أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مؤيد جبار رسن - اليهودية والموت














المزيد.....


اليهودية والموت


مؤيد جبار رسن
باحث


الحوار المتمدن-العدد: 6565 - 2020 / 5 / 16 - 22:55
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


اليهودية_والموت
إن الديانة اليهودية كنموذج أول ، تُعتبر من أعمق واقدم الديانات الإبراهيمية والإنسانية التي كان ولا يزال لها تأثير كبير ، نظراً لما تحتويه هذه الديانة من خصوصية افكار ووحي إلهي وتناقضات في بعض الاحيان ، نتيجة عملية التحريف التي تعرضت لها.
وفي ما يخص حضور فكرة الموت والعالم الآخر فكان لدى اليهودية بعض الشذرات والمتفرقات والتي لا يمكن الحكم من خلالها على ان اليهودية قدمت لنا مفهوماً متكاملاً عن الموت والعالم الآخر أو حتى تصوراً لمصير الإنسان بعد الموت ، مثل ما نجده مصوراً في الديانة الاسلامية بصورة واضحة , كما هناك بعض ما يمكن إدراجه في هذا المجال وهو أن الموت ارتبط بالخطيئة كما عند المسيحية ، ولكن هذا لا يمكن فهمه بأنه تعبيراً عن العقاب وحده وإنما هو تميز ماهو إلهي عن ماهو إنساني ومعرفة للخير والشر ، وتجسيد ذلك من خلال الرؤية اليهودية لقصة الخلق وتفسيرها ، فالخطيئة قد ارتكبها الإنسان الاول ولم يحصل من خلالها على الخلود وحكم عليه بالفناء ولكنه بعد ذلك حصل على المعرفة بأن الله نفذ وعده اتجاههما من خلال الحكم عليهما بالموت , ومن الواضح أن الربط لم يقم بأي إجراء واضح لمحو هذه المعرفة فيسمح لهما أن يعيشا إلى الأبد بلا وعي في ظلام الجهالة ... وكان لقرار الربط هذا نتيجتان خطيرتان : أولهما أن الفناء او الموت وإن كان عقاب ، إلا أن الأهم أنه يجب أن يفهم على أنه الحقيقة التي لا تنحل ولا ترفع من الوجود الإنساني ...أما الثانية فهي أننا ما زلنا نمتلك معرفة الخير والشر , لذلك تؤكد اليهودية على أن الموت ليس عقابا عندما يكون الإنسان كذات عادية ، لكنه إذا تجاوز هذه الإنسانية إلى الحدود الإلهية فإنه يتحول إلى عقاب ، فالموت ليس مأساة إنسانية أو ليس عقابا فرضته أهواء إلهية منتقمة أو شريرة على الجنس البشري بأكمله ولكنه واحد من الخصائص الجوهرية للإنسانية , إذ إن فكرة الموت عند اليهود ارتبطت بالشعور بالرب وبمرکزیته , وذلك سعيا للاتصال به، ومعرفة قيمته في الحياة ولا حاجة لهم بالحياة الأخرى أو بالجنة , فعندما ينظر اليهود إلى الموت فإنهم يرون الحياة وعندما ينظرون إلى الحياة فإنهم يرون الرب ، والرب الذي يرونه هو المصدر المباشر لكل ما هم عليه ولكل ما يعملون.
في حين يعد البعث ويوم القيامة عنصراً اساسياً في الديانات ولا سيما اليهودية منها ، على الرغم من أختلاف علماء التلمود حول بعض المسائل مثل طبيعة الجنة والنار ، والبعث ، والآخرة . لكنهم يؤكدون على الانسان أن يكرس نفسه لتحسين هذا العالم وتحسين سلوكه فيه . ومع هذا فأن التلمود قد أعطى بعض العزاء في الفترة الانتقالية من هذه الحياة الى الحياة الاخرى . " أيها الرب السيد ، يا قوة خلاصي ، أنت وقيت رأسي في يوم القتال " . يعكس هذا النص النظرة اليهودية لمدار الحياة التي يبدأ فيها الانسان بالتخلي عن الزعامة في الامور الدنيوية ، والبدء في حياة ما بعد الموت التي يكون فيها خالداً سواء في نعيم أم جحيم الحياة التي سوف يتخلى فيها الله عن الموت في يوم من الايام " ويبيد الموت على الدوام ويمسح السيد الرب الدموع عن جميع الوجود على الرغم من أن هذه المفاهيم هي جزء كامل من التلمود . لكن لا تركز اليهودية على الجنة وجهنم وان وصف جهنم ليس مفصلاً في الديانة اليهودية لكنها تعد مكاناً بإمكان المرء ان يكفر فيه عن ذنوبه قال تعالى : " قالوا لن تمسنا النار الا أياماً معدودات " ( ال عمران 24) لذلك ذهب تقليد بعض اليهود ان الاشرار سيذهبون الى جهنم ويكفرون عن سيأتهم هناك وسيخرجون منها بعد برهة من العذاب .
وهذا أشد ما أقلق اليهود هو الحياة ما بعد الموت ، مما دعاهم الى المواظبة على التردد للدير وان يكون توجههم روحياً أكثر من توجههم دنيوياً ، يقول دانيال " أذا آمن الانسان بحياة بعد الممات ، ترفع فيها كل المظالم ، وتصحح كل الاخطاء ، يعاقب فيها المسيء ، ويثاب المحسن أجزل الثواب " لذلك على الانسان ان يبتعد عن المعاصي وتجاهل وصايا الرب لينعم بالخلود في حياة ما بعد الموت ، " ان الرجل العادل يستطيع ان يتطلع الى شيء من السعادة بعد الموت لكن في مقدوره ان يتحمل مهام مصائب الدهر وقلبه عامر بالأمل والشجاعة ولكن كاتب سفر الجامعة ( يحس ) بأن هذا أيضاً وهم باطل ، فالإنسان حيوان يموت كما يموت غيره من الحيوانات " الرب منح الانسان شرارة الحياة بل أنه حذره من تبعات الحياة كي لايسقط ضحية الموت ، وما ان ظهر الموت حتى غدا الشيء الوحيد الذي يمكن للرب مكافأته على طاعة شريعته .
والموت يرتبط بمبدأ الحرية معتمداً على التفسيرات الدينية ، لكن هذا المفهوم موجه الى حرية غير مدركة : فمن أين جاء هذا الارتباط بين مفهوم الموت والحرية ؟ يقال ان الموت دخل العالم بسبب خطيئة آدم كما اسلفنا التي أدت الى طرده من الحياة الخالدة وأصبح بعدها قابلاً للفناء والموت فهذه الممارسة تعبيراً عن ممارسة الانسان لأول مرة حريته ، فقد كان هناك ارتباط وثيق بين الموت والحرية عن طريق هذا الارتباط بين الحرية والموت وبين الحرية والخطيئة من جهة أخرى ، فكان لابد من ارتباط بين الموت والخطيئة ، لذلك يرى اليهود ان الموت أساس وحدة الخطيئة .
----
للمزيد بخصوص هذا ينظر
1: ابن عيسى خيرة : الموت بين الفلسفة والتصوف , ص 24_26
2: مجدي محمد ابراهيم : مشكلة الموت عند صوفية الإسلام ، ص 145 وما بعدها
3:جمس كارس : الموت والوجود ، ص 223_ 235
4: موريش : القاموس الموجز للكتاب المقدس ، ص 620 ، 621 وما بعدها
5: ينظر منير مزيد : تناصية الموت مع المعرفة والحياة ، مجلة الأقلام الثقافية ، 12-9-2007



#مؤيد_جبار_رسن (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)

الكاتب-ة لايسمح بالتعليق على هذا الموضوع


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- المدافن الجماعية في سوريا ودور -حفار القبور-.. آخر التطورات ...
- أكبر خطر يهدد سوريا بعد سقوط نظام الأسد ووصول الفصائل للحكم. ...
- كوريا الجنوبية.. الرئيس يون يرفض حضور التحقيق في قضية -الأحك ...
- الدفاع المدني بغزة: مقتل شخص وإصابة 5 بقصف إسرائيلي على منطق ...
- فلسطينيون يقاضون بلينكن والخارجية الأمريكية لدعمهم الجيش الإ ...
- نصائح طبية لعلاج فطريات الأظافر بطرق منزلية بسيطة
- عاش قبل عصر الديناصورات.. العثور على حفرية لأقدم كائن ثديي ع ...
- كيف تميز بين الأسباب المختلفة لالتهاب الحلق؟
- آبل تطور حواسب وهواتف قابلة للطي
- العلماء الروس يطورون نظاما لمراقبة النفايات الفضائية الدقيقة ...


المزيد.....

- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - مؤيد جبار رسن - اليهودية والموت