أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكيمة لعلا - يوميات الحجر (12) وجها لوجه- الجزء 1















المزيد.....


يوميات الحجر (12) وجها لوجه- الجزء 1


حكيمة لعلا
دكتورة باحثة في علم الاجتماع جامعة الحسن الثاني الدار البضاء المغرب

(Hakima Laala)


الحوار المتمدن-العدد: 6534 - 2020 / 4 / 10 - 01:33
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


دخل المغرب إلى المرحلة الثانية من انتشار فيروس كوفيد وذلك بعد مرور ثمانية عشر يوما على بداية الحجري الصحي الإجباري. ارتفع عدد المرضى من أول مهاجر مغربي جاء من إيطاليا ، والذي تعافى، إلى الآن، ليصل إلى العدد الحالي الذي هو أربعة وثمانون ومئة مصاب، وصلت الوفيات إلى تسعين شخصا، أما عدد المتعافين فهو ثلاثة وتسعون. مند بداية الإعلان عن هذا الوباء وانتشاره عبر العالم تدرج استيعاب المغاربة للوباء عبر فترات عدة، ذلك بالتفاعل مع كل الأحداث التي يعيشونها في محيطهم، كان استيعاب المغاربة لخطر الوباء تصاعدي ومر بعدة محطات، يمكن وصفها كالتالي؛ الأولى نوع من الاستخفاف بالمرض بعروض بلاغية حول قوة المغاربة الجسدية وقدرتهم على مقاومته، شاعت نكت كثيرة للسخرية من الفيروس وروجت على صفحات التواصل الاجتماعي . خلال هاته الفترة أيضا ساد القول على استعداد المغرب لمواجهته، لم يكن هذا الخطاب خاصا بعامة الشعب أو مجموعة من الأفراد، بل كان خطابا رسميا وموضوعا لتصريحات الكثير من المسؤولين، وعلى رأسهم سياسيون في مراكز القرار في الحكومة المغربية. إن التصريحات الأولية لرئيس الحكومة ومدير الأوبئة ووزير الصحة، وكلهم ينتمون لقطاع الصحة، ولهم تكوين في مجال الطب، كان فيهم نوعا من الاستخفاف وغياب المهنية، شبهوا هذا الوباء بمرض الزكام الموسمي، مؤكدين أنه لا يمثل ولا يحمل خطرا قاتلا في حد ذاته. هذه التصريحات خلقت نوعا من الأريحية عند الكثيرين من المغاربة وخصوصا الطبقات الشعبية. لقد ساهم هذا الأمر في تأخر المغاربة في استيعاب الخطاب الذي تغير من بعد والذي يندر بالخطر، ويطالب المغاربة بالاحتماء من المرض والقبوع في منازلهم و عدم مغادرتها إلا للضرورة القصوى .دعم هذا الخطاب مجموعة من التصريحات والخطابات لدعاة دينيين خرجوا للقول "بنبوءات" تفيد بأن هذا الوباء لعنة وانتقام من الله من البشر بسبب كفر وجحود الكثير منهم لأوامره وتعاليمه وعلى رأسهم الغرب الكافر. أكدوا هؤلاء أيضا أن الله سيحمي المسلمين معتمدين على تأويلات دينية وغيبية، بالدعاء والابتهال. إن هاته الفترة التي اتسمت بتصرفات غير عقلانية تعلن في العمق عن نوع من رفض الخبر حتى لا يصبح واقعا معاشا، إن تكذيب الخبر أو التشكيك فيه يعبر عن صدمة فكرية وعاطفية للإنسان ويدفعه إلى رغبة الاحتماء من الخطر ولو بالرد اللاعقلاني . هكذا دخل المجتمع المغربي في مبارزة كلامية مع الفيروس لتجاوز أو التقليل من مخاوفه، إن التنكيت الذي عم وسائل التواصل الاجتماعي كان تعبيرا عن عصبية تجتاح دواخل الأفراد، كما أن مشاركة الآخرين في الضحك، هو كذلك تعبير عن خوف أو إحساس بالقلق، لذلك يبحث الفرد عن التماهي مع الآخرين في نفس الإحساس . يعبر هذا التفاعل الأولي بعدم قدرة الكثير من المغاربة عن التعبير عن خوفهم، في هاته المرحلة تم نكران الخوف الذي شعر به مجمل المجتمع المغربي.
بدأ المغاربة يستشعرون خطورة الأمر بعد تدخل ملك البلاد للإخبار عن تكوين صندوق للدعم يخص فيروس الكوفيد19 يقدر بعشرة مليارات من الدرهم، وبدأ التصريح مباشرة بالمشاركة لكثير من أغنياء المغرب في دعم هذا الصندوق بمبالغ مهمة. نعتبر أن الاجتماعات التي قام بها الملك والقرارات التي اتخذها هي بداية الفترة الثانية من المرحلة الأولى لظهور الفيروس في تدبير المغاربة لجائحة الكورونا. أول ملاحظة بالنسبة لهذه المرحلة هو تواري معظم أعضاء الحكومة والأحزاب والفاعلين السياسيين ، أرجئوا إلى خلف الستار ليصبح في المركز الأول الأطباء ورجال السلطة وعناصر من الجيش لتدبير هاته الجائحة على المستوى الصحي والاجتماعي والأمني، عمل رجال السلطة على إلزام الناس داخل بيوتهم حرصا على صحة المجتمع، في حين ظلت عناصر الجيش في الخلف ولكنها قامت بجولات في كثير من المناطق في مدينة الدار البيضاء وخصوصا في بعض الأحياء التي يصعب التحكم فيها والتي تعيش كثافة سكانية عالية. في هذه الفترة ظهرت كذلك عدة مبادرات تضامنية، منها ما يأخذ طابعا تضامنيا، وهناك حديث عن بعض مشاركات المجتمع المدني، وإن كانت جد ضئيلة ومبادرات تقليدية للتضامن مثل شراء مواد غذائية لبعض العائلات كما فعلت مجموعة من المنقبات في بعض الأحياء الهشة والتي حسب بعض الرواة كن يقدن سيارات فخمة. إن كان هذا التضامن عند البعض يصب في مفهوم التضامن التقليدي الذي يعتمد السرية أو مفهوم"الستر" فكانت هناك مبادرات تعلن عن أغراض أو اديولوجيات تنوي استعمال الفعل من أجل تحسين الصورة وخلق نوع من الزبونية التي تكون في أغلب الأحيان سياسية أو دينية سياسية، مثل الأفراد الذين أخذوا الصور مع عائلات جد معوزة ونشروها على صفحات التواصل الاجتماعي، عندما نتفحص هذه الصور نلاحظ التمايز في اللباس والوقوف وطريقة تواجد الفرد في تلك اللحظة، إن "المتضامن" يبدو في حالة من الثقة بالنفس والاعتداد بالذات ، يلبس ملابس مغربية تقليدية التي تشكل لباس الوقار في تمثلات المغاربة وتحيل على الرجل الصالح. إلا أن خلفية الصورة تعلن عن رغبة في الإعلان عن شخصه من خلال فعل التضامن. في مقابل هذا الإعلان عن وضعية المتضامن ، نجد وضعية المتضامن معه تعبر عن الذل والهوان، أول ملاحظة وهي عملية التشهير بشخصه وإعلان دونيته بدءا من ملابسه التي تظهر فقره إلى وقوفه المفروض عليه والتي تعلن من خلال قوامه الرفض للفعل، إلا أنه في هذا الإطار، وهو يعي أنه في علاقة مقايضة، يعلن عن عوزه ونيته مقابل المواد الأولية للتغذية والتي هي بخسة الثمن. بيد أن التضامن الذي من الممكن اعتباره فعلا جديدا في إطار الفعل التضامني في المغرب ، هو تكوين مجموعات على وسائل التواصل الاجتماعي بشكل حديث لمساعدة الأشخاص المعنيين بالأمر، هاته الفئة تتكون من عناصر شابة " تبدو أنها" تنتمي إلى الطبقات المتوسطة ، يغلب عليها رغبة الاندماج في الفعل الآني لمواجهة الجائحة، أهم الوسائل التي اعتمدتها هذه الفئات هي تنظيم العمل والمساعدة الاجتماعية، خاصية هاته المجموعات الجديدة وإن كانت تحتفظ في فعلها التضامني بمفهوم الأجر فهو ينزاح إلى المحتوى الثقافي التقليدي للمجتمع أكثر من المفهوم الإسلاموي الذي يجعل من كل مساعدة، فعلا خيريا أكثر من نيل أجر إلهي. من هنا يمكن الحديث عن بوادر ظهور فعل تضامني إنساني أكثر من فعل تضامني خيري.
يتبع



#حكيمة_لعلا (هاشتاغ)       Hakima__Laala#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات الحجر الصحي (11) وجها لوجه
- يوميات الحجر (10) وجها لوجه
- يوميات الحجر (9) وجها لوجه
- يوميات الحجر (8) وجها لوجه
- يوميات الحجر (7) وجها لوجه
- يوميات الحجر (5- 6) وجها لوجه
- يوميات الحجر (4) وجها لوجه
- يوميات الحجر (3) وجها لوجه
- يوميات الحجر (2) وجها لوجه
- يوميات الحجر (1) وجها لوجه
- -أنا- و -أنا-  في محك القرار


المزيد.....




- ترامب يأمر الجيش الأمريكي بتنفيذ ضربات جوية في الصومال
- تظاهرات في مدن ألمانية ضد سياسة الهجرة المدعومة من البديل
- نتنياهو: سنواصل العمل لتحقيق أهداف الحرب
- شاهد.. نيران وحطام طائرة متناثر في الشوارع إثر الحادث الجوي ...
- مصر.. اجتماع عربي لرفض تهجير الفلسطينيين
- صحيفة: في الغرب يدركون أن بوتين يعرف نقطة ضعفهم
- اختفاء معلومات وبيانات مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية من ...
- السودان.. الجيش يعلن استعادة السيطرة على عدة مدن في ولاية ال ...
- دانماركي يحرق مصحفا أمام السفارة التركية في كوبنهاغن (فيديو) ...
- واشنطن: يجب إجراء انتخابات في أوكرانيا


المزيد.....

- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكيمة لعلا - يوميات الحجر (12) وجها لوجه- الجزء 1