|
الديمقراطيات التحتية الشعْبوية خطرٌ على الانظمة الديمقراطية - تركيا نوذجاً -
سعيد الوجاني
كاتب ، محلل سياسي ، شاعر
(Oujjani Said)
الحوار المتمدن-العدد: 6540 - 2020 / 4 / 17 - 17:35
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
هل يجوز اعتماد الديمقراطية التحتية ، او الشعْبوية ، لبناء أنظمة دكتاتورية استبدادية وفاشية ؟ فباسم الشعب ، يلجأ الدكتاتوريون إلى توظيف ، واستعمال الشعب الهجين ، لبناء أنظمة فاشية ، على أنقاض أنظمة ديمقراطية . بالأمس كان الدكتاتور يلجأ الى الجيش ، لبناء هيكله المعادي للديمقراطية . أما اليوم ، ودراً للرماد في أعين محور الديمقراطية ، الذي يراقب الانتهاكات الديمقراطية في المحيط ، يلجأ الدكتاتور الى الشعب ، الذي ينتهي دوره بمجرد رمي ورقة" نعم " في الصندوق ، وليترك للدكتاتور ما تبقى من بناء وتشييد السجن ( البيت ) الدكتاتوري الكبير . ان ما حصل بتركيا باسم الشعب ، وباسم الانتخابات الشعْبوية ، وباسم الديمقراطية التحتية ، لهو انتكاسة ما بعدها انتكاسة للديمقراطية ، وللدولة العلمانية التي تنبذ التفرقة ، وتنبذ العصبية ، والطائفية ، وتنتصر الى الشعب ، فقط الى الشعب ، بغض النظر عن قبائله ، وإثنياته ، وأعراقه ، وطوائفه . ان الدولة اللاّئيكية ، هي دولة الشعب ، والشعوب المكونة للدولة . أما بناء الدولة الفاشية ، فهي تجسيد كاشف للعنصرية والطائفية ، والتمييز بين مختلف مكونات المجتمع ، والأكثر خطورة حين يتم كل هذا الانقلاب ، مغلفاً بالدين الاخواني في اقبح مظاهره البشعة . لقد قطعت تركيا مع الديمقراطية ، وحولت العلمانية إلى أخْونة فاشية ، تنتهي مع مرور الزمن الى نظام ( الخلافة ) على الطريقة السجلوقية العثملية ، وأي خلافة في ظل الشبكة العنكبوتية ، والانترنيت ، والهواتف النقالة ، والطائرات ، وما الى ذلك من ابتكارات بفضل العلم ، وليس باللاّهوت المزيف الذي هو خدمة الحاكم الطاغية ، والحاكم باسم الله ، وليس باسم الشعب ، والمفروض فيه ان يكون في خدمة الشعب . ان خليفة المستقبل السجلوقي ، يعترف بإسرائيل ، ويتبادل معها السفارات ، ويشترك معها في المناورات العسكرية ، ويتبادل معها الجاسوسية ، بخصوص العربان المهزومين ، مجرمو سورية ، والعراق ، واليمن ، وليبيا . فعن اي خليفة ، وعن اي خلافة يتحدث الإخوان المتأسلمون ؟ لقد استعمل الطاغية السجلوقي ، المملوكي ، العثملي ، الديمقراطية التحتية ، وهي ديمقراطية انتحارية ، في تقويض صرح النظام الديمقراطي البرلماني ، وبناء النظام الرئاسي الدكتاتوري الذي يركز كل السلط بيد السجلوق ، الذي يختزل الدولة فيه ، ويختزل نفسه في الدولة . الدولة أنا ، أنا الدولة . إنها نفس الديمقراطية التحتية ، التي جاءت بهتلر ، وبموسوليني الى الحكم ، فكانت النتيجة بشاعة الحرب العالمية ، وما رافقها من خراب ، وتدمير باسم الشعب ، وباسم كلمة الشعب . لقد ركز السجلوقي كل السلط بشخصه ، ويكُون بذلك قد قلب وجه الإمبراطورية المملوكية العثملية ، من الديمقراطية ، الى نظام أكثر شمولي ، ورجعي ، واستبدادي ، وأكثر من استبدادي ، لأنه يوظف الفاشية الاخوانية ، في محو الطوائف الأخرى ، من كردية ، وعلمانية معادية للاخوانية . لقد ألغى السجلوقي منصب الوزير الأول ، وأضحى هو الرئيس ، ورئيس الوزراء المرتبطين بشخص الرئيس ، لا المرتبطين بالبرلمان ، والمسئولين أمام الرئيس الذي هو رئيسهم ، لا أمام الشعب من خلال نوابه بالبرلمان . فإذا كانت الديمقراطية التحتية باسم الشعبوية ، تؤسس للدكتاتورية والفاشية ، وإذا لم يكن من حل غير الاستبدادية ، فأحسن ان ينتفض الجيش ، لبناء ديمقراطية الشعب ، بدل ديمقراطية – دكتاتورية الطائفة . فهل سيستفيق الجيش التي تربى وترعرع في جو الديمقراطية العلمانية الأتاتوركية ، لمحو الإذلال ، والذل ، والمهانة التي لحقته باسم انقلاب مزعوم ، ولإعادة بناء الدولة الديمقراطية ، بدل الدولة الفاشية ؟ السجلوقي ( الخليفة ) في دولة الخلافة العثملية ، الاستبدادية ، الاقطاعية ، وباسم العالمية التي تعمل لها حركة الاخوان المتأسلمين ، رمى اذرعه الى خارج قلعة الاقطاعية العثملية ، للتأسيس لنظام الخلافة المنتظرة ، فلم يتردد في تدمير سورية للظفر بنصيب من ترابها ، ولم يتردد باسم الدفاع عن الاخوانية ، باسم الدفاع عن السنة ، في الاستئثار بفرق عراقية لتأزيم الوضع ، بما يسهل عليه بقر جزء من العراق ، وهو الذي لم يغمض له جفن حتى يكمل مشروعه بالسطو على ليبيا ، وليصل الى تونس التي يحكمها اخواني من حزب اخوان النهضة ، وقد حاول التمدد باسم التاريخ الاستعماري ، التقرب من النظام الجزائري التي قاعدته متأثرة بالاسلاموية ، وحاول السيطرة على المغرب ، بمبايعته من قبل اخوان حزب العدالة والتنمية ، وبالمحلات التجارية الرخيصة الثمن " بيم / Bim " ، دون ان نغفل قاعدته المتأصلة بالضفة الغربية بواسطة " حماس الاخوانية " ، و" الجهاد السنية " ، وكادت خطته الانقلابية ان تنجح بهدوء ، وقد راهن عليها كثيرا ، بنجاح عصابة الاخوان من السيطرة على مصر ، التي اصبح على راس الدولة ، اول اخواني ، هو العياط مرسي الذي شرع في التنسيق مع عاصمة ( الخلافة ) العثملية ، إضافة الى الشروع في التنسيق مع " حماس الاخوانية " ، و دولة قطر الراعية لتنظيمات الاخوان المتأسلمين ، للشروع في تصميم هياكل نظام الخلافة الاسلاموية . لكن ما يؤسف له ان كل المخططات التآمرية ، والانقلابية التدميرية ، تخص فقط العالم العربي ، دون غيره من دول العوالم الأخرى . فالعالم العربي اضحى مختبر التجارب القومية الغير عربية ، واضحى غنيمة يتصارع حولها الجميع ، للاستيلاء على ارضه ، وخيراته ، وثرواته ، مرة باسم الإسلام ، وهنا يجدر بنا الصراع الذي يعود الى 1400 سنة بين ايران الشيعية التي تعمل للسيطرة على سورية ، العراق ، ولبنان ، وبين تركيا السنية التي تتصارع مع ايران الشيعة للسيطرة على العراق ، وسورية ، والضفة الغربية ، وشمال افريقيا ، أي الصراع بين الإمبراطورية الفارسية ، والامبراطورية السجلوقية العثمانية ، ناهيك عن أطماع واشنطن والاتحاد الأوربي . ان الانتخابات الشعْبوية ، والديمقراطيات التحتية الانتحارية ، هي سبب خلق هذه النماذج السياسية الدكتاتورية ، للأنظمة الفاشية التي توظف الدين للسيطرة على الدولة ، ومنها السيطرة على المجتمع ، كما انها لا تتردد في استعمال وتوظيف الدين ، لتبرير التـآمر على الدول الأخرى ، وتبرير غزوها او اقتطاع جزء من ترابها . فهل يجوز الاعتماد على الديمقراطيات التحتية / القاعدية ، وبواسطة الانتخابات الشعْبوية ، لخلق ديمقراطيات باسم الدين ، غارقة في الفاشية السياسية ، وفي الاستبدادية والاقطاعية ؟ إذا كانت الديمقراطية هي الأصل في بناء الأنظمة السياسية الديمقراطية ، فإنها وبحكم المصلحة العامة ، ومصلحة الدولة ، ومصلحة الديمقراطية ، تصبح استثنائية ، إذا كانت الآليات الديمقراطية المستعملة ، ستأتي بأنظمة فاشية ، دكتاتورية ، استبدادية وطاغية . ولتجنيب البلد الأسوأ ، وللحيلولة دون المخاطر القادمة ، تبقى المسؤولية على كاهل الجيش الضامن لوحده سير المؤسسات الدستورية ، ان يتدخل بالقوة لمنع الاخطار التي ستتسبب فيها الديمقراطيات التحتية ، بواسطة الانتخابات الشعبوية .
#سعيد_الوجاني (هاشتاغ)
Oujjani_Said#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
الكاتب-ة لايسمح
بالتعليق على هذا
الموضوع
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
مجلس الامن واجتماع الاحاطة حول نزاع الصحراء الغربية
-
الشبيبة المغربية صانعة الحدث في الماضي
-
ياسر العبادي
-
العفو الملكي
-
الاسلام السياسي
-
البربر
-
جايْحت كرونا ونزاع الصحراء
-
ماذا بعد كورونا / فيروس
-
منذ متى كان قرار وزير الداخلية قرارا ملكيا صرفا ؟
-
جايْحتْ كورونا
-
الأمين العام للأمم المتحدة ونزاع الصحراء
-
تفكيك وتحليل الدولة المغربية
-
المرأة والجنس في المجتمع الرأسمالي
-
حرب الراية
-
أمريكا / حماقة
-
جبهة البوليساريو تتمتع بتمثيلية قانونية بسويسرا
-
الرئيس الموريتاني يؤكد الاعتراف بالجمهورية الصحراوية
-
كيف يفكر الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني
-
النموذج التنموي
-
الأزمة الاقتصادية هي أزمتهم وليست أزمتنا نحن
المزيد.....
-
أوكرانيا تتعمق أكثر في الأراضي الروسية.. وهذه الإجراءات التي
...
-
-الغموض المتعمد-.. مصدر في حماس يوضح لـCNN موقف الحركة من ال
...
-
هل تمتد سيول السعودية إلى مصر؟
-
الصحة في غزة تصدر تحديثا لبيانات ضحايا الحرب
-
اليابان في حالة قلق بعد أول تنبيه -للزلزال العملاق-.. ما تدا
...
-
في السودان، أمطار تهطل في غير موسمها تفاقم معاناة السكان
-
-تاس-: القوات الأوكرانية تنسحب من بعض مواقعها على محور بوكرو
...
-
علاء الدينوف: قوات كييف خططت للاستيلاء على محطة كورسك النووي
...
-
-حادث كبير-.. تسرب كيميائي في بريطانيا
-
الخارجية الروسية: أوكرانيا بهجومها على كورسك أوقفت الحديث عن
...
المزيد.....
-
الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ
/ ليندة زهير
-
لا تُعارضْ
/ ياسر يونس
-
التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري
/ عبد السلام أديب
-
فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا
...
/ نجم الدين فارس
-
The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun
/ سامي القسيمي
-
تأملات في كتاب (راتب شعبو): قصة حزب العمل الشيوعي في سوريا 1
...
/ نصار يحيى
-
الكتاب الأول / مقاربات ورؤى / في عرين البوتقة // في مسار الت
...
/ عيسى بن ضيف الله حداد
-
هواجس ثقافية 188
/ آرام كربيت
-
قبو الثلاثين
/ السماح عبد الله
-
والتر رودني: السلطة للشعب لا للديكتاتور
/ وليد الخشاب
المزيد.....
|