|
الماركسية كعتبة تمهيد للتحوليّه(2/2)
عبدالامير الركابي
الحوار المتمدن-العدد: 6573 - 2020 / 5 / 25 - 17:54
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
الماركسية كعتبة تمهيد للتحوليّة(2/2) عبدالاميرالركابي كان متوقعا للراسمالية حين وجدت ان يكون لها، ويواكب صعودها، منظورها عن نفسها، أي عن ظاهرتها، لابل وان يتحول "المنظور الراسمالي للراسمالية" الى منظور شامل للكرة الأرضية، وللمجتمعات والتاريخ ولالياته، وللحقائق المختلفة المتعلقة بالحياة والوجود، وكل ذلك كان له مايبرره، ويجعل العالم راضخا او متقبلا له، على اعتباره قفزة كبرى، وحالة انتقال نوعية اقرب للانفجار الانقلابي الشامل في مجرى التاريخ، لم يكن مستبعدا من البؤرة التي تحقق فيها، ان تميل استنادا اليه، الى تنصيب نفسها كنموذج ومصدر القوة المحركة للتاريخ البشري. في هذا السياق يلعب ماركس الدور الأخطر في مجال الالحاقية النمطية للعالم بالغرب الأوربي، وهو مع توليفه نظريته في الطبقات والتاريخ الطبقي المادي، وتعميمه لمقطعها المجتمعي على العالم، الغى اية احتمالية مجتمعيه غير تلك الاوربية، في حين عمم مااعتبره من قبيل القانون التصيري التاريخي، ليغدو العالم كله بناء عليه "اوربيا" طبقيا من حيث البنية والاليات، بغض النظر عن التخريجات الفرعية، ومحاولة المطابقات اللاحقة التي هي من نوع مواصلة عملية اكراه المجتمعات، على تباينات بناها، على الانضباط داخل الطابور الأوربي الغربي، وصولا حتى الى القول بالصراع الطبقي، وقيام محاولات تأسيس أحزاب شيوعية حتى في المملكة السعودية والكويت، حيث العمال في قطاع النفط ينتجون الريع النفطي، أداة إيقاف اية إمكانية للصراع الطبقي وللطبقات، لصالح نظام ريع قبلي تغلبي، مؤسس على بنية لاودلة أحادية منقلبه. وتكفي ظواهر اقرب للخرافة العقلية كهذه، لان توقفنا على حجم وضخامة وقع الظاهرة الراسمالية، لاماديا وحضورا مباشرا، لابل على الصعيد التصوري، ولناحية تكريس النموذج وهو مالم يسبق ان حدث في التاريخ البشري، فساد العالم اعتقاد في الباطن والظاهر، وكأن التاريخ والوجود كانت له غاية ومنتهى وحصيلة، هي الغرب الحديث، سواء بحضوره الراسمالي الاستعماري، او بمنظور الصراع الطبقي ومآلاته، مع مقدماته ومنتهياته المفترضة. والاهم في هذا ليس فقط شيوع وهيمنة هذا المنظور وتحوله الى معتقد عالمي، بل الأهم الأخطر كونه قد وجد ليتحول الى حالة أحادية، حين تخالف وتناقض اذا نوقضت،من قبل غيرها، فانطلاقا من موضوعاتها، وبناء لحقائقها، ومن باب الانتصار لنموذجها الليبرالي او الاشتراكي، وحسن تطبيقه. لماذا حدث المذكور أعلاه؟ السبب الأول والرئيسي عائد الى المعضلة الأساس العقلية المجتمعية، والى حالة التفارق التي تحكم علاقتهما ببعض، وهو ماكان مستمرا حتى حينه، مااتاح لسطوة النموذج الواحد ان تتوطد ابان منعطف وحالة انقلاب استثنائية، حين لم يكن ممكنا باية حال النظر الى الانقلاب الالي على اعتباره ضرورة ومن تدبيرات التفاعليه التصرية المجتمعية اللازمة لانتهاء سطوة الأحادية المجتمعية، ومنظورها الذي يظل غالبا مادام العقل في حالة غفلة وقصور عن اكتناه حقيقة وجوهر العملية المجتمعية، أي القول بان الالة هي أداة انهاء الأحادية المجتمعية باعلى اشكالها الصراعية الطبقية، وليس تكريس هذا الأخير، فمع الالة والثورة البرجوازية الراسمالية، يتوقف وينتفي الصراع بين الطبقات ومفعولة التقليدي، وتختل العملية الإنتاجية، بدخول عنصر الالة والتكنولوجيا التي تمنح الانسان والراسمال بالذات، القدرة على التدخل في اليات العملية الإنتاجية وتوجيهها، مع مايمكن ان تتوفر عليه بالاستناد للوسيلة الجديده من استقلالية عن المجتمع. والحدث المشار اليه والحالة هذه، هو حدث تحولي لاطبقي، او هو متضمن التاسيس لنفي مفعول الصراعية الطبقية، أي ان المجتمعية الأحادية تحتاج بالضرورة للالة كوسيلة تنتقل بموجبها، من الأحادية، الى اشتراطات التحول لمابعد مجتمعية، ان موضع التحولية الازدواجي الأساس والاصل، لم يكن له ان ينتج من داخله من قبل، او يفرز، الالة، بالاخص "المصنعية الصناعية"التي لايحتاجها، ولم يتقصدها بناء عليه موضوعيا، برغم طول تاريخه وصراعيته المجتمعية، وبلوغه ذرى عالية من الترقي، بالاخص ابان الطور الرافديني العباسي القرمطي الانتظاري، مع وقوفه كقمه على راس نظام ريع تجاري عالمي، افضى بحصيلته الى ماقد حفز الصعود البرجوازي التجاري، ومن ثم الصناعي على الطرف الاخر من المتوسط، كي يضطلع هذا الاخير بالمهمة الفاصلة، التي لايجوز ولاضرورة أصلا لتحققها في موضع التحولية والازدواج التاريخي الجاهز بنيويا للتحول، والمتناقض كينونة مع الالة وفعلها، مع انه متلائم عضويا مع ما ينتج عنها، وماتفرزه من أداة انتاج تكنولوجية، هي المطلوب واللازم المفتقد تاريخيا لاجل التحول لمرحلة الانتاجوية اللامجتمعية. تنتقل المجتمعية التحولية الازدواجية، مجتمعية (العيش على حافة الفتاء اللاارضوية) بنية وكينونه واليات، من الانتاجوية اليدوية، مباشرة الى التكنولوجية لتقدمها البنيوي التحولي، من دون المرور بالالة المصنعية، بينما تحتاج البنية الأحادية الطبقية الانشطار، والادنى بنية تحوليا، الى الالة كوسيلة حتمية تنقلها من احاديتها، الى مشارف التحول، حيث يصير قانون "العيش على حافة الفناء" عاما ارضويا، وتتهيأ اشتراطات التحول على مستوى المعمورة، بعد ان تكون وطاة القصور العقلي المجتمعي قد بدات بالزوال، وصار العقل اقرب الى اخذ مكانه التغييري كقوة مجتمعية تحولية، بحكم اماطته اللثام عن السر المودع في الظاهرة المجتمعية، مايؤدي الى ضبط إيقاع العملية التحولية رؤية وتصورا مفهوميا، كما بنيويا. ولا يقتصرمنظور الأحادية ابان زمنها الأخير الأوربي الانقلابي الالي، على مجرد التوقف دون ملاحظة واكتشاف المستجد الطاري على العملية الإنتاجية، وبالذات على الاليات الصراعية في المجتمع الانشطاري الطبقي، فاندفاعت التغلب التصوري الأحادي، تنفي كليا اية معطيات او ظواهر مستجده ذات دلالة، قد تكون حاسمه واساسية ضمن العملية التاريخية، فتضفي عليها من جهة نفس ميل طي الظواهر تحت طائلة ظاهرة الغرب الحديث، بحيث تلغيها، الامر االذي تتعرض له حالتان وظاهرتان لهما من الأهمية والدور مايساوي او يتفوق على الظاهرة الحداثية الغربية، كمثل اكتشاف القارة الامريكية وقيام المجتمعية والإمبراطورية المفقسه خارج رحم التاريخ، او بالمقابل وبالتزامن، عودة موقع التحولية الازدواجي التاريخي في مابين النهرين، للانبعاث في دورة ثالثة راهنة، بعد انقطاع تاريخي هو الثاني، ودلالات حدث من هذا القبيل. ويبقى المظهر او العنصر المكون الرابع، أي متبقيات الدورة الثانيه الشرقية كما كانت تمثله السلطنه العثمانية، وندحارها امام الظاهرة الغربية الحديثة، اقرب الظواهر لانتباه الغرب كحالة في طور الزوال، تعزز وجاهة صعود الغرب وغلبته على مستوى المعمورة. وهكذا يتجاوز الغرب على اهم مظهرين انقلابيين متعديين له ولظاهرته من بين عناصر "التفارقية الرباعية" التي هو احد مكوناتها المتقدمة والاستهلالية، المؤسسة والانتقالية بين لحظتين: أحادية ماقبل "تفارقية رباعية" وازدواجية، واحادية منتهية الصلاحية، تبدا أصلا مع الثورة البرجوازية الالية الاوربية، حيث يبدا زمن اختفاء الصراعية الطبقية، وياخذ قانون " العيش على حافة الفناء" مكانه شاملا المعمورة برمتها، ماينجم عنه انقلاب كلي وانتقال من المجتمعية الى اللامجتمعية وقوانيها، واشتراطاتها التي تصير خلال الطور الثاني من التفارقية الرباعية، مدعمة بحضور العقل مافوق المجتمعي، ووسيله الإنتاج التحولية التكنولوجية العليا، الامر الذي يصير من مسؤولية ومن مهمات ووظيفة المجتمعية المفقسة خارج رحم التاريخ/ الامريكية/، وقبلها وفي المقدمة تلك الازدواجية التحولية الرافدينيه الأصل. ان تاريخ المجتمعات البشرية هو تاريخ تحول، ومحطة أخيرة من محطات تصير العقل منذ انبثاقه في الجسد الحيواني، حيث تبدأ آنذاك ومن يومها مرحلة "الارتقاء العقلي" اللاحق على تاريخ الارتقاء بطوره الأول الحيواني الذي يصل غايته ويتحقق باعلى الاشكال المطلوبة، بظهور الكائن المنتصب، الذي يستعمل يديه، ليحل، ومع انبثاق العقل فيه، ومن يومها، زمن التحولية والارتقاء الطبيعي العقلي، ذهابا الى انفصال العقل وتحررة من الاطار، او الحامل الحيواني الجسدي، وهو ماتمثل المرحلة المجتمعية منها، الأعلى، والأخيرة، والختامية قبل التحول الى الزمن ماوراء المجتمعي، وماوراء هيمنة الجسد وحضوره المادي. ليست الحياة والكائن الحي حين وجد على الكوكب الأرضي، محكوم لغرض ارضوي، ومايظل الكائن البشري يعتقده حول نفسه والعالم خلال زمن التفارقية العقلية المجتمعية، هو من دون شك فعالية العقل ماقبل التصير النهائي التحولي، الأقرب الى الحيوانية العالقة به، والباقية مسيطرة تذكره بزمن النشوئية الحيوانية ماقبل العقلية، ومنها رؤى ماركس عن المجتمعية التي هي تاريخ صراعية طبقية، من دون نكران كون ماقد جاء به يصل حد العبقرية ضمن ذاتيته المجتمعية، ومامتاح له بنيويا وعلى مستوى الممكنات التصيرية العقلية في حينه، وهو ولا شك، ارقى القمم على صعيد الرؤية المجتمعية السابقة على انبثاق الوعي الإنساني التحولي، واقربها اليه، ان لم يكن من الممهدات الأساسية الموحية المفضيه لعالمه، بالاخص حين ناخذ باعتبارنا انتباهته الرائعة الى خضوع المجتمعات ل"قانون" يعين حركتها، ووجهة سيرها، بغض النظر عمايراه هو وحسب ظروفه ومامتاح له عقليا، من أدوات هذا المسار ومآلاته .
#عبدالامير_الركابي (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الماركسية كعتبة تمهيد للتحوليّة
-
الراسمالية الماحقة تنتصر على ماركس
-
نظرية الثورة لينينيا وتحوليا عراقيا؟
-
- قرآن العراق- شرط اللاثورة التشرينيه
-
1/تشرين: بوابة اللادولة، اللاثورة؟
-
اللاصعودية وانهيار الدولة المتقابل
-
اللاصعودية:شروط الفبركة وعراق التشكل
-
الماركسية: نهاية الثورة الاحادية الاعلى*
-
اللادولة واللاثوره؟
-
الانهيارالأمريكي الإيراني واللاصعود العراقي/3ج
-
الانهيارالأمريكي الإيراني واللاصعود العراقي/3ب
-
الانهيارالأمريكي الإيراني واللاصعود العراقي/3أ
-
الانهيارالأمريكي واللاصعود العراقي؟/2
-
الانهيار الامبراطوري الأمريكي واللاصعود العراقي؟/1
-
انتفاضة عراق ممنوع من الوجود/6 ب
-
فبركات وطنية وقومية اقرب للخيانه؟/6أ
-
الفبركة وما ينقص الثورة الكونية الأعظم؟/5
-
هل يُعدم العراق بفبركتهِ اُحادِياً؟/4
-
فبركة عراق ومتبقيات ايديلوجية متهافته/3
-
فبركة عراق ومتبقيات ايديلوجية متهافته/2
المزيد.....
-
تحذير أمريكي للصين بعد مناورات عسكرية حول تايوان
-
مرشح ترامب لرئاسة أركان الجيش الأمريكي: على واشنطن الاستمرار
...
-
مقتل بلوغر عراقية شهيرة في العاصمة بغداد
-
ترامب يزور السعودية في مايو المقبل
-
مصر: السيسي بحث مع ترامب استعادة الهدوء في الشرق الأوسط
-
الداخلية الكويتية تكشف ملابسات جريمة بشعة وقعت صباح يوم العي
...
-
البيت الأبيض: نفذنا حتى الآن أكثر من 200 ضربة ناجحة على أهدا
...
-
-حزب الله- ينعى القيادي في صفوفه حسن بدير ويدعو جمهوره لتشيي
...
-
نصائح حول كيفية استعادة الدافع
-
العلماء الروس يرصدون توهجات قوية على الشمس
المزيد.....
-
أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا
...
/ جيلاني الهمامي
-
قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام
/ شريف عبد الرزاق
-
الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف
/ هاشم نعمة
-
كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟
/ محمد علي مقلد
-
أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية
/ محمد علي مقلد
-
النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان
/ زياد الزبيدي
-
العولمة المتوحشة
/ فلاح أمين الرهيمي
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
المزيد.....
|