أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمل زاهد - وهم الخصوصية !!!















المزيد.....


وهم الخصوصية !!!


أمل زاهد

الحوار المتمدن-العدد: 1581 - 2006 / 6 / 14 - 08:40
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


لا تزال قضية الخصوصية احدى القضايا التي تشكل كثيرا من الارباك للوعي الجمعي العربي بضبابية مفهومها والتباس مضمونها ، والخوف على الخصوصية وانتهاك قيمها يمثل الورقة الرابحة التي يبرزها كل من يريد التشبث بأهداب الماضي حتى لو أثبت عدم صلاحيته ونفعه في زمن تتلاطم فيه المتغيرات كما يقف ذلك الخوف على الخصوصية كحجر عثرة في سبيل التحاقنا بركب العصر. وغالبا ما تتردد كلمة الخصوصية إبان أية محاولة للتغيير أو التطوير حتى صارت شبحا مخيفا يطل برأسه ويقحمها حتى في أصغر الأمور التي من المفترض أن لا يختلف عليها إثنان ، لنغرق في غياهب توهيمات وضلالات تجعلنا نراوح مكاننا دون القدرة على التحرك في طريق نتطلع إلى ولوجه واختراق حواجزه منذ أن انحسرت شمس العزة والمجد من سمائنا !! فلا نزال ندور في دوائر مغلقة حول ثنائيات أحكمت بخناقها علينا منذ زمن لتمنعنا من التقدم والتطور ، ثنائيات مثل الأصالة والمعاصرة والتراث والحداثة والتعديدية والأحادية والخصوصية والعالمية وأخيرا الهوية والعولمة .
دون شك لكل ثقافة خصوصيتها وملامحها المحددة التي تجعل منها كيانا مستقلا بذاته متفردا ببنيته متميزا بتركيبه ، ولا يعني احتكاك الثقافات بعضها ببعض أن تزول الخطوط الفاصلة أو تندثر الملامح المميزة لكل ثقافة ، والاندماج لا يعني الانصهار والذوبان بل يعني التلاقح والتفاعل بين الثقافات فتأخذ كل ثقافة ما تراه مناسبا لها وموائما لأنساقها ومنسجما مع ذاتها من باقي الثقافات ، مع انتخاب الأفضل من موروثها ليتناسل من هذا التلاقح مولودا جديدا صحيح البنية صلب التكوين فيه افضل ما في القديم من مميزات وأحسن مافي الثقافات الأخرى التي يتاح له الاحتكاك بها والتلاقح معها من صفات .
وغني عن الذكر أن الثقافة في تعريف علم الاجتماع هي مجموعة العادات والتقاليد والأوضاع الاجتماعية والقيم السائدة في مجتمع ما وكل ثقافة تتفاعل مع الحضارة المعاصرة بناء على خصائصها المحددة تلك ، فتقبل ما تقبله وترفض ما ترفضه . و الثقافة الغربية نفسها ليست ثقافة واحدة بل هي ثقافات متعددة لكل منها ما يميزها مع اشتراكها في بعض الخصائص والصفات . فهناك الثقافة البريطانية والثقافة الفرنسية والثقافة الإيطالية والثقافة الأمريكية وغيرها ، فالثقافة الإيطالية احتفظت بطرازها المعماري والثقافة الأسبانية احتفظت بهويتها الموسيقية والفرنسية بعاداتها الغذائية والانجليزية بتنظيمها ودقتها كما تنزع الثقافة الأمريكية نحو الابهار والضخامة .
الحضارة المعاصرة تتسع للاختلاف وتشجعه لأنها تعتبره مصدرا للثراء والتنوع ، وتؤكد على الخصوصية مع فتح الباب على مصراعيه لانتقاء القيم الجيدة من الثقافات الأخرى ، فلا خوف على الخصوصية إلا من الانكفاء على الماضي والتقوقع حول الذات لأن ذلك سيكرس لدورنا كمستلهكين للحضارة وليس كمنتجين لها ويجعلنا نغرق في النرجسية وتضخيم الذات والاعجاب المرضي بالماضي دون القدرة على خلق حاضر مواز له في العزة والمجد ، والاغراق في النرجسية أيضا يجعلنا نرفض الآخر المختلف وننفيه، وتجعل من تفهم باقي الثقافات وتقبل اختلافها أمرا عصيا على التحقيق .
والكارثة أننا إذا اكتفينا بلعب دور المستهلك ولم نعمل على إعداد أنفسنا للعب دور الشريك الفاعل في نسيج الحضارة المعاصرة فإننا سنستمر في لعب دور التابع الذليل. فقد فقدت بعض الثقافات مناعتها ضد الهيمنة وأصبحت تابعة والسؤال الذي يلح علينا هو لماذا فقدت ثقافتنا مناعتها ضد الهيمنة وأصبحت تابعة ؟ ولماذا أصبحنا مجرد متفرجين ومبتلعين لتقنيات الحضارة ؟ وهل في هذا ما يفسر إحساسنا المرضي بتآمر الكون علينا وعلى ديننا ؟ ولماذا نصر على تجاهل قيم ديننا العظيمة والتي ترفع من شأن العمل وتربط بينه وبين العلم ؟ والتي تُعلي أيضا من شأن العقل والتفكر والتأمل والتدبر فيما حولنا ؟ الدين الإسلامي ليس هشا ولا ضعيفا وتعاليمه قادت الملسمون الاوائل إلى طريق العلم والبحث والتجربة ، وحرضت العقول على التفكر في سنن الله ومعجزاته في الآفاق ، وقد أخذت الحضارة الحديثة من الحضارة الإسلامية منهج البحث العلمي القائم على الاستقراء والتجربة كما أخذت من الحضارات التي سبقته حتى امتشق عودها واستوى تكوينها . ولكن المسلمين هم الضعفاء لأنهم يتعاملون مع الآخر من منطلقات الإحساس بالنقص وعقد التوجس ، ولا خوف على ديننا أو إيماننا من احتكاكنا واندماجنا مع الآخر، ونستطيع أن نتقدم ونتطور ونندمج في الحضارة المعاصرة دون أن نفقد هويتنا أو خصوصيتنا الثقافية .. علينا فقط أن نثق بأنفسنا وننقد موروثنا الثقافي بكل شجاعة وننتخب منه ما يدفعنا قدما في طريق التقدم ، وأن ننفتح على الآخر ونتخلص من مخاوفنا المرضية .
وقد استطاعت كل من كوريا واليابان والهند وماليزيا أن تدخل إلى العصر ورغم ذلك لم تقفد هويتها وخصوصيتها لأنها لم تتوجس من الغرب ولم تركن إلى عقد النقص ولم تسقط في فخ الإحساس بالتآمر الذي يقود كنتيجة محتمة إلى ثقافة التبرير والكسل والخمول وانتحال الأعذار والأسباب للتخلف ، وهذه الدول أيضا لم تنكفأ وتتوقع على ذاتها بل انفتحت على الثقافات الأخرى لتأخذ منها ما ينسجم مع أنساقها وما يتوافق ويتواءم مع أسلوبها العام وموروثها و طرائق عيشها .
لم يعد لنا خيار في دخول العصر أو عدم دخوله ، فركب الحضارة أمامنا يروح ويخلي وراءه كل من لا يخضع لمتطلبات هذه العصر ولشروطه وقوانينه ، ولانزال نحن ندور في أفلاك الخوف والتوجس غير قادرين على الانفكاك من أسرها ، ولا نزال نزدرد منتجات الحضارة الحديثة ونرفل في نعيم انجازاتها ثم نلعنها ونصب جام غضبنا عليها ونرجع كل سلبيات حياتنا إلى اقتحام هذه الحضارة عالمنا واكتساحها الجارف له .. ونحيل عجزنا وضعفنا وعدم جديتنا في العمل لتآمر الآخر علينا . ليس هناك مفر من الانخراط في ركب الحضارة الحديثة ، إما كصنّاع لهذه الحضارة وإما كمستهلكين لمنجزاتها وشتان ما بين الصانع والمستهلك !! والمسألة ليست مسألة قبول أو رفض أو انتقاء لأننا لسنا في سوبر ماركت ! المسألة إما أن ندخل العصر كشركاء وإما كمتطفلين وليس هناك خيار ثالث لأننا وببساطة لا يمكن أن نعيش خارج العصر !!
أمل زاهد



#أمل_زاهد (هاشتاغ)      



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295





- أمسكته أم وابنها -متلبسًا بالجريمة-.. حيوان أبسوم يقتحم منزل ...
- روبيو ونتانياهو يهددان بـ-فتح أبواب الجحيم- على حماس و-إنهاء ...
- السعودية.. 3 وافدات وما فعلنه بفندق في الرياض والأمن العام ي ...
- الولايات المتحدة.. وفاة شخص بسبب موجة برد جديدة
- من الجيزة إلى الإسكندرية.. حكايات 4 سفاحين هزوا مصر
- البيت الأبيض: يجب إنهاء حرب أوكرانيا بشكل نهائي ولا يمكن الق ...
- نتنياهو: أبواب الجحيم ستُفتح إذا لم يُفرج عن الرهائن ونزع سل ...
- رئيس وزراء بريطانيا يتعهد بـ-الضغط- لإطلاق سراح علاء عبدالفت ...
- وزارة الدفاع السورية تتوصل إلى اتفاق مع فصائل الجنوب
- -ربط متفجرات حول عنق مسن-.. تحقيق إسرائيلي يكشف فظائع ارتكبه ...


المزيد.....

- الخروج للنهار (كتاب الموتى) / شريف الصيفي
- قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا ... / صلاح محمد عبد العاطي
- لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي / غسان مكارم
- إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي- ... / محمد حسن خليل
- المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024 / غازي الصوراني
- المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021 / غازي الصوراني
- المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020 / غازي الصوراني
- المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و ... / غازي الصوراني
- دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد ... / غازي الصوراني
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - أمل زاهد - وهم الخصوصية !!!