|
يجب ان يتحول كل حي الى ساحة تحرير
نادية محمود
الحوار المتمدن-العدد: 6563 - 2020 / 5 / 13 - 19:40
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
لقد كانت الجماهير اساسا في قلب انتفاضة او ثورة، سمها كما شئت، حين اجتاحتها جائحة كورونا. كانت الجماهير منتفضة ضد الفقر والفساد، وطبقة لصوصية ناهبة لثروات البلد باسم المحاصصة. لم تكن الجماهير بحاجة الى اية ادلة او شواهد لتثبت ان هذه السلطة ليس لديها حلا على الاطلاق ولاي مطلب من مطالبهم. بل ما قامت به الحكومة من اجراءات وما لم تقم به من اجراءات اضافت وقودا جديدا لنار الانتفاضة. فتعامل خلية الازمة مع " ازمة" كورونا، لاصلة له غير باحكام قطع الطرق، ولم توفق فيه بالقدر الكافي. فقد ازدادت عداد البطالة، جرى التسريح من العمل لذوي العقود والاجور، وتسريح النساء قبل الرجال في تمييز جنسي واضح، اخراج عمال النفط والكهرباء من اماكن عملهم، تهديد الموظفين بتخفيض رواتبهم بحجة انخفاض اسعار النفط، ملاحقة الناشطين واعتقالهم وحتى قتلهم في التظاهرات كما جرى في الناصرية، احراق المزارع، احراق المصانع، اما المنحة المالية التي تحدد 80 سنتا لتغطية تكاليف شخص واحد في اليوم من طعام وسكن ودواء وملبس، اي انها اقل من خط الفقر الذي يعادل على الاقل من 1-2 دولار، وليس للناس المستحقين الدعم، بل لعينة فقط مسجلة لدى دائرة التشغيل، يوضح اي مصير اسود مقرر لهذه الملايين ان تعيشه تحت سلطة هذه الزمرة الحاكمة من الاحزاب؟
ولما نزل، لا زال القادم اسوأ، اذا كانت البطالة تهدد الملايين بل مليار وربع من البشر على سطح المعمورة، كم ستكون الحصة الاضافية للعراقيين من الارتفاع الجديد في نسب البطالة.؟ البطالة تعني الجوع والحرمان والتشرد والعنف وانتشار الجريمة. اليوم خرجت الجماهير، في العاشر من ايار، معلنة ومتوعدة منذ ايام ب" وعد ترجع الثورة". للجماهير كامل الحق في قولها. فالفقر ليس لم يحل، بل جائت كورونا لتكشف لنا ان سيستفحل، وان العنف يتصاعد ضد نصف المجتمع، وان الارهاب لازال مستمر وهو يصول ويجول، لم لا يأخذ له حصة اذن؟والحدود مفتوحة، والاصابات بكورونا ليست في تناقص بل ازدياد رغم ان معدلاتها في العالم هي في تراجع. ان ما يجري هو وصفة لامتداد الغضب والثورة. في انتفاضة كانت اساسا سابقة تاريخية من نوعها، لم يشهدها العراق منذ تأسيسه لحد الان، بجماهيريتها وعنفوانها، والتلاحم الاجتماعي الذي لا نظير له. انتفاضة اخرجت النساء اللواتي حكمن عليهن بالبقاء في البيوت الى الشوارع. لقد اظهرت بطولات الشباب والمراهقين، ان هنالك قضية، وان هذه القضية يراد لها حل. وان الحل ليس بايدي القوى التي خلقت المشكلة من الاساس. بل يجب ان يأتي الحل من مكان اخر تماما. الا ان الانتفاض والغضب وحده لا يكفي. يجب التنظيم وطرح بديل للمجتمع، حيث يجب في اخر المطاف، ان ننتقل بهذا النضال وهذا الصراع من مكان الى اخر. فماحدث في الستة اشهر الاخيرة لم يكن عبثا. ولا يجب ان يذهب هباء. هكذا نتعلم دروسا من تجاربنا. فالقوى السياسية المنهمكة في قلب الانتفاضة امامها ان تقدم بديلها السياسي، وان تقدم مشروعها السياسي وان تلف الجماهير حول هذا البرنامج. في خضم مواجهة كورونا طرحت العديد من النقابات العمالية ومنظمات الشباب والعاطلين والنساء " البرنامج الوطني لمواجهة كورونا". لم يكن البرنامج متعلق بكورونا لوحدها، بل طرحت جملة من المطالب اليومية التي رفعتها الجماهير ليس في الانتفاضة فحسب بل على امتداد السنين الاخيرة. هذا البرنامج يمكن ان يكون برنامجا سياسيا واقتصاديا واجتماعيا، خاصة وان اصحاب هذا المشروع من قلب الحركة العمالية والعاطلين والنساء. هذه الانتفاضة يجب ان تستند الى قوة جماهيرية منظّمة بامكانها ان تنقل وضع الجماهير من حال الى حال اخر، ان تفرض على الطبقة البرجوازية الحاكمة وان تنتزع منها تنازلات ومطالب. أن ألجماهير، وكما هو واضح، لازالت تعاني من ضعف تنظيمها. فاذا كانت السلطة تشعر بقوة الحركة العفوية في الساحات، وفي قطع الطرق، واليوم( الهجوم على جسر الجمهورية)، وقدمت صور عديدة من البطولة، الا ان تمثيلها وانتظامها في اطار سياسي منظم قادر على ان يطرح نفسه، للتكلم باسم الجماهير، امر غائب تماما اليوم. البطولة الحقيقية هي في القدرة على تنظيم نفسها بنفسها ولاجل نفسها وان لا تقتصر فقط على ساحة التحرير او ساحات التحرير. بل ان تحول كل حي ومدينة الى "ساحة تحرير" . بدأت تنظيمات للعاطلين عن العمل تتشكل، وتنظيمات عن الطلبة تتشكل، واخرى عن النساء ايضا، الا ان ما هو مطلوب ان تكون هنالك مرجعية سياسية واضحة لهذه الجماهير المطالبة بانهاء الفقر، وانهاء الفساد، واحترام حق التعبير السياسي. ان نموذج " قوى الحرية والتغيير في السودان" هو مثال على ذلك. الا ان قوى الحرية والتغيير بني على اساس وجود قوي مختلفة ومنها طتجمع المهنيين السودانيين"، والذي يمثل ممثلين من مهن مختلفة بما فيها الاتحادات العمالية. ويطرح اليوم " البرنامج الوطني" للالتفاف حوله. ان اللاتنظيم، هو الوصفة الاكيدة للفشل وعدم تحقيق ولو مطلب واحد. اذا تمكنت انتفاضة اكتوبر من تحقيق مطلب واحد، مثل مطلب" ضمان بطالة" لكل عاطل عن العمل، فانها تكون قد انجزت هدفا في غاية الاهمية في هذه المرحلة. ولكن لتحقيق هذا الهدف، الذي يراه للاسف، البعض، بانه هدفا بسيطا، تحتاج الجماهير المنكوبة بالفقر الى ان تنظم قوى جبارة وبنضال لا يعرف الملل، ولا يتقصر على التحرير او عبور الجسور، بل تحويل كل حي الى ساحة تحرير من اجل انتزاعه.
#نادية_محمود (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
كورونا ووجوب انهاء النظام الرأسمالي.
-
كورونا والعاطلين وبدل البطالة
-
نحن الذين نقرر اية حكومة نريد..
-
انسحاب التيار الصدري من الاعتصامات واحراق الخيم في ساحات الا
...
-
تاكتيك جديد لحرف الانتفاضة عن اهدافها- تظاهرات الصدر المليون
...
-
مقايضة الامان بالمال!
-
ألاحزاب الاسلامية اما قمع او افساد التظاهرات!
-
بيان صحفي : انعقاد الاجتماع الاول للجنة التاسيسية لمنظمة أما
...
-
العاطلون عن العمل في العراق والحاجة الى تنظيم موحد وشعار واح
...
-
حملة الشهادات العليا :اما التعيين او بدل بطالة!
-
هل النساء اقل عرضة للتحرش الجنسي من الرجال؟ رد على استطلاع ا
...
-
العنصرية ضد الطبقة العاملة في العراق.
-
كلمة حول شعار المؤتمر العاشر لرابطة المرأة العراقية.
-
الامن والاستقرار مقابل الخدمات وسبل العيش!
-
حول زّج رجال الدين في المحكمة الاتحادية العليا في العراق..
-
حكومة المعارضة ومعارضة الحكومة!
-
أحراق المزارع في العراق، مسؤولية من!
-
هي الكعكعة ذاتها والتقسيم ذاته والنهب ذاته: حول تعيين محافظ
...
-
-محاربة الفساد- ام تأديب الابناء العاقين- محاربة الفساد من و
...
-
من اجل تنظيم عمل باعة البسطيات ومسؤولية الدولة!
المزيد.....
-
الملكة رانيا تهنئ الأمير هاشم بعيد ميلاده العشرين
-
انتشال 30 جثة حتى الآن لضحايا كارثة مطار ريغان في واشنطن
-
الدفاع الروسية تعلن حصيلة جديدة لخسائر قوات كييف في كورسك
-
فوائد -مكملات الحمل- في تقليل مضاعفات الولادة
-
ماذا نعرف عن وحدة الظل في كتائب القسام المسؤولة عن تأمين الر
...
-
-مخاوف من سيطرة دينية على الحكم في سوريا- - جيروزاليم بوست
-
سانا: الرئيس أحمد الشرع سيلقي خطابا موجها للشعب السوري مساء
...
-
شاهد: فرحة أسرة الأسيرة أغام بيرغر بعد أن أفرجت عنها حماس
-
انهيار صخري في أعماق كاليفورنيا يكشف أسرار تكوّن القارات
-
سر -طبيب الموت- ولغز -عاصمة التوائم-!
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|