|
السيدة الغامضة ..الجزء الثالث .!
ميشيل زهرة
الحوار المتمدن-العدد: 6597 - 2020 / 6 / 19 - 10:55
المحور:
الادب والفن
الرسالة التي أتت في الساعة الثانية عشرة ، في الدقيقة الفاصلة بين يوم مضى ، و يوم قادم ، حددت بدقة زمن التلاقي مع السيدة الغامضة ، و التي حددت المكان ، أيضا ، لأنها قرأت ، كما قالت ، منشوري السابق ، و الذي أتساءل فيه عن مكان الكافتيريا المنشودة . لم أنم طوال ذلك الليل الذي انفتحت كوّة نوره على يوم غائم ، و حذرٍ ، و مترقب . و لست أدري لماذا وجدتني مدفوعا بقوة غريبة ، أن أذهب لأقوم بما يقوم به عريس في ليلة عرسه ..سخنت الحمام ..و دلكت جسدي بالشامبو ..حلقت ذقني مرتين متتاليتين ، رغم أني لا أقوم عادة بذلك إلا مرة واحدة ..تعطّرت ، و بالغت برش الكثير من العطر على ثيابي و جسدي ..جهزت اللاب توب بعد شحنه بكهرباء تأتينا مثل شبح تلك السيدة الغامضة . ألم تقل لي : خذ جهازك الذي تستخدمه ، في تواصلك بالفيس ، معك.؟ و ضعت الجهاز في محفظته الخاصة السوداء .. وكلما قمت بفعل من أجل ذلك اللقاء الغامض ، أقف أمام المرآة و أسأل نفسي : لماذا تقوم بهذا الفعل يا رجل. ؟ هل أنت ذاهب إلى لقاء غرامي .؟ إذا كان الجواب : لا ، فلماذا هذه المبالغة في تحضير نفسك.؟ و تذكرت حوارا لفتاتين أختين كانت إحداهن ذاهبة لمقابلة رئيسها في العمل ، و قد قامت بتجهيز جسدها ، كأنها تجهزه لعريس . و عندما مازحتها أختها : هل أنت ذاهبة لمقابلة ، أم لمضاجعة .؟ ردت عليها مداعبة : من يدري ، ربما يحاول اغتصابي ..أليس من المعيب ألا أكون جاهزة كأنثى .؟ الكافتيريا مطلة على شارع العشاق ..لها جدران زجاجية من كل الجهات ..طاولاتها أنيقة و نظيفة ، و مرقّمة. الندل أنيقون ، و يتصنعون التهذّب ، و الكياسة. و الزبن يتوزعون أزواجا ، أو جماعات ، على الطاولات. و لم ألاحظ سيدة تجلس لوحدها لأقول في سري : ها هي ! لم أنتظر حتى يسألني النادل : أين أرغب بالجلوس ، حتى اخترت زاوية قصية من الكافتيريا ، مدفوعا برغبة عمياء ، و غامضة كغموض السيدة . كان قلبي قد بدأ يخفق مسرعا ، عندما جلست على الطاولة ، و فتحت جهازي على صفحتي . أخرجت مرآة صغير ، جلبتها معي خصيصا من البيت ، لأراقب تبدلات شكلي الذي أُصرّ ( روحيا ) أن يليق بمقابلة أنثى ..حتى لو كانت غامضة . ما أن وضعت المرآة في جيب محفظة الكمبيوتر ، المعلقة خلفي على الكرسي ، حتى صدر الطنين المعهود الذي يدل على تعليق أو رسالة ..لم يكن الصادر رسالة ..لقد كان مكتوب في ذلك المستطيل الذي ظهر على يمين الشاشة : ( أعجب س _ س _ ع = M بمنشورك ) إنها هي إذا. بدأت تطل من خلف الشاشة . لا أخفيكم : لقد تسارعت دقات قلبي ، و ركزت بصري على الشاشة ناسيا كل ما يحيط بي. أطلق الجهاز إشارة استقبال جديد : ( علق : س _ س _ ع = M على منشورك سعدى ) فتحت على المنشور بكبسة على مستطيل التعليق ، و قد تجاوبت الشبكة معي بسرعة ، و كانت المفاجأة . الصادر لم يكن تعليقا ..لقد كان رسالة ، في صيغة أمر ، في حقل التعليقات : اجلس ، من فضلك ، على الطاولة رقم ( 4 ) المقابلة للباب الشمالي للكافتيريا ..لأني سأدخل منه إليك ! ) و لأنني كنت تحت سيطرة مغناطيسية عميقة التأثير ، فقد نفذت بلا تردد .وضعت جهازي على الطاولة رقم "4" ، و علقت المحفظة على الكرسي خلفي ، و لم يخطر ببالي أن السيدة تراني ، أو تراقبني من مكان قريب جدا ..كل الأحاسيس التي سيطرت علي في هذه اللحظة ، أن أركز على انتظاري لوجه رسمته في مخيلتي ، سيدخل بكل بهائه من هذا الباب الذي أمامي . و كيف سأتصرف لمقابلته أول لحظة ..هل أتصنع عدم الاهتمام ، و أفتعل مكالمة هاتفية موهومة ، أم أقرأ في جريدة ، أم أنشغل في حديث مع النادل الذي جاء ليسألني : ماذا تريد أن تشرب ؟ و لكن شعورا غامضا آخر كان يعطيني إحساسا بالفوقية ، و التفوق ، لأني ، على حد فهمي و شعوري ، رجل مختلف عن جميع من في الكافتيريا ، لأني أقوم بفعل سرّي ، و أنتظر سيدة غامضة ، لا كمن يجلس ليثرثر ، و يشرب المتة ، أو المشروبات الساخنة أو الباردة ، دون هدف! و عندما كرر النادل الذي يتصنع لطفا ، و تهذبا ليس من طبعه العميق : ( ماذا تشرب؟ ) انتزعني من شرودي طنينا ينبيء برسالة ..أشرت للنادل بيدي أن ينصرف بعد أن أخبرته بأني أنتظر أحدا . انصرف النادل مع ابتسامة ، فيما رحت أبحث عن الصادر : ( علق : س _ س _ ع = M على منشورك : السيدة الغامضة! ) فتحت على التعليق ، و كانت الصدمة التي زلزلت كياني : ( لقد تم اللقاء الأول ..أشكرك لاهتمامك بشكلك ، و تأنقك لاستقبالي ..لن أنسى هذا الفعل الجميل لك ..ينتابني شعور غريب تجاهك.! و لكن قبل أن أنسى ، لقد و ضعت لك رسالة في جيب محفظة اللاب توب المعلقة على كرسيك التي تجلس عليه ..عذرا منك ..لم أستطع أن أكشف لك نفسي الآن . و لكن سنتواصل .. مودتي ..! ) - ( التوقيع : س ..! )
#ميشيل_زهرة (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
السيدة الغامضة ..الجزء الثاني .!
-
السيدة الغامضة ..الجزء الأول .!
-
العريف أبو علي .!
-
سقوط سامية ..الجزء الأخير .
-
سقوط ساميا ...الجزء الرابع .
-
سقوط ساميا ..الجزء الثالث .
-
سقوط سامية .! الجزء الثاني .
-
كيف سقطت ساميا .! الجزء الأول .
-
مصالح خانم : الجزء الأخير .!
-
مصالح خانم _ الجزء الثامن قبل ألأخير .!
-
مصالح خانم الجزء السابع .! ( القناع )
-
مصالح خانم جزء سادس .! ( الدهشة )
-
مصالح خانم جزء خامس .!
-
مصالح خانم جزء رابع .!
-
مصالح خانم - الجزء الثالث.
-
مصالح خانم - الجزء الثاني .
-
مصالح خانم ج1
-
كأنه الأبدية .!
-
الشخصية ، و الجماعة.!
-
من جلجامش إلى جاورجيوس .!
المزيد.....
-
القبض على مغني الراب التونسي سمارا بتهمة ترويج المخدرات
-
فيديو تحرش -بترجمة فورية-.. سائحة صينية توثق تعرضها للتحرش ف
...
-
خلفيات سياسية وراء اعتراضات السيخ على فيلم -الطوارئ-
-
*محمد الشرقي يشهد حفل توزيع جوائز النسخة السادسة من مسابقة ا
...
-
-كأنك يا أبو زيد ما غزيت-.. فنانون سجلوا حضورهم في دمشق وغاد
...
-
أطفالهم لا يتحدثون العربية.. سوريون عائدون من تركيا يواجهون
...
-
بين القنابل والكتب.. آثار الحرب على الطلاب اللبنانيين
-
بعد جماهير بايرن ميونخ.. هجوم جديد على الخليفي بـ-اللغة العر
...
-
دراسة: الأطفال يتعلمون اللغة في وقت أبكر مما كنا نعتقد
-
-الخرطوم-..فيلم وثائقي يرصد معاناة الحرب في السودان
المزيد.....
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
-
التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب
...
/ حسين علوان حسين
المزيد.....
|