أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد كشكار - ال-معركة الثقافية-: الليبرالية أم الڤرامشية؟














المزيد.....

ال-معركة الثقافية-: الليبرالية أم الڤرامشية؟


محمد كشكار

الحوار المتمدن-العدد: 6532 - 2020 / 4 / 8 - 11:13
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم
    


1. الحجة الأولى، التي تدور اليوم في الأوساط اليسارية، تقول أن العالمَ مقسّمٌ إلى مجموعتين: المجموعة الأولى تمثل 1% من سكان العالم، تضم الأكثر رخاءً فيهم، وتستأثر بجل فوائد التنمية الرأسمالية. المجموعة الثانية تمثل الـ99% المتبقية من سكان العالم، تضم جميع المتضررين من هذه التنمية الرأسمالية اللامتكافئة. لكن هذه الأخيرة نجد فيها مثلاً، العامل والفلاح والمعلم وأستاذ الثانوي، كما نجد فيها أيضًا الطبيب والمحامي والأستاذ الجامعي، فمِن الصعب إذن أن نتخيل أن بين الطبقتين، الدنيا والوسطى، قد توجد مصالحٌ مشتركةٌ، ومن المستحيلات أن يكوّن الاثنان طبقةً سياسيةً ذات وعيٍ طبقيٍّ متجانسٍ (La conscience de classe).
2. الحجة الثانية وهي متداولةٌ عند اليسار أيضًا، تقول أن الـ"معركة الثقافية" هي فكرةٌ، فكرةٌ في الواقع ليست خاطئة في حد ذاتها، لكنها تفتح أبوابًا على إستراتيجيةٍ سياسيةٍ إشكاليةٍ.
3. فكرة المفكر الماركسي الإيطالي أنطونيو ڤرامشي تتمثل في مفهومِ "الهيمنة الثقافية" الشهير (L`hégémonie culturelle). فكرةٌ بسيطةٌ: السياسة ترتكز في آخر المطاف على الثقافة. فإذا كانت الحكومات لا تطبق برنامجها، فليس لأنها تفتقر للشجاعة أو الطموح، ولا لأنها ترفض الدفاع عن مصالح مَن انتخبوها، بل لأن الجو السياسي يعارض تطبيقها (Le fond de l`air politique). يجب إذن تغيير هذا الجو وجعلِه مقبولاً. الصين، مثلاً، لم تصل إلى المرتبة الثانية اقتصاديًّا في العالم عن طريق أي "معركة ثقافية"، بل وصلتها بفضل قوتها الاقتصادية التي يحاول زعماؤها بكل جَهدٍ تحويلها إلى قوة عسكرية. لكن الهيمنةَ الليبراليةَ الجديدةَ لم تنبثق إلا بعد تغييرات هيكلية أضعفت القوى التقدمية، وواهمٌ مَن يتصور أنه يكفي أن تربح الـ"معركة الثقافية" حتى يتغير النظام.
4. الحجة الأولى والثانية تنطلقان من تصورٍ واحدٍ للعالم الاجتماعي. تصورٌ يَعتبِر المجتمع ككيانٍ غير متمايزٍ (Une entité indifférenciée)، كفضاء مَرِنٍ نشكّله بالحوار في اتجاهٍ أو آخرَ. وعكس بعض مفسّري ڤرامشي الذين يقوّلون ڤرامشي ما لم يقل: هو لم يرغب أبدًا في أن يجعلَ من الـ"معركة الثقافية" القلب النابض للصراع الطبقي. يذكر ڤرامشي تطور ماركسية عصره ويؤكد أن "المرحلة الأحدث من تطورها تتمثل بحق في المطالبة بلحظة "الهيمنة" كعنصرٍ أساسيٍّ في تصورها للدولة وفي تثمين العامل الثقافي، النشاط الثقافي، وضرورة تأسيس جبهة ثقافية جنب الجبهات الاقتصادية والسياسية البحتة". ربطُ "الجبهة الثقافية" بالجبهات الاقتصادية والسياسية: هذه هي الفكرة الكبرى! فكرةُ "الهيمنة الثقافية" الڤرامشية ليست خطبةً منمقةً لمثقفين أو زعماء معارضين على شاشات الفضائيات مثلما ما يفعل عندنا زعماءُ "الجبهة الشعبية"، إنها قدرة الحزب على خلق وتسيير كتلة اجتماعية موسعة، وذلك عن طريق تأسيس وتطوير الوعي الطبقي، المهمة اليسارية الأساسية التي لم يقم بها أي حزب يساري تونسي منذ ما يقارب قرنًا من الزمن، منذ تأسيس الحزب الشيوعي التونسي سنة 1934.
5. شَنُّ الـ"معركة الثقافية" يتطلب من اليساريين الڤرامشيين تسييس الطبقات الشعبية الجديدة (بروليتاريا متنوعة تختلف عن البروليتاريا الكلاسيكية في السبعينيات)، وذلك عن طريق إذكاءِ وخوضِ صراعاتٍ نقابيةٍ نوعيةٍ، صراعاتٌ لا تقف عند سقف تحقيق مطالب مادية على أهميتها. النقابيون الواعون طبقيًّا هم ورثةُ ڤرامشي الحقيقيون.

Référence: Le Monde diplomatique, mars 2018, extrais de l`article «Les idées suffisent-elles à changer le monde. Ce que la bataille culturelle n`est pas», par Razmig Keucheyan, Professeur de sociologie à l`Université de Bordeaux, p. 3

إمضائي (لوموند ديبلوماتيك، ترجمة مواطن العالَم، بقليلٍ من التصرف):
Les vices privés des capitalistes décideurs ne feront jamais la vertu publique du peuple gouverné

تاريخ أول نشر على حسابي ف.ب: حمام الشط، السبت 31 مارس 2018.



#محمد_كشكار (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- هل فَهم المثقف التونسي الواقع التونسي؟
- كيف نحوّلُ شعبًا إلى غوغاء؟
- فلاسفة أنصتُّ لهم، أشكرهم، نقلوني من قارئ لا يفهم الفلسفة إل ...
- بعد التقاعدِ، عادةً ما يعودُ المتعلم التونسي إلى الأمية!
- حريةِ التعبيرِ في القرآنِ الكريمِ، مَنَحَها اللهُ حتى للشيطا ...
- آياتان خارج السياق في العدل في الإرث مناصفةً بين الرجل والمر ...
- كُفُّوا، أرجوكُم، عن ترديد السؤال التافه والسخيف: -لماذا لم ...
- ما هي أهم الفروقات بين المخ البشري والحاسوب؟
- تعليق حول كتاب -غرق الحضارات- لأمين معلوف
- حِوارٌ سُرْياليٌّ بينَ فَيروسْ كورونا ومُسِنٍّ مُصابٍ بالكور ...
- ما لِقومي وماذا دهاهم؟ جزء 1
- يبدو لي أنه من الأسلَمِ أن لا يطلبَ اليساري التونسي العَلمان ...
- مِن الأفضل أن لا نسجن أنفسنا في خانة الخيارات الخاطئة
- هل يوجد في الإسلام كهنوت؟
- فكرة قرأتها حديثا في كتاب: ماذا سنربح لو طبّقنا المنهجية الت ...
- فكرة قرأتها حديثا في كتاب: أليس الإيمان هو الملجأ الوحيد الذ ...
- فكرة قرأتها حديثا في كتاب: هل نحن بأمسّ الحاجة إلى عَلمانية ...
- الكلمة الطيبة بين الأصدقاء نادرة في قاموس اليساريين التونسيي ...
- فكرة قرأتها حديثا في كتاب: هل نحن بأمس الحاجة إلى عَلمانية ج ...
- دُعاءْ أرفعه متذرّعًا إلى السماءْ لفائدة مهندسي الأنترنات وا ...


المزيد.....




- كيف يؤثر اسمك على شخصيتك؟
- بعد العثور على جثته.. إسرائيل تندد بمقتل حاخام في الإمارات
- حائزون على نوبل للآداب يطالبون بالإفراج الفوري عن الكاتب بوع ...
- البرهان يزور سنار ومنظمات دولية تحذر من خطورة الأزمة الإنسان ...
- أكسيوس: ترامب يوشك أن يصبح المفاوض الرئيسي لحرب غزة
- مقتل طفلة وإصابة 6 مدنيين بقصف قوات النظام لريف إدلب
- أصوات من غزة.. الشتاء ينذر بفصل أشد قسوة في المأساة الإنساني ...
- تحقيق لأسوشيتد برس: حملة قمع إسرائيلية ضد الفلسطينيين المقيم ...
- خبير فرنسي: هذه هي الإدارة الأكثر معاداة للفلسطينيين في التا ...
- واشنطن بوست: معاد للإسلام يعود للبيت الأبيض


المزيد.....

- قراءة ماركس لنمط الإنتاج الآسيوي وأشكال الملكية في الهند / زهير الخويلدي
- مشاركة الأحزاب الشيوعية في الحكومة: طريقة لخروج الرأسمالية م ... / دلير زنكنة
- عشتار الفصول:14000 قراءات في اللغة العربية والمسيحيون العرب ... / اسحق قومي
- الديمقراطية الغربية من الداخل / دلير زنكنة
- يسار 2023 .. مواجهة اليمين المتطرف والتضامن مع نضال الشعب ال ... / رشيد غويلب
- من الأوروشيوعية إلى المشاركة في الحكومات البرجوازية / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- تنازلات الراسمالية الأميركية للعمال و الفقراء بسبب وجود الإت ... / دلير زنكنة
- عَمَّا يسمى -المنصة العالمية المناهضة للإمبريالية- و تموضعها ... / الحزب الشيوعي اليوناني
- الازمة المتعددة والتحديات التي تواجه اليسار * / رشيد غويلب


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم - محمد كشكار - ال-معركة الثقافية-: الليبرالية أم الڤرامشية؟