محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)
الحوار المتمدن-العدد: 6548 - 2020 / 4 / 27 - 00:30
المحور:
الادب والفن
اضن الله يعلم ...
اوقف سيارته السوداء الفارهة على ناصية الطريق اليمنى غير بعيد من حاويتي قمامة بلديتين ، أمام الصيدلية الليلية مع الساعة الخامسة مساءا تقريبا ثاني أيام رمضان ، القى نظرة يسارا فوجد صفّا طويلا خارجها ، تأفف ثم استغفر وسحب هاتفه ، إتصل بالصيدلاني :
- الو اهلا سي فلان ، رمضانك مبروك ، لابأس عليك ؟
- اهلا وسهلا سي فلتان والله الحمدولله نسألو على حوالك يا راجل ما شفناكش من اللي بدا الحجر .
- الله غالب يا خويا ، المهم هاني وقفت بحذاك باش ناخذ شوي جال معقّم وبعض الكريمات ومواد التنظيف للبشرة الحساسة وكان ثمة شوي كمامات ، نلقى صف طويل في الشارع و الناس مش محترمة برشة مسافة التباعد البره ، وبصراحة مزروب شوي .
- هضاكة اللي بيك سي فلان ! أيا دقيقتين ويكونو عندك هاني شفت الكرهبة
- السلام عليكم
- السلام عليكم
خمس دقائق تسلم كيس ما طلب ونقد الساعي بهم إليه ما يجب ، أدار محرّكَ السيارة ، أمسك سبحته بيمناه ، دفع مُعشِق التروس في وضعية السرعة واحد ، التفت يسرة فيمنة الى الامام ،ثم إنطلق لسانه جزعا " استغفر الله ، استغفر الله ، استغفر الله " ، نقرت سبابة يمناه بسرعة وغضب لوحا رقميا على تابلوه السيارة نزلت النافذة البلورية اليمنى للسيارة
- فصرخ قائلا " من كفركم والعياذ بالله تقطعت عليكم رحمة ربي ، ما يزيش مش ساترة روحك وزيد فاطرة رمضان جهار نهار ، اعوذ بالله ، الله يهلككم "
قبض سبحته ملئ يده وغادر غاضبا ، مُخلّفا وراءه سحابة غُبار ، و إمرأة يعلوها من شعر رأسها حتى أخمص قدميها غُبار الحياة ، ترتدي ثيابا مهترئة ، أو هي أسمال لا تكاد تُغَطّي جسدها النحيل وهي تلوك بعض ما جادت به حاوية القمامة وتحمل في يدها قطعة من خبز هي بقايا عشاء أحدهم ، رفعت عينين خاويتين ، حانقتين ادمعتهما سحابة الغبار و لمعان طلاء السيارة ، ثم طأطت من بؤسها كمدا وقالت في سرّها " أضن الله يعلم أنني لم اذق الزاد منذ يومين كاملين ، فالقمامة لم تكن عامرة مثل اليوم "
#محمد_نجيب_وهيبي (هاشتاغ)
Ouhibi_Med_Najib#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟