أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد قرافلي - حائحة كورونا ومفهوم الإنسان















المزيد.....

حائحة كورونا ومفهوم الإنسان


محمد قرافلي

الحوار المتمدن-العدد: 6543 - 2020 / 4 / 22 - 05:54
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


جائحة كورونا ومفهوم الإنسان؟
وحده الإنسان يمتلك المقدرة على التسمية والترميز، يجند هذه القدرة السحرية للتعريف والتصنيف والترتيب، لأجل الحكم والمحاكمة، بعبارة أدق للتمييزوالتميز!
لعبة غير بريئة تورط فيها الإنسان وورط معه الكائنات والوجود!
حيت صار وجود الإنسان في هذا العالم جائحة!
لنقلب اللعبة وننعث الإنسان بالكائن الجائحة، بوصفه ذاتا تنزع باستمرار إلى الجيحان !
سواء تم النظر الى الجائحة كصفة قارة أو عارضة تميز الإنسان، أو كقوة تدفعه الي الإقدام على أفعال تلحق الفساد والتخريب والهلاك بالطرف الآخر،ببني جنسه، بالكائنات وبالكوكب الأرضي!
كما يتعرض الإنسان إلى جوائح في غفلة منه ويكون مصدرها خارجي مثل جوائح الجراد والجفاف والكوارث الطبيعية!
عموما يمكن التمييز بين شكلين اوفئتين من الجوائح، الأولى طبيعية، لادخل للإنسان فيها، ذات مصدر خارجي، تخلو من القصدية وتفتقد للدلالة والمعنى!
تكاد تكون ظرفية وعابرة!
قابلة للرصد ومنطقها قابل للتعليل والتفسير والضبط!
يمكن أحيانا مواجهتها أو الحد منها ومن وقعها!
بالمقابل فإن الثانية بشرية، ذاتية مصدرها الإنسان تعرف القصدية وتحمل الدلالة!
تعرف المخاتلة والتحجب وتتقن فن المواربة!
تتقن لغة الأقنعة والتخفي عدواها لا حدود لها، تخترق كل الحدود!
يصعب تعينها،أو تفسيرها او ضبطها!
تكاد تكون ملازمة للإنسان مثلما يشهده عالم الاجتماع البشري والعلاقات الإنسانية من نزاع وصراع واقتتال وهمجية على كل شئ وباسم كل شئ!
شتان بين الجائحتين من حيث حضورهما وقوتهما وبطشهما!
ما كان أن يفلت الإنسان من الجوائح التي تهدد وجوده، مالم يتمكن أن يركب منطق الجوائح ويختبرها ويعيشها ويعايشها،ليتسنى له خبرها وقهرها وترويضها!
ترسخ هذا الدرس في الفكر الاسطوري والملحمي برمته، بدءا بملحمة الخلق وصراع "إنكيدو" من أجل البقاء ضد الإله "مردوخ"، كل الأساطير اليونانية تكاد تجمع على هذا الصراع الأبدي ضد مختلف الجوائح ومصادرها، "إيليس" والحوريات وتجرأه على نزع الصمغ عن أذنيه لينصت إلى لحنها العذب القاتل!
إذا كان قدر الإنسان السيزيفي أن يحيا ليموت ويحترق ليبعث،.... فإن المتن الفلسفي في عمقه صرخة في وجه هذا العالم الكارثي!
محاولة منه لتجاوز العشوائية والصدفة ودحر كل أشكال الاستسلام واللامبالاة ودعوة للإنسان إلى أن يعتني بمصيره ويتحمل عبء وجوده!
نفس الهم يتوزعه المتن الديني، لا من خلال شخوصه وسيرهم وعلاقتهم بالوجود، كقصة النبي نوح والطوفان، والنبي أيوب وابتلاءاتهم المتعددة مع كل أنواع الأوبئة... كما أن السرد الأدبي في مجمله رفع لهذا الوضع الأصلي للوجود الكارثي للإنسان إلى مستويات أعلى من اللمعان والسمو والطهارة من خلال تحويله إلى متن سردي يضفي على شخوصه البطولة والفرادة والتميز والأسطرة!
حيث يصير الموت مطلوبا ومقياسا للحياة ومثالا وانموذجا يحتذى!
يتبين أن الغرض من الملمح أعلاه رد الاعتبار أولا إلى هذا "البعد الكارثي" للوجود الإنساني:
ليس بغرض تبريره او التباكي عليه ولا الإشادة به في هذه الظرفية الحرجة التي اضطربت فيها اللغة واضحت في ذاتها جائحة تهدد الإنسانية!
وإنما رغبة في الكشف عن هذا البعد الملازم للوجود الإنساني، الذي يلزمه ملازمة الظل لصاحبه!
لربما تناسى إنسان التقنية والعلم هذا الأصل!
بهاجس تحويل الإنسان إلى حيوان استهلاكي يتم غرس في عيونه وآذانه صورا للحياة المتعية النجومية!
ويتم وشم جسده بكونه آلة جاذبة ومجذوبة!
كذلك بداعي تبرير نمط معين من الحياة المتبرجزة التي تنعم بها فئات محدودة على حساب الأغلبية المسحوقة!
هذه الأخيرة من شدة الترويض تكيفت مع هذا النمط من الوجود المصنع والمقنع!
أما الهدف الثاني من الملمح فإنه يكمن في العمل على الوقوف على مختلف أشكال التعامل مع هذه الجائحة ومساءلتها ومعرفة مبرراتها وخلفياتها.
حيث يظهر جليا ان شكل التعامل الذي نعاينه اليوم مع هذه الجائحة يؤشر على استفراد السياسي "الدولة"بالريادة في مواجهة هذه الكارثة. إذ تمكن السياسي من إحكام قبضته على المجال ككل ونصب نفسه الآمر والوصي على كل السلطات العلمية والفكرية والدينية!
السياسي من يحسم ويتحكم في المعلومة،حول الوباء، حول من له الحق في الكلام وباسم ماذا يتكلم، ومتى يتكلم واين يتكلم ومع من يتكلم! من يقرر! باسم ماذا يقرر؟ ويختار أين ومتى وكيف يقرر؟
كذلك على مستوى تقطيع الزمن وتنظيم العمل وضبط الحركة والفعل، حيث تم العمل على تكييف إيقاع جديد للحياة ونظام الحياة يتم فيه اختراق ماهو خصوصي!
هكذا تعطلت القوانين، وتغيرت طرق وأشكال التعامل والتواصل ونمط العيش!
لأجل ذلك عمل السياسي على استنفار كل إمكانياته وشحذ كل ترسانته الآداتية والتقنية والإدارية والعسكرية لمواجهة هذه الجائحة. كما عمل بموازاة ذلك على توظيف كل منابره الإعلامية وجيوشه الرقمية المرئية واللامرئية لإنجاح هذه المهمة.
عرفت كل المجتمعات هذه اليقظة للسياسي بأشكال ودرجات مختلفة وبإيقاعات مختلفة وتلوينات متعددة.
بل حصلت عدوى في انتقال أشكال التدبير وتداولها من دولة لأخرى إلى درجة التنافس والصراع المحموم بين الدول، وماخفي أفظع!
استحسن البعض هذه الهمة غير المألوفة من قبل السياسي في تدبير اليومي في ظل الجائحة!
بل اعتبرها البعض نقلة وربما عودة إلى القيم الحقيقية التي شكلت اساس الفعل السياسي كقيمة العدالة والحق في الحياة..... وبعث لروح قيم الجماعة وقيم التضامن واعترف بالاخر!
بل يهلل البعض بكون الجائحة فرصة ولحظة تاريخية لبناء نمط جديد لانسان جديد ولأسلوب حياة جديد، حقيقية وحقة!
مقابل حياة مزيفة كنا نحياها قبل الجائحة، حياة مصطنعة، مزيفة ابطالها مزيفون ومصطنعون وتافهون!
وداعا للتفاهة! وداعا لحياة التفاهة! وداعا للإنسان التافه، للفن التافه، للإعلام التافه!
لكنهم تحت صدمة الجائحة يستثنون ما يبدو لهم أنه كان في منأى عن التفاهة كالتعليم والطب.....
بالفعل الكل يحلم بهذا النموذج للممارسة السياسية! لكن ما يغيب عن البعض انه نفس المنطق الذي كان قبل الجائحة هونفسه أثناء الجائحة!
لما هو كذلك؟ منطق مزدوج، يحبل بالمفارقات! مالذي يضمن استمراريته؟ من يتحمل مسؤولية ترسيخه؟ الفاعل السياسي؟ ام المفعول به وفيه؟ ام هما معا؟ أم كلاهما ضحية لمنطق الفعل السياسي والممارسة السياسية كما ترسختا طيلة قرن إن لم نقل قرونا خلت؟….… يتبع



#محمد_قرافلي (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- جائحة كورونا والدولة أية علاقة
- من يحاكم من : السياسي أم الفلسفي!
- اللغط السياسي وخراب العالم
- متى نحتفل بالمرأة ...!
- الفلسفة بوصفها تمرينات روحية وطبابة عند الفيلسوف بيير هادو
- حي بن يقظان وسؤال من يربي من ..!
- هل مات الإنسان؟ من حوارات المفكر الفرنسي ميشيل فوكو
- فن قيادة الذات عند الفيلسوف غارسيان بالتزار ، شذرات مثرجمة .
- -شارلي إيبدو- مسؤولية من...!؟
- جنون العصر
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمسين (تامل15) س- احلام ال ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمسين (تامل14) س- احلام ال ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 13) س- احلام ا ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 12-) ش- أطباء ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 11) ع- أطباء ا ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 10)ع- أطباء ال ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 9) ع- أطباء ال ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 9) ع- أطباء ال ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 8) ق- أطباء ال ...
- احلام الحضارة ام احلام الهامش والمهمشين( تامل 7) ه- أطباء ال ...


المزيد.....




- حلبجة: ماذا نعرف عن المحافظة العراقية رقم 19؟
- كلمة الرفيق حسن أومريبط، في مناقشة تقرير المهمة الاستطلاعية ...
- ترامب لإيران.. صفقة سياسية أو ضربة عسكرية
- كيف نفهم ماكرون الحائر؟
- إسرائيل تعلن إحباط محاولة -تهريب- أسلحة من مصر
- مبعوث ترامب يضع -خيارا واحدا- أمام إيران.. ما هو؟
- أول رد فعل -ميداني- على احتجاجات جنود إسرائيليين لوقف الحرب ...
- مقاتلة إسرائيلية تسقط قنبلة قرب -كيبوتس- على حدود غزة.. والج ...
- باريس تُعلن طرد 12 موظفًا من الطاقم الدبلوماسي والقنصلي الجز ...
- عامان من الحرب في السودان... تقلبات كثيرة والثابت الوحيد هو ...


المزيد.....

- فهم حضارة العالم المعاصر / د. لبيب سلطان
- حَرب سِرِّيَة بَين المَلَكِيّات وَالجُمهوريّات 1/3 / عبد الرحمان النوضة
- سلطة غير شرعية مواجهة تحديات عصرنا- / نعوم تشومسكي
- العولمة المتوحشة / فلاح أمين الرهيمي
- أمريكا وأوروبا: ملامح علاقات جديدة في عالم متحوّل (النص الكا ... / جيلاني الهمامي
- قراءة جديدة للتاريخ المبكر للاسلام / شريف عبد الرزاق
- الفاشية الجديدة وصعود اليمين المتطرف / هاشم نعمة
- كتاب: هل الربيع العربي ثورة؟ / محمد علي مقلد
- أحزاب اللّه - بحث في إيديولوجيات الأحزاب الشمولية / محمد علي مقلد
- النص الكامل لمقابلة سيرغي لافروف مع ثلاثة مدونين أمريكان / زياد الزبيدي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - محمد قرافلي - حائحة كورونا ومفهوم الإنسان