أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرزاق دحنون - أناديكم














المزيد.....

أناديكم


عبدالرزاق دحنون
كاتب وباحث سوري


الحوار المتمدن-العدد: 6564 - 2020 / 5 / 15 - 15:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


عندما بدأت أنامل الشيخ إمام تعزف مطلع لحن قصيدة "أناديكم" على أوتار العود ضجت صالة المسرح بالتصفيق. كان الشيخ إمام يجلس على كرسي من الخيزران متأبطاً عوده يخبط بقدمه الأرض خبطاً متواتراً، وعن يساره يجلس صديقه ورفيق دربه الفنان التشكيلي وضارب الايقاع محمد علي، وبين ركبتيه الطبلة المصرية الشهيرة يضبط ايقاع الغناء. أُخذتُ مما رأيتُ. كان الجمهور أسير المغني يصنع به ما يشاء، وكأن يعقوب بن اسحاق الكندي حلَّ في صورة هذا المغني الفقير الضرير.

الأغنية من كلمات الشاعر الفلسطيني توفيق زيّاد وكانت عنواناً لديوانه الأول "أشد على أيْديكم" الصادر عن مطبعة الاتحاد في حيفا عام 1966 وقد اجتمع الشاعر توفيق زيّاد والشيخ إمام في مدينة ليل الفرنسية عام 1984 حيث ألقى توفيق زيّاد قصيدة "أناديكم" على الجمهور ثمَّ غناها الشيخ إمام. ألحان الشيخ إمام عميقة في بساطتها، مذهلة في تأثيرها، تنسرب إلى النفس الإنسانية فتحيها، وإلى القلب فتوقده. يختار من الحياة تلك النغمات الباقيات عبر تاريخ طويل من كدح الإنسان وعذابه.

بعد سنوات أخذ الملحِّن والمغني اللبناني الثوري أحمد قعبور كلمات قصيدة أناديكم وصاغ لها لحناً جديداً، بل قل نشيداً صاخباً يهز الوجدان هزَّاً عنيفاً. تُحسّ أن أحمد قعبور في موسيقاه يصرخ في العمال والفلاحين على امتداد الكرة الأرضية، يناديهم ويشد على أياديهم. هي دعوة حيَّة للمقاومة الشعبية في وجه الظلم والاستبداد والاستعباد. نحن لم نهن في وطننا ولن نهون ما دامت عروقنا تنبض، سنحمل دمنا على أكفنا ونقتحم الشوارع والساحات في سبيل وطن حر وشعب سعيد.

ولد صاحب قصيدة أناديكم الشاعر الفلسطيني توفيق زيَّاد في مدينة الناصرة في الجليل الفلسطيني في السابع من أيار عام 1929 عانى شظف العيش ومرارة اليتم صغيراً، وتفتحت عيناه على أم كان يشم رائحة خبزها طازجاً، أمه التي عملت في الأرض لتساعد زوجها في مواجهة الفقر الذي يعيشونه، فكانت تخبز كل صباح لبيع الخبز، لذلك كان توفيق زيّاد مولعاً بأغنية سيد درويش “الحلوة دي قامت تعجن في الفجرية”. تعلم في المدرسة الثانوية البلدية في الناصرة، وهناك بدأت تتبلور شخصيته السياسية وبرزت لديه موهبة الشعر، فكانت أشعاره تشد أزر المقاومين الفلسطينيين في الأرض المحتلة وتبعث روح الأمل في نفوسهم:

هنا
على صدوركم، باقون كالجدار
نجوع
نعرى
نتحدى
ننشد الأشعار
ونملأ الشوارع الغضاب بالمظاهرات
ونملأ السجون كبرياء

ذهب توفيق زيّاد إلى موسكو ليدرس الأدب السوفييتي. ثمَّ عاد إلى مدينة الناصرة ليشارك طيلة السنوات التي عاشها في حياة الفلسطينيين السياسية، وناضل من أجل حقوق شعبه:

يا شعبي يا عود النَّد
يا أغلى من روحي عندي
إنّا باقون على العهد

شغل منصب رئيس بلدية الناصرة ثلاث فترات انتخابية (1975 - 1994)، وكان عضو كنيست في ست دورات عن الحزب الشيوعي الإسرائيلي ومن ثم عن القائمة الجديدة للحزب الشيوعي وفيما بعد عن الجبهة الديمقراطية للسلام والمساواة.

إنّا هنا على صدوركم
باقون كالجدار
فلتشربوا البحرا
نحرس ظل التين والزيتون
ونزرع الأفكار، كالخمير في العجين
برودة الجليد في أعصابنا
وفي قلوبنا جهنم حمرا
إذا عطشنا نعصر الصخرا
ونأكل التراب إن جعنا
ولا نرحل

تزوج من رفيقة دربه نائلة يوسف صباغ، وهي من عائلة شيوعية عريقة، كان زواجهما حدثاً صارخاً في حياة مدينة الناصرة، الزوجة من عائلة مسيحية، أما هو فمن عائلة مسلمة. رحل توفيق زيَّاد نتيجة حادث طرق مروع وقع في الخامس من تموز من عام 1994 وهو في طريق عودته من استقبال ياسر عرفات الذي عاد إلى أريحا بعد اتفاق أوسلو.

أناديكم
أشدُّ على أياديكم
أبوس الأرض تحت نعالكم
وأقول: أفديكم
وأهديكم ضيا عيني
ودفء القلب أعطيكم
فمأساتي التي أحيا
نصيبي من مآسيكم.
أناديكم
أشدُّ على أياديكم
أنا ما هنت في وطني ولا صغَّرت أكتافي
وقفت بوجه ظلامي
يتيماً، عارياً، حافي
حملت دمي على كفي
وما نكَّست أعلامي
وصنت العشب فوق قبور أسلافي
أناديكم
أشدُّ على أياديكم

الشيخ إمام مع توفيق زياد في مدينة ليل الفرنسية:
https://www.youtube.com/watch?v=sGs2WEOpSus

أحمد قعبور أناديكم:
https://www.youtube.com/watch?v=Q85P98YQ5JQ



#عبدالرزاق_دحنون (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- مع مصطفى أمين في سجنه
- المستطرف في أفكار علماء الفيزياء الفلكية
- يحرق حريشك
- النساء في حياة فرانز كافكا
- فنجان قهوة مع كارل ماركس
- في ذكرى ميلاد لينين
- لماذا يحكم الأوباش العالم يا أفلاطون؟
- الفيروسات
- جريدة الكلب
- هل أنت ممن يحبون قراءة الروايات؟
- الخشن اليد والناعم اليد
- الصورة والمرأة وشوارب ستالين
- المستطرف السياسي في كتاب الفلسطيني عارف حجاوي
- الكاتب لا يسمح بالتعليق على هذا الموضوع
- بقايا كلام على جسر سراقب
- أبي وعبد الله بن المقفع وفلسطين
- بقايا كلام على حائط أم جورج في إدلب
- قصيدة حب سومرية
- مصحف جدي
- حوار في موسكو


المزيد.....




- مصدر يُعلق لـCNN على تصريحات روبيو حول أوكرانيا: يُعبر عن -إ ...
- الاستخبارات الأمريكية تفرج أخيرا عن 10 آلاف صفحة حول قضية ا ...
- ذعر في جامعة فلوريدا بعد حادث إطلاق نار خلّف قتيليْن ومعلوما ...
- -هل يمكن أن يتعرض المواطن الأمريكي للترحيل تحت إدارة ترامب؟- ...
- تقلص مساحة قطاع غزة وازدياد الاستيطان في مراعي الضفة الغربية ...
- -بلومبرغ-: واشنطن تسعى إلى وقف كامل لإطلاق النار بأوكرانيا خ ...
- موسكو تستعد لموسم السياحة الجديد لعام 2025
- مصر.. الداخلية ترد على مزاعم الاعتداء على محتجين داخل السجون ...
- مصر.. هيئة سكة الحديد تكشف حقيقة اندلاع حريق في قطار روسي
- إعلام: ويتكوف عقد اجتماعا غير معلن مع رئيس الموساد بشأن إيرا ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - عبدالرزاق دحنون - أناديكم