سعد هجرس
الحوار المتمدن-العدد: 1590 - 2006 / 6 / 23 - 11:12
المحور:
الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية
شعرت بانقباض شديد عندما علمت أن الأستاذ نبيل الهلالى، محامى الشعب المصرى، والمدافع عن الحق والخير والجمال منذ أربعينات القرن الماضى حتى الآن، قد دخل غرفة العناية المركزة.
لكن الشاعر الكبير عبدالرحمن الأبنودى طمأننى وقال أن الأطباء سمحوا له برؤيته قبل دقائق ، وحثنى على زيارته.
توجهت على الفور إلى مستشفى السلام الدولى، وصعدت إلى جناح الرعاية المركزة، لكن الأطباء قالوا لى أن الأستاذ نبيل قد تحسنت حالته وتم نقله إلى غرفة "عادية".
ذهبت إلى الغرفة .. ووجدته منشرحاً، ووجهه مشرق، تعلوه ابتسامته العريضة العذبة التى تعودنا عليها سنوات وعقود. وإلى جانبه الأستاذة صفاء ابنه المناضل الراحل زكى مراد.
رحب بى، كما لو كان فى مكتبه وليس فى مستشفى. وبعد ثوانى معدودات من الحديث عن الصحة والأحوال بادر إلى سؤالى عن ملابسات قضية زملائنا الصحفيين الثلاثة وائل الابراشى وهدى بكر وعبدالحكيم الشامى، وتفاصيل الدائرة التى سيحاكمون أمامها فى محكمة الجنايات. وأبدى أسفه لأنه لن يستطيع المرافعة عن "الفرسان الثلاثة"، وأسهب فى الحديث – كما لو كان يترافع فعلاً – عن أهمية إلغاء القوانين التى تجيز حبس الصحفيين وغير الصحفيين فى قضايا النشر، وضرورة أن يتم هذا الالغاء اليوم قبل الغد حماية لحرية الصحافة، مضيفاً أنه لا يمكن الاطمئنان إلى احراز تقدم فى قضية الحريات عموما دون احترام حرية الصحافة أولاً لأنها قلب قضية الحريات.
ثم امسك بالخيط الذى غزله ليتحدث عن مشروع قانون مكافحة الشائعات الذى تقدم به بعض أعضاء الحزب الوطنى. وأبدى استغرابه الشديد لهذا السلوك المتناقض حيث يتحدث البعض عن "الاصلاح" ثم يخرجون على المجتمع باختراعات عجيبة تتعدد مسمياتها لكن جوهرها واحد وهو إعادة إنتاج الاستبداد، ومحاولة تكميم الأفواه فى عصر البؤرة المعلوماتية.
لم يكن الهلالى يتحدث وهو ممدد فوق سرير المرض، وإنما كان "يترافع" بحرارة وانفعال وحيوية.
خشيت أن يكون الاسترسال فى هذا النقاش الحميم والجميل مؤثراً على صحته .. فاستأذنت وطلبت الانصراف .. على وعد باستئناف الحديث فى الغد.
كان ذلك مساء يوم السبت الماضى..
وصباح الأحد .. جاءنا الخبر الحزين عن رحيل أحد أنبل وأعظم من أنجبتهم مصر والأمة العربية.
نبيل الهلالى .. مسيرة نضال لن تنقطع، وسيرة حياة لن تموت، وذكرى نبيلة .. لا يمكن أن تسقط من وجدان الأمة وضمير الوطن.
#سعد_هجرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟