|
صفات الملك الحميدة / الاستثناء
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6581 - 2020 / 6 / 2 - 16:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
صفات الملك الحميدة // Les bonnes qualités du roi بخلاف رؤساء وملوك العالم ، فان الملك محمد السادس يختلف عنهم اختلافا عميقا ، تجعله يمثل الاستثناء ، ضمن الاستثناء الذي يتميز به النظام المغربي عن غيره من الأنظمة العالمية . فالملك حالة استثنائية ، تضفي على كل تصرفاته ، وخرجاته ، واقواله طابع الاستثناء ، ومن دون ان يثير هذا الاستثناء ، أية ردة فعل ، او حتى ملاحظة ولو بسيطة ... لان الجميع مسكون بالخوف من تَرْبِيّتْ دارْ المخزن التي تُربّي العبيد ، دون ارسالهم الى السجن ، فالملك في غنى عن تلطيخ صورته امام العالم الذي يتغير امامنا اليوم بفعل الوحش كورونا ، والتغيير وصل حصار الشعب الأمريكي الأبي ، ولأول مرة في التاريخ الامريكي ، البيت الأبيض .. وكْر كل الجرائم ضد الإنسانية ، وضد الشعوب ، وضد الحقوق التي تَحَصّل عليها السود الامريكيون بالنضال ، وبالتضحيات الجبارة المتواصلة ، عبر كل تاريخ الولايات المتحدة الامريكية ... ومن اهم استثناءات محمد السادس التي اثارت الاعجاب ، والاهتمام الكبيرين ، انه اوّل ملك منذ أن جاء الى العرش العلوي ، وفي تاريخ الدولة العلوية ، لا يتردد في مناسبات متعددة ، من القاء خطابات ، تمتح من لغة اليسار في ستينات وسبعينات القرن الماضي ، ولا تمتح من لغة يسار اليوم الذي اصبح يمثله الملك فعليا ، كأنك تتخيل نفسك عند الانتهاء من سماع خطابه الثوري ، انك امام المهدي بن بركة ، او الفقيه محمد البصري ، او حتى لينين ، و ابراهام السرفاتي ، وعبدالله إبراهيم ...لخ يرحم الله الجميع .... أليس الملك محمد السادس ، هو اول ملك امتلك الجرأة والشجاعة التي يفتقدها كل رؤساء وملوك العالم ، حين اعترف في احد خطاباته الثورية ، وهي بحق نقد ذاتي تقدمي ثوري ، بفشل نموذجه التنموي ، والتنمية كما تشمل الجانب الاجتماعي والاقتصادي ، فهي تشمل كذلك الجانب السياسي ، فيكون معها الملك قد اعترف بفشله في الحكم ، والطّرافة انه لم يطرح بديلاً لهذا الفشل ، ما دام انّ كل شيء يدخل في الاستثناء الذي ينفرد به الملك ونظامه .. اليس الملك محمد السادس ، هو اول حاكم في العالم يستفسر استفساره الثوري ، الذي لن يقدر حاكم استفساره ، ولم يسبق لحاكم انْ إستفسره ، وهو السؤال الناذر الذي ابهر كبار السياسيين في العالم ، لانّ لا احد يستطيع طرحه ، وهو السؤال الناذر " اين الثروة " ؟ ومنذ ها والى الآن ، لم يجد جوابا مقنعا يحيل الى مكان الثروة ، واين توجد الثروة ، وأين تختفي الثروة ، في حين انها ظهرت وبدون استئذان بالقرب منه ، وبالقرب من أصدقاءه ، وبالقرب من صديقه المفضل ومستشاره ، وبالقرب من كاتب كتابته الخاصة ، وبالقرب من أخنّوشَه ، وبالقرب من مولاهم حفيظ العلمي .... وبالقرب مِنْ مَنْ طفى على السطح صدفة ، بدون استئذان ، منذ عشرين سنة مضت والى الآن ، وبما فيهم لحيا الشياطين ، والذئاب الغدّارة ... في احد خطاباته الثورية التي القاها في 30 يوليوز 2015 ، بمناسبة مرور ستة عشر سنة على جلوسه على العرش ، اعترف الملك الثوري ، والاعتراف كان اكثر من ثوريّ ، ما دام لا احد يستطيع اجباره على الاعتراف ، لأنه سيد مزرعته ، وملك مغربه ، حين قال " ... ما دامت هناك فئة تعاني من ظروف الحياة القاسية ، وتشعر بانها مهمشة ، رغم كل الجهود المبذولة ، ورغم انّ هذه الفئة في تناقص مستمر ، فإنني حريص على ان يستفيد جميع المواطنين من خيرات البلاد .... " . لكن وبعد مرور خمس سنوات على الخطاب ، سيأتي الوحش كورونا ليعري على الحقيقية التي اغفلها ، او تغافلها الملك ، او كذبوا عليه في وقت كان احوج الى الصراحة ، بغية تغطية فشلهم ، وتغطية نهبهم لثروات الشعب المُفقر ، وبغية استمرارهم الاستئثار بالسلطة والنفوذ ، لاستمرار ظلمهم ، وجرائمهم في حق الشعب ، وليس فقط في حق الناس ... حتى قفزت الى السطح الحقيقة الفاقعة للأعين ، وهي ان تسعين في المائة من الشعب ، تعيش تحت عتبة الفقر ، وليس فقط مجرد فئة منْ يعاني من الفقر المفروض بقوة الجبر والقهر ، وبقوة التخويف ... فحين يُذلُّ المغربي في قُعر مغربه ، ويتحول من شعب الجبّارين ، والمقاومين، والجهاديين ، ليصبح مجرد رقم من ارقام الرّعية ، التي تدحرجت الى جماعات من الدراويش والمتسولين ، تتقاتل على قفة لا يتعدى ثمنها 150 درهما ، لن تكفيه كمصروف لأسبوع واحد ، ومع العلم ان الأغلبية الساحقة ، لم تتوصل بقفة الذل والاهانة المقصودتين ، لقتل أي محاولة لانبعاث روح التحدي ، والانتفاضة ، والثورة في نفسية الرعية ، حتى تسترجع امجادها ، وتاريخها ، لتقطع مع عيش الظّنك ، والقهر ، والذل ، وغرس ثقافة التسول في نفسية الرعايا لقتلها ، والذي لا تعيش فيه غير الرعية المتعودة العيش بدون حقوق ... وحين تتقاتل الرعية ، وتبكي ، وتتشكى من عدم حصولها على 800 درهم في شهر ، ولمدة ثلاثة اشهر ، في حين يقوم النظام بتخصيص مكافئات خيالية لمجلس الصحافة حيث يصل راتب رئيسه الى راتب وزير .... وحين يكشف الوحش كورونا ، ويكذّب ما جاء في خطابات الملك الثورية ، في زمن اندثرت فيه الشعارات الثورية ، وأضْح تردديها نكتة ومَلهات للوقت ، على انّ الفئة التي تعيش الحياة القاسية ، تتزايد يوميا ، وبشكل مهول ، ولا تتناقص كما قال الملك ، وانّ من يستفيد من خيرات البلاد ليس الرعية الرقم ، وانما الاقلية القليلة .. فإننا نتساءل : هل خطابات الملك الثورية هي خطابات من وحيه ، ام من توجيهاته ، ام انها خطابات للمناسبة ، فلا احراج والملك يؤكد وبقوله " .. فاني حريص على ان يستفيد جميع المواطنين من خيرات البلاد .. " ، وهو الشيء الذي كذبه الوحش كورونا تكذيبا قاطعا .... لان الأغلبية الساحقة من الرعايا ، لا تستفيد من خيرات بلدها ، التي تستفيد منها فقط اقلية مرتبطة بالقصر بطريقة او اخرى .. كذلك سنجد في نفس الخطاب الثوري للملك ، وهو اول ملك ثوري ، أي حتى بعد ثورية الأمير نوروم سيهانوك الذي تعايش كأمير مع الحزب الشيوعي الكمبودجي في الحكم قوله " .. فكل ما تعيشونه يهمني . ما يصيبكم يمسني . وما يسركم يسعدني . وما يشغلكم اضعه دائما في مقدمة انشغالاتي ... " . فحين يقارن أي ملاحظ بين هذه المقولة الجميلة ، المقولة الثورية ، المقولة المؤثرة ، مع إعطاء الملك أوامره لوزيره في الداخلية ، بممارسة السلطوية على الرعايا المُدروشين ، والمساكين ، واغلبهم متسولين ، فيبدأ القايْدْ ، و القايْدة مع لمْخازنية ، ولمْقدْينْ ، وشْيوخْ في صفع ، وضرب الناس ، واهانتهم ، وإذلالهم ، ومصادرة وسائل عيشهم لتجويعهم ، ووصل طغيان الجهاز السلطوي L’appareil autoritaire قمة بطشه ، عندما تسببت قايْدة في قتل امرأة مسنة ، وحين يسرق قايْد الحامض لمواطن ، ويقوم قايْد آخر بقلْبْ ( كرّوسة ) عربة ليْمونٍ لمواطن مستعملا العنف ، ويقوم قايْدْ آخر بالدوْس بإقدامه النتنة الوسخة ، على سمك بائع متجول وتوجيه الصفع اليه ....لخ هنا يتساءل كل ملاحظ عن أوجه العلاقة ، بين ما ورد في الخطاب الثوري للملك " .. كل ما تعيشونه يهمني .. ما يصيبكم يمسني .. وما يسركم يسعدني .. وما يشغلكم اضعه دائما في مقدمة انشغالاتي .. " ، وبين اصدار الملك امره لوزير الداخلية ، وهو شخص غير طبيعي ، لا مزاجا ولا نفسيا ، ويستهويه الظهور بمظهر السلطوي المريض Autoritaire ، وليس بمظهر رجل السلطة L’agent d’autorité الذي ينضبط للقانون ، وأنا واحد من اعتداءاته الاجرامية اليومية .... ، بقمع الرعية بالضرب ، والصفع ، وامام مرأى مختلف وسائل الاعلام ، ودون ان تحرك تلك الاعتداءات الهمجية ذرة في الملك ، لمساءلة الوزير الغير العادي عن جرائمه ضد الرعايا ، وضد الشرفاء وضد الاحرار ؟ حقا ان ملك المغرب حالة استثنائية ، تجعله يختلف عن غيره من الملوك والرؤساء في العالم ، فحتى داخل المغرب تجد له صفات عديدة ، تجعله يتقمص اكثر من شخصية ، وكل شخصية تأخذ وصفا يختلف حسب المخاطب بخطاباته .. فهو الملك العصري ، الحقوقي ، والقانوني ، والثوري ... وهو أمير المؤمنين ذي المرجعية الاثوقراطية ، والثيوقراطية ، التي لا علاقة لها بالعصرنة ، ولا بالحقوق ، ولا بالقانون ، ولا بالثورة المرفوضة في دارْ " المخزن " المتعودة على " تْرابي المخزن " ، وتجعل منه الما/فوق كل المغرب ، وليس فقط الما/فوق النظام ... هكذا تجد لخطابات الملك ، شخصيات للملك ، تتبدل بتنوع المخاطبين بخطاباته : 1 ) يتقمص الملك شخصية الراعي الكبير الذي يرعى شؤون الرعية ، حين يخاطبها في مناسبات متعددة ، ومختلفة ، خاصة في الخطابات الوطنية التي لها علاقة بالتاريخ ، وبالدين ، و بتْرابي " دار المخزن " كما حصل في يناير 1984 . 2 ) يتقمص الملك شخصية الإمام حين يخاطب المأمومين الذين هم القضاة ، لان القضاء في المغرب هو من وظائف الإمامة التابع للإمام ، وليس بهيئة حتى لا نقول سلطة قضائية . 3 ) يتقمص الملك شخصية الأمير ، امير المؤمنين حين يخاطب الاعوان / الوزراء ، والبرلمانيين ، ويخاطب الأحزاب ، والنقابات . 4 ) لكنه حين يخاطب الولايات المتحدة الامريكية ، والاتحاد الأوربي ، وكل العالم الغربي ، فهو يخاطبهم كملك عصري ، ولا يخاطبهم لا كإمام ، ولا كأمير ، ولا كرجل دين ... وهكذا .. ان الملك حالة استثنائية ، ونظامه نظام استثنائي ، والمغرب هو بلد الاستثناءات ، ولوْ لمْ يكن الاستثناء هو العنوان العريض ، هل كان انْ يكون هناك نظام مخزني كنظام استثناءٍ وحيد في العالم ..
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
التغيير
-
التحضير لقرع طبول الحرب بين النظامين المغربي والجزائري
-
الجمهورية الموريتانية والجمهورية الصحراوية
-
رئيس موريتانية يجري مكالمتين منفصلتين مع نظيره الجزائري والت
...
-
نقل الحرب من التخوم الخارجية الى التخوم الداخلية / هل بدأ ال
...
-
بديل السيدة نبيلة منيب / الحزب الاشتراكي الموحد
-
تفجيرات 16 مايو بالدارالبيضاء ، و 11 مارس بمدريد
-
الحسن الثاني
-
حجج اطراف النزاع حول الصحراء الغربية
-
في ذكرى تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي ال
...
-
هل يصنع الجياع ثورة ؟
-
الجزائر
-
حين يكشف الرئيس الجزائري عن وجهه بدون خجل وبدون حياء
-
توتر العلاقات بين النظام المغربي ، وبين النظامين السعودي و ا
...
-
المثقف / الحزب / السلطة
-
اَلْمَغَرْبي دِيمَ فِينْ مَا مْشَ مَغْبُونْ وْ مَحْگورْ / مَ
...
-
حركة - صحراويون من اجل السلام -
-
الشيخ عبدالكريم مطيع اللاّجئ السياسي ببريطانيا العظمى
-
الديمقراطيات التحتية الشعْبوية خطرٌ على الانظمة الديمقراطية
...
-
مجلس الامن واجتماع الاحاطة حول نزاع الصحراء الغربية
المزيد.....
-
فوضى في كوريا الجنوبية بعد فرض الأحكام العرفية.. ومراسل CNN
...
-
فرض الأحكام العرفية في كوريا الجنوبية.. من هو يون سوك يول صا
...
-
لقطات مثيرة لاطلاق صاروخ -أونيكس- من ساحل البحر الأبيض المتو
...
-
المينا الهندي: الطائر الرومنسي الشرير، يهدد الجزائر ولبنان و
...
-
الشرطة تشتبك مع المحتجين عقب الإعلان عن فرض الأحكام العرفية
...
-
أمريكا تدعم بحثا يكشف عن ترحيل روسيا للأطفال الأوكرانيين قسر
...
-
-هي الدنيا سايبة-؟.. مسلسل تلفزيوني يتناول قصة نيرة أشرف الت
...
-
رئيس كوريا الجنوبية يفرض الأحكام العرفية: -سأقضي على القوى ا
...
-
يوتيوبر عربي ينهي حياته -شنقا- في الأردن
-
نائب أمين عام الجامعة العربية يلتقي بمسؤولين رفيعي المستوى ف
...
المزيد.....
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية
/ سعيد الوجاني
-
، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال
...
/ ياسر جابر الجمَّال
-
الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية
/ خالد فارس
-
دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني
/ فلاح أمين الرهيمي
المزيد.....
|