أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير الأمير - صندوق ورنيش- ديوان الشاعر محمد عطو















المزيد.....

صندوق ورنيش- ديوان الشاعر محمد عطو


سمير الأمير

الحوار المتمدن-العدد: 6556 - 2020 / 5 / 6 - 20:18
المحور: الادب والفن
    


" صندوق ورنيش" ديوان الشاعر محمد عطوه

بين اكتمال المعنى والإفراط فى التعبير


يبدو عنوان ديوان محمد عطوة الصادر عن سلسلة كتاب الرواد دالا بشكل مباشر على كونه تفاعلا مع واقع البسطاء وانفعالا به ومساءلة لنمط الحياة فى مصر فى هذا الزمن تحديدا وإن أطلت بعض الإحالات التاريخية فى بعض القصائد ولكنها جاءت كمعمق أو كمكثف لرؤية الشاعر لواقعه أو للواقع كما يشتبك معه،
فى القصيدة التى يعنونها الشاعر ب " مفتتح" يقول محمد عطوه ( مسجون كلامى خلف قضبان التردد من زمن/ نفس الحروف المستكينة لكل تشكيلة سكون/ ماعرفش ليه عقلى انتبه / فبقيت ممل ومرتهن/ رفضت ذاتى ونمت ليلي مرتجف حد الجنون) وأعترف أننى فى قراءتى الأولى لهذا المفتتح كنت عجولا فى الحكم عليه ظنا منى بأن مفردة الجنون استخدمت بمعناها السلبى ولكن المتأمل فى المفتتح يرى أنه يشكل عتبة وعى منذ السطر الأول إذ يدرك الشاعر أن التردد هو الذى سجن الكلام وربما سجن الفعل أيضا وظنى أنه هنا يحيلنا على هاملت وتردده الذى كان سببا لعجزه وهو أمر طبيعى إذ يتوافر "محمد عطوه" على إطلاع واسع فى الأدب يجعل حروفه البسيطة حاملة لإشارات بالغة الأهمية، ويصاحب يقظة العقل الإحساس بالملل الناجم عن رفض هذا السياق الموحى بالعجز فيرفض الشاعر ذاته الخانعة ويدخل فى رعشة تصل إلى " الجنون" والمعنى هنا إيجابى تماما بعكس ما ذهبت إليه أنا فى إحدى الندوات والمفتتح برمته يشير إلى قدرة العامية على تجاوز المضامين الشعبية الى قضايا الفلسفة والموقف من الذات والعالم برمته، ومن المدهش أيضا قدرة الشاعر على تناول القهر الطبقى والإحساس بالغبن تجاه تمييز معاملة الأجنبى ففى مربع يبدو بسيطا وطفوليا ولكنه يكتنز دلالات متعددة ومهمة يقول "محمد عطوه" ( يا مشيلانى كل أوزار الكبار/ ومحددانى تعويذة ودع/ النسكافيه فى المج للزوار وأنا طعم شايك لسه فى حلقى وجع) وليس مهما أن يكون هؤلاء غرباء طبقيين باعتبارهم من " الكبار" أو يكونوا أجانب وهو ما يميز المربع بتعدد الدلالات وفتح أفق للقارىء ليرى ما يرى.

إن "محمد عطوه" -وهو يشكل تلك الرؤية فى ظل رؤيته للحياة وخبرته وإحساسه وليس فى ظل الجدل الذى قد يقيمه( كُّتاب الشعر ) مع نصوص أغلبها لمجايليهم، "-محمد عطوه" يطالبنا بعدم الاكتفاء بظاهر الأشياء وبالتعمق فى الرؤية وفى تفسير المجريات فيقول فى قصيدة " سيرك"( فى اللوحة الوجه بيضحك جدا بس مداه فى الرؤية حزين/ طفلين على كتف الأم بيبكوا ما تعرف ليه/ يمكن ما ناموش من بعد ما عرفوا بمحض الصدفة أبوهم مات)
من الواضح إذن أن تأمل الحياة يشيع قدرا من السماحة فيشركك الشاعر فى هذا التأمل أو يدعوك إليه و ينأى بنفسه عن أن يفرض عليك هو تفسيره لما يشاهده ولا سيما حين يستخدم مفردة ( يمكن)، وبالرغم من شيوع ما يدل على العجز وقلة الحيلة فى مجمل الديوان إلا أن العين لا تخطيء بعض الإشارات الدالة على الأمل و مقاومة العجز، يقول الشاعر فى قصيدة صغيرة بعنوان " إصرار" ( مسنود على كتافك مهما الحمول تتقل/احلف برب الكون لا يموتو خوانك/ الضربة دى ف الجون والجاية ف المقتل) ويقول فى قصيدة " نهار" ( الفجر طالل من عيون الشمس بيصبح/ يكنس رصيف الليل ويوزع ساعاته نهار/ ويولف حدود القدرة على الأدوار) وهى قصيدة على بساطة لغتها تحتوى على وعى بأهمية معرفة الإمكانيات الواقعية لمجابهة الظلم والقبح ثم توزيع الأدوار على المقاومين بحسب قدراتهم وإمكانياتهم وهو الأمر الذى شكل عدم إدراكه خيبة الانتفاضات الجماهيرية التى بدأت بطاقة العفوية ودمدمت فى الخلاء و انتهت إلى عودة كل المشاهد التى سببت رفضنا و ثورتنا، ولعل قصيدة " شنط الهموم" فى هذا السياق المقاوم شاهدة على الوعى الذى يريد أن ينقله الشاعر لقارئه إذ تبدأ بتحديد الأزمة ( القطر وقف ف المحطة بدون سبب/ السكة تاهت بين غروب الفكر وشروق الدفا) ثم تصل فى منتصفها تقريبا لقول الشاعر ( الحلم دبلان ع الوشوش/ ما تصبروش بالنجمة والوعد الغبى) مرورا بتفاصيل ومفردات تصنع موقفا جديدا وقادرا على تحريك قطار الحلم فى اتجاه التحقق ليختتم الشاعر قصيدته بقوله( يام العواجز لملمى / حلمى النبيل من ع القهاوى وطبطبى/ يمكن يموت وشم السكوت على سكتى)، وفى قصيدة " صندوق ورنيش" التى حمل الديوان عنوانها يستخدم الشاعر غنوة الأطفال الشعبية " يابو الريش ان شالله تعيش " ويحملها بعدا طبقيا إذ يصبح " ابو الريش" هذا الغنى المستغل " المتريش" بالتعبير الشعبى،
ويعدد الشاعر مفردات الاستغلال والقهر ليصرخ " يابو الريش ان شالله ما عشت" إذ يرى أن عيشته تعنى استمرار الفقر والقهر وبهتان كل الصور إلا هذا " الأبو الريش"، غير أن قدرا من السماحة يخفف من ثورية الشاعر ويدفع بالنهاية إلى التعبير عن منهجه " الإصلاحى" الذى يتبناه إيثارا لتقليل خسائر الصدام فينهى قصيدته قائلا ( يابو الريش ان شا الله تحس وتعرينا من الأحزان)، وهى سماحة لا يستحقها " ابو الريش" فى واقع الأمر.
إن ديوان " صندوق ورنيش" هو إضافة لشعر العامية المصرية فى مجمله, وإن اعترته بعض مظاهر الإفراط فى التعبير بعد وضوح واكتمال المعنى كما فى المقطع الأخير من قصيدة " الزير شراقى" التى اكتمل معناها عند ( لسه ف إيديك احتمال/ شدنى لحدود مهارتك/ ننحت الصبح المحال)، أو تعقد بعض الصور وصعوبة إعادة إنتاجها فى مخيلة القارىء ومثال على ذلك قصيدة " علاقة عشق" إذ يصعب تصور علاقة " التأويل" بورقة الطلاق أو وصف إذاعة خبر الطلاق بأنه " مش محكم التنزيل" وربما كانت الرغبة فى " التقفية " وراء ما ذهبت إليه حول صعوبة تخيل العلاقة، وكذا قصيدة " ضل" حين يقول ( وانت واقفه عنيكي سارحة جوه منى بلون عتابك)، وأيضا كان هناك ميل عام فى الديوان لاستخدام ألفاظ " متثاقفة" مثل " كائن عبقرى" فى قصيدة " عشم" أو " المقابر" فى قصيدة " سكاتك" أو ( نزلت فى شرع الأحبة من نبي لدرجة مراسل بامتياز)
بكل حال يأتى ديوان الشاعر محمد عطوه " صندوق ورنيش" دليلا على استمرار نهر العامية المصرية الهادر القادر على التفاعل مع واقع البسطاء وأحلامهم وعلى دعوة الناس كل الناس لاستكمال سعيهم ونضالهم من أجل إنقاذ إنسانيتهم من براثن الجوع والفقر والمرض والعجز والجهل والتردد.



#سمير_الأمير (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- ليست النائحة الثكلى كالمستأجرة-
- على عبد العزيز الشاعر التلقائى الجميل
- أكتب نيابة عنى
- هشام السلامونى - هل يموت الذى كان يحيا كأن الحياة أبد؟-
- عصافير هاربة من دق الصفيح الرواية داكنة والحياة متجددة وخضرا ...
- شىء من الأدب.. كثير من النقد
- ظاهرة التسول
- -يوم الثبات الانفعالى أم زمن التشيؤ و تبلد المشاعر- قراءة فى ...
- فصول من سيرة التراب والنمل- تلقائية السرد عند الروائى - حسين ...
- العامية المصرية بين الانفعال والافتعال قراءة فى أشعار محمد ع ...
- هشام السلامونى - جدل الفعل والانفعال-
- في مديح التفاهة
- تلقائية السرد عند الروائى حسين عبد العليم
- البخاري ومسلم و-مويان-
- كفاح المصريين كمتتالية روائية - حوار مع الروائى أحمد صبرى أب ...
- الشاعر حمدى عيد
- رحلة الفتى الدمياطى الذى جاوز الستين..
- ما الذى يجعل الماضى مستمرا
- لماذا تتعثر نهضتنا العربية الحديثة؟
- رواية-برسكال- رحلة المهمشين إلى متن الحياة فى القرية المصرية


المزيد.....




- وفاة الإعلامي السوري صبحي عطري
- عندما تتكلم الشخصية مع نفسها.. كيف تنقل السينما ما يدور بذهن ...
- الفكر والفلسفة في الصدارة.. معرض الكتاب بالرباط يواصل فعاليا ...
- أول تعليق لمحمد رمضان على ضجة -حمالة الصدر- في مهرجان كوتشيل ...
- أكاديمية السينما الأوراسية تطلق جائزة -الفراشة الماسية- بمشا ...
- آل الشيخ يقرر إشراك الفنان الراحل سليمان عيد في إحدى مسرحيات ...
- نظرة على فيلم Conclave الذي يسلط الضوء على عملية انتخاب بابا ...
- فنان روسي يكشف لـCNN لوحة ترامب الغامضة التي أهداها بوتين له ...
- بعد التشهير الكبير من منع الفيلم ونزولة من جديد .. أخر إيراد ...
- على هامش زيارة السلطان.. RT عربية و-روسيا سيفودنيا- توقعان ...


المزيد.....

- فرحات افتخار الدين: سياسة الجسد: الديناميكيات الأنثوية في مج ... / محمد نجيب السعد
- أوراق عائلة عراقية / عقيل الخضري
- إعدام عبد الله عاشور / عقيل الخضري
- عشاء حمص الأخير / د. خالد زغريت
- أحلام تانيا / ترجمة إحسان الملائكة
- تحت الركام / الشهبي أحمد
- رواية: -النباتية-. لهان كانغ - الفصل الأول - ت: من اليابانية ... / أكد الجبوري
- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - سمير الأمير - صندوق ورنيش- ديوان الشاعر محمد عطو