يبثها الحزب الشيوعي الصيني، التي تدعي تقبُّل الناس "بلهفةٍ" و"طواعيةً" إلغاء التجميع، كانت مقاومة الفلاحين وكوادر الحزب في المستويات الأدنى ضد السياسة المذكورة بارزةً على نطاق واسع. كانت المقاومة أقوى في المدن الأكثر تطورًا في ذلك الوقت بما في ذلك شنغهاي وبكين ويونان، والتي أصبحت فيما بعد مراكز الإنتاج الرأسمالي للاحتكارات المحلية والأجنبية. ومع ذلك، من خلال استخدام آلة الدولة، تم تنفيذ إلغاء التجميع واستعادة الإنتاج الصغير والمنفصل للمزارعين الأفراد.
في المتوسط، لا يملك كل مزارع سوى 0.64 هكتار يرعاها ويحرثها.

بحلول عام 2002، غيرت الصين سياستها لاستخدام الأراضي ونفذت إعادة تركيز الأراضي، ولكن فقط في أيدي القلة. نتيجةً للتحضر (الهجرة للمدن)، سُمِح بالاستيلاء الجماعي على الأراضي المملوكة للكوميونات والمزارعين الأفراد من قبل الشركات الخاصة والمزارع التجارية. منحت الصين بيروقراطييها في الحكومة سلطةَ الاستيلاء على الأراضي الزراعية وتحويلها إلى الاستخدامات الصناعية، التجارية أو السياحية. في عام 2008، سمحت الصين بالبيع غير المقيد واستخدام حقوق المزارعين الفرديين كضمان. في عام 2016،  كان قد تركز 20٪ من الأراضي الزراعية بالفعل في أيدي الشركات الخاصة والأفراد، في حين ظلت 5٪ مملوكة رسميًا للدولة.

مهدت هذه السياسة الطريق لخصخصة وإعادة تركيز ملايين الهكتارات من الأراضي في أيدي الشركات المحلية والأجنبية. لقد أدى إلغاء التجميع، ومن ثم الخصخصة، إلى تآكل التحالف الطبقي بين العمال والفلاحين، والوحدة في الريف والمراكز الحضرية، والتنمية المتوازنة للزراعة والصناعة. فقدَ الفلاحون الصينيون، الذين عملوا كقوةٍ أساسية للبناء الاشتراكي، قوتهم السياسية والاقتصادية.

مع تفكيك الكوميونات، أصبح الجوع سائدًا لأن إنتاج الغذاء الكافي وتعظيم الموارد لم يتم ضمانه. وآليات الدعم، مثل تعاونيات السوق، قد تم حلُّها. ولم تقدم أي إعانات أو حوافز للحلول محل الآليات المذكورة. في السنوات التالية، اضطر العديد من المزارعين إلى التوقف عن الزراعة بسبب ارتفاع تكاليف الإنتاج، خاصةً بعد توقف الدولة عن فرض ضوابط على أسعار الأسمدة والشتلات.

مع تفكيك الكوميونات، انتهت الخدمات التي توفرها مثل الصحة والتعليم في الآن ذاته. خلال فترة البناء الاشتراكي، استفادت 85٪ من العائلات في الريف من الخدمات الصحية، خاصةً في ظل نظام الأطباء الحفاة. وبحلول عام 2010، انعكس اتجاه الإحصاءات المذكورة (80٪ كانوا محرومين من الخدمات الصحية). وعلى نحو مماثل في السبعينيات، تخرج 70% من الشباب في الريف من المدرسة الثانوية. ثم هبط هذا الرقم إلى 10% بحلول نهاية التسعينيات.

وتشير بيانات الأمم المتحدة إلى أن نحو 750 مليون شخص في الريف الصيني يعيشون بأقل من دولارين في اليوم. والعديد من هؤلاء الذين يعملون في المدن لا يتم احتسابهم رسميًا كمقيمين (250 مليون نسمة تقريبا)، وبالتالي، فإنهم محرومون من الخدمات الاجتماعية. منذ ثمانينيات القرن العشرين، باتت فجوة الأجور في الصين في المناطق الريفية والحضرية الأعلى في العالم.

(خصخصة الصناعة)

أُرغِم المزارعون الذين طردوا من أراضيهم، على الهجرة إلى المدن بحثًا عن فرص عمل. فقد انضموا إلى المدن التي أصبحت بالفعل مكتظةً، وتنافسوا على الوظائف منخفضة الأجور وذات ظروف العمل غير الإنسانية.

وقد هاجر نحو 150 مليون مزارع إلى المدن منذ أوائل الثمانينات بسبب إلغاء التجميع في الريف. تحولوا إلى تجمعٍ للعمالة الرخيصة التي تستغلها الشركات المحلية والأجنبية. فضمن القوى العمل، ارتفع عدد العمال غير الزراعيين من 31% في الثمانينيات، إلى 50% في عام 2000، و60% في عام 2008 ومن المتوقع أن يصل هذا الرقم إلى 70% بحلول عام 2020.

في التسعينيات، طبقت الصين الخصخصة الهائلة للصناعات العامة. فقد بيعت كل الشركات الصغيرة والمتوسطة الحجم تقريبًا، وبعض المصانع العامة الضخمة، بيعت بأسعار زهيدة للغاية أو تم منحها فعليًا للكيانات الخاصة. واستفاد من هذا الإجراء العديد من المسؤولين الحكوميين (بما في ذلك كوادر الحزب الفاسدة)، ومديري العديد من الشركات، والرأسماليين الذين لهم علاقة بالحزب الشيوعي الصيني. فقد أصبحوا الرأسماليين الجدد في المجتمع الصيني. فقد تمكنوا من زيادة رؤوس أموالهم بشكل جذري من خلال نهب الممتلكات العامة والشركات، واستغلال العمل الرخيص للجماهير الكادحة. فقد نهب هؤلاء الرأسماليون ما يصل إلى 30 تريليون يوان من ممتلكات الدولة.

منذ الثمانينيات، فتحت الصين الاقتصاد الصيني للنهب الأجنبي. كما أنشأت مناطق خاصة لتجهيز الصادرات حيث كان بوسع الرأسماليين الأجانب بناء مصانعهم، من دون دفع الضرائب ومن دون الاضطرار إلى اتباع قوانين العمل، والتمتع بحوافز أخرى مماثلة. في مارس الماضي [مارس 2019، المترجم]، أقر الكونغرس الصيني قانونًا جديدًا للاستثمار الأجنبي فتح اقتصاد البلاد بالكامل لرؤوس الأموال الأجنبية والنهب. وسوف يبدأ سريان القانون في يناير/كانون الثاني 2020.

في المصانع العامة، فقدَ عشرات الملايين من العمال وظائفهم وكانوا يعانون من الفقر بسبب السياسات التي نفذها الرأسماليون الجدد باسم "التحديث". باستخدام البلدان الرأسمالية المتقدمة كنموذج، قام الرأسماليون الجدد بتفكيك الضمانات والمزايا المكتسبة والتي تم النضال من اجلها أثناء البناء الاشتراكي. تم منح المديرين والرأسماليين السلطة لتوظيف وفصل العمال. تم استبدال النظام الجماعي القديم لرفع الإنتاجية بحوافز مادية. تم إلغاء الضمانات الاشتراكية، بما في ذلك ضمان الحيازة، والمعاش التقاعدي، وإجازة الأمومة، والعديد من المزايا التعليمية والصحية الأخرى. ففي عام 1982، كان الحق في الإضراب، الذي أيده الثوريون الصينيون، قد أزيل من دستور البلاد. وكما هي الحال في المناطق الريفية، عارض العمال هذه الخطة على نطاق واسع وبشكل عنيف.

وبسبب هذه السياسات، يتحمل العمال الصينيون الآن أجورًا ومزايا منخفضة للغاية، وساعات عمل أطول، وأماكن عمل خطرة ومشاكل أخرى. كان كبار العمال قادرين على النضال من أجل حقهم في ضمان الحيازة والاستحقاقات في المصانع العامة، لكن غالبية العمال الجدد يعملون الآن بعقود. في مناطق تجهيز الصادرات، يعمل العمال لمدة تصل إلى 12 ساعة في اليوم، وسبعة أيام في الأسبوع.

وهم يعيشون في مساكن مكتظة بأسعار مرتفعة من المياه والطاقة. وهناك حالات يضطر فيها العاملون إلى العمل لمدة تصل إلى 15 ساعة يوميًا، ويدعوهم الرأسماليون إلى العمل في المصنع في أي وقت من اليوم.

رابط النص الأصلي: https://cpp.ph/2019/10/07/the-face-of-capitalism-in-china/



#شريف_الزهيري (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كل شئ يخص التطور -وثائقيات-
- عزيزتي: الصامتة
- التدريس، وليس التلقين - فيدل كاسترو
- حقائق عن مضيق تيران وخليج العقبة


المزيد.....




- الأردن.. ماذا نعلم عن مطلق النار في منطقة الرابية بعمّان؟
- من هو الإسرائيلي الذي عثر عليه ميتا بالإمارات بجريمة؟
- الجيش الأردني يعلن تصفية متسلل والقبض على 6 آخرين في المنطقة ...
- إصابة إسرائيلي جراء سقوط صواريخ من جنوب لبنان باتجاه الجليل ...
- التغير المناخي.. اتفاق كوب 29 بين الإشادة وتحفظ الدول النامي ...
- هل تناول السمك يحد فعلاً من طنين الأذن؟
- مقتل مُسلح في إطلاق نار قرب سفارة إسرائيل في الأردن
- إسرائيل تحذر مواطنيها من السفر إلى الإمارات بعد مقتل الحاخام ...
- الأمن الأردني يكشف تفاصيل جديدة عن حادث إطلاق النار بالرابية ...
- الصفدي: حادث الاعتداء على رجال الأمن العام في الرابية عمل إر ...


المزيد.....

- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - شريف الزهيري - وجه الرأسمالية في الصين ~أنج بايان