|
اخفاقات الوعي الانساني
سعيد ايت اومعلي
الحوار المتمدن-العدد: 6590 - 2020 / 6 / 11 - 21:13
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في البدء. لم نكون نتوقع كمثقفين و دارسي الفلسفة ان لحظة ما من الزمن قد تخسف بنا الارض و تجعلنا مندهشين امام هذه الصدمة الكونية التي زلزلت مشاعرنا الانسانية و كبحت جماح النوايا و تركتنا مذهولين وغير مصدقين مما يحدث على هذه الارض . جل ما كنا نعتقده هو ان العصر الحديث هو عصر التقنية و الاعتماد على العلم الحديث المتطور و الدقيق مع الاعتقاد الجازم بان الجنس البشري سيغزو عوالم اخرى و سينتصر على كل الظواهر و الحوادث الطبيعية .بحيث ظن العالم ان العقل البشري لا يمكن هزمه و انه متطور لكي يتعامل مع اي جائحة او كارثة انسية قد تحدث وقد يستطيع الانسان السيطرة على اي انكاسة قد تقع و اي مشلكة سيجد لها الحل. هذا التمجيد المبالغ فيه للعقل العلمي و للوعي الانساني الذي اعتبر خارقا للعادة وغير عادي و ان الحقل المعرفي الكوني ممتلء لكي يتصدى لاي ظاهرة . بالعكس اتضح ان الاخفاق الاول نتاج لتلك المشكلة الابستمية والتي تظهر لنا عدم احترام المسافة بين ما هو ذاتي و ما هو موضوعي و ان هناك تنافر و انعدام الوعي الانسي بهذه القضية المحلة . وثانيا نجد ان الاخفاق يظهر في ثقة الدول بانجازات العلم دون ادراك ان للموضوع دور مهم في انجاح المشروع الانساني او لا . وثالثا ممكن ان اقول ان كورونا ضربت العالم بعنف وبدون شفقة وجعلتنا في حالة ذهول شاخص الابصار وامام عدو عنيد عنيد جدا لا يسعنا في مواجهته سوى الاعتماد على اليات علمية ادق و على انسان قوي يتحلى بالشجاعة الكافية وبسرعة في اتخاذ القرارت الصائبة و الاعتماد على تخطيط مسبق قبل تزايد الخسائر البشرية و الاقتصادية و الاحتماعية .. كورونا صب الزيت في النار و توهجت ناره واكلت ما كانت تتدخره (الدول المتقدمة ) من ثروات ومن كبسولات مالية تكفيهم لسنوات عديدة لكن ما لم يكون في الحسبان البتة ان الاقتصاد العالمي انهار و هزم في بضعة اشهر و ما كنا نعتقده عن التوازنات وعن المفاهيم المجالية باثت مرفوضة وان بعض المفاهيم في العلاقات الدولية انهارت كذلك و كشفت حقيقتها لراي العام الاقليمي و الدولي و حتى ما كنا نزعم عن مفهوم القطبية كقوة اقليمية لا يمكن مجارتها دوليا على اي مستوى اتضح انها اكذوبة و ما تعيشه الولايات م حاليا اظهر لنا الحقيقة المخفية عن قرب و دون بذل أي مجهود في إكتشافها . اما على مستوى الاقتصادي و التحولات الاقتصادية ما نعرفه جميعا ان العالم قبل كورونا كان الاقتصاد هو محركه الاول وكان يضع العالم على شفى حريق كبير لاح في الافق لاكثر من مرة، وما يفعله كورونا بالاقتصادات هو دفع المعادلات السابقة لتفشيه باتجاه مزيد من الحرج والحساسية وسيكون لذلك انعكاسه السريع و الكبير على التصرفات التي ستتم بعد مجاوزة الوباء وباتجاه مزيد من التنافس و الصراع والاحتدام . فرض كورونا على جميع الدول ان تخرج عن كل خططها المالية التي اعدتها للعام 2020 م و موازناتها التقديرية ضربت جوهريا وفرض مصروف هائل لم يكن في الحسبان ومقدم على باقي المصارف المخططه والمعتمدة، وما فرض ورصد بشكل مفاجئ للمواجهة هي ارقام كبيرة للغاية وتمثل في اغلبها خسائر ستعاني الدول تبعا لها لعقود حتى تستقر موازناتها وفقا للايرادات والمصروفات المقدرة لاوضاع طبيعية، وهذا الامر سيكون له اثره المباشر على التنمية والخدمات والضمان الاجتماعي وغيره من الجوانب ذات العلاقة بموازنات دول العالم وانعكاسات ذلك ستكون اضطرابات محليه – مبدئيا – اجتماعيا وسياسيا واقتصاديا التي هي بدورها متعلقة باستقرار الدول، اي ان “الاستقرار الوطني” للدول بعد كورونا سيكون ادنى مما كان عليه قبله. سيطرح كورونا اسئلة عديدة كذلك عن اسلوب المواجهه و مدى سرعة الاستجابة ومدى فاعلية ادارة الازمة واجابات هذه الاسئلة سيكون لها اثارها على الحكومة فقد تسقط حكومات وتنشئ اخرى او قد تتعدل حكومات ، ليس ذلك وحسب بل سيعاد النظر في ادارة الموارد و تخصيصها وهيكلتها وما يترتب على كل ذلك من تفاعلات سياسية واقتصادية وقانونية وادارية مختلفه، وكل ذلك له اثره المباشر ايضا على “الاستقرار الوطني” للدول وسيزيد من الاحتدام السياسي فيها. و الصراعات بين القوى الناشئة و التقليدية وظهور قوى ذي توجه سياسي حديث له برامج سياسية قد تفرز لنا تكثلات جديدة و تحالفات ممكن ان اقول عنها انها ستضرب بالقوى التقليدية بعرض الحائط و بهذا ستظهر في المجتمع الدولي توزانات اخرى و دول اقتصادية جديدة سيكون لها قرارت ستزيح البرامج الراس مالي من الساحة الدولية ليكن لهذه القوى سيادة عن العالم و عن كل المبادلات التجارية و المجالس الاممية ليصبح العالم الانساني في بدء. و استئنافه لكل القضايا العالقة و لكل الامور التي من شانها اعادة الاعتبار " للكوجيطو "و للذات و للمجتمع و للانسانية جمعاء .
#سعيد_ايت_اومعلي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مصر: جدل بسبب تصريحات قديمة لوزير الأوقاف عن فتاوى الشيخ الس
...
-
ماذا بقى من القواعد العسكرية الفرنسية في أفريقيا بعد انسحابه
...
-
محكمة روسية تدين مواطناً هولندياً بتهمة الاعتداء على ضابط شر
...
-
كله إلا سارة.. نتنياهو ينتقد وسائل الإعلام دفاعًا عن زوجته:
...
-
يورونيوز نقلا عن مصادر حكومية أذرية: صاروخ أرض جو روسي وراء
...
-
إطلاق نار في مطار فينيكس خلال عيد الميلاد يسفر عن إصابة ثلاث
...
-
إعادة فتح القنصلية التركية في حلب بعد 12 عاماً من الإغلاق
-
بوتين: روسيا تسعى إلى إنهاء النزاع في أوكرانيا
-
ماذا تنتظر عمّان من الشرع و ترامب؟
-
-يديعوت أحرونوت-: إسرائيل تهاجم اليمن بـ 25 طائرة مقاتلة
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|