أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بولات جان - مقاومة الحرب النفسية















المزيد.....

مقاومة الحرب النفسية


بولات جان

الحوار المتمدن-العدد: 6542 - 2020 / 4 / 20 - 22:37
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


هنالك الكثير من الحروب التي يشنها قوة ما على قوة أو هدف آخر. هنالك الحروب الساخنة و المباشرة أو التي يتم استخدام النار و السلاح فيها و هنالك الحروب الاقتصادية، و الحروب الثقافية و العديد من أنواع الحروب الأخرى عبر التاريخ. و كذلك هنالك الحروب النفسية و التي تعتمد على الدعاية و الهجمات الإعلامية المختلفة و التي نسميها بالحرب الخاصة. نحنُ الكرد لنا باع طويل في التصدي للحرب الخاصة القادمة من الدول طوال عقود من الزمن.
الدول المهيمنة لم تكتفِ باحتلال كردستان و استغلال مقدرات بلادنا و إنكار هويتنا بل عملت بكل ما في وسعها لتطبيق سياسة حرب شاملة لطمس الهوية و قتل الشخصية و القضاء على كل القيم الوطنية الديمقراطية الأصلية للشعب الكردي.
تلك الدول لم تكتفِ بمنع اللغة و الثقافة و القيم الكردية، بل عملت على جعل الشعب الكردي يتهرب من حقيقته و يتقبل عن رضا هذا الصهر القومي المقيت. حيث بات الكثير من أبناء الشعب الكردي يخجلون من حقيقتهم و لا يتلفظون بكلمة كردية و يتحولون إلى عرب-فُرس- أتراك، أكثر بكثير من أبناء هذه القوميات. لكن الحرب الخاصة لم تكن ضد الشعب الكردي فقط، بل كانت موجهة إلى الجماهير العربية و الايرانية والتركية أيضاً، حيث باتت هذه الشعوب من أكثر الشعوب (حمقاً و غفلة) في العالم.
هذه الدول مارست من خلال دوائر الحرب الخاصة شتى أنواع غسل الأدمغة و التشويش على العقل الكلي للجماهير، حيث استخدمت الرياضة و خاصة كرة القدم و السينما و الأفلام و القنوات الفضائية و الجرائد و الإذاعات و المدارس و حتى المساجد في هذه الحرب القذرة. فالإعلام و الرياضة و السينما التابعة لهذه الانظمة تعد منابر للحرب الخاصة بالدرجة الأولى.
فقد جعلت هذه الحرب الخاصة الشاملة من الجماهير الشعبية تبتعد ألف ميل عن رؤية الحقائق أو حتى الشعور بالعبودية و القهر الذي يرزحون تحتها. و كل الذين يتحررون من براثن الحرب الخاصة للانظمة القمعية يتحولون إلى أهداف لوحشية الأمن و الجيش و الدوائر المخابراتية. فقد رأينا كل ما آل إليه حال الثوار و اليساريين و المعارضين الذين نادوا بالعدالة و الحرية و رفضوا الخنوع للنظام الاستبدادي، الشمولي و الفاشي.
شعوب المنطقة عامة و الكردي خاصة وجهاً لوجه أمام أبشع الحروب إن كانت من خلال الجيش أو الحرب الثقافية و الإعلامية و النفسية أي الحرب الخاصة. الجيش و الحكومة و الإعلام و كل الأحزاب الكلاسيكية متحالفة لمحاربة الشعب الكردي. فالإعلام الرسمي التركي و السوري و الايراني من أقذر المؤسسات في المنطقة و هي بعيدة كل البعد عن القيم و الأخلاق المعروفة لدى الصحافة الحقيقية. فكل يوم هنالك العشرات من الأخبار الكاذبة و الهجمات الشرسة في الجرائد و التلفزة و الانرتنت. لكن هذا الإعلام الشوفيني(إن كان الحكومي أو المعارض منه) لا يكتفي فقط ببث الأخبار الكاذبة، بل يدعو من خلال المقالات و الحوارات الصحافية إلى نبذ الأكراد و تحريض الجماهير الغوغائية و المتشربة بروح الشوفينية على مهاجمة المواطنين الكرد و التشهير بالقيم و المؤسسات الديمقراطية الكردية و كيل الشتائم و السباب القذرة على الشعب و الشخصيات الكردية.
الإعلام الرسمي بأكمله، الفضائيات و الراديو و الجرائد و المجلات و مراكز الإعلان و الدعايات و الوكالات و الصحافيين يتحركون حسب أوامر الحُكام و الجيش و الدوائر الأمنية و يعملون وفق التوجيهات التي تصدرها لجنة الإعلام التابعة للدولة الخفية. أي ليس هنالك إعلام حر أو مستقل، و ليس هنالك سير خبري صحيح و صادق، أي ليس هنالك أية مصداقية أخلاقية أو مهنية للإعلام الرسمي التركي و السوري. لذا يجب أن لا ننخدع أو نصدق أي شيء يبثها هذه المؤسسات من أخبار. و الأنكى من كل ذلك أن الإعلام الخاص و حتى الإعلام(المعارض) ليس بأفضل حالاً من الإعلام الرسمي و خاصة في تعاطيه مع الشأن الكردي و حقوقه القومية، و كأنها تنافس إعلام الحكومة في مدى قلبها للحقائق و طمسها للهوية الكردية و السعي إلى استخدام القوة الكردية لأجل مآربهم و أجندتهم الخاصة.
الأمر ليس متعلقاً فقط بالأخبار و الأنباء و الاستطلاعات و التحقيقات الصحافية، بل يتخطى الأمر إلى البرامج الترفيهية و حتى الثقافية و الدراما. على سبيل المثال ، فالمسلسلات التي تنتجها القنوات التركية بعيدة كل البعد عن الحقيقية المعيشية للشعب التركي، و هي مسلسلات تهدف إلى إلهاء الجماهير و إدمانها على هذه الأمور التافهة و التعلق بأحداثها. و هنالك بعض المسلسلات الموجهة إلى الجماهير الكردية، حيث نلاحظ استخدامهم لبعض الأسماء الكردية و تصويرها في بيئة كردية، مع العلم بأن فحوى هذه المسلسلات لا تتعدى احتقار الأكراد و إظهارهم للعالم و كأنهم متخلفين و عشائريين و ليس لهم شغل شاغل سوى أمور العشيرة و العشق و الثأر القبلي. منتجي هذه المؤسسات يتعدون على القيم الكردية و يستخدمون أسماء مثل (زيلان و ديلان و بيريفان) في هذه المسلسلات التافهة. و من المؤسف أيضاً بأن بعض الأكراد البسطاء ينخدعون بهذه الألاعيب و يدمنون على متابعة هذه المسلسلات التافهة. و الأنكى من كل ذلك هو تسويق هذه التفاهات إلى العالم العربي عبر دبلجة هذه المسلسلات و خاصة من قِبل شركات سورية و بتمويل خليجي. بالإضافة إلى المسلسلات هنالك الكثير من الأغاني و الكليبات الهابطة التي تفتقر إلى أبسط القيم الفنية و المعايير الثقافية المتقدمة. و لا تخلو كمبيوترات الشباب في سوريا و الدول الأخرى من أشباه لأغاني هذه الحثالة الفنية. هنالك العشرات من القنوات التركية و العربية الخاصة بالأغاني على مدار الساعة، و أخطر هذه القنوات هي التي تتموه بطابع (معارض) و التي تبث أحياناً بعض الأغاني الكردية، فهذه القنوات تعمل على منافسة قنواتنا الوطنية الحرة و التقليل من عدد مشاهديها. أن التعاون العربي-التركي على انتاج و دبلجة و بث مسلسلات مسيئة إلى مشاعر الشعب الكردي و ثوراته و قيمه أمر لا يمكن القبول به و هو يأتي ضمن استراتيجية القضاء على الكردي الحر و غسل دماغه.
بالإضافة إلى الأخبار و المسلسلات و الكليپات هنالك الرياضة و خاصة كرة القدم التي تلعب دوراً كبيراً في الحرب الخاصة. فقد باتت المجتمعات الاستهلاكية منقسمةً على نفسها بحسب تأييد فرق كرة القدم. كثيراً ما تحدث المعارك الطاحنة بين مؤيدي هذا و ذاك الفريق. هذه المعارك تجعل الإنسان يقلق على هذه الحالة من انعدام المنطق و العقل. فقد باتت هذه الجماهير الكبيرة من المؤيدين و المتناحرين فيما بينهم كالبهائم التي تتحرك وفق الغرائز البدائية الهمجية. فبدلاً أن يفكر هؤلاء بالمستقبل الاقتصادي و السياسي لبلادهم فهم في حالة جنونية في تشجيع فريقهم و محاربة مؤيدي الفرق الأخرى. و هذا الأمر أيضاً يصب في صالح الأنظمة التي تريد أن تبقى الجماهير في نومها الوردي، و عصرها الجليدي... و لكن هيهات أن تبقى الشعوب نائمة!
من المؤسف جداً بأن جماهير واسعة من الشعب الكردي يتابعون و يشجعون بعض فرق كرة القدم و يستميتون في تشجيعهم و لا تفلت منهم مباراة واحدة على الإطلاق. و من المحزن أيضاً بأن عدد كبير من المثقفين و الطلبة الكرد لم يتخلصوا بعد من هذا المرض، فنراهم يحترقون شوقاً إلى متابعة مباراة بين هذا الفريق و ذاك و يعلقون رايات لبلدان اجنبية في غرفهم و أسرتهم.
الدول تعمل من خلال ثالوث (الجنس) و (الرياضة) و(الفنون) على إفراغ الإنسان من كل قيمه الإنسانية و المعنوية. هذه الحرب موجهة إلى كل الذين يتابعون بأي شكل من الأشكال و في أي مكانٍ كان وسيلة من وسائل إعلام السلطة أو نتاجاته من أفلام و مسلسلات... الخ. و هي موجهة إلى داخل الصف الكردي بشكلٍ خاص. حيث هنالك مساعي حثيثة و جهود لدائرة الحرب الخاصة للتسرب إلى داخل البيت الكردي و غزو عقولنا من خلال الإعلام و خاصة القنوات الفضائية.
الأمر ليس متعلقاً باختلاف الأذواق و الهوايات بين الأشخاص. بل الأمر يتعلق بحرب خاصة يجب الحماية منها و اخذ التدابير اللازمة ضدها. فكما نقوم باتخاذ التدابير اللازمة ضد الغارات الجوية و نحفر الخنادق للحماية من القصف المدفعي، كذلك يجب الاقتراب بنفس الجدية و أخذ التدابير اللازمة ضد الغزو الفكري و الحرب النفسية و الثقافية التي تشنها الدول دون توقف ضدنا. و كل ضعف في خطوطنا الدفاعية تعني نصراً للعدو.
ثقافتنا الكردية الأصيلة و فنوننا الثورية الديمقراطية أقوى و أغنى بألف مرة من الثقافة الهابطة للمؤسسات الرسمية الهجينة. لذا سيكون مؤسفاً جداً أن نتهرب من هذه الثقافية إلى ثقافة الحرب الخاصة الرديئة التي تقتل الروح و الذوق السليم و الحس الإنساني الراقي و لا تخاطب سوى الغرائز و الشهوات الآنية و نقاط الضعف الشخصية لدى ضعاف النفوس.
الأمر لا يتوقف فقط في حدود الإبتعاد عن مصادر و قنوات هذه الحرب، بل يجب شن الحرب ضدها و مكافحتها و نقد كل من يقترب منها أو يعمل على نشرها بيننا. نحنُ الشعب الكردي لدينا ثورتنا، كفاحنا و مواضيع حياتية مهمة يجب النقاش حولها في حياتنا و نقاشاتنا اليومية، و ليس صحيحاً النقاش حول هذه المباراة و هذا الفريق و هذا المسلسل... الخ. و يجب توجيه الانتقادات الشديدة إلى كل شخص يتهاون في هذا الأمر.



#بولات_جان (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- حرب الإشاعات
- السجدة (5)
- السجدة (4)
- السجدة (3)
- السجدة (2)
- السجدة
- تحذيرات لم تلقى آذاناً صاغية... و مجازر شنغال
- جمهورية كردستان السوفيتية-3
- جمهورية كردستان السوفيتية-1
- جمهورية كردستان السوفيتية-2
- الدين و تغريبة الكردي
- على كتّابنا وأدباءنا تخليد ثورة روج آفا
- -نحنُ لا نعادي الكُرد... و لكن-
- واجبات العالم تجاه الكُرد
- نفاق المصطلحات
- حقائق يجب معرفتها حول انطلاقة ثورة 19 تموز
- الديك الذي تحول إلى دجاجة
- سقوط حلب الشرقية
- كوباني تنبعث من رمادها
- أ و لم أقل بأنك لا تستطيع؟!


المزيد.....




- الجيش الأوكراني يتهم روسيا بشن هجوم بصاروخ باليستي عابر للقا ...
- شاهد.. رجل يربط مئات العناكب والحشرات حول جسده لتهريبها
- استبعاد نجم منتخب فرنسا ستالوارت ألدرت من الاختبار أمام الأر ...
- لبنان يريد -دولة عربية-.. لماذا تشكّل -آلية المراقبة- عقبة أ ...
- ملك وملكة إسبانيا يعودان إلى تشيفا: من الغضب إلى الترحيب
- قصف إسرائيلي في شمال غزة يسفر عن عشرات القتلى بينهم نساء وأط ...
- رشوة بملايين الدولارات.. ماذا تكشف الاتهامات الأمريكية ضد مج ...
- -حزب الله- يعلن استهداف تجمعات للجيش الإسرائيلي
- قائد الجيش اللبناني: لا نزال منتشرين في الجنوب ولن نتركه
- استخبارات كييف وأجهزتها العسكرية تتدرب على جمع -أدلة الهجوم ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - بولات جان - مقاومة الحرب النفسية