أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - العشوائية اللاغائية الغير مخططة تصنع الحياة والوجود















المزيد.....



العشوائية اللاغائية الغير مخططة تصنع الحياة والوجود


سامى لبيب

الحوار المتمدن-العدد: 6538 - 2020 / 4 / 15 - 21:43
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


- نحو فهم الحياة والوجود والإنسان (98) .
- أنا فهمت الآن – الجزء السابع .

هذا المقال وسابقه يتناول فكرة أن العشوائية فى الطبيعة هى الأصل , فلا يوجد مشهد وجودى جاء من خلال خطة وترتيب وتخطيط غائى , فكل مظاهر الحياة والطبيعة هى نتاج فعل عشوائى بحت , وقولنا عشوائى يعنى أن ليس هناك خطة أو ترتيب أو تصميم للأحداث فهى تمت وفق ظروف مادية فيزيائية كيميائية بحتة , وما رؤيتنا النظامية إلا توائمنا وتأويلنا للمشهد الوجودى ووضعه فى صيغة قانونية .
شرارة هذا المقال جاءت من تعليق للأستاذ مروان سعيد عن نشأة القمر قال فيه : ( لقد تحاورنا مسبقا وقلت لك الذي تراه قبحا او عشوائي يمكن يكون له فوائد جمة مثلا اصطدام كوكب بحجم المريخ بالارض عند تشكلها الاول ..كثيرين يروه عمل عشوائي وفوضوي ولكن هو السبب باعطاء الحياة حيث تشكل القمر وانصهرت المعادن ونزل الحديد لمركز الارض وبسببه اعطى اتجاه دوران واقلاع للارض وبسببه اعطى ميول في محور الارض )
تعقيبى على هذا التعليق : ليست القضية التأمل فى إذا كان المشهد الطبيعى مفيداً أو ضاراً , فالطبيعة تنتج حراكها وفعالياتها بشكل عشوائى أى بدون رغبة وإرادة مُرتبة وهذه هى القضية التى تعنينا .. أما قصة النفع والضرر فهى مفاهيمنا وتأويلنا ونظرتنا للمشهد الطبيعى .
إن إقحام فكرة أن هناك إرادة وتخطيط ما لإنتاج القمر من تصادم كوكب بالأرض هو الهزال الفكرى بعينه , وتضع فكرة هذا المُخطط والمُدبر فى ورطة فهو لم يدرك شيئاً عن أهمية القمر وعجز عن خلقه مستقلاً ففكر بخبط كوكب بالأرض !
الفكر الإيمانى بوجود إله كصانع ومُرتب لكل مظاهر الطبيعة سيجد حرجاً شديداً عند تفسيره لمظاهر الطبيعة كمثال القمر , وعندما يناور بإعلانه عن الحكمة الإلهية والفوائد العظمى من هذا المثال فهو هنا يوؤل العلم ويقفز ويحتال عليه , فهو لا يملك أى إثبات بأن هذا السَبب جاء من ذاك المُسبب , وعندما يخفق فى إيجاد فائدة ما فى مثال آخر فهناك حكمة ما لا نعلمها !
هناك عشرات ومئات الأمثلة بل قل كل الأمثلة فى الطبيعة التى لا تحتاج مُخطط ولا مُدبر ولا مُصمم , فالأمور تتم وفقا ظروف مادية فيزيائية كيميائية بحتة متى تجمعت أنتجت المشهد الطبيعى والحياتى .

العشوائية اللاغائية فى المشهد الحيوى .. التطور والإنتخاب الطبيعي .
- نظرية التطور لتشارلز داروين قدمت لنا تفسيراً لتنوع الكائنات الحية وأصلها المشترك , لأرى أن داروين قدم لنا فكرة عامة وخطوط عريضة ليؤصلها مئات العلماء بعد ذلك بإكتشافاتهم العظيمة للحفريات والمستحدثات , ثم يأتى علماء بإكتشاف سر الحياة المتمثل فى الجينات ليصير التطور حقيقة واقعة مفهومة وليس مجرد رؤية .
- بالرغم من شيوع نظرية التطور وإعتمادها من كافة المؤسسات والأكاديميات العلمية , وبالرغم من ثبوت حقيقتها ووجود آلاف الشواهد على صحتها إلا أننى كنت متحفظ على بعض الكلمات الشائعة كالإنتخاب الطبيعى والتكيف والتأقلم .
بالرغم أن التطور والإنتخاب الطبيعي صار حقيقة دامغة لا لبس فيها يتكأ عليها علم البيولوجيا وتؤكدها كل مظاهر الحياة إلا أن توقفى أمام لفظية مقولة "الإنتخاب الطبيعى" و"التكيف " وما تصدرهما من معانى , لأرى أنها تسمح بالخطأ والإلتباس فى الفهم , ويرجع هذا إلى قوة الثقافة الميتافزيقية فى التسلل , فمقولة الإنتخاب الطبيعي تعنى أن الطبيعة تنتخب وتنتقى من الكائنات من يتواجد ويعيش ويتكاثر , وهذا فى رؤيتى مفهوم خاطئ يجعل من الطبيعة كيان واعى قادر على الإختيار والتقرير والإنتقاء بينما واقع الحال أن الطبيعة غير عاقلة ولا مريدة ولا تمارس أي دور واعي منظم بل يمكن القول بأن الكائنات الحية التى توافقت فى حالتها المادية مع حال الطبيعة المادي أمكن لها الإستمرار والبقاء بينما الكائنات التى تعارض وجودها وحالتها المادية مع الحالة المادية للطبيعة تعثرت وإنقرضت , فهكذا هو واقع الحال والمفهوم الصحيح للحالة المادية للطبيعة , فالطبيعة لا تَنتخب ولا تَنتقى ولا تَفْرز بل من يتوافق مع الحالة المادية للطبيعة سيبقى , من هنا نفهم معنى الصدفة والعشوائية كإنعدام الغاية والهدف والقصد فى الحياة .. الطبيعة هنا لا تختار ولا تنتخب وليست منحازه لأحد ولا رافضة لأحد كونها غير عاقلة ولاصاحبة وعى ولا غاية ولا خطة , لتتولد فى داخلى مشكلة تبحث عن حل لم يقدمه داروين عن ما الذى دفع الأمور للتغيير والتطور ؟!
- كذلك مقولة تكيف وتأقلم الكائنات مع الطبيعة فهذا يعنى وعي الكائنات الحية بالمستجدات وإمتلاكها الإرادة والقوة على تغيير ذاتها , وهذا يستحيل أن يحدث كون الطبيعة والكائنات الحية ليست عاقلة وليست صاحبة فكر وإرادة وغاية وخطة , لأعتبر تلك المقولات خاطئة ولكن يشفع لها أن هذه هى اللغة وليسقط الإنسان ذاتيته على الأشياء أو قل هى طريقة تعبيرنا لفهم الأشياء وتبسيطها لنلجأ إلى إستخدام معانى وفكر إنسانى كقولنا عن وظيفة الأشياء مثلاً فلا يوجد فى الواقع العلمي شئ إسمه الوظيفة .
- توقفاتى هذه جاءت متوافقة مع العقل والمنطق والعلم مؤكداً لنظرتى وفلسفتى بأن المعنى والغاية هى مفاهيم إنسانية حصرية ولا وجود لخطط وترتيبات ونظام خارج الإنسان بل الإنسان ذاته خاضع لحتمية الطبيعة , لتبقى مقولة التكيف والتأقلم معضلة فى ذهنى أيضا , فهل الكائنات توقفت أمام مشكلة تواجهها لتقرر من أن تغير من ذاتها لتتكيف وتعقد العزم على التغيير ؟! فهنا نحن أمام إشكالية القدرة والغاية والخطة والترتيب بينما الكائنات الحية تفتقد لهذا .. فعلى سبيل المثال حياة الفئران فى البرارى والصحارى , فالفأر الأبيض الذى يعيش على تربة غامقة سيكون فريسة سهلة للنسور والجوارح كذلك الفأر ذو الجلد الداكن الذى يعيش فى الصحارى سيكون فريسة سهلة للجوارح بحكم تميز لونه وسهولة إكتشافه , فهل قرر الفأر أن ينجب فئران غامقة اللون لتعيش فى البيئة الغامقة فيصعب إكتشافها , كذا قرر فأر آخر إنجاب فئران بيضاء لتعيش فى الصحارى ؟!
- فى الحقيقة أن داروين قدم لنا أفكار عريضة عن التطور ولكنه عجز عن تفسير آلية وميكانيزم التطور والتغير وذلك لضآلة الإكتشافات العلمية البيولوجية حينها , ليأتى علم الجينوم الحديث ليفسر لنا الأمور بجلاء لتزول حيرتنا عن التطور ولتتبدد كل المفاهيم المثالية المغلوطة عن تكيف الكائنات الحية كفعل إرادى غائى , فكل الأمور تتفسر بالجينات كفاعل طبيعى غير منظم ولا واعى ولا مريد .
علم الجينات يفسر لنا لماذا هناك فأر أبيض وآخر غامق , فعند التناسل لا تكون النتائج متطابقة من الأبوين فقد يحدث إختلاف فى نسخ الجينات ليعطى إختلافات , فنحصل على فئران متباينة مابين الأبيض والألوان الداكنة وهذا الأمر يتم دوما وعبر أجيال عديدة لتبدأ مهمة الإنتخاب الطبيعى , فالفئران ذات الجلد الفاتح فى البيئة الصحراوية ستنجو من الإفتراس مما يوفر لها فرص البقاء والتغذية والتكاثر , بينما الفئران الغامقة اللون ستكون فريسة سهلة للجوارح فى البيئة الصحراوية مما يعنى أن فرص نجاتها قليلة ومصيرها للإندثار والإنقراض .
- كذا مشهد رقبة الزرافة الطويلة ليُهيأ لنا أن الزرافة فى سعيها للحصول على أوراق الشجر مدت رقبتها حتى إستطالت مع محاولاتها العديدة , وهذه رؤية "لامارك" بينما الحقيقة أن أسلاف الزرافة أنتجت زراف ذو رقبة أطول بفعل طفرة جينية ليمارس الإنتخاب الطبيعى دوره لتبقى الزرافات ذات الرقبة الطويلة عن الزرافات الأخرى لتستمر وتتكاثر مصدرة جيناتها .
من هذان المثالان نفهم آلية التطور والإنتخاب الطبيعى التى لم يفسرها داروين , كذا نفهم معنى التكيف والتأقلم فليس هناك غاية ولا إرادة ولا خطة ولا ترتيب بل سلوك طبيعى عشوائى خضع لصرامة وقسوة الطبيعة فى النهاية .
- علم الجينات يفسر لنا التغير والتنوع فى الكائنات الحية , فالطبيعة لا تنتج كائنات متطابقة فشكل العين والأذن والأنف والفم والنمش والغمازات ولون البشرة وطبيعة الشعر, كذا ألوان الفراشات والأسماك والعصافير هى من فعل الجينات , كذا مواصفات الكائن الحى من القوة والسرعة والضخامة هى جينات , كذا وسائل التخفى والخداع والمهارات هى جينات , ومن هنا نفهم سر ولغز الحياة فليس هناك شئ متحكم فى الطبيعة يحمل إرادة وغاية إلا فعل الجينات الذى يأتى حراكه عشوائياً , وعندما أقول عشوائى فهذا يعنى إنعدام الغاية والتخطيط والإرادة والترتيب والقصد , لأرى أن حشر فرضية فكرة إله ليس لها أى معنى وليست بذات جدوى بل على العكس تضللنا عن فهم الحياة والطبيعة .
التطور وآلياته تؤكد نظريتى بأن الأمور تنم بشكل عشوائى غير غائى ولا مخطط ولا مرتب , فكل مظاهر الحياة وتنوعها وتباينها جاءت من طفرات إعترت الجينوم عند النسخ فلا مكان هنا لفكرة الخلق والتصميم , فالعشوائية هى الأصل .

مراجعة لمفهوم أن الطبيعة المادية تؤثر وتشكل الكائنات الحية .
- من المفاهيم السائدة وسط الماديين والعلميين أن الطبيعة تؤثر على الكائنات الحية بيولوجياً وسلوكياً , فوجود الكائن الحي فى بيئة محددة ذات مميزات وسمات خاصة ستنتج بالضرورة كائن حي محدد نتاج هذه البيئة , لأرى أن هناك بعض الإلتباس فى هذا الفكر بالرغم أنه مادي صرف , فما يمكن قوله أن هناك تغيرات إنتابت الكائن الحي وعلى أساسها إما توافق مع الظروف المادية المحيطة أو تصادم معها , فمثلا البيئة الصحراوية الجافة ذات درجة الحرارة العالية هى ثابتة لم تتغير لتكون الكائنات الحية ذات الصفات الجينية التى تتوائم مع تلك البيئة هى التى تنجح فى الإستمرار وليس الظروف المادية هى التى أجبرت الكائنات الحية على التأقلم .
- يمكن تلخيص الفكرة وتأكيدها بأن الحياة والطبيعة هي حالة تفاعلات فيزيائية وكيميائية غير مخططة ولا هادفة وغير غائية , وأن ما تخضع لها هى حتمية متى توفرت الظروف الموضوعية للتفاعل ليقوم الإنسان بعد ذلك بإعطاء معنى وغاية ووظيفة للأشياء ليست فيها .

الفن والجمال والجينات .
- ذكرت فى مقالى السابق أننى آمنت فى طفولتى بوجود إله ليس من منطلق أنه خلقنى وليس كونه يرزق أبى رزق معيشتنا كما يدعون , بل كون هذا الآله فنان قدير مُبدع فبحكم عشقى للجمال والألوان وجدت هذا متحققاً بروعة فى الطبيعة فى أجنحة الفراشات وعلى ظهور أسماك البحر الأحمر وفى الطيور لأعتبر هذا قمة الجمال والروعة من إله فنان قدير .
لقد فهمت لاحقاً أن الجينات والكروموسات هى المسئولة عن تشكيل أجنحة الفراشات وظهور الأسماك وأن تلك اللوحات الرائعة من الألوان تتم بعشوائية أى بدون قصد وترتيب من الجينات لتنتهى قصة الإله الفنان , فالعمل والنسخ العشوائى فى الجينات هى التى ترسم الملامح والألوان والخطوط لتخلق فيما بعد مفاهيمنا وأذواقنا الجمالية , فالطبيعة هى المعلم الوحيد والمتفرد الذى يعلمنا الجمال لنتوهم مفاهيم مغلوطة بأن هناك وجود للجمال مستقل عن وعينا وأن هناك صانع للجمال وما هى إلا فعل الطبيعة العفوى العشوائى .

- أين الغائية والترتيب والتصميم هنا ؟!
https://upload.3dlat.net/uploads/3dlat.net_17_16_52fb_638d80809f7c8.jpeg
http://www.ibda3world.com/wp-content/uploads/2011/03/peacekok2.jpg
http://media.kenanaonline.com/photos/1173779/1173779187/gallery_1173779187.jpg?1321885926
https://2.bp.blogspot.com/-EJk90FfgEro/Vx-
أنظر لتلك الصور الجميلة من الطبيعة , فلاشك أنك شاهدت منها الكثير لتعزيها إلى خالق مُبدع بدون تفكير , ولكن لو تمعنت قليلا من منظور اللاغائية واللاترتيب فلن تجد خالق ولا يحزنون , فلن نجد عاقل سيقول أن هناك ترتيب فى ذرات الغيوم مع الضوء لينتج لنا مشهد غروب جميل تستحسنه عيوننا بل هى جزيئات ماء متناثرة عشوائية بلا أى ترتيب مع حزمة ضوئية غير منظمة وغير موجهة , كذا الطبيعة لم ترص الجزيئات على ظهر فراشة وسمكة وعصفور لتبدو جميلة , كذا مشهد البحر الجميل والشلال لم يتكون من حسابات لتتدافع جزيئات الماء بشكل محسوب بل من عشوائية صرفة .

منتجات الطبيعة وراءها صانع عاقل أم فعل الطبيعة ؟.
- فى مستهل حضورى بالحوار المتمدن كتبت مقال عن العشوائية فى الطبيعة مرفقاً صور لأشكال صخرية على هيئة فيل وجمل وورل وتمساح ورأس إنسان تتقارب مع ما نراه من موجودات , وبلا شك أن الكثيرين منا رأوا صور لتشكيلات فى الطبيعة تتقارب مع مخزوننا المعرفى لينطلق سؤال من شَكل هذه الصخور ؟ هل ورائها صانع عاقل ماهر أم هى فعل الطبيعة العشوائى ؟
أمامك إختياران لا ثالث لهما إما أن تعزى تلك الأشكال إلى صانع عاقل أو كفعل عشوائى من منتجات الطبيعة ؟ فهل هناك نحات إستحضر إزميل وشاكوش لتشكيلهم أم جاءت من عوامل التعرية والنحر على مدار ملايين السنين ؟ ولتلاحظ أنك لا يمكنك أن تتبنى هاتين الرؤيتين التفسيرتين معا فكل رؤية تنفى الأخرى .
- عندما تستقبل هذه الصور لتراها تتشابه مع مخزوتك المعرفى عن حيوانات , ولكن هل يمكن ان تتصور الجبل على شكل فيل بدون أن تدرك شكل الفيل فى وعيك ؟. ألا يعنى ذلك أن الوجود المادى هو الذى يحدد ويشكل آفاق وحدود وعينا ومعارفنا وأنه لا وعى مستقل وسابق للوجود المادى.
- هل هذه الأشكال الصخرية كانت بهذا الشكل الموحى بفيل أو جمل منذ آلاف السنين ؟ وهل ستستمر بنفس هذا الشكل المُوحى بعد آلاف من السنين الأخرى أم ستتغير؟ و لنسأل عن نظرية النحات وفعل الطبيعة , فوفقا لنظرية النحات فهو فى عمل دؤوب منذ آلاف السنين ماسكاً أزميله وشاكوشه للتشكيل وما أن إنتهى من عمله وتشكلت الصورة أمامنا فسيستمر أيضاً فى النحت والحفر حتى تضيع ملامح التمثال الصخرى , أما وفق نظرية الطبيعة فهى تبنى أشكال وفق قوانين الطبيعة الحاكمة لها بدون وعى , فلا يعنيها أن تكون أشياء جميلة أو قبيحة , طريفة أو غبية , متقنة أم ساذجة , قريبة من وعينا أم لا , فستستمر فى إنتاج أشكال بلا تخطيط أو تدبير كونها غير عاقلة ولا مُريدة ولا صاحبة تصميم أو غاية وهذا ما يطلقون عليه العشوائية , فأى الرؤيتين منطقية وعقلانية ؟
- هذه الصور تصفع من يحولقون ويسبحون , فالطبيعة بفعلها العشوائى قادرة على إنتاج مشاهد قريبة من مخيلتنا فإحتمالية الحدوث ممكنة ومتحققة وسط مليارات التريليوتات من الصور حسب نظرية الإحتمالات أو قل للدقة هى أن تلك المشاهد العشوائية إستحضرت مخزوننا المعرفى عن الطبيعة لنقيم مقارنات , ولكن الأمور فى الطبيعة لا تستدعى هذه المفارقات فنحن من نُقيمها , ومن هنا لا مكان لوجود إله من الإعراب .

مشهد آخر من البيلوجيا العشوائية .
- فلنتأمل التبذير المفرط للكون وللطبيعة لندرك بوضوح أن العناية التي ينسبها المتدينون لألهتهم وَهم لا يؤيده حدث طبيعي واحد فعندما تتأمل كم البيوض التي تضعها الكثير من الكائنات الحية لكي ينجو عدد محدود ويستمر في البقاء تري بوضوح أننا لا نعول ولا نثق في وجود العناية , لا نحن ولا حتي الكائنات البسيطة .
عندما يتأمل الإنسان كونه يقذف أكثر من مائة مليون حيوان منوي لكي يلقح البويضة بحيوان واحد فقط هذا إن نجح .. عندما يتأمل الإنسان ذلك فقد يدرك أنه لا توجد عناية كاملة فالكون أكبر بكثير وأقدم بكثير من عقولنا التي ابتكرت صاحب العناية ,كذا العشوائية التامة فهناك حيوان منوي وحيد أخصب البويضة فى عملية طبيعية لا غائية ولا مخططة وهذا أفضل من تخيل بأن هناك من وجه الحيوان المنوى للإختراق فى رحم الأنثى.. قد يضع هذا المتأمل نفسه مكان صاحب العناية ويقول في نفسه لو كنت مهتماً ومنظماً للحياة لم أكن احتاج لكل هذه الملايين من المنويات , فكان لابد من إستغلال كل هذا العدد الضخم .. كل هذه العشوائية تدعوك للتأمل في الكون بدون صاحب عناية كاملة .

غاية ووظيفة الاشياء .
- يسود مفهوم خاطئ أن الأشياء لها وظيفة تؤديها وقد يرجع هذا إلى أسلوب خاطئ فى التبسيط والشرح ولكن الأمور وصلت إلى تصور وإعتقاد بأن هناك عمل ووظيفة للأشياء رسختها الأساطير والفكر الميثولوجى لتنتج لنا خرافات على شاكلة أن الأشياء سُخرت للإنسان .
- القول بأن الحمض يتحد مع القلوى من أجل تكوين ملح قول خاطئ وغير منطقي , فكأنه يقول بأن وظيفة الحمض أن يتحد مع القلوي لأجل إنتاج الملح , فهذا قول غائي خاطئ فلا توجد نية وتخطيط للحمض أو القلوى لفعل هذا الشئ بحكم أنهما مادة غير واعية , فالأمور لا تزيد عن توفر ظرف مادي بوجود حمض أمام قلوى بالصدفة , وهذا مفهومنا عن الصدفة أى اللاغائية .
- عندما يقال أن وظيفة الكلوروفيل فى النبات تصنيع النشا يكون هذا القول قولاً غائياً منح الكلورفيل فعلاً إرادياً وظيفياً , بينما القول أن النشا يتكون حال وجود الكلوروفيل قول حتمي يرصد الحالة بدون إدخال فرضيات ليست فيه كقول أن الحامض يتحد بمركب قلوى من أجل تكوين ملح , فكلمة (من أجل) هذه تفتح الباب أمام الغائية , بينما الأمور بالنسبة للكلورفيل والملح غير مُوجهة بل تفاعلات طبيعية أنتجت مواد إستطعنا أن نميزها ونعطى لها معنى .
- القول أن وظيفة خلايا الدم البيضاء حماية الجسم من العدوى قول غائي خاطئ وكأن خلايا الدم البيضاء موجهة وذات فعل إرادي مُخطط لأداء هذه الوظيفة بينما يقول العلم أن وجود خلايا الدم البيضاء في تركيز معين يقلل من فرصة غزو البكتريا للأنسجة وبدء العدوى , فهكذا تفاعلات تنتج منها حالة معينة كحال مثال الملح لنمنحها نحن المعنى ولنتهور بخلق وهم الوظيفة والغاية .
- من المفاهيم المغلوطة أيضاً الفصل الميتافزيقى للوجود المادى ليكون هناك فصل بين العمليات والقوانين البيولوجية والفيزيائية , ففكرة الوظيفة نشأت في سياق تفسير العمليات البيولوجية بالأخص بدون الرجوع إلى القوانين الفيزيائية الأساسية , أي بدون رد البيولوجيا إلى الفيزياء كما نشأت أيضا في سياق فلسفة العقل الغائي الذي يهدف تجاوز الإشكاليات والألغاز التي تقابل العقل الإنساني .
- لو تأملنا أى مشهد وجودى بدون ان نُسارع بخلق غاية سنجده مشهد يقدم صوره ديناميكية للحياة لا يعتنى بوجود الإنسان وليس لها علاقة عضوية مع وجوده فلن يوجد مشهد حياتى واحد ينتج وجوده من أجل الإنسان كهدف وغاية له بل نحن من نقف أمامه لنفترسه أو نتطفل عليه لنجعل منه غاية ومعنى .
الإنسان كائن نفعى برجماتى يلهث وراء إشباع حاجاته وإيفاء رغباته ويمتلك فى الوقت نفسه رؤية نرجسية وغرور متعال متوهماً أن النباتات والحيوانات التى يستفيد منها ويتطفل عليها تواجدت خصيصاً من أجل وجوده , فهى مُسخرة لخدمة وإشباع حاجياته الذاتية بينما الأشياء تتواجد بذاتها غير مُتعمدة أو مُجهزة أن يكون مصيرها فم الإنسان , فما نراه مناسباً للتعاطى معه من خلال التجربة سنتعاطى معه ومن نجده ضار وغير مفيد سننصرف عنه , فالأشياء تواجدت هكذا.
- الغاية والوظيفة من المفاهيم التى إختلقها الإنسان ثم نسى أنه من خلقها فلا وجود يحتوى على غاية ووظيفة بل نحن من نمنحها الغاية , فالمشهد الحياتى والوجودى بدون غاية فى ذاته , لنتوهم بسذاجة أن الاشياء ذات غاية , فالشجرة تقدم لنا الغذاء فتصبح ذات معنى بالنسبة لنا ثم نقفز لنتوهم أن لها وظيفة وورائها صاحب غاية يتولى إطعامنا ويُسخر الموجودات لنا لنخلق الجدوى ! .. الشجرة متواجدة تنتج ثمارها كتفاعلات كيميائية عشوائية قبل حضور الإنسان بملايين السنين , فكون حيوان أو إنسان يتطفل عليها ويقتات منها فى وقت لاحق فلا ترتيب ولا غاية فى ذلك , ليجرب الإنسان أن يأكل تحت رغبة الحاجة فإستحسن طعامها فإعتبر بتعسف وغرور إنها تواجدت خصيصاً من أجله ولم يلحظ أن هناك أشجار يستقبح إنتاجها .. كما أن هذه الأشجار كانت قبل وجوده بملايين السنين فلمن كانت تقدم وظيفتها وإنتاجها ؟!
- الوظيفة والغاية فكر ومعنى إنسانى أسقطه على الحالة المادية أى هو تقييم ورؤية وإستنتاج إنساني للحالة المادية تتوسم المنفعة والإستفادة وكحالة إستنتاجية خاصة فلا يوجد مشهد مادى يتحرك أو أنتج نفسه ليفى غاية ووظيفة محددة بل هو نتاج تفاعلات كيميائية بيولوجية وتأثيرات عوامل فيزيائية أنتجت حالة ما لنضع نحن لها تقييم ومعنى .

إنها الطبيعة اللاغائية التى تنتج نظام .
- الحجر يقع من فوق الجبل بسبب الريح ولكن هل هناك غاية للريح بإيقاع الحجر؟!.. كذلك هناك سبب لإستدارة الصخور والأحجار على الشاطيء نتيجة ضرب الأمواج المستمر لها , ولكن هل غاية الأمواج جعل الأحجار تبدو كروية؟! من هنا يتضح أن كل مشاهد الوجود تنتج ذاتها بدون غاية بل تحت الظروف المادية العشوائية المؤثرة لتبقى الغائية فى الإنسان كعادة ذهنية باحثه عن المعنى والجدوى ليقاوم فى داخله صدمته من وجود مادى لا يقدم معنى ولا غاية .
- عند الذهاب إلي الشاطئ نجد أحجاراً متناثرة لنلحظ عدم عبثية ترتيبها فهناك دوائر للزلط الغليظ ودوائر أخرى للزلط الرفيع لتتدرج من الأكبر إلي الاصغر كلما بعدنا عن الشاطئ . هذا المشهد قد يدفع أصحاب الفكر الميتافزيقى أو الباحثين عن حل خرافى لأى مشهد يرونه غريباً ذا لغز إلى القول بوجودة جن أو إله قام بهذه المهمة , بينما العلم يقول ليس هناك من رتب الزلط , فالمشهد كله يخضع لقوى الأمواج العشوائية فى الإزاحة , فالأحجار الكبيرة نسبياً تسقط قريبةَ من الشاطئ بينما تذهب الأصغر إلي مكان أبعد وهكذا أنتجت الطبيعة من عشوائية لاواعية لاغائية مشهداً نراه ونُقيمه نظامياً .
- نستطيع تفسير سقوط الأجسام نحو الأرض , وتفسير كيف يشكل النهر مجراه وكيف ينحت موج البحر والرياح الجبال ألخ , دون ان نعتمد على تخطيط فكري غائى مُسبق وذلك بالإعتماد فقط على العناصر الموجودة والآليات الفيزيائية والكيميائية التي تؤثر وتتفاعل , أما فى حالة الجهل وتصاعد الأنا والنزعة النرجسية والإغتراب الفكرى فستنطلق ميتافزيقا الغاية لتدلو بدلوها وتسرد لنا قصص طريفة ساذجة .
- لو نظرنا إلى مجرى ماء يسقي حقلاً وفجاءة تنهار احد الحواف ويبدأ الماء يتسرب منه وبعد قليل تصبح الفتحة من الكبر بحيث أن كل الماء يخرج منها ويغير اتجاهه وليجف الاتجاه السابق للمياه لنضوب الموارد ,فهل كان ذلك ذو خطة وغاية ؟ بالتأكيد اللاخطة , وهذا بالذات الذي يقرر مصير الموارد الكونية ايضا ومن اين سينبع فرع جديد واين سيموت فرع قديم بدون غاية أو هدف .
الاهدارات الكبيرة في عدد مرات التكرار تبرهن على ان العملية برمتها عبثية بلا خطة وهذا بالذات مصدر قوتها , فالذي يدفع الأشياء لمزيد من الحراك يتوقف على المورد الاصيل المتمثل فى الطاقة التى لم يجري استنضابها وستبقى العملية مستمرة مابقي هناك طاقة غير مستقرة , فالعملية سعي الطاقة الى التوازن ولاشئ اخر .

نحن من نخلق النظام والمعنى والغاية .
- النظام له علاقة وثيقة بالمألوف والمعتاد فعندما نعتاد مشاهد معينة كأن يكون الحاجب أعلى العين ووجود عينين وأذنين دوما فى الإنسان فهذا يعنى بالنسبة لنا نظام وتصميماً لنخلق من هذه المشاهد رؤية نظامية وحكمة بينما لو كانت لنا ثلاث عيون إثنين فى الأمام وواحدة فى الخلف فستكون الامور اكثر فائدة وسيتغنى المؤمنون لها .. الحقيقة أن الامور لا تزيد عن هكذا توصيفات وتناظرات وتماثلات أنتجتها الطبيعة لنمارس دورنا فى التأويل والتصميم !
- لى رؤية فلسفية فكرية لم يتطرق لها أحد تقوم على أن المعنى نتاج مشهد أى إنطباعنا على المشهد لننتج له معنى , أى أن النظام فكر إنساني وليس حضور لمشهد منظم مستقل بذاته عن وعينا , لذا دعونا نتحرر من قيد الفكر الدوغمائي وننظر إلي مثال إلقاء حروف الطباعة الملقاه علي الأرض بعشوائية ونحاول منع عقولنا فى البحث عن صفحة أو سطر أو جملة أو حتي كلمة مقروءة , فلننظر للحروف الملقاه ونحلل المعلومات بشكل مختلف فما أمامنا هو مجموعة من الحروف وكل حرف في حد ذاته هو شيء , إذن مجموعة الحروف معاً لابد أن تكون في حد ذاتها شيئ هي الأخري بالضبط مثل الكون الملقي جزافاً لابد ان يكون شيئاً هو الآخر وقد كان ومازال يكون .. نجوم وكواكب وأقمار وأنهار وبحار ومحيطات وحشرات وإنسان , فهذا الترتيب الذي نراه منطقياً منظماً إنما نابع من ذواتنا كوننا ألفنا قوانين الطبيعة الخاضعة لنفسها لأننا جزء منها وجزء من هذا المنظومة أو للدقة هذه العشوائية , كما صرنا نري قوانين الطبيعة ونفسرها ونخرج منها بمنطق نفسر به الأحداث بل ونطبقها عليها مع أنها خارجة عن منطقنا الإنساني , والمنطق الإنسانى نتاج تأثير الوجود المادى على وعينا .
- وعينا يتمثل فى إحساسنا بالخطوط فلا يوجد وعى بدون إحساس , فمن الإحساس بالخطوط والألوان نُكون علاقات وإنطباعات , ويكون تقاربنا كبشر فى التذوق والتقييم والاحساس بحكم تقارب التكوين البيولوجى والجينى والنفسى والتجارب والخبرات البشرية , ولنلاحظ أننا يمكن أن نتقارب ولكن يستحيل أن نتطابق ليظل مفتاح وعينا هو إحساسنا وإنطباعاتنا عن الخط واللون ودرجة تفاعلنا معه , أى مدى فاعلية الإحساس وقوته ومن هنا يتكون الوعى بترميز هذا الإحساس الذي جاء من إنطباع مُختلق من خطوط عشوائية ليدخلها بصياغة شفرة فى نظام .. يجدر الإشارة أن القول بالإحساس ليس مقتصراً على التفاعلات القوية الفجة كالإحساس بالخوف والبرودة والسخونة وما شابه بل هى تلك النمنمات الكثيرة من التفاعلات الحسية الكيميائية مع الأشياء التى نتحسسها ولا نستطيع صياغتها فى مفردات لغوية كون الإحساس يسبق اللغة .
- يجدر الإشارة أن النظام الذي يقصده المؤمنون هو النظام الغائي لا الفاعلي , أي النظام الذي يفترض وجود علة غائية إضافة الى العلة الفاعلية , لذا الصدفة والعشوائية مرفوضة لديهم لإنعدام الغائية , فإطلاق كلمة الصدفة مضادة للغائية لديهم , ومن هنا مغزى سخريتهم وفهمهم الخاطئ عن الصدفة والعشوائية التى لا تتكأ على فهم صحيح لمادية الوجود بقدر سخرية لإنعدام الغائية والغائي .
- لقد أتت جميع أفعال الطبيعة من نجوم وكواكب وبحار وأنهار وحشرات وإنسان بدون نظام , بالضبط كإلقاء حروف الطباعة , فالطبيعة لم تراعي مصالح أحد وهي تلقي جزافاً ببطاقاتها أو حروف طباعتها التي هي نجوم وكواكب وأقمار وأنهار وبحار ومحيطات وحشرات وإنسان , وإنما تصرفت بدون غاية وبدون قصد وتعمد وهذا ما نعنيه بالعشوائية أى الفعل اللاغائي .
وقعت فى خطأ التوصيف والتعبير عندما قلت : أن الطبيعة لم تراعي مصالح أحد وهي تلقي جزافاً ببطاقاتها أو حروف طباعتها , فالطبيعة غير عاقلة ولا هادفة ولا راغبة لتهمل مصالح احد كما أنها لا تلقى جزافا فهذا القول فيه وعى وغائية والأمور ليست كذلك بل حالة مادية فيزيائية بيلوجية تواجدت فتفاعلت فأنتجت مشهد مادي من خضم تلك الظروف الموضوعية , ولكن ماذا نقول عن اللغة التى هى نتاج إرث ثقافى بشرى متغلغل منذ آلاف السنين .
- موضوع العشوائية والنظام موضوع شديد الجدل ويحظى على مفاهيم مغلوطة وملتبسة كثيرة لتجعل البعض يسقط النظام والتصميم الإنسانى على الطبيعة مطالباً أن تنجز الطبيعة نفس الفعل الإنسانى ! لأعزى هذا الخلط والجدل إلى غموض مفهوم العشوائية والصدفة كذا الجهل بمغزاها وما تعنيه لأرى أنه يمكن إختزال مفهوم العشوائية والفوضى لدى المؤمنين كما ذكرت فى مقالاتى السابقة بإنعدام الغائية , ولكن الطبيعة تنتج مشاهدها وحراكها بدون غاية أى لا يوجد تخطيط ولاغاية ولا تصميم وراء فعل الطبيعة وهذا هو جوهر موضوعنا .
- إن المنتجات الطبيعية الحية والظواهر المادية الفيزيائية تنتج حراكها ومشاهدها بفعل طبيعى غير موجه ولا غائية فيه وغير خاضعة للإعلان عن وظيفه أو تصدير رسالة ومعنى , فالغاية والوظيفة والمعنى فكر بشرى يسقطه على الأشياء بينما الأشياء تمارس فعلها الوجودى بلا غاية أو خطة أو ترتيب .
الفكر الإيمانى فكر إزدواجى يتوارى خجلا أمام العلم والمعرفة المادية فلن تجد أحد يفسر كل المشاهد الطبيعية التى عرضناها بتفسير أن الله صنع هذا إلا ببجاحة , فالجميع سيفسرون الأمور تفسيرا علمياً مادياً ولكن هذا سيبدد فكرة الإله الصانع المدبر المصمم فنحن أمام فكرين لا ثالث لهما فإما هذه المشاهد من إنتاج الطبيعة بشكل عشوائى غير غائى أو أن الأمور كلها تتم بإرادة وتخطيط وتدبير وحكمة المصمم فأيهما ستجده مقنعا .. ولتلحظ أنك لا يمكنك تبنى الفكرين فهذه هى الإزدواجية الفكرية فكل فكرة تنفى وتلغى الأخرى .

أأمل فى هذه السلسلة من "أنا فهمت الآن" سبر أغوار الألغاز والغموض الذى يحيط بالمشهد الحياتي الوجودي لندرك أن الحياة والوجود ليس بحاجة لفكرة الإله فيمكن تفسير كل الأمور وفق ظروفها المادية الموضوعية .
"أنا فهمت الآن" لا يعنى أننى فهمت كل شئ ولدى إجابة لكل لغز وغموض فمازال هناك الكثير من الأسئلة الغامضة المحيرة التى تحلق فى رأسى مثل ماهية الجنس والتكاثر والغريزة لتشكل هذه الأشياء المحيرة مشكلة ولذة فى آن واحد , فالمشكلة هى أننى أجهل ومازال هناك غموض وحيرة تنتابنى وأسعى للمعرفة العلمية , واللذة هى الإستمتاع بالعراك مع جهلى للخروج من شرنقة الجهل , أما تفسير جهلى وغموضى وحيرتى بأن الإله فعل ذلك فلن أقبل بهذه الإجابة المفلسة المتهافتة فهى هروب وتخدير لحيرتى أمام اللغز والغموض , ففى حالة تفسير الطبيعة بواسطة كيان عاقل مشخصن فسأكون أول المبشرين له ولكن هل يقدر أحد على إثبات وجوده وأنه الفاعل والمُسبب , ففكرة الإله جاءت من جهلنا وعجزنا أمام الطبيعة والرغبة فى إراحة تلافبف الدماغ .

دمتم بخير وعذرا عالإطالة وإلى جزء آخر من العشوائية التى تنتج الحياة .
-"من كل حسب طاقته لكل حسب حاجته" - حلم الإنسانية القادم فى عالم متحرر من الأنانية والظلم والجشع .



#سامى_لبيب (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- الطبيعة العشوائية تصنع الجمال وفهمنا ووعينا
- الكورونا يفضح بشاعة النظام الراسمالى العالمى
- الكورونا وثقافتنا البائسة , فمتى نستفيق
- إنه الترويض والتقديس..لماذا نحن متخلفون
- هل هى أخطاء إلهية أم نصوص بشرية يا أحمد
- أوهام البشر .. الجن والعفاريت والأشباح
- إنها نصوص دليفري حسب الطلب يا أحمد
- بشرية وتهافت الأديان فى حوارى مع أحمد
- أنا وأحمد فى حوار حول الفنتازيا الإلهية
- تأملات فى أسئلة
- رحمة الله عليك يا صدام
- حل إشكالية التردى بمناهضة الإسلام السياسى المؤدلج
- الحب بين فعل كيمياء الهرمونات ووهم الوجدان
- تأملات فى الحب والجنس - جزء أول
- فوقوا بقى..الأديان بشرية الفكر والخيال والتهافت
- تأملات وخواطر فى الحالة الفكرية والثقافية والنفسية لمجتمعاتن ...
- إشكاليات الإنتفاضات العربية..العلمانية واليسار هما الحل
- تتمة 400 حجة تُفند وجود إله - وهم المنطق
- فكر فيها -400 حجة تُفند وجود إله -من369إلى390
- الدين عندما يُفقدنا المصداقية والمعنى والإنسانية


المزيد.....




- رجل وزوجته يهاجمان شرطية داخل مدرسة ويطرحانها أرضًا أمام ابن ...
- وزير الخارجية المصري يؤكد لنظيره الإيراني أهمية دعم اللبناني ...
- الكويت.. سحب الجنسية من أكثر من 1600 شخص
- وزير خارجية هنغاريا: راضون عن إمدادات الطاقة الروسية ولن نتخ ...
- -بينها قاعدة تبعد 150 كلم وتستهدف للمرة الأولى-..-حزب الله- ...
- كتاب طبول الحرب: -المغرب جار مزعج والجزائر تهدد إسبانيا والغ ...
- فيروز: -جارة القمر- تحتفل بذكرى ميلادها التسعين
- نظرة خلف الجدران ـ أدوات منزلية لا يتخلى عنها الألمان
- طائرة مساعدات روسية رابعة إلى بيروت
- أطفال غزة.. موت وتشرد وحرمان من الحقوق


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....


الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - سامى لبيب - العشوائية اللاغائية الغير مخططة تصنع الحياة والوجود