أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي وتوت - عراق (واحد) أم (موحّد)...... عن أيّ مجتمع عراقي نتحدث ؟














المزيد.....

عراق (واحد) أم (موحّد)...... عن أيّ مجتمع عراقي نتحدث ؟


علي وتوت

الحوار المتمدن-العدد: 1581 - 2006 / 6 / 14 - 10:44
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


فيما وراء التدهور الخطير في الوضع العراقي منذ السقوط المفزع لدولة النظام الشمولي السياسي السابق، والذي يعكسه بشكل واضح الملفان الأمني والاقتصادي، فإن هناك في الحقيقة تدهور في واقع الاجتماع السياسي في عراق الدولة الراحلة على مر ّ تاريخها، يتضمن الأسس التي قام عليها هذا الاجتماع وتلك التي نتجت عنه.
وإذا ما كـان أرسطو قد أكد على أن الإنسان هو حيوان سياسي Zoon Politikon ]بحسب المصطلح اللاتيني، إذ يراد التقليل كثيراً بمدى هذا التعريف الهام عند ترجمة عبارة Zoon Politikon : بـ "حيوان اجتماعي". فحتى الحيوان يمكن أن يكون اجتماعياً، أما الإنسان، فهو وحده الكائن الـ (سـياسي). فبدلاً من أن يعيش في قطعان، أو قوافل أو قبائل رحلّ، فإن ميزته الخاصة هي العيش في قلب هذا التنظيم الجماعي الذي يشكل المدينة، وهذه الأخيرة هي بالنسبة له ضرورة طبيعية ومثال أخلاقي)[، فلا توجد على وجه البسيطة، أي جماعة بشرية دون تنظيم سياسي أو دون سلطة، وبذلك يمكن تعريف السياسة، بأنها علم التنظيم السياسي political organization.
أما بالنسبة للباحثين في السوسيولوجيا (علم الاجتماع)، فليس هناك ما هو أكثر أهميةً من فهم بنية المجتمع، أو الجماعة البشرية، ذلك أن جميع التغيرات السياسية والاقتصادية والثقافية إنما تحدث داخل هذه البنية.
إن كل المجتمعات البشرية التي امتد وجودها في الزمان والمكان الإنسـاني، تتميز بحدٍّ من الفهم المتبادل بين أعضائها shared understandings الذي سـاعد البشر على أن يعيشوا سـوياً، والذي يعمل كقاعدةٍ لإشـباع الضرورات الحياتية لأعضاء المجتمع نفسه. وهذا يعني أن كل فرد من أفراد هذه المجتمع ليس من الضروري أن يشارك في المفاهيم الخاصة بالمجتمع والمتضمنة في الثقافة نفسها، ولكن الحرص في المشاركة أو عدمها لا ينفي كون بعض المفاهيم عامة، يتوجب على الأفراد كلهم المشاركة فيها، مع وجود مفاهيم قد لا يشترك فيها إلا البعض من الأفراد.
فالمشتركات العامة أو تلك التي تحظى بقبول عام هي ما يميز ماهية المجتمع أو الجماعة الاجتماعية وصيرورتها. والحق أننا يمكن أن نسأل وبدهشة وفقاً لهذه البديهية: هل هناك مجتمع عراقي؟
والدهشة تعود إلى أن الإجابة قد لا تكون بالسهولة التي نتخيل. فالمجتمع العراقي (هذا إذا ما استطعنا القول بوجود مثل هذا المجتمع) يبدو منقسماً على نفسه انقسامات عدة يبدو كل واحد منها انقساماً مصيرياً. إذ إننا سـوسيولوجياً نلاحظ أن (المجتمع في العراق) في سـيرورته التاريخية يتلبّس دورين متناقضين تماماً. فهو من جهة، ونظراً للرابطة العضوية بين جغرافيته وتاريخـه، يعـدُّ مجتمعاً لـه بنيتـه التاريخية الواضحة المعالم (غير الإلتباسـية)، والتي تشـكلت منذ البدايـات الأولى للمراكز الحضارية في سـومر وأكد وبابل وآشـور، مروراً بالعصور الإسـلامية التي كان للمجتمع في العراق دوراً بارزاً فيها رغم تواتر عصور الانحطاط بفعل الغزوات المتكررة.
فالمجتمع في العراق من وجهة النظر التاريخية هذه، يبدو مجتمعاً ثابتـاً (مستقراً غير قلق) حسـب التوصيفات التراثية بهذا الشـأن. ولكن ومن الجهة الأخرى، فإن المجتمع في العراق يتسـم بسـمات تتفق مع سمات المجتمع (النابت) أو غير المسـتقر، فهو متعدد دينيـاً على الرغم من أغلبية مُسـلمة وأقليات غير مسـلمة (من مسيحية ويهودية وصابئية ويزيدية)، ومتعدد إثنياً على الرغم من غلبة الثقافـة العربية عليـه (بالإضافة إلى الأغلبية عربية هنالك إثنيات كردية وتركمانية وفارسـية وأرمنية و.. ما إلى ذلك)، وهو متفرّع طائفيـاً في تعدده الديني، فالجماعة الإسـلاميـة تضم أغلبية شـيعية عربية ونسبة قليلة من الأكراد (الفيلية) والتركمان، بمقابل عدد لا يسـتهان بـه من السُـنّة العرب والأكراد والتركمان. مثلما نجد أن الطوائف المسـيحية عديـدة هي الأخرى. وفي هذا الشـأن نجد أن وصف فسـيفسـاء mosaic هو الأقرب لتوصيف المجتمع في العراق.
لكن هذه الانقسامات الاجتماعية تأخذ أبعاداً وتوجهات سياسية في الوضع الراهن. فعلى سبيل المثال، لنراجع مثلاً كيف تقف الجماعات الاجتماعية في العراق من قضية رئيس النظام السياسي السابق ومن النظام السياسي السابق ككل. فالموقف من هذه القضية يشكل هاجساً يصدر بإزائه نوعين من ردود الفعل، يرى الأول منهما (وهو موقف الأكراد والغالبية من الشيعة) في صدام مجرماً من طراز بشع، أباح الدم والمال العراقي، قتل وقمع ونكّل بمئات الآلاف من الأفراد. فيما يرى الثاني (غالبية السنة العرب) في صدام الرئيس الشرعي للعراق، والبطل القومي. فهل هناك مجتمع عراقي واحد أم مجتمعان ؟
وكما نرى فإن الأمر بالنسبة للطرفين يتمحور حول هذه القضية، لكنه لا ينفك يتناسل سراعاً حول مسائل ترتبط بها وتتشابك معها من قريب أو بعيد (كالموقف من الاحتلال الأمريكي، والموقف من المشهد السياسي الذي استجد في العراق، ومن الفاعلين في هذا المشهد، و .. ما إلى ذلك حتى يصل بنا التناقض في أقصى مداه إلى حدود استثنائية متطرفة، تتمثل في الموقف من أفراد الشرطة العراقية الجديدة وأفراد الحرس الوطني الذين أصبحت هناك فتاوى عدة تحلل قتلهم، فضلاً عما يعتري المشهد العراقي من سيارات مفخخة تستهدف أفراد الشرطة والحرس الوطني ومن يحاول أن ينتمي لهذين القوتين من الشباب، مثلما تستهدف الأطفال والمدنيين العراقيين مثلاً !!) كل ذلك في سلسلةٍ مترابطة من المفاهيم، يمكن لأيٍ منها أن يشكل المحور الأساس لهذه الآلية، مثلما يمكن الانطلاق منه في دورةٍ أخرى.
استناداً إلى ما سبق، هل يمكن بأي حال من الأحوال أن نتحدث عن وجود مجتمع عراقي (واحد) ؟ أو أن الحال، وكما رأينا، هو مجتمع (موحَّد) - إذ يشير التشديد إلى تصعيد الفعل بالقوة لا بالإرادة – أي إنه موحدٌّ بالقوة في اجتماعه السياسي. وهنـا يصبح لزاماً أن نسأل: حتى متى يبقى فعل توحد المجتمع في العراق محكوماً بالقوة ؟؟



#علي_وتوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الاجتماع السياسي للعراقيين ....عن أيّ مجتمع عراقي نتحدث ؟
- في أبعاد العولمة ومستوياتها
- انتهاكات حقوق الطفل في العراق 1-2
- بيئة الإنسان من منظور الثقافة والمجتمع
- 2-2 انتهاكات حقوق الطفل في العراق
- في مفهوم المواطنة ... وحقوق الإنسان


المزيد.....




- الأنشطة الموازية للخطة التعليمية.. أي مهارات يكتسبها التلامي ...
- -من سيناديني ماما الآن؟-.. أم فلسطينية تودّع أطفالها الثلاثة ...
- اختبار سمع عن بُعد للمقيمين في الأراضي الفلسطينية
- تجدد الغارات على الضاحية الجنوبية لبيروت، ومقتل إسرائيلي بعد ...
- صواريخ بعيدة المدى.. تصعيد جديد في الحرب الروسية الأوكرانية ...
- الدفاع المدني بغزة: 412 من عناصرنا بين قتيل ومصاب ومعتقل وتد ...
- هجوم إسرائيلي على مصر بسبب الحوثيين
- الدفاع الصينية: على واشنطن الإسراع في تصحيح أخطائها
- إدارة بايدن -تشطب- ديونا مستحقة على كييف.. وترسل لها ألغاما ...
- كيف تعرف ما إذا كنت مراقبًا من خلال كاميرا هاتفك؟


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - علي وتوت - عراق (واحد) أم (موحّد)...... عن أيّ مجتمع عراقي نتحدث ؟