محمد عجرودي
الحوار المتمدن-العدد: 6543 - 2020 / 4 / 22 - 21:20
المحور:
الادب والفن
.عينان أنهكهما النظر في الفراغ... آلات طبية في كل مكان وصوت في الرأس كطنين الرصاص لا يتوقف... أو الضرب على الخشب من بعيد....وكصوت احتراق الفحم....و أيادي بقفازات اللاتكس...و كمامات القطن الواقية من العدوى..
ولا أحد آخر في محيط الغرفة الزرقاء الخالية إلا من أنين المرضى...
إرتعاشة يده النحيلة... يحاول قول أي شيئ لأي شخص...
يراه الطبيب يتأسف .... في لحظة ما يدخلون مايشبه جثة أخرى في حالة أخرى أخطر من حالته... حرارة و ألم و صراخ يلقون به على سرير بمحاذاة الشيخ...
يحاول استراق النظر دون نجاح.... يحاول سماع الأطباء حول حالته دون جدوى...يومؤون برؤوسهم... أسفا...
يستسلم لألمه و لنومه والصراخ بداخله....لكن الصراخ بجانبه أكثر ألما و وجعا....
استفاق حاول أن يكون أقوى للمرة الأخيرة استلم ورقة كانت بقرب طاولة صغيرة بقرب السرير فكتب :
إبني أعلم علم اليقين أنه بعد ساعات سأرحل عن هذا العالم
الجميل الذي عشت فيه أحلى أيامي و أبهى لحظات سعادتي... كما عشت تعاستي و شقائي... تألمت في كثير من الأوقات... و فرحت في كثير من الأحيان... فرحت لنفسي و فرحت للآخرين.... ولما جئت لدنياي يا إبني لم تتسع لي الدنيا من شدة الفرح و الغبطة... و كل ما كنت أتمناه أن أراك تكبر و تكبر و تكبر كزهرة جميلة بعبقها و أريجها.... أن أراك سعيدا مزهوا بحياتك....
وكان أملي أن أودع هذه الدنيا و أنت في حظني و أعانقك حبا و أشم فيك رائحة طفولتك.... لكن شاءت الأقدار شيئ آخر.... أن يمنعنا هذا الموت البلاء حتى الوداع الأخير...
إبني إن كان لك بقاء بعدي فلا تحرم أبنائك حبا قد تندم على ضياعه... و لا تؤجل سعادة قد لا تجدها في وقت آخر...
أبوك الذي يحبك بحجم الكون
قبلاتي الحارة
باريس م. عجرودي نص في زمن corona
#محمد_عجرودي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟