أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد تركي هيكل - أم سالم














المزيد.....

أم سالم


حامد تركي هيكل

الحوار المتمدن-العدد: 6585 - 2020 / 6 / 6 - 01:18
المحور: الادب والفن
    


وداعاً أيتها الأم ، وداعاً أيتها المرأة التي قلَّ نظيرُها. وداعاً أيتها المَدْرَسَةُ العظيمة .
رحلتِ عن هذا العالم الذي ما عاد يليق بكِ الى عالمٍ آخر، أحسب أنك ستجدين فيه ما تستحقينه وما يطيب لك بإذن الله.
أمُّ سالم كتابٌ لازلتُ أتعلمُ من فصوله المزيدَ، وموسوعةُ حياةٍ لم نتعلم من كنوزها الغنية بالمعارف والقيم والتجارب الا قليلا، قليلا جدا.
أمُّ سالم أمرأةٌ تُجَسِّدُ تاريخَ العراق أفضلَ من أيِّ انسان آخر، وأحسنَ من أيِّ شيء آخر، وأبلغَ من أيِّ نصٍ آخر.
امتزجتْ فيها بشكلٍ إسطوريٍّ خبرةُ امرأةٍ سومريةٍ من فجرِ التاريخ، مع قوةِ امرأة عربيةٍ قادمةٍ من الصحراء، مع شغفِ امرأةٍ ثوريَّةٍ من عهدِ التطلع للحداثة، مع احباطِ امرأةٍ عاشتْ كلَّ ذلك، وحملتْ في قلبها تطلعاتٍ وطموحات، ومنحتْ كلَّ مَنْ حولها الحبَّ والحنان، ولكنها وجدتْ أخيراً أن الحياةَ لم تعدْ كما كانتْ، وأن الحياة ما كانتْ يوماً كما حلمتْ وأرادتْ.
أمُّ سالم، طيبةُ ماءِ دجلة لمن أضناه العطش، ورائحةُ الرزِّ العنبرِ، وطعمُ الخبزِ لمن عضَّهُ الجوعُ، وعذوبةُ نسيمٍ باردً هبَّ على وجوهٍ عانتْ من القيظ.
أمُّ سالم، هي الخيرُ والعطاءُ وقد تجسدا في أمرأة، وهي الحبُ وقد تمثلَّ في قلبِ أمٍّ كبير، وهي العقلُ بكلِّ حكمتهِ وشموخهِ وقد شَخَصَ أمامَ الناظرين المدركين لماهيَّتِه.
وإن كنتُ أعجزُعن ذكرِمناقبِ هذه المرأة الفريدة كلِّها، وهي كثيرة، فأني أقفُ اليومَ مشدوهاً أمامَ فراستها وقدرتها الأسطورية على معرفة الناسِ وسبرِ أغوارهم.
ولئن عانت أمُّ سالم من جدبِ السنين وفقرِها، إلا أنها لم تتخلَّ عن الأملِ بعودةِ الخير الذي ألفتْهُ وأحبتْهُ. كانت تردد في أيامها الأخيرة.
(علينا يا سنين الخير عودي
انا عنبر خيار النبت عودي
شللي بالورگ لو ذبل عودي
بعزم الله الورگ ينعاد اليه)
رحلتْ تحمل في قلبها كلَّ ما خبرته من معركتها الطويلة مع الحياة من حبٍ وخير وفخار واعتزاز بالنفس وبما حققتْ ، ومرارةِ ما عجزتْ الحياةُ أن تحتمله، فقد كانتْ أمُّ سالم أكبرَ وأبعدَ من إمكاناتِ الحياة ذاتها. رحلتْ واهنةٓ القوى بعد أن عاشتْ ردحاً طويلا من الزمن تحملُ على متنها ما إن عناوينه لتنوء بالعصبة أولي القوةِ.
(عجز من شيل هدمي مالٓ متني
وعليّ ضاگت الوسعه ما لمتني
لَوَنْ تدري الوادم..... ما لامتني
لها الظاهر وانا علتي خفيّه)
وداعا أيتها الأم العظيمة. أم سالم مثال لكل امرأة عراقية صبرت وناضلت ودعت وأملت. واجهت القهر والخوف والحرب والحصار والتهجير والتغييب والتنكيل، ولكنها لم تكلَّ ولم تملّ. ولم تفقد الأمل، ولم تترك لحظة واحدة عملها في كونها أم. فهي دوماً نورٌ للقلوب، وبلسمٌ للجروح، وهي الحضن الدافيء، واليد الحانية التي تكلأ آلامنا، وهي مستودع همومنا. الرحمة والنور لكل أمهاتنا.



#حامد_تركي_هيكل (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الانتصار على الألم
- السيرة الذاتية لعراقي- قصيدة
- ليلة قدر
- القسم رقم 8- الحلقة الثانية - همس الجيران
- القسم رقم 8 - الحلقة الأولى - همس الجدران
- لوحة ( الشمس الساطعة)
- ذكرى قديمة جدا
- حكاية لا يعلم بها أحد
- سلسلة قصص الجنون - تنويه ختامي
- سلسلة قصص الجنون 8- -عقل- المجنونة
- سلسلة قصص الجنون 7- سيد عودة
- سلسلة قصص الجنون 6- سامي المجنون
- سلسلة قصص الجنون 5- شهاب
- سلسلة قصص الجنون 4- حمادووه
- سلسلة قصص الجنون 3- عبود المجنون
- سلسلة قصص الجنون 2- غنوم المجنونة
- سلسلة قصص الجنون 1- قاسم المجنون
- رفعة الجادرجي
- مستقبل الفضاء الحضري بعد كورونا
- كورونا والفضاء الخاص: مقالة في الوباء والعمارة


المزيد.....




- ألوان وأصوات ونكهات.. رحلة ساحرة إلى قلب الثقافة العربية في ...
- تحدث عنها كيسنجر وكارتر في مذكراتهما.. لوحة هزت حافظ الأسد و ...
- السرد الاصطناعي يهدد مستقبل البشر الرواة في قطاع الكتب الصوت ...
- “تشكيليات فصول أصيلة 2024” معرض في أصيلة ضمن الدورة الربيعية ...
- -مسألة وقت-.. فيلم وثائقي عن سعي إيدي فيدر للمساعدة بعلاج مر ...
- رايان غوسلينغ ينضم لبطولة فيلم -حرب النجوم- الجديد المقرر عر ...
- بعد ساعات من حضوره عزاء.. وفاة سليمان عيد تفجع الوسط الفني ا ...
- انهيار فنان مصري خلال جنازة سليمان عيد
- زمن النهاية.. كيف يتنبأ العلم التجريبي بانهيار المجتمعات؟
- كفن المسيح: هل حسم العلماء لغز -أقدس- قطعة قماش عرفها التاري ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - حامد تركي هيكل - أم سالم