أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد حسن - من تداعيات الحجر المنزلي














المزيد.....

من تداعيات الحجر المنزلي


محمد عبد حسن

الحوار المتمدن-العدد: 6582 - 2020 / 6 / 3 - 02:21
المحور: الادب والفن
    


الحجر المنزلي، في قراءات المكان، هو مكان بين المغلق والمفتوح.. يأخذ من كل منها بعضًا من خصائصه. ربما تستطيع، وأنت فيه، التعرف على كل موجودات مكانك المغلق، وهو هنا البيت، رؤيتها كما لم ترها من قبل.. أنت الذي تبدو ضيفًا أو نزيلًا فيه أكثر منك صاحبًا.. تأخذ الوظيفة، التي تعيش من دخلها، نهارك تاركة لك حيّزً ضيّقًا للمناورة بين تفقّد المكان ورصد تغييراته.. وبين التزامات أخرى كثيرة كنت، على الدوام، تؤجل الكثير منها.
وإذ يتيح لك البقاء، مكرهًا، في المنزل إنجاز كل مشاريعك المؤجلة.. بل واستحداث أخرى لم تكن ترى لها ضرورة؛ يسرق منك في الوقت ذاته استمتاعك بالتواجد في المكان ورصد كل ما له علاقة به، خصوصًا أولئك الذين بغيابهم يفقد المكان بعضًا من ملامحه.
(أم صافي).. ممّنْ أفقدنيهم الحجر المنزلي: بتداعيها الحر.. وانتقالاتها غير المتوقعة وهي تسرد، كل مرة بشكل، أحداث الكوميديا السوداء لعالمها.. وعالمنا.
لم تتخلف يومًا عن موعدها اليومي في الحضور إلى مديرية شهداء البصرة قاطعة طريقها الطويل من "المكان الذي يصرخون فيه"(*)، كما تقول، إلى العشار. لا أعرف كيف تصل.. ولا كيف تذهب. إلا أنّ الكثيرين ممّن رأوها يقولون أنها تمشي يوميًا كل هذا الطريق.. وغيره، لها خرائطها.. وطرقها التي تحب.
ترى.. كيف ألفَتْ (أم صافي) مكانها المعروف في مديرية شهداء البصرة؟ بل كيف وجدته واتخذته مقرًا لسرد حكاياتها المتداخلة رافضة التخلي عنه لأي أحد آخر؟!
هي لا تعرف، ما يسميه صديقي الناقد والشاعر مقداد مسعود، تدوير السرد.. ولكنها تجيده! كنت أتابعها معلّقًا أذني على الشباك المقابل لها حيث تجلس، فيما جسدي هناك: في الغرفة القريبة، أحتضن وجهي بكفيّ.. وأغمض عينيّ لأتابع انتقالاتها بين (التجاوز) على بيتها المزدحم، في كل وقت، بصراخ المفجوعين.. خوفها من أنْ يقطع عنها راتب الرعاية الذي لا تملكه.. حذرها من النساء المتجمهرات حولها وهنّ يبيّتن، كما ترى، نية اختطاف زوجها الذي اختفى، في ظرف ما، ولم تره.
(أم صافي) تريد (سامعًا منتجًا) يعيد بعثرة حكاياتها ومن ثم فرزها وتجميعها.. سامعًا متسلّحًا بتاريخ طويل من عذابات أفرزتها، وتفرزها الآن، سلطات القمع المتعاقبة.
ترى هل تستطيع (أم صافي) البقاء في الحجر الاختياري والتنازل عن مشوارها اليومي الطويل إلى مديرية شهداء البصرة إضافة إلى طرق أخرى لا يعرفها غيرها! هل ستبقى كل هذا الوقت قريبًا من المكان "الذي يصرخون فيه" وهي التي كانت تهرب منه منذ الصباح؟
(أم صافي)، بتواجدها الدائم معنا، أصبحت تعرفنا.. تتفقد الغائبين، تسأل عنهم.. وتبادرنا بالحديث كلما رأتنا في شوارع المدينة.
أتذكّر مرة وقوفها عند الشباك. في الخارج: كان المطر يسيل على الطرقات والأبنية.. وعلى زجاج النافذة التي تطلّ منها. كنتُ قريبًا بما يكفي لأسمعها تقول: "هاي البناية شگبرها.. وما خرّتْ، وأنا حاطّه چينكوات على راسي وكل ساع يخرّن".
-------------------------------------------------------------------
(1): مستشفى الطب العدلي.



#محمد_عبد_حسن (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- أجور المدارس الأهلية بين الدولة والمستثمر.. والمواطن
- وقت الأزمات: مَنْ يجد مَنْ؟
- القصر (قصة قصيرة)
- الحصار على إيران في هذا الظرف الاستثنائي.. كشف لعورة العالم ...
- تساؤلات
- بائع الأحلام - قصة قصيرة -
- ألوان القصيدة القزحية
- صندوق دعم العمل الفدائي
- بين نصين
- العراقي.. بين الشّح والندى
- نحن.. و (البوعزيزي)
- تظاهرات الشعب.. وموافقات الحكومة
- سفارة البحرين.. الخاصرة الأضعف
- اعتذار متأخر من شهدائنا
- الشهيد قدّوري حسين عبد الله (أبو النّور) ناضل من أجل الخبز. ...
- النهر / قصة قصيرة
- كتاب (السائرون نحو المجد).. تأليف الوثيقة!
- البصرة.. وسوق (الپالات) (تساؤلات)
- الطائر .. يا صديقي / قصة قصيرة جدًا
- متنزه السراجي.. أم مجمع القصور الرئاسية


المزيد.....




- دار النشر -إكسمو- تطلق سلسلة كتب -تاريخ الجيش الروسي-
- قبل نجاح -Sinners-.. مخرج وبطل الفيلم يتحدثان عن علاقتهما ال ...
- نعي الصحافي والأديب والناقد المناضل نزيه أبو نضال (جميل غطاس ...
- وفاة النحات الروسي البارز زوراب تسيريتيلي
- المترجم سامر كروم: لماذا ينبض الأدب الروسي بحب العرب؟
- العمود الثامن: زعيم الثقافة
- التورنجي يتحدث عن تجربته الأدبية والحركة الأنصارية في جبال ك ...
- الكشف عن الإعلان الترويجي لفيلم -المشروع X-.. ما قصته؟
- فلة الجزائرية: تزوجت كويتيا ثريا أهداني طائرة خاصة ومهري لحن ...
- الكشف عن الإعلان الترويجي لفيلم -المشروع X-.. ما قصته؟


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد عبد حسن - من تداعيات الحجر المنزلي