رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 6593 - 2020 / 6 / 14 - 19:55
المحور:
الادب والفن
يقول في ومضة "الثقب":
"تحسس الأب جيبه فوجدها مثقوبة، نظر إلى ثقب حذاء ابنه، نفث آخر ما تبقى من سيجارته، ومضى."
المقطع للوهلة الأولى يبدو عادي، لكن إذا ما توقفنا عند الألفاظ بشكلها المجرد، سنجد فيها ما هو جدير بالتوقف والتأمل، فهناك ألفاظ تشير إلى حالة الامتعاض من الواقع: "جيبه، مثقوبة، ابنه، حذاء، سيجارته، فكلها تنتهي بحروف التاء والهاء والهمزة، والتي تلفظ قريبا من (آه)، فالقارئ وهو يقرأ هذا المقطع يخرج (آه) متألما كما يتألم (بطل) الومضة، وبهذا نشاركه الالم دون وعي، دون إرادتنا، فبمجرد قراءتنا للومضة نكون قد شاركنا (البطل) في تألمه.
وهناك دقة متناهية عند الكاتب عندما قال "نفث آخر" ففعل "نفث" يعني إخراج ما في الصدر من هواء محتبس بنفس طويل، وعندما استخدم لفظ "آخر" الممدود شاركناه نحن القراء فعل النفث، وبهذا تكون الومضة منسجمة ما بين الفكرة وطريقة لفظ الكلمات، فالقارئ حتى لو لم يهتم بالفكرة ـ رغم وضوحها وسهولتها وبساطتها ـ سيصل إليها من خلال طريقة لفظه للكلمات، وهنا تكمن عبقرية "محمد مشيه".
كما تستوقفنا وتيرة الأفعال: " تحسس، فوجدها، نظر، نفث، ومضى" فالكاتب ربطها مع بعضها من خلال حرفي "الفاء والواو" وهذا يجعلها أفعال سريعة ومتواصلة مما يخدم فكرة الغضب والتوتر عن صاحب الجيب المثقوبة، وبهذا يكون محمد مشيه، قد قدم فكرة في ومضة يمكن الوصول إليها بأكثر من طريقة وأكثر من مدخل.
الومضة منشورة على صفحة الكتاب.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟