أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ملاذ سميسم - خيط الصوف














المزيد.....


خيط الصوف


ملاذ سميسم

الحوار المتمدن-العدد: 6596 - 2020 / 6 / 18 - 17:25
المحور: الادب والفن
    


قرية جميلة على ضفاف نهر حركته بطيئة الجريان كما الايام التعيسة، قرية شاع عنها انها غنية بطبيعتهاالمعطاء واهلها الكرماء وبيوتها الواسعة المملوءةبضحكات ولعب الصغار .
وفي جانب الطريق المرصوف بصخور صغيرة مرتبة يخرج من اطرافها العشب الغض
وفي رحلتي اليومية في ذاك الطريق الذي
يقبع في نهايته دكان صغير تزوره العجائز باستمرار
شدني الفضول اليه لماذا عجائز القرية من اكثر زوارذالك الدكان ؟هل لان بائعه عجوزٌ مثلهن ام لانهن الفنّ الترددعلى وقع كلمات صاحبه الطريفة وخلقه الدمث
تجلس العجائز على طرف باب الدكان
ويتكلمن بهدوء العمر وينظرن الى شابات القرية من طرف الاجفان المتهدلة التي اتعبها الزمن .
لقد بانت اثار القدر ومضى زمن الحب ولكن لم يتركن شراء كرات الصوف. اخذنتي خطواتي الفضولية وجلست على صخرة ليست بالبعيدة مدعية تعب المسير عسى ولعلي افهم كلماتهن واشبع فضول عقلي المُلح وفي تباعد افكاري وقربها
فاذا بعجوز تمسك بعكازها ،قالت: احملي كيس مشترياتي فلم تعد يداي تستطيع حمل اشيائي قفزت فرحتا متقدمة بسرعة الشباب وغرورهم واصرارهم واخذت اشيائها ومشيت على وقع خطواتها الثقيلة وانااتابع بصمت طرف عكازها القديم وهو يبحث بين صخور الطريق عن طريقه المالوف وانظر الى ظهرها المحدب وهو بالكاد يحمل اطراف المعطف وانا في داخلي سؤال ؟
اوصلتها الى ذلك الكوخ الخشبي المدفون بين شجيرات الخوخ ، فاستدارت نحوي وقالت اشربي معي الشاي فوافقتها بنظراتي وصمتي مهابتا لوجها الوقور،
دخلت الى ذلك الكوخ الذي تفوح منه رائحة السنين المتعبة وتلك الجدران التي زينتها صورالشباب والاطفال وتلك الطاولة المطرز شرشفها بدقة
جلست قربي وباتت تنظر الى يداي التي لم يجعدها الزمن ولم تتعبها الحياة
اطالت النظر الى تقاسيم وجهي وكانها تبحث عن اثر لشخص تعرفه
سالتها باستعجال الشباب ماذا تفعلين بكرات الصوف ؟
قالت لكرة الصوف معي حكاية رافقتني قبل ٤٠عام عندما رايت نفسي ارتدي ثوب زفافي المطرز المزين بالورود ويدي التي تسورت بالؤلؤء واصابعي التي تزينت بازهار الحناء كانها ضفائرالصغار ،
بدأت حياتي في هذا الكوخ مع شريك جاءبه القدر وادركت اني غادرت حياتي السابقة غادرت احلام الشباب ونزقه.
وجدتني اضيع في كل يوم بين ماكان ومايكون، هاانذا اصبح غريبة عن الاهل وقريبة للغرباء لم تعد اشيائي كما كانت مبعثرة وغرفتي تغرق في ازهار واوشحة
لم اعد اغفوا على العشب الغض كما تفعل احلام الصبا
دخلت هذا الكوخ وتركت الحياة حيث ماكانت، حياة جديدة وواقع اجد
فكانت صديقتي ابرة الحياكة وخيط الصوف امسكتها وبدات اول غرزها وانا شابة جميلة تاخذني احلام اليقظةويوقظني كلام الواقع، وتشدني الالوان الزاهيةكمايتغير قوس قزحفي الهواء ، لم ادرك ان لكل غرزة صعوبة كما للحياة ألم ولم ادرك انني سوف اغير الواني كما غيرت نفسي
فهذه الغرز تتكرر وتزداد صعوبة وتتعقد تاخذ وقتي وانا انحني عليها احافظ على اطرافها واناقتها لعلي اصل للكمال المرتجى منها
لادُرك انني اسير في دائرة متعبة من الاعتراضات والمسؤليات اللامتناهية
فهذه سنتي الاولى وانا احيك معطف صغير يحمل الى نفسي الامل في من يرتديه واستمرت حياتي وانا احيك اثواب ومعاطف لصغار اخذوا من قلبي اجزاء كبيرة، حتى حفرت ابرة الحياكة اثارها على يدي وتشابك الخيط مع شرايين اصابعي وانا ارى من صغاري يكبرون كما تكبر اشجارالخوخ في حديقتي .
وخيط الصوف يمسك باقدام الصغار ويسليهم وها هو اليوم يجري باحثاعنهم قبلي .
ياتي شتاء ويذهب اخر وتتساقط اوراق الخوخ تارا والخوف من عدم ازهارها تارة اخرى وانا اجول في اركان حياتي تاركتا فسحة امل ولحظات مع خيط الصوف رفيقي في غضبي اشّد علية فيتحمل ألمي
وفي فرحي اهجره فيعذرني لم يمل من دموعي التي تبلله
لم ييأس من انكساراتي يحدثني بصمته ،
فانظر الى انحناءاته فاسند ظهري بقوته يربكني يخطف ابتساماتي ،وانا اجر خيطه ببطئ شديد كلما زادت غرزي قصر خيطي
فاخاف من سحبه اكثر فيبتعد عني كما ابتعدت احلامي
رحل الكبير والصغير وظلت امالي بخيط الصوف
تجذبني
يجول معي في اركان حياتي الفارغة يتسابق مع اقدامي المتعثرة
فيبقيني مستيقظة وحذرة
هل اهدرت اوقاتي معه
هل فارقت حياتي بين ثنايا خيط الصوف
ساظل ممسكة به



#ملاذ_سميسم (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- كابينة الهاتف


المزيد.....




- -أجمل كلمة في القاموس-.. -تعريفة- ترامب وتجارة الكلمات بين ل ...
- -يا فؤادي لا تسل أين الهوى-...50 عاما على رحيل كوكب الشرق أم ...
- تلاشي الحبر وانكسار القلم.. اندثار الكتابة اليدوية يهدد قدرا ...
- مسلسل طائر الرفراف الحلقة92 مترجمة للعربية تردد قناة star tv ...
- الفنانة دنيا بطمة تنهي محكوميتها في قضية -حمزة مون بيبي- وتغ ...
- دي?يد لينتش المخرج السينمائي الأميركي.. وداعاً!
- مالية الإقليم تقول إنها تقترب من حل المشاكل الفنية مع المالي ...
- ما حقيقة الفيديو المتداول لـ-المترجمة الغامضة- الموظفة في مك ...
- مصر.. السلطات تتحرك بعد انتحار موظف في دار الأوبرا
- مصر.. لجنة للتحقيق في ملابسات وفاة موظف بدار الأوبرا بعد أنب ...


المزيد.....

- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد
- مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة / د. أمل درويش
- التلاحم الدلالي والبلاغي في معلقة امريء القيس والأرض اليباب ... / حسين علوان حسين


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - ملاذ سميسم - خيط الصوف