|
حكومة تكنوقراط ، حكومة وحدة وطنية
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6594 - 2020 / 6 / 16 - 14:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كل المهتمين ، وكل المشتغلين بالشأن العام ، لا حظوا مؤخرا شبه حملة ، تقودها بعض المنابر الإعلامية الالكترونية المدفوعة ، او المرتبطة ، ويقف ورائها بعض التجار الذين يتجارون و( يَتمعُّشونَ ) يتعيّشون في السياسة . الدعوة الى حكومة التكنوقراط ، تقف وراءها المواقع الالكترونية المرتبطة بجماعة ، او بأخرى ، والدعوة الى حكومة الوحدة الوطنية ، يقف وراءها بعض تجار السياسة ، و( المُتمعّشين ) منها ، وكان على رأسهم ادريس لشگر، ( زعيم ) " حزب الاتحاد الاشتراكي " الذي لم يبق فيه غير الاسم لاستجداء مقعد برلماني ، او منصب وزاري .. فهل نحن في حاجة الى حكومة تكنوقراط ؟ ، وهل نحن في حاجة الى حكومة وحدة وطنية ؟ ، وهل الظروف السياسية الحالية التي يوجد فيها ، ويمر منها المغرب ، تقتضي حكومة تكنوقراط ، او حكومة وحدة وطنية كبديل عن الحكومة الحالية ؟ بدون الرجوع الى الوثيقة الدستورية التي تحدد شكل وطبيعة السلطات ، وتحدد وبالواضح الشخص الذي تتركز كل السلطات بين يديه ، سيكون التداول والحديث عن حكومة الوحدة الوطنية ، وحكومة التكنوقراط ، تداولاً وحديثاً مضيعة للوقت ، لان الهدف من الدعوة الى هذه الحكومات ، وفي هذا الظرف بالذات المتناغم مع الدستور ، من جهة مزايدة سياسية فاشلة للداعين الى الحكومة التكنقراطية ، ومن جهة سيكون انتهازية ( سياسية ) مقيتة ومفضوحة ، للداعين الى حكومة الوحدة الوطنية . ان الدعوة الى الحكومة التكنوقراطية ، والدعوة الى حكومة الوحدة الوطنية ، هذا إذا افترضنا ان اصل الدعوة بريء ، ولا يهدف الى تشويش المُشوّش ، كما لا يهدف السباحة في المياه المًتعفّة كالعادة ، وكما جرى به العمل منذ ان بدأ البعض يتحدث عن ( الانتقال الديمقراطي ) ، او يتحدث عن ( التناوب ) ، والحال ان الدستور صريح في تحديد شكل الدولة ، وشكل النظام السياسي ، لأنه اذا كان هناك من إنتقال ديمقراطي ، او تناوب ديمقراطي ، فهل المقصود بذلك عند أصحابه ، ان يكون الانتقال ، او التناوب ، مع الملك شخصيا الذي يمارس الحكم لوحده كما يحدد ذلك الدستور ؟ ام ان المقصود في نظر أصحابه ، هو التناوب وانتقال ممارسة صلاحية الحكومة التي هي حكومة الملك ، التي تسهر على تطبيق برنامج الملك من قبل الأحزاب التي شاركت في الانتخابات ، وتصدرت غيرها من الأحزاب ، بالنسبة للمقاعد البرلمانية التي تؤهلها لتشكيل حكومة الملك ، للاشتغال على برنامج الملك ؟ كان سيكون للدعوة الى تشكيل حكومة وحدة وطنية ، او الدعوة لتشكيل حكومة تكنوقراط ، معنى ومشروعية سياسية ، لو ان النظام السياسي المغربي يتبنى نظام الملكية البرلمانية على الطريقة الاوربية ، لان التنافس هنا بين جميع المكونات السياسية ، هو تنافس برامج ، ومشاريع سياسية مختلفة ، ومتنوعة ، والناخب من خلال صناديق الاقتراع والانتخابات ، هو من يختار البرنامج السياسي الذي اعجبه ، واستجاب لطلباته ، وطبعا سيرفض البرامج الانتخابية الأخرى التي لم تستهويه ابدا ، ولم تستجب لتطلعاته اطلاقاً .. فالناخب ، او الكتلة الناخبة ، هي من يقرر شكل البطاقة السياسية للأغلبية الحاكمة ، أي التي ستحكم من خلال تنفيذ برنامجها ، ولا تدخل الحكومة من اجل تنفيذ برنامج الحاكم الوحيد الأوحد ، كما ان الكتلة الناخبة ، هي من يقرر شكل بطاقة الأقلية المعارضة .. لكن في ظل ملكية مطلقة يركز دستورها الدولة في شخص الملك وحده ، ليمارس الحكم لوحده ، تتحول كل التشكيلات ( السياسية ) التي كوّنت الحكومة بعد تعيينها من قبل الملك الذي هو رئيسها الفعلي ، الى مجرد آلية ، واداةً بيد الملك ، تشتغل تحت إمرته على البرنامج الذي اختاره الملك ، لا برامج الأحزاب التي تنتفي بمجرد الإعلان عن نتائج الانتخابات ... إذن انّ الدعوة الى حكومة التكنقراط ، يعني الحكم على حكومة أحزاب الملك بالفشل في تنفيذ برنامج الملك ، ومن ثم فان البديل المزعوم الذي سيتفادى فشل حكومة الأحزاب ، تبقى حكومة التكنقراط التي يكونها اشخاص مستقلين ، وخارجين عن الأحزاب . وإذا كان الملك هو من سيعين هذه الحكومة دستوريا ، مع العلم ان حكومة الأحزاب التي عينها هي حكومته ، فالسؤال : من يتحمل المسؤولية عن فشل حكومة الملك ، التي اشتغلت تحت امرته ، وتحت رقابته ، وكان يشرف شخصيا على كل اشغالها ؟ هل تتحمل مسؤولية الفشل الحكومة ، والحال انها حكومة ملكية بامتياز ، لأنها مجرد أداة لتنفيذ برنامج الملك ؟ هل تتحمل المسؤولية امام الملك ، الذي هو المسؤول الأول عن فشل ادواته / حكومته التي لا تقرر إلاّ بما يرضي جلالته ؟ هل تتحمل المسؤولية امام البرلمان الذي هو برلمان الملك ، وكل شيء من حكومة وبرلمان ، هما ملك للملك ؟ فكيف للملك الذي عين حكومة من أحزاب الملك ، ان يشكك في مستوى ادواته / احزابه ، التي كونت حكومة الملك ، التي تؤتمر بأوامر وتوجيهات الملك ، انْ يقبل بتغطية فشل برنامج الملك ، بتعيين حكومة لا ولن تختلف مع حكومة أدوات / أحزاب الملك ، من اشخاص وزراء هم بدورهم مجرد أدوات عند الملك ... فمن المسؤول عن الفشل إنْ كان هناك فشل مسجل على مستوى النتائج الاجتماعية المُحصّلة .. والحال ان الملك هو من يحكم .. وسواء كانت الحكومة مشكلة من أحزاب الملك ، او كانت مشكلة من اشخاص مستقلين عن الأحزاب ، فالذي يحكم لوحده هو الملك ، والباقي من حكومة مشكلة من الأحزاب ، او مشكلة من غير المنتمين الى الأحزاب ، والبرلمانيين ، وبدون استثناء احدهم ، هم مجدر موظفين سامين عند الملك .. فالدعوة الى تكوين حكومة التكنقراط ، وفي ظل دستور واضح وصريح ، يركز الحكم ، وأشدد على الحكم ، ويركز الدولة في يد الملك ، هي دعوى نشاز ، لأنها مجرد صيحة في وادي عميق ، بل ان هذه الدعوة ، تبقى متعارضة مع الدستور في تعيين الحكومات ، هذا ان افترضنا ان النظام السياسي المغربي هو نظام ديمقراطي ، لان المسؤول عن الحكومة يبقى هو الملك ... ومن ثم هل يمكن تصور تجاوز الملك الذي يحكم ، بوزراء تكنوقراط ليس لهم برنامج ، وسيشتغلون كموظفين سامين عند الملك .. ... بل وبالرجوع الى كل أحزاب الملك التي تشكل حكومة الملك ، سنجد ان أكثرية الوزراء بها ، تابعون مباشرة الى الملك ، وليسوا تابعين او منتمين الى الأحزاب التي يرأس حكومتها وزير من الاحزاب الملكية ... وهذه الوزارات التي على رأسها وزراء غير منتمين سياسيا الى الأحزاب ، يطلق عليها في العرف الاصطلاحي المغربي ، بوزارات السيادة ... كوزارة الداخلية ، وزارة المالية ، إدارة الدفاع الوطني ، وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية ، الأمانة العامة للحكومة ، وزارة الخارجية ، وزارة القصور الملكية .... لخ . اما عن الدعوة الى تكوين حكومة وحدة وطنية ، فهي تثير التباساً ، من جهة عن الأحزاب التي ستكون حكومة الوحدة الوطنية ، أي هل المقصود بحكومة الوحدة الوطنية ، مجرد الأحزاب التي تنخرط كأدوات في الحكومة ؟ هل المقصود بذلك الأحزاب المُكوّنة للحكومة ، والأحزاب الممثلة في البرلمان ؟ وهل المقصود بذلك ، كل الأحزاب المرخص لها بالنشاط السياسي ، بمقتضى ظهير الحريات العامة المغربي الصادر في سنة 1958 ، والمعدل في سنة 1973 ، أي بما فيهم " حزب النهج الديمقراطية " ، " حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي " ، و " حزب المؤتمر الوطني الاتحادي " ؟ وإذا كانت الدعوة الى حكومة الاتحاد الوطني ، تتناسق مع حدث خطير ، او ظرف اكثر من خطير ، كالتهديد ببثر جزء من أراضي المغرب ، او فراغ الحكم بمرض الملك ، ونوع المرض المصاب به ، وحالته الصحية الآنية ، هل هو يتحكم في اطراف عقله ، ام انه داخل في غيبوبة ، ام ان وضعه الصحي جد مضطرب ، او عدم بلوغ الأمير سن الرشد القانوني ، او التحضير لدخول المغربي في حرب .... لخ ، وحتى هذه الفرضيات من الحالة الصحية للملك ، وسن ولي العهد ، منظمة بالدستور وبالقانون .... فما هي الأسباب الحقيقية الواقفة وراء الدعوة الى حكومة الاتحاد الوطني ، والتي يقف من وراءها ادريس لشگر ( زعيم ) الاتحاد الاشتراكي الذي لم يبق منه غير الاسم ؟ ان الدافع الذي دفع ادريس لشگر الى التلويح بالدعوة لحكومة الاتحاد الوطني ، ليس جزءا ، او سببا من الأسباب التي توجب وتفرض حكومة اتحاد الوطني ، كالصحراء ، او الريف مثلا ، بل ان السبب الرئيسي الذي دفع بهذا الشخص الى دعوته اليتيمة ، الانتهازية ، والمستوعبة من طرف القصر ، ان الشخص يدرك جيدا انّ وقت ذهابه النهائي قد حان ، ولن يتعدى الانتخابات القادمة ، وبما انه اصبح غير مرغوب فيه من طرف أصحاب القرار ، والمربع الأمني الضيق ، لان وقته قد مات وانقضى ، ونظرا لأنه مقتنع الاقتناع التام ، بان الانتخابات القادمة ستجعله خارج المربع ، شأنه شأن نبيل بن عبدالله ، فان ما بقي له كمنفذ لضمان الاستمرار ، هو الدعوة الى حكومة اتحاد الوطني ، يحلم ان يكون احد وزراءها الأساسيين ، خاصة وانّ ما يحلم ، هو الظفر بوزارة العدل ..... لكن ههيهات والمثل المغربي يقول " مْشَى لبْلادْ فْلِيُّو أُوضَرْبُو رْواحْ " ، وهناك مثل آخر يقول " اللِّي في راسْ جْمَلْ ، فْراسْ الجَّمَّالة " ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
من يحكم ؟
-
هل يتدارك ملك المغرب ما تبقى من الوقت الضائع .....
-
شكرا الوحش كورونا
-
المحكمة العليا الاسبانية
-
حصار قطر / حين يدعو المتورط في قتل الفلسطيني المبحوح ، ضاحي
...
-
تنافس أم صراع بين الجهاز البوليسي الفاشي ، وبين الجهاز السلط
...
-
صفات الملك الحميدة / الاستثناء
-
التغيير
-
التحضير لقرع طبول الحرب بين النظامين المغربي والجزائري
-
الجمهورية الموريتانية والجمهورية الصحراوية
-
رئيس موريتانية يجري مكالمتين منفصلتين مع نظيره الجزائري والت
...
-
نقل الحرب من التخوم الخارجية الى التخوم الداخلية / هل بدأ ال
...
-
بديل السيدة نبيلة منيب / الحزب الاشتراكي الموحد
-
تفجيرات 16 مايو بالدارالبيضاء ، و 11 مارس بمدريد
-
الحسن الثاني
-
حجج اطراف النزاع حول الصحراء الغربية
-
في ذكرى تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي ال
...
-
هل يصنع الجياع ثورة ؟
-
الجزائر
-
حين يكشف الرئيس الجزائري عن وجهه بدون خجل وبدون حياء
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|