علي دريوسي
الحوار المتمدن-العدد: 6554 - 2020 / 5 / 4 - 23:38
المحور:
الادب والفن
هو أحمق، قصير القامة، أحدب البطن، أجرب، له فخذا فيل وذراعا غوريلا، أداة سلطة في العقد الخامس من العمر، يرتدي قميصاً طحيني اللون وبنطالاً قماشياً يتسع لخصيتيه الصغيرتين مع عناقيد الدوالي من حولهما كخصيتي قط مريض.
يداه سوداوان صغيرتان مكورتان بأصابع قصيرة وسمينة. هو كائن أصفر يتبرَّز من فمه، يتبَّول من أنفه، يأكل حتى من فتحة شرجه ويضاجع ذاته في مكتبه، ولكم أن تتصوَّروا كم قميئة هي رائحة فمه وجسده.
وأنت شاب في مقتبل العمر، طويل القامة، تقف أمامه بجسدك الرياضي ودون نظارتك الطبية، حافي القدمين، قوياً، شامخاً وساخراً، ترتدي قميصاً سماوياً وبنطال جينز كحلياً دون حزام، دون نقود ودون هوية، يداك القويتان مربوطتان خلف ظهرك، يحرسانهما كلبان مسعوران متأهبان للانقضاض في كل لحظة.
فمك ينزف حباً ودماً، عيناك مغلقتان بطماشات سوداء تحجب عنك الضوء الخافت ووجهه القبيح، لحسن الحظ أنك ترى من يقف أسفل قدميك وتشكر في سرك تلك الفتحة-الثغرة بين وجنتيك والطماشات.
ترى بطنه الكبيرة تهتز، تضحك، فتضحك يده المُشوَّهة، كلما صفعك بكف يده اليمنى يصفع وجهك الأيسر، يميل وجهك إلى اليمين فيعيده لك بصفعة من ظهر يده اليمنى، لعله يراك تبتسم من جديد، يحنق أكثر، يصرخ بوجهك: أتراني، أما زلت ترى بطني يا ابن الثورة؟ سأعلِّمك كيف تنظر وترى؟
يصفعك ويصفعك أكثر بكفه المفتوح المُقَعَّر وبظهر كفه المُحَدَّب، وأنت تضحك وتضحك، تنتفخ وجنتاك أكثر فأكثر، يغيب عن عينيك الضوء القادم من الثغرة، تحزن، تختفي ابتسامتك مع اختفاء كرشه المهتز، تُحلِّق في دوامات اللاوعي وما تزال واقفاً وأنت تترنم سراً: "فليحلموا طويلاً وليزرعوا في دربنا الأشواك ..."
يقهقه الجَلاَّد: ألم أقل لك سأخفي عنك حتى ضوء الشمس؟ ألم نقل لكم أنّ نشاط القطط الليلية لا يعجبنا!
**
مقتطف من قصة "نداء القطط الليلية" - كتاب "اعتقال الفصول الأربعة"
#علي_دريوسي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟