دلور ميقري
الحوار المتمدن-العدد: 6571 - 2020 / 5 / 23 - 21:30
المحور:
الادب والفن
تجولت الأميرة الصغيرة في السوق، وكانت تضع نقاباً شفافاً على وجهها. إنها معتادة على التنكر بهيئة جارية عادية، فيما جاريتها المخلصة تظهر كسيّدة عليها خمار خفيف. شعرت بالجوع، فشاءت تناول الغداء عند بائع يبسط أنواعاً من الطعام الجاهز. لما ناولها الوجبة في صحن بسيط، بقيت يداهما معلّقة بالهواء: إنها لم ترَ أبداً شاباً يماثله وسامة؛ ولا هو رأى فتاة بهذا الجمال مثلما شفّ عنه وجهها تحت النقاب.
في اليوم التالي، أرسلت جاريتها مع رسالة تطلب حضور الشاب سراً إلى حديقة القصر. لكن الجارية لم تجد بسطة البائع، ولما سألت جيرانه فإنهم أخبروها أنه غائب بسبب لا يعرفونه. في الأيام التالية، تكرر غياب البائع الشاب. دب اليأس في قلب الأميرة الصغيرة، وما لبثت أن سقطت طريحة الفراش وقد أضناها الوجد. كرت الأيام، والمريضة يزداد سقمها كونها رفضت تناول الطعام. لما يئس الملك من طبيبه، أمر بإحضار العرّافة.
قالت العرّافة: " شخص واحد باستطاعته فتح شهية أميرتنا، بطبق طعام من تحضيره ".
قال الملك للوزير: " إذاً أعطِ أمراً للمنادي كي يعلن في المدينة عن جائزة كبيرة لأي شخص يعيد الشهية لابنتي ".
وهكذا كان، لكن الأيام مضت ولم يستطع أحد ذلك. فما أن ترى الأميرة الملولة وجه الطباخ، إلا وتسقط رأسها ثانية على الفراش رافضة الطعام. عند ذلك، رفع الملك قيمة الجائزة: " من يشفي الأميرة، سيتحقق له كل ما يطلبه ".
ذات يوم، قال حبيب الأميرة لوالدته وكانت بدَورها طريحة فراش المرض: " حانَ وقت نزولي إلى السوق كي أرى رزقي ". فلما عاد إلى عمله وسمع بأمر العرض الملكيّ وكيفَ فشل زملاؤه بتحضير الطبق المطلوب، قال في نفسه: " لِمَ لا أجرب حظي أيضاً ".
قدم الشاب إلى القصر، وأبلغهم هناك أنه طباخ في السوق. قاده الحراس ببرود إلى المطبخ ثم أعلموا مولاهم بأمره. على وقت الغداء، دخل الشاب وهوَ يحمل بين يديه طبقَ الطعام. لما لمحته الأميرة وعرفته، هبت من رقادها وعلى ملامحها البشر والبهجة.
قال الملك لوزيره: " أظنه الطبق الجالب شفاء ابنتي، بحيث أن رائحته جعلتها تقفز من الفراش! ". بعد قليل، كانت الأميرة قد استعادت قواها بعدما التهمت كل الطعام.
تنحنح الملك ثم سأل الطباخ الشاب: " تمنَّ عليّ ما تريد؟ ".
قال الشاب محرجاً: " فلتعين الأميرة مكافأتي وإنني راضٍ بها ".
قالت الأميرة لأبيها: " لقد وهبني الحياة مرة أخرى، وأنا أهبه نفسي ".
لما رأى التصميم في نبرة ابنته، التفت الملك إلى وزيره قائلاً: " ليعيَّنَ صهري مستشاراً في القصر ومسئولاً عن حمل خاتمي ".
#دلور_ميقري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟