رائد الحواري
الحوار المتمدن-العدد: 6544 - 2020 / 4 / 23 - 02:56
المحور:
الادب والفن
كفايا عويجان
الألفاظ والمضمون في
"إلى من لا يهمه أمري":
"العتب على قدر المحبة"، مثل نقوله عندما نلتقي الأحبة، وهنا المقصود ليس (فكرة) التعب فحسب، بل أيضا شكل العتب وطريقة إظهاره، وحجم الكلمات، ونوع الألفاظ، كلها نجدها في هذا المثل، "كفايا عويجان" تقدم عتب لم لا يهمه (أمرها) جاء فيه:
"الى من لا يهمه امري
هل لي بدقائق..
اسرقها من العمر
أتنفسك بها ...
لأقوى على الانتظار"
غالبا ما تجيء الحروف في العبارات لتشير إلى عدم رغبة المتحدث بالكلام، وكأنه من خلال الحروف يؤكد على (تسامحه) على ما بدر من المقابل له، لهذا نجد (قلة) الكلمات والإكثار من الحروف: "إلى، من(مكررة)، هل، لي، ، بها، على" فمن خلال كثرة الحروف نستدل على (عدم) رغبة الكاتبة في الكلام/الحديث، وكأنها من خلال استخدامها الحروف تشير إلى تجاوزها عن (اهماله لها).
ونجد العتب في شكل أخر، من خلال الكلمات ومعانيها:
"على اعتاب الليل وفي احداق النهار
في لهيب اللهفة
استبد منجل الشوق بروحي
توالت الايام...
ولم يأت منك جمر ولا نار
لتكوي جرحا لم يبرأ"
فالليل والنهار متناقضان، ولكنها أيضا يكملان بعضهما وبدون تواجد أحدهما يضعف الآخر، ورغم أنهما يشيران هنا إلى الوقت/الزمن، إلا أنهما أيضا يحملان معنى التسامح، ودعوة لقبول الخلاف، لكن يستوقفنا لفظ "لهيب، اللهفة" فالهاء التي تخرج من الجوف، وتلفظ (آه) فها تعبير واضح عن حالة الحسرة والعتب، واللافت في هاذين اللفظين "أن الأول "لهيب" يلفظ بشكل طويل، ممدود وهو كناية عن العلاقة الحميمة السابقة بينهما، والثاني "اللهفة" يلفظ بشكل قطع وسريع، وبما أنه جاء تابع للأول، فهو يشير إلى قطع الوصل والعلاقة الطويلة التي كانت.
وإذا ما توقفنا عند الألفاظ القاسية: "الليل، لهيب، استبد، منجل، ولم، جمر، نار، لتكوي، جرحا، لم" والتي تخدم فكرة الحرقة وحجم الألم التي تمر به، كل هذا يجعل الألفاظ والكلمات والحروف تخدم الفكرة "العتب" التي تطرحها الأدبية "كفايا عويجان".
إذن هناك (غضب) كامن في الكلمات، وصوت الألم في الألفاظ، وبعد أن أفرغت الأديبة ما فيها من (وجع) هدأت روحها، وأخذت تتجه نحو الوضوح:
"حين تضيق بي دنياي
ألجأ اليك
واحة في صحراء أيامي
غيمة هاربة من سمائي
تطاردها الريح تحمل لها رسائلي
تهزها ...لترسل بعض من رذاذ الفرح
يوقظ قلبي من سبات الهموم"
من هنا نجدها تتحدث بتجرد عن مشاعرها، عن حاجتها له، فتتحدث عن "واحة/الصحراء، غيمة/سماء، رسائلي/تهزها، الفرح/الهموم" فالثنائية والتكاملية حاضرة في الكلمات السابقة، وبها ومن خلالها تكون الأدبية قد قدمت مشاهرها تجاهه وأظهرت حاجته له، ليس من خلال المعنى والفكرة فحسب، بل من خلال الكلمات والحروف والألفاظ.
النص منشور على صفحة الأدبية Kefaya Awajan
.
#رائد_الحواري (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟