|
هل جائحة الكورونا في طريقها للإنحسار؟ وما هو العالم ما بعد الكورونا؟
فارس إيغو
الحوار المتمدن-العدد: 6544 - 2020 / 4 / 23 - 14:18
المحور:
ملف: وباء - فيروس كورونا (كوفيد-19) الاسباب والنتائج، الأبعاد والتداعيات المجتمعية في كافة المجالات
بعض المعلومات في علم الجائحات أو ماذا نعرف عن الظاهرة الجوائحية أو الجائحية. إن الظاهرة الجائحية عندما ندعها تنتشر بصورة طبيعية، فإنها خلال مدة معينة ستصل الى أعلى قمة في المنحنى، ثم تبدأ بالهبوط تدريجياً، الى أن تتوقف تماماً نتيجة عوامل كثيرة بعضها نعرفها، وبعضها الآخر ما زال مجهولاً، ومن هذه العوامل التي نعرفها: المناعة الجماعية أو القطيعية (كما سماها بعض الباحثين العرب)، تغيرات الطقس الفصلية، إلخ. ومنذ العصور القديمة، يروي لنا التاريخ العديد من الجوائح التي حلت بالإنسانية، خاصة جائحة الطاعون، التي كانت تحصد الآلاف، لا بل الملايين من الضحايا، لكن الإنسانية الحديثة توقفت عن القبول بنسبة عالية من الضحايا، قد تصل الى عدة ملايين. وفي الماضي لم يكن هناك علاجات ولا لقاحات ولا مشافي كما هي اليوم، ونتيجة لصعوبة عدم التدخل والقبول بضحايا كثيرة، فإن كافة السلطات اضطرت الى اللجوء الى خطط تؤدي الى التباطؤ الاقتصادي، وتعرض بلدانها لهزات اقتصادية كبيرة، ومن هذه الإجراءات الإغلاق المنظم للمؤسسات العامة والخاصة والعديد من الشركات والمصانع، والعزل الفردي للمصابين والحاملين، والحجر أو العزل الصحي الشامل للناس الأصحاء وتحديد حركتهم، والتباعد الاجتماعي، والحواجز المرئية إلخ. تطور الجائحة في الغرب والعالم مرحلة البداية في الغرب كانت في بداية شهر فبراير 2020، وأول ما ظهرت في إيطاليا، وبعدها فرنسا واسبانيا، ثم كرت السبحة الى كل الدول الأوروبية، مع نسبة عالية من المرضى والوفيات في إيطاليا، إسبانيا، فرنسا، بريطانيا. مرحلة الذروة كانت في النصف الأول من شهر أبريل 2020، ثم بدأت مرحلة التراجع واضحة منذ 17 ـ 18 أبريل. إذن، نحن اليوم في المنحى التراجعي في كل البلدان، ولسنا أبداً في المنحنى الصاعد، لكن هذا لا يعني عدم حصول موجة ثانية، لأن المعلومات التي جمعت الى الآن لا تسمح لنا كفاية للتعرف تماماً على الفيروس الذي تعرض لطفرة جينية في الصين مركز إنطلاق الجائحة، وبالتحديد في مدينة ووهان التي تتواجد فيها مخبرين كبيرين للأبحاث الفيروسية، ساعدت الولايات المتحدة وفرنسا في البداية في التمويل والخبرات العلمية، ثم منذ سنوات هما يعملان بتمويل حكومي وخبرات وطنية صينية 100%، أحد هذه المخابر يقع قريباً من سوق الحيوانات الي قيل بأن الفيروس إنتقل فيه من الخفافيش الى المريض الأول، أو المريض رقم صفر حسب لغة علم الجائحات. عامل الحرارة والطقس الحار بالنسبة لي هو العامل الكبير الذي يجعل إنتشار الفيروس ضعيفاً في إفريقيا، مع استثناءات نسبية، لا تنفي القاعدة، مثل جنوب إفريقيا (عدد أقل من 5000 إصابة، دول المغرب العربي والنسبة المتوسطة لا تزيد الى يومنا هذا عن 1000 ـ 2000 إصابة، في كل بلد). ومما يثبت أن الطقس الحار معيق لدوران الفيروس هو حالة استراليا الضعيفة جداً (6547 إصابة، وعدد وفيات 67) مقارنة مع الدول الأكثر تعرضاً، مما يثبت أهمية العامل الطقسي في منع انتشار الفيروس والعدوى. والدليل الأخير على صلابة ومتانة الفرضية التي تقول بأن عامل الطقس الحار يلعب سلبياً ضد دوران الفيروس هو شدة الإصابة في الولايات المتحدة وأوروبا الغربية. عوامل أخرى لها دور في الإصابة بالفيروس، وفي شدتها الشيخوخة (أكثر من 65 سنة)، البدانة، السكري، والأمراض التنفسية، التدخين الكثيف إلخ، وهي عوامل لا تؤثر بالعدوى، بل بشدة الإصابة. حالة تايوان تدعو للتساؤل في هذه الجائحة الكورونية أو الصينية. جزيرة تايوان، 23 مليون نسمة (إحصاء 2018)، وعدد الوفيات من مرض الكورونا هو ستة أشخاص فقط، وعدد المصابين 426. إن إغلاق الحدود الكامل مع الصين كان أفضل الوسائل لمكافحة وصول الوباء، بما يعنيه إغلاق الحدود بصورة محكمة هو الإجراء الأكثر نجاعة لمكافحة الكورونا، في حال إتخذ القرار باكراً، وكانت الإنذارات من مركز انطلاق الجائحة مبكرة، وتناقل المعلومات شفافاً، وهي لم تكن الحال مع الصين، التي يقال بأن المريض رقم صفر ظهر عليه المرض منذ نوفمبر 2019، وعلى أبعد تقدير بداية كانون الأول، بينما تأخر الإعلان الرسمي عن الجائحة الى منتصف جانفيي ـ كانون الثاني 2020. بالنتيجة، فإن فتح الحدود والعولمة لعبت دوراً سلبياً في إنتقال العدوى سريعاً، وبالخصوص للمناطق الأكثر عولمة وإنفتاحاً، كما في الولايات المتحدة ودول أوروبا الغربية، والعكس بالعكس، كما تثبت حالة تايوان. ومن العوامل التي لعبت دوراً في التفشي الكبير للفيروس في أوروبا، هو التأخر لأسباب أيديولوجية في إغلاق الحدود منذ بداية شهر فبراير، والشيئ نفسه بالنسبة للولايات المتحدة التي أعلن الرئيس ترامب إغلاق الحدود بعد الموجة الكبيرة للمرض في دول أوروبا الغربية. فيما يخص العلاجات والعلاج الأشهر الذي أثار الكثير من السجالات العنيفة بين كبار الأطباء والباحثين في المجال الدوائي، أي العلاج بالهيدروكسي كلوروكين (600 ملغ يومياً، ما يعادل ثلاث كبسولات كل يوم)، ومدة العلاج للهيدروكسي كلوروكين لمرضى الكورونا هي 10 أيام. يؤخذ هذا العلاج بالهيدروكسي كلوروكين مع مضاد حيوي هو الأزيترومايسين (بجرعة يومية 500 ملغ/ في اليوم الأول، ثم 250 ملغ/ يومياً لمدة أربعة أيام)، ومدة العلاج بالأزيترومايسن لمرضى الكورونا هو خمسة أيام. ما هو الهيدروكسي كلوروكين (الاسم الصيدلي بلاكينيل/ كبسولات كل كبسولة تحتوي على 200 ملغ من الهيدروكسي كلوروكين)، وهو علاج قديم يستعمل منذ 70 عاماً لعلاج مرض الملاريا، ومنذ فترة أقل استعمل لعلاج الأمراض المناعية مثل الذئبة الحمامية والتهاب المفاصل نظير الرثوي بجرعات ضامنة تقدر بـ 200 ملغ يومياً (كبسولة واحدة يومياً)، والشكل القديم للدواء هو النيفاكين (حبة 100 ملغ باليوم) والجرعة العظمى للكلوروكين هي 300 ملغ يومياً. ويعتبر الدواء من الأدوية الفعالة ضد الفيروسات في المخبر، ولكن يبدو أنه أقل فعالية في الإنسان مما هو عليه في المخبر. ويبدو أن تناول الأفارقة لمادة الكلوروكين للوقاية من مرض الملاريا، بالإضافة الى استعمال نبتة الآرتيميسا كمشروب منقوع بدلاً من المتة المشهورة في سورية، ربما كان له بعض التأثير في تخفيض التركيز الفيروسي في الجسم الإنساني. أما بالنسبة للأزيترومايسين (الاسم الصيدلي الشهير هو الأزيتروماكس) فهو مضاد حيوي من فئة الماكروليدات ويعطى للإنتانات التنفسية، والجرعات الصيدلية في الموجودة هي 250 و500 ملغ على شكل كبسولات. أما كلفة العلاج بهذا البروتوكول لمرضى الكوفيد 19، فتبلغ وسطياً 10 ـ 20 يورو بحسب البلدان. نسبة الوفيات في قسم العناية المشددة لا يوجد الى الآن مصدر رسمي، لكن حسب الأطباء الذين يعملون في المشافي الفرنسية، هناك نسب متفاوتة، تتراوح من 90% وهي نسبة أستبعدها تماماً، الى النسبة الأقل وهي 40 ـ 50% وفيات في قسم العناية المشددة. أما في الولايات المتحدة الامريكية، ودائما بحسب أحد الأطباء فهو 80%. لكنني أرجح النسبة من 40 الى 60% حسب المشافي والبلدان، وربما تصل الى 70% في بعض البلدان ذات البنى التحتية المتهالكة بفعل الحروب الاهلية وسوء إدارة المال العام والفساد. أما نسبة الوفيات الإجمالية (لكافة درجات الإصابة) فهي تتراوح بين 6ـ 8%، أكثثر بقليل من النسبة التي وضعها الباحثون في بداية الأزمة أي 4%. ماذا تقول لنا هذه الأزمة؟ اليوم يوجد حوالي أربع مليارات نسمة في حالة الحجر الصحي في البيوت، إنه حدث تاريخي كبير، لأول مرة في العالم يصاب العالم كله بوباء، والكل يعرف ماذا يجري في العالم كله بواسطة وسائل التواصل الاجتماعية الرقمية والفضائيات الأخبارية العالمية، ورغم أن عدد الضحايا سوف يكون أقل بكثير من أي وباء عالمي سابق أصاب البشرية (يتحدث الخبراء عن مليون ضحية في العالم). ولكن الآثارالاقتصادية لعمليات الحجر الصحي الشاملة وتوقف دورة الاقتصاد العالمية سوف تكون كارثية، وبالخصوص إذا تأخرت إجراءات فك الحجر الصحي خوفاً من موجة أخرى، وأول الضحايا في هذه الكارثة الدول المعتمدة على البترول، الذي إنهارت أسعاره بصورة كبيرة، حتى أنه في الولايات المتحدة يعطى 39 دولار/للبرميل لكل من يريد أن يخلص التجار من حمولات البواخر الضخمة، حيث طاقة التخزين وصلت الى حدودها القصوى. لقد كانت أولى وأكبر خطايا هذا النموذج الاقتصادي الرأسمالي المعولم، هو النعي المبكر للحدود والسيادة الوطنية والدولة ـ الأمة، وحتى الأمة ذاتها، وجاءت هذه الأزمة الصحية الوبائية لتنتقم من الأخطاء الجسيمة التي ارتكبتها النخب التي بشرت، بصورة متسرعة، لسوق عالمية وحدود مفتوحة، وعالم موحد تحكمه حكومة عالمية كما عند الفرنسيان آلان مينك وجاك أتالي، الأول قام عام 1998، بتأليف كتاب سماه، ((العولمة السعيدة))، وأخذ يبشر من وقتها بفضائل السوق الموحدة، والحدود المفتوحة، وتفكيك كل العوائق أمام هذه السوق، وأولها الدولة ـ الأمة أو الدولة الوطنية الديموقراطية. لكن، هل يستطيع اليوم آلان مينك أن يدافع عن كتابه، عن العولمة السعيدة في زمن الكورونا التي هزت ما كنا نسميها بأقوى الاقتصادات في العالم، وأظهرت هشاشتها الشديدة أمام الوباء الذي تعولم هو أيضاً. وقد أعلن وزير الخارجية الفرنسي جان ـ إيف لودريان عن خشيته بأن ((العالم ما بعد الكورونا هو نفسه العالم ما قبل على أسوأ)). وأصاف الوزير الفرنسي عن قلقه بصوت عالٍ بشأن التدهور المحتمل للمناقشات الدولية، وبالفعل: ((يبدو لي أننا نشهد تضخماً للكسور التي ابتلي بها النظام الدولي لسنوات: إن الوباء هو استمرار للصراعات الدولية بوسائل أخرى)) (جريدة لوموند الفرنسية في 22/04/2020).
#فارس_إيغو (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
نظريات المؤامرة واكتساح الشاشة الرقمية في زمن جائحة الكورونا
-
هل الرأسمالية أخلاقية؟ (الجزء الثالث)
-
هل الرأسمالية أخلاقية؟ (الجزء الثاني)
-
هل الرأسمالية أخلاقية؟ (الجزء الأول)
-
علي عبد الرازق ورحلة الشك المتعبة التي إنتهت بالإخفاق الكامل
-
كتاب الإيديولوجية الألمانية وبداية الأوهام الماركسية
-
نحو الطريق الشاق الى الديموقراطية في الجزائر
-
ظاهرة المدون السوري إياد شربجي على الفايس بوك
-
الجزائر على منعطف الطريق نحو التحول الديموقراطي
-
مارسيل غوشيه والثورات العربية: عودة الدين أن بداية نزع السحر
...
-
الديموغرافيا وثورات الربيع العربي
-
الصين الشعبية من ماو الأول الى ماو الثاني
-
هل ينجو السودان من مخاطر المرحلة الانتقالية
-
المفكر الإسلامي وحرية النشر
-
الخطاب الأيديولوجي وسرير بروكست
-
الصراع بين العسكر والإخوان في المنطقة من خلال العلاقات الترك
...
-
خطر اللبننة في الغرب: من حوادث التخريب في الشانزليزيه الى اح
...
-
العرب والتراث: معضلة وجودية
-
كيف يمكننا تسمية عصرنا الحالي؟
-
الأصولي ومفهوم الرهاب والتطهّر
المزيد.....
-
-عيد الدني-.. فيروز تبلغ عامها الـ90
-
خبيرة في لغة الجسد تكشف حقيقة علاقة ترامب وماسك
-
الكوفية الفلسطينية: حكاية رمز، وتاريخ شعب
-
71 قتيلا -موالين لإيران- بقصف على تدمر السورية نُسب لإسرائيل
...
-
20 ألف كيلومتر بالدراجة يقطعها الألماني إفريتس من أجل المناخ
...
-
الدفاع الروسية تعلن تحرير بلدة جديدة في دونيتسك والقضاء على
...
-
الكرملين يعلق على تصريح البنتاغون حول تبادل الضربات النووية
...
-
روسيا.. اكتشاف جينات في فول الصويا يتم تنشيطها لتقليل خسائر
...
-
هيئة بريطانية: حادث على بعد 74 ميلا جنوب غربي عدن
-
عشرات القتلى والجرحى بينهم أطفال في قصف إسرائيلي على قطاع غز
...
المزيد.....
-
الآثار القانونية الناتجة عن تلقي اللقاحات التجريبية المضادة
...
/ محمد أوبالاك
-
جائحة الرأسمالية، فيروس كورونا والأزمة الاقتصادية
/ اريك توسان
-
الرواسب الثقافية وأساليب التعامل مع المرض في صعيد مصر فيروس
...
/ الفنجري أحمد محمد محمد
-
التعاون الدولي في زمن -كوفيد-19-
/ محمد أوبالاك
المزيد.....
|