أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نجيب وهيبي - سكارى














المزيد.....


سكارى


محمد نجيب وهيبي
(Ouhibi Med Najib)


الحوار المتمدن-العدد: 6547 - 2020 / 4 / 26 - 11:37
المحور: الادب والفن
    


سكارى ...
جهّز عُدّته وما يلزم وتصدّر غرفة صالته ، أمامه الطاولة عامرة تُزِيُّنها زجاجة من الوسكي الفاخر المُعتّق التي يفوق ثمنها الألف دينار ، اهداهها اليوم أحد معارفه ، ملأ كأسه وتلذّذ بتذوق الجرعة الأولى ، اه كم هي رائعة ، ثم كأسا ثانية فثالثة ، التلفاز يعرض برنامجا اجتماعيا ، سحب جهاز هاتفه وولج الفايسبوك ، كتب تدوينة درامية حماسية عن الفقر والبؤس والجوع و انتشاره في المجتمع ولم ينسى تحميل الدولة مسؤوليتها عن ذلك ، فهو مُناصر مُتلفز لقضايا العمال والمهمشين .
رنّ جرس الباب مرّة ، حاول النهوض فترنّح ، يبدو أن الويسكي أثر فيه سريعا هذه المرة ، أتراه فعل التعتيق ، ام لكونه لم يشرب منذ اسبوعين ، فاليوم هو النصف من رمضان ، هو لا يصوم في الغالب طالما لا تُقابله الكاميرا ولا يولي شانا كبيرا لذلك ، قرر عدم فتح الباب فليس من اللائق محادثة الناس وهو سكران في هذا الشهر . رن الجرس مرة ثانية وثالثة ، تذكّر أن مصابيح الحديقة مُنَارة وان صوت التلفاز مُرتفع ، رفع نفسه من على الأريكة وشخص من الشباك إلى باب الحديقة ، خُيّلَ له أن الواقف صبي أو ربما هو رجل قصير القامة ، دفع نفسه دفعا إلى الخارج بخطى متثاقلة .
بلسان ثقيل في الفم و كلمات بطيئة
- من هناك ؟ تفضّل آش تحب .
رد الصبي ، بلسان لا يَقِلُّ ثقلا وعيناه إلى الأرض خجلا
- صحة شريبتك خويا ، انا اجمع بقايا الاكل لأتزوّد واُطعِم بقية إخوتي وأمنا العاطلة .
بكلمات مبعثرة وصوت مترنح
- برّه عيش ولدي ، ربي ينوب ، ما عناش ، ونقّص من قلق الناس ، وبره شد داركم في هالليل راهو حظر تجول .
أنفطر قلب الصبي أكثر ، هو لم يطلب مالا بل بقايا اكل قبل أن يكون مستقرّها حاويات القمامة في الغَدِ ، فالحال جِدُّ سيِّئة وامه اقعدها الحجر الصحي عن عملها كمعينة منزلية ، فردّ بِصوتٍ مُنكسر
- سامحني ، وهم بالانصراف عندما أدار صاحب المنزل ظهره الى الداخل مُترَنّحًا ، خانته يده المُتّكِأة على الباب و التوت قدماه فخرّ على الأرض دفعة واحدة ، ركض الصبي نحوه وَجِلاً مُنَادِيا مُتَحرّيا ، فصرخ فيه ببذاءة
- تي ماو قلنا ربي ينوب ، آش تعمل في داري ، ناس تجيب صغار وتسيبهم ما أكثركم .
- انسحب الصبي مُتمتما لا أطلب شيئا ، خلتك مريضا وحيدا ، أو محتاجا طرحه الجوع أرضا كما يصنع مع أُمِّي احيانا كثيرة فَرِغِبتُ مقاسمتك بعضا مما جمعت هذه الليلة .
إنصرف الصبي غارسا رأسه بين كتفيه مُشفِقا عليهما .
أغلق الباب ورجع الى صدر صالته ، تناول قنينته الفاخرة نظر إليها بشغف المشتاق ، مفعولها سحري بنت الحرام "قطع عنا حبل الود إبن الحرام " ، تملّصت القِنّينة من يده و احدثت دويا مكتوما غاضبا على الأرض وهي تتقيّأ كل ما في جوفها ، ثَقُلت عينه حتى لوت عُنقَهُ الى الأسفل فنظر إلى بلاط الأرضية جزعا حزينا لِيرى انعكاس وجهه بين الشضايا مُراقا مع ما إندلق من ماء الحياة !



#محمد_نجيب_وهيبي (هاشتاغ)       Ouhibi_Med_Najib#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- نحو إعادة تركيب العلاقات الاجتماعية
- المجتمع المدني التونسي : خصائصه وآفاق تطوره ( محاولة للتفكير ...
- ماكرون -الطائي- سيذبح أفريقيا مرة أخرى إحتفاءا بضيفه الكورون ...
- متى نضع حدا لجشع الانسان -الراسمالي- حتى نُنقِذ الإنسانية جم ...
- الانسان في دولة الكورونا و-القتل الرحيم-
- الكورونا ، الحرية ، الفلسفة ووهم الصين الشيوعية
- الكورونا مقابل الحرية ، او تصدير الخوف -المعلّب- مقابل انسان ...
- استسقاء !! او استخارة !!
- خطاب تولي الرئاسة : رئيسنا السعيد يرفرف دون أجنحة!!!
- رجة الانتخابات الرئاسية التونسية ، الصندوق يضرب كل التنظيمات ...
- قيس سعيد مرة أخرى : جملوكية أو داعشية !!!!
- رئاسية تونس 2019 ، ماهي الشخصية المفترضة في رئيس الجمهورية ا ...
- -الكي- أو طائر الفينيق !! في النقد والنقد الذاتي حتى يرتقي ا ...
- اليونان : يسار ... يمين ، دوريتهما الانتخابية من دورية أزمة ...
- مأساة سيدي بوزيد !! برنامج وطني للإصلاح الزراعي وحده الكفيل ...
- بلد المليون ونصف شهيد على كف عفريت
- ليبيا : سواءا تمكن حفتر من طرابلس او اندحر ! يبدو ا انه تم ا ...
- الشعوب السودانية تدخل تاريخ الثورات الحديث
- ردا على من لا يستأهل الرد ....تصويبا لأخطاء أقلام مأجورة
- شاهد زور منذ حل رحاله .... أو في تهافت الحكم وإن تزين


المزيد.....




- مجلس أمناء المتحف الوطني العماني يناقش إنشاء فرع لمتحف الإرم ...
- هوليوود تجتاح سباقات فورمولا1.. وهاميلتون يكشف عن مشاهد -غير ...
- ميغان ماركل تثير اشمئزاز المشاهدين بخطأ فادح في المطبخ: -هذا ...
- بالألوان الزاهية وعلى أنغام الموسيقى.. الآلاف يحتفلون في كات ...
- تنوع ثقافي وإبداعي في مكان واحد.. افتتاح الأسبوع الرابع لموض ...
- “معاوية” يكشف عن الهشاشة الفكرية والسياسية للطائفيين في العر ...
- ترجمة جديدة لـ-الردع الاستباقي-: العدو يضرب في دمشق
- أبل تخطط لإضافة الترجمة الفورية للمحادثات عبر سماعات إيربودز ...
- الأديب والكاتب دريد عوده يوقع -يسوع الأسيني: حياة المسيح الس ...
- تعرّف على ثقافة الصوم لدى بعض أديان الشرق الأوسط وحضاراته


المزيد.....

- نحبّكِ يا نعيمة: (شهادات إنسانيّة وإبداعيّة بأقلام مَنْ عاصر ... / د. سناء الشعلان
- أدركها النسيان / سناء شعلان
- مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111 / مصطفى رمضاني
- جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل / كاظم حسن سعيد
- رضاب سام / سجاد حسن عواد
- اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110 / وردة عطابي - إشراق عماري
- تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين / محمد دوير
- مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب- / جلال نعيم
- التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ / عبد الكريم برشيد


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - محمد نجيب وهيبي - سكارى