|
هانس جوناس Hans Jonas والبيوتكنولوجيا
محمد أحدو
الحوار المتمدن-العدد: 6565 - 2020 / 5 / 16 - 18:22
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هانس جوناس Hans Jonas والبيوتكنولوجيا
أحدو محمد كاتب من المغرب
ما الذي يدفع الفيلسوف الألماني هانس جوناس Hans Jonas بالاهتمام بالمسألة البيوتكنولوجية؟ ما الذي تعنيه لديه؟. من المؤكد أن جوناس لا يستعجل تقديم تعريف حرفي للتكنولوجيا الحيوية من خلال تحليله ، حيث يركز على إبراز الفرق بين التقنيات التقليدية ، والتقنيات الناشئة الجديدة التي تجعل من الإنسان الكائن المباشر. إن جوهر التكنولوجيا الحيوية لديه ، هو أولا وقبل كل شيء ، تعديل الهياكل المقدمة ، على عكس التكنولوجيات القديمة التي هي بمعناها المقبول: >، وعندما تكون التقنية بشكل عام ، على غرار التصنيع المشترك مدفوعة بمهمة نفعية ، بعبارة أخرى ، فإن بناء المواد المخصصة لخدمة البشر ، والتقنيات الحيوية على وجه الخصوص تقترح السعي نحو تعديل مسار ما هو موجود بالفعل لدى الإنسان من خصائص عضوية وإحيائية طبيعية ، وعادة ما تتميز > بعيدا عن إنتاج أو إختراع الجديد ، إن هذا هو أول جوهر أو سمة للتكنولوجيا الحيوية، حيث يشارك النظام البيولوجي إلى حد كبير في تحليل الحياة المرغوبة ، وعلاوة على ذلك ، في بعض الحالات البحثية التي يتم فيها طرح نموذج التجريب ، أي النموذج الذي بموجبه يقتنع العالم ويتعاون مع النظام الطبيعي ، حيث يمتلك هامشا من المناورة في الحدود التي عليه فيها الأخد بعين الاعتبار آليات التفاعل ، وخصوصية كل الجسم البيولوجي مع الخصائص الذاتية والوظيفية التي يمتلكها. إضافة إلى أن مشكلة قابلية التنبؤ للتكنولوجيا الحيوية تضل محدودة جدا ، حيث عدد ما هو مجهول مهم جدا، من هنا مكمن الخطورة لتجاربها ومشاريعها البحثية حول المجال الإحيائي البشري ، فإذا كانت التقنية التقليدية تتطلب القدرة على التنبؤ ، فإنها وفي المقابل تقارب الصفر في الأبحاث والتجارب البيوتكنولوجية . في الواقع إلى جانب افتراض الموضوعية ، يتم وضع العلم والتكنولوجيا الكلاسيكية على أساس التجريب ، هذه التجارب التي يمكن تعديلها ، مراجعتها وتصحيحها قبل الموافقة عليها أو دحضها كنماذج غير ملزمة. في المقابل يكاد يكون هذا الإجراء مستحيلا في التقنيات الحيوية الجديدة بشكل عام ، خاصة تلك المتعلقة بالبشر ، حيث يتم إجراء التجربة ، والاستنتاج ، و النمذجة على البشر، ففي هذه الحالة تعد<<التجربة هي الفعل الحقيقي ، والفعل الحقيقي هو التجربة.>> . فلا يمكن للتكنولوجيا الحيوية المطالبة بتصحيح أخطائها مثل التقنيات التقليدية ، التي بإمكانها تصحيح أخطائها بما يتجاوز التصميم إلى المنتجات النهائية ، بينما لا يمكن لعلوم الحياة أن تصلح الإنسان ، حيث يمكن للعلوم الميكانيكية أن تفعل ذلك بسهولة ، وذلك بأن تعمل على إعادة المركبة إلى المصنع لتصحيح الأخطاء والإعطاب بها . سمة أخرى أكد عليها هانس جوناس Hans Jonas مميزة لمنطق التكنولوجيا الحيوية التي يجب التأكيد عليها ، وتكمن في قوة الهيمنة وإعادة التوطين ، فيبدوا أنه على الرغم من الاختلافات التي لوحظت حتى ألآن بين التكنولوجيا الكلاسيكية ، والتقنيات الحيوية الجديدة المعنية. إلا أنها تستجيب هنا لنفس المعيار المتمثل في قدرتها على السيطرة وإعادة التأهيل. إن منطق التكنولوجية الحيوية قد تجاوز أساس التكنولوجيا الكلاسيكية التي أسست على العمليات الطبيعية للوصول إلى عتبة السيطرة على الطبيعة ، فما تقدمه الهندسة الوراثية أحدث تحولا كبيرا في الوجود الإنساني . إن هذا الانتصار – إن عد كذلك - والذي كان مفيدا في المقام الأول ، يتألف في الواقع من شكل جديد من الاغتراب ، واستعباد الإنسان الذي أصبح بلا حماية وتحت رحمة مخططي اليوم ، وهو الأمر الذي يدعونا لطرح مشكلة الهدف الذي يوجه منطق التكنولوجيا الحيوية. إن هته التكنولوجية حسب هانس جوناس ، أي التكنولوجيا الحيوية ، لا تتظاهر بخلق الإنسان ، لأنه موجود بالفعل ، لكنها تأمل في خلق إنسان أفضل وأكثر مثالية وجاذبية ، هذا الجوهر النهائي للتكنولوجية الحيوية يدعونا لطرح مشكلة صورة الإنسان ، وهذا هو بوجه عام الطريقة التي تميزها على التقنيات التقليدية. فطريقة عملها متاحة أو مستقبلية وفقا لنهايتها. من هنا فانطلاقا من هذه التوصيفات المختلفة ، يمكن القول مع جوناس ، فإن التكنولوجيا الحيوية هي من ثلاث أنواع فيما يتعلق بأهدافها النهائية: منها القائمة على الأوامر الوقائية protecteur. ومنها المؤسسة على العمليات التطويرية .amélioriste، ومنها المؤسسة على أهداف إبداعية creative، أو مستقبلية futuriste.
الهامش انظر Hans Jonas ‘’ Essais philosophiques , Du Credo ancien a l homme technologique``. Paris.Vrin.2013
#محمد_أحدو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
بشأن الإختزالية البيولوجية
-
صورة السياسة في ظل التقنيات المعاصرة
المزيد.....
-
-أرض العجائب الشتوية-.. قرية ساحرة مصنوعة من كعكة الزنجبيل س
...
-
فيديو يظهر ضباط شرطة يجثون فوق فتاة ويضربونها في الشارع بأمر
...
-
الخارجية اليمنية: نعتزم إعادة فتح سفارتنا في دمشق
-
تصفية سائق هارب اقتحم مركزا تجاريا في تكساس (فيديو)
-
مقتل 4 أشخاص بحادث تحطم مروحية تابعة لوزارة الصحة التركية جن
...
-
-فيلت أم زونتاغ-: الاتحاد الأوروبي يخطط لتبنّي حزمة العقوبات
...
-
مقتل عنصر أمن فلسطيني وإصابة اثنين آخرين بإطلاق للنار في جني
...
-
بعد وصفه ضرباتها بـ-الوحشية-... إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب
...
-
أكاديمي إسرائيلي: بلدنا متغطرس لا تضاهيه إلا أثينا القديمة
-
كيف احتمى نازحون بجبل مرة في دارفور؟
المزيد.....
-
تداولية المسؤولية الأخلاقية
/ زهير الخويلدي
-
كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج
/ زهير الخويلدي
-
معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية
/ زهير الخويلدي
-
الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا
...
/ قاسم المحبشي
-
الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا
...
/ غازي الصوراني
-
حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس
/ محمد الهلالي
-
حقوق الإنسان من منظور نقدي
/ محمد الهلالي وخديجة رياضي
-
فلسفات تسائل حياتنا
/ محمد الهلالي
-
المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر
/ ياسين الحاج صالح
-
الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع
/ كريمة سلام
المزيد.....
|