أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - لحظة تكليف الكاظمي














المزيد.....

لحظة تكليف الكاظمي


اسماعيل شاكر الرفاعي

الحوار المتمدن-العدد: 6535 - 2020 / 4 / 12 - 14:45
المحور: مواضيع وابحاث سياسية
    


أدهشتني اللغة التي جرت على لسان السيد رئيس الجمهورية ، عشية تكليفه للسيد مصطفى الكاظمي بتشكيل الوزارة : من حيث خلوها من اللحن واحتفالها بالفصيح وابتعادها عن الألفاظ السوقية الغارقة في محليتها : تلك التي تشكلت في مناخات الجهل والتخلف : في الأحياء والقرى والحارات المعزولة في قرون الاستعمار العثماني ، والتي للآن يرددها بتلذذ نوري المالكي وهادي العامري ومقتدى الصدر ، وهو ارقى كذلك في استعمال لغته الثانية : العربية من الرئيسين السابقين ، رغم ان احدهما كان صديقاً للجواهري والآخر درس في الأزهر الفاطمي ...

ومثلما أدهشتني لغته العربية ، أدهشتني جرأته في التعدي على معاني بعض المفردات التي استخدمها ، وحرفها عن دلالاتها الفكرية والسياسية والاجتماعية . وهذا السلوك العدواني في المجال الفكري لا يعود الى عدم معرفة السيد رئيس الجمهورية ب : فقه اللغة ، بقدر ما يعود الى ضعف فكري عام يتخبط فيه القوميون والإسلاميون على السواء . فمسألة ضبط دلالة المفردات من قبل السياسي لها الأولوية الاولى اذا كان السياسي صاحب رؤية في كيفية وضع الحلول الناجعة للتحديات التي تواجه بلاده ، ففي هذه الحالة تتحول المفردة الى مفهوم أو الى مصطلح في إطار منظومة فكرية وطنية تم انتخابها للقيام بعمليات التنمية والتحديث . اما اذا كانت رؤية السياسي مقتصرة على كيفية تكثير منافعه الشخصية بالدفاع عن المحاصصة ، حينئذ لا قيمة للمعنى ولا للدلالة ، اذ يمكن في عرفه استخدام مفردة الشمال للدلالة على الجنوب ، وإطلاق الحرية للميليشيات التي تؤمن بالطائفة وليس بالوطن على انه : الديمقراطية الصحيحة ...

كيف يمكن اضفاء صفة التاريخية على مناسبة غير تاريخية ، وكيف يمكن تشبيه مناسبة تكليف شخص ما بتشكيل حكومة ( وهي حادثة تتكرر في تاريخ بلدان الديمقراطيات النيابية كل اربع او خمس سنوات ) بحدث يشبه المعجزة . في وقائع التاريخ تعني التاريخية : الأتيان بما يشبه المعجزات الخارقة لنواميس الطبيعة والمجتمع : كالثورة الصناعية وما حدث داخلها من ثورات تكنولوجية مستمرة ، وكالثورات السياسية التي غيرت علاقة المجتمع بسلطاته ، وبدلت طريقة إدارة الشأن العام : من إدارة شخصية ومباشرة بإشراف طاغية الى إدارة مؤسسات وقوانين عامة غير شخصية . ولم تكن مناسبة تكليف السيد مصطفى الكاظمي بتشكيل الحكومة بالمعجزة ، إنما يمكن وصف تكليفه بالمعجزة اذا قام باجراءات من شأنها تحقيق طموح العراقيين في استرجاع المبالغ المالية الاسطورية التي سرقها من المال العام معظم الذين كانوا حاضرين في قصر السلام بمناسبة تكليفه ، وتكون مناسبة تكليفه معجزة تاريخية اذا ما اجبرهم على الإعلان عن تخليهم عن المطالبة بحصتهم من الوزارات ، وتكون مناسبة تكليفه معجزة تاريخية اذا ما حاسب المليشيات التي ولغت في دماء المنتفضين والثوار ، وتكون مناسبة تكليفه معجزة وتاريخية : اذا ما قام بثورة على المستوى الاقتصادي ...

يعني مفهوم التاريخية عراقياً ، عدا عن كونه يشير الى ان الظواهر والأفكار تولد وتموت في التاريخ وليس خارجه ، وأنه لا خلود لنظام سياسي داخله ولا لأية فكرة : دينية كانت ام وضعية ، وان هذا التاريخ سيظل جارياً وهو يجرف معه احداثه التي تشبه الموج في انحدارها وتشابكها وأخذ بعضها برقاب البعض : ان القرارات التي سيتخذها مصطفى الكاظمي حين يباشر مهام رئيس الوزراء : ستشكل انقطاعاً في تاريخ العراق وليس امتداداً له .
بم يتميز تاريخ العراق منذ إسقاط نظام الطاغية ؟ بالطائفية السياسية على مستوى النشاط السياسي ، وبانتشار ثقافة الفرقة الناجية على مستوى الوعي الشعبي العام . وبالفساد المالي والإداري . وبانتشار ثقافة الدعاء لا ثقافة الإنجاز ، أي انتشار ثقافة الكسل والنوم على مخدة أحلام ان هناك قوىً خارجية ستنصب يوماً : الكهرباء وتبني المعامل والمزارع ، وتوفر الوظائف وتنوع مصادر الدخل والاقتصاد وتقوم بكري الترع والأنهار وتقطع الاكف التي ترتشي .
وحين يتحقق هذا المسار او اننا في الطريق الى انجازه : يمكن ان تطلق الأمم الأخرى على افعالنا - وليس نحن - بالعمل التاريخي ...

والسؤال : هل سيتمكن السيد مصطفى الكاظمي من الأقدام على إنجاز ذلك ، فيزكي فراسة رئيس الجمهورية في انه رشح لرئاسة الحكومة الشخص الذي تنبأ بما سيقدم عليه من تشريعات وأفعال ستغير وجه وواقع العراق الى الأبد ؟
لا شيء في مسار تاريخ السيد الكاظمي يوحي بانه سيقدم على اتخاذ الإجراءات الكفيلة بحل ازمة العراق الدائمة ووضع خطاه على المسار الصحيح .
ذلك لأن الكاظمي موظف في نظام سياسي هو على انسجام كامل مع ستراتيجيته الأساسية في المحاصصة ولم نسمع يوماً اعتراضه عليها . ولو لم يكن كذلك لما اجمع عليه " اولي امر " المحاصصة . فالكاظمي في مرآة وقائع تاريخ العراق ، وليس في مرآة وعيه لنفسه ، او في مرآة وعي رئيس الجمهورية له : ابن نظام سياسي لم يعارضه او ينقد كهنوتيته طوال 17 عاماً . ومن لم يتدرب على نقد نظام سياسي والتشهير بعيوبه ، لا يمكن ان ينسج في ذهنه بديلاً له في أيام ...

17 عاماً من الحكم الفعلي الذي يتضمن : التشريع والتنفيذ والحصول على امتيازات ومناصب ونفوذ : فترة كافية لأي مجموعة مجتمعية لان تشعر بانها ذات مصالح واحدة ، وأنه من الضروري التضامن والتآزر فيما بينهم للحفاظ على ما ما تدره المحاصصة عليهم من امتيازات . فبالنسبة لهكذا طبقة ، يصبح الخوف من استمرار الأوضاع من دون حكومة هاجساً خوفاً من ضياع وفقدان الامتيازات ، خاصة وان شباب الثورة على استعداد تام لمواصلة ثورتهم بعد السيطرة على الوباء ، ولهذا - ربما في لحظة نشوة كان السيد رئيس الجمهورية واقع تحت تأثيرها - وصف لحظة تكليف الكاظمي بتشكيل الحكومة ب : التاريخية ...



#اسماعيل_شاكر_الرفاعي (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- برنامج : عدنان الزرفي
- في عيد الموسيقى العربية
- واللؤم تحت عمائم الانصار
- هوامش كورونية / 2
- هوامش كورونية
- سيادة الدولة ام سيادة الحشد ؟
- استكانات شاي صباحية
- حق الحياة بلا وصاية
- فيروس كورونا
- بمناسبة انطلاق الثورة الكردية
- بين الثورة والاصلاح
- ليس باستراتيجية عنف التيار الصدري يمكن العبور بالعراق الى بر ...
- هل ينقذ الثورة تشكيل كيان سياسي
- دعوة الصدر الى مظاهرة مليونية : انتحار حضاري
- مقتدى الصدر مرة اخرى
- مقتدى الصدر إنموذجاً
- خطاب الرئيس الامريكي : اعلان عن ولادة حرب باردة مع ايران
- عن جلسة البرلمان العراقي لهذا اليوم
- كيف سيكون شكل الرد الايراني
- انا من يخاطب نفسه


المزيد.....




- مقتل يحيى السنوار.. CNN حللت فيديو لحظة مقتلة وهذا ما وجدته ...
- تحذيرات طبية بشأن الإفراط في تناول الباراسيتامول
- كيف تطورت الكلاب لتلبية احتياجات البشر؟
- اكتشاف عوالم حيوانية مزدهرة تحت قاع البحر!
- بماذا سيضحي أردوغان لقبول دولته في -بريكس-؟
- خبير ألماني يتوقع تقليص الإنفاق الأوروبي على أوكرانيا
- عقب مقتل السنوار.. بلينكن يشدد لنظيريه القطري والسعودي على ض ...
- صحة غزة: 1206عائلات فلسطينية مسحت من السجل المدني خلال عام م ...
- هاريس تدافع عن سياستها.. وجمهوريون ينتقدون أداءها
- مساعدات أميركية لكييف تزامنا مع إعلان -خطة النصر- الأوكرانية ...


المزيد.....

- دراسة تحليلية نقدية لأزمة منظمة التحرير الفلسطينية / سعيد الوجاني
- ، كتاب مذكرات السيد حافظ بين عبقرية الإبداع وتهميش الواقع ال ... / ياسر جابر الجمَّال
- الجماعة السياسية- في بناء أو تأسيس جماعة سياسية / خالد فارس
- دفاعاً عن النظرية الماركسية - الجزء الثاني / فلاح أمين الرهيمي
- .سياسة الأزمة : حوارات وتأملات في سياسات تونسية . / فريد العليبي .
- الخطاب السياسي في مسرحية "بوابةالميناء" للسيد حافظ / ليندة زهير
- لا تُعارضْ / ياسر يونس
- التجربة المغربية في بناء الحزب الثوري / عبد السلام أديب
- فكرة تدخل الدولة في السوق عند (جون رولز) و(روبرت نوزيك) (درا ... / نجم الدين فارس
- The Unseen Flames: How World War III Has Already Begun / سامي القسيمي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - مواضيع وابحاث سياسية - اسماعيل شاكر الرفاعي - لحظة تكليف الكاظمي