سلام المصطفى
الحوار المتمدن-العدد: 6563 - 2020 / 5 / 13 - 09:02
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
في كتابه العمدة "الكينونة و العدم" أو "الوجود و العدم" بحسب الترجمات , حاول سارتر أن يقوم بتحليلات فينومينولوجية حول اكتشاف و تعريف حقيقة العدم , و لقد طرح في القسم الأول من كتابه سالف الذكر مشكلة العدم أو بالأحرى أصل العدم و تجلياته في الوجود و كذلك ماهيته ، متبعا بذلك منهجه الفينومينولوجي المستمد من أستاذه الكبير الفيلسوف الألماني "ادموند هوسرل" , و بذلك يطرح السؤال عند سارتر , هل العدم موجود ؟ و إذا كان موجودا في الوجود فما أصله الأنطولوجي ؟ و هل الوجود سابق على العدم ؟ و ما العلاقة الموجودة بين العدم و الكينونة ، و بين العدم و الوجود ؟ .
بعد مجموعة من التحليلات الفينومينولوجية المستفيضة الذي قام بها سارتر في دراسته لمشكلة العدم , يصل إلى نتيجة مبهرة مفادها أن "العدم ليس موجودا في الوجود في ذاته بل موجودا في الوجود لذاته" , و قبل أن نشرع في شرح هذه النتيجة وجب الإشارة إلى تقسيم سارتر للوجود في قسمين , الأول يسمى الوجود في ذاته وهو الوجود المحاط بالوجود الإنساني , أما الثاني فيسمى الوجود لذاته و هو الوجود الإنساني أو الواقع الإنساني , أما بنسبة لما توصل له سارتر فإن العدم ليس موجود ككائن في ذاته , و ليس مرتبط بالأشياء الموجودة في ذاتها , بل مرتبط بالوجود لذاته أي بالواقع الإنساني , فلا وجود للعدم ككائن مطلق الوجود أي من حيث أنه جوهر قائم بذاته , بل هناك "التعديم" ، فالتعديم هو خاصية أنطولوجية للوعي و أسلوب وجوده من حيث إنه هو لذاته , و هذا التعديم يتم عن طريق انسلاخ الوعي عن ذاته بواسطة "السلب الداخلي" , لذلك يعلن سارتر أن السلبية هي أصل العدم .
وجودية سارتر جعلت من الإنسان الكائن الأعلى و الذي بواسطته يصبح للوجود معنى , و بالتالي فإن الإنسان هو الكائن الذي يأتي بواسطته العدم إلى الوجود , و ينبغي أن يكون الإنسان في كينونته كي يأتي العدم إلى الوجود , و بعبارة أخرى فإننا نتوصل إلى أن العدم عند سارتر هو اللاكينونة بحيث أن هذه الأخيرة تمثل الماهية الوجودية للعدم .
______________________
المراجع :
الوجود و العدم : جان بول سارتر , ترجمة عبد الرحمن بدوي .
#سلام_المصطفى (هاشتاغ)
الحوار المتمدن مشروع
تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم
العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم.
ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في
استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي،
انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة
في دعم هذا المشروع.
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟