أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - قُلْ لي كم لدينا من الديمقراطيين أقول لك كم لدينا من الديمقراطية!














المزيد.....

قُلْ لي كم لدينا من الديمقراطيين أقول لك كم لدينا من الديمقراطية!


جواد البشيتي

الحوار المتمدن-العدد: 1590 - 2006 / 6 / 23 - 11:05
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لماذا لا يأخذ مجتمعنا بالجوهري والأساسي من الخيار الديمقراطي، في تطوره السياسي والاجتماعي والثقافي، كما أخذت به، من قبل، المجتمعات الغربية؟ إذا ما أردنا إجابة تنطوي على نصف الحقيقة فحسب فإننا يمكن أن نفسِّر ما نعانيه من فقر ديمقراطي مدقع على أنه نتاج مصالح فئوية ضيقة لمن يتولى أمر حُكمنا، فالحكومة، ومهما تظاهرت بالحرص على نقل مجتمعنا إلى الحياة الديمقراطية، بأوجهها كافة أو ببعض أوجهها، هي التي تقف بطرائق وأساليب شتى ضد التطور الديمقراطي لمجتمعنا. أما لو أردنا الحقيقة كاملة في إجابتنا عن ذاك السؤال لقلنا إن مجتمعنا ذاته قد جُبِل على كل ما هو منافٍ للديمقراطية من قيم ومبادئ وطرائق عيش وتفكير، فالمعجزة بعينها أن تبتني مجتمعا ديمقراطيا حرا لا وجود فيه يُذْكَر للديمقراطيين والأحرار، فابتناء مجتمع كهذا إنما يشبه ابتناء مجتمع إسلامي في اليابان مثلا!

إنها الحقيقة المرة الأولى أن نقول إن عدد الديمقراطيين والأحرار في مجتمعنا من الضآلة بمكان؛ ولن يكون ممكنا، بالتالي، أن تغرس الديمقراطية حيث لا وجود إلا لعدد ضئيل جدا من الديمقراطيين الحقيقيين.

ولا شك في أن العواقب المترتبة على إطاحة نظام حكم عربي ديكتاتوري واستبدادي ستضطرنا إلى الإقرار بتلك الحقيقة، فالمجتمع الذي تحرَّر على حين غرة من قبضة نظام حكم كهذا يمكن أن تتفجر تناقضاته الداخلية، التي ظلت زمنا طويلا مسيطَرا عليه بقوى القمع، فيقع، أو يوقع نفسه، في حرب الكل ضد الكل، التي فيها يتحول "الآخر"، بكل أشكاله وصوره، إلى عدو لدود. أما إذا دُعي هذا المجتمع إلى الأخذ بالخيار الانتخابي، الذي تشبه علاقته بالديمقراطية علاقة الشكل بالمضمون، فقد تكون العاقبة هي "الفوضى البناءة" في مثالها العراقي، وجعل "الديمقراطية" طريقا إلى هيمنة إمبريالية، وإلى إظهار وتعزيز كل عصبية منافية، قلبا وقالبا، للديمقراطية، وممزِّقة لوحدة المجتمع.

الديمقراطية يمكن ويجب أن تكون "الحل"؛ ولكنها لن تكون كذلك إلا إذا استوفى قيامها شرطه الأولي، وهو "المرحلة الانتقالية"، التي فيها يصبح ممكنا زيادة عدد الديمقراطيين في المجتمع، وتغليب الميل الديمقراطي لديه على ما عداه من ميول. في هذه المرحلة فحسب، تتهيأ للمجتمع أسباب التطور الديمقراطي، فيتغلَّب على كل انقسام أو صراع داخلي يتعارض بطبيعته ومنطقه ووسائله وأساليبه مع قيم ومبادئ الديمقراطية، ولا يذهب إلى انتخابات عامة قبل إنجازه تطورا ديمقراطيا يسمح لتلك الانتخابات بأن تأتي بنتائج تأتي بمزيد من التطور الديمقراطي.

الديمقراطية تحتاج إلى مرحلة انتقالية تتحول فيها، مع قيمها ومبادئها الأساسية، إلى نمط حياة وتفكير لدى القسم الأكبر من المواطنين، وإلى "مولِّد" لـ "الآخر" بكل أشكاله وصوره، وإلى "منظِّم" للعلاقة معه.

في المرحلة الانتقالية، يختبر ويمارس المواطنون، أفرادا وجماعات، حقوقهم الديمقراطية كافة، وتُرْفع القيود عن "السؤال" و"الجواب"، فلا سؤال، أو جوابا، محرَّما؛ وتُرْفع، أيضا، عن الحق في حرية التعبير عن الرأي في أي شأن ومجال، وعن الحق في نشر الرأي الآخر، واجتذاب العقول والقلوب إليه. الديمقراطية هي "الحل"؛ لأنها القوة التي تؤسس لمجتمع تجتمع فيه مقدرة التفسير ومقدرة التغيير. وليس من تغيير شرعي سوى التغيير الذي تأتي به الوسائل والأساليب الديمقراطية، والذي لا يذهب بالديمقراطية ذاتها، فالديمقراطية هي وسيلة التغيير وهدفه في الوقت نفسه.



#جواد_البشيتي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين
حوار مع الكاتبة السودانية شادية عبد المنعم حول الصراع المسلح في السودان وتاثيراته على حياة الجماهير، اجرت الحوار: بيان بدل


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- -حماس- في حوار -الناسخ والمنسوخ-!
- الملف الذي فتحه -النواب الأربعة-!
- -الإرهاب- و-الإصلاح السياسي- كما يتصوَّرهما البخيت!
- خطة اولمرت لتفكيك -القنبلة الديمغرافية


المزيد.....




- -لم يكن من النوع الذي يجب أن أقلق بشأنه-.. تفاصيل جديدة عن م ...
- نجيب ساويرس يمازح وزيرة التعليم الجديدة بالإمارات: -ممكن تمس ...
- كسرت عادات وتقاليد مدينتها في مصر لترسم طريقها الخاص.. هبة ر ...
- من هو جيه دي فانس الذي اختاره ترامب نائباً له في رحلة ترشحه ...
- حرب غزة: قصف لا يهدأ على وسط القطاع وجنوبه وإصابة جنود ومستو ...
- ألمانيا تحظر مجلة -كومباكت- اليمينية المتطرفة
- مكتب نتنياهو ينفي تلقي إسرائيل رفضا من -حماس- بخصوص مواصلة ا ...
- -حماس- تنفي وجود خطط لعقد اجتماع ثنائي مع -فتح- في بكين
- -روسكومنادزور- تطالب Google برفع الحظر عن أكثر من 200 حساب ع ...
- علاج واعد يوقف الشخير نهائيا


المزيد.....

- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي
- تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1 ... / نصار يحيى
- الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت ... / عيسى بن ضيف الله حداد
- هواجس ثقافية 188 / آرام كربيت
- قبو الثلاثين / السماح عبد الله
- والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور / وليد الخشاب
- ورقات من دفاتر ناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- ورقات من دفترناظم العربي - الكتاب الأول / بشير الحامدي
- الفصل الثالث: في باطن الأرض من كتاب “الذاكرة المصادرة، محنة ... / ماري سيغارا


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - جواد البشيتي - قُلْ لي كم لدينا من الديمقراطيين أقول لك كم لدينا من الديمقراطية!