عماد عبد اللطيف سالم
كاتب وباحث
(Imad A.salim)
الحوار المتمدن-العدد: 6527 - 2020 / 4 / 2 - 22:42
المحور:
كتابات ساخرة
لم أكن يوماً سعيداً بوجود 5000 صديق ، يأكلونَ معي الغثَّ والسمين ، والحُلوّ والمُرَّ ، في وادي الفيسبوك "الرسوبي" العظيم .
لا بُدّ أنّ يكونَ في هذا الأمر خَلَلٌ ما ، او خطأٌ في الحساب.
وبعد نومٍ وفير ، في عطلةٍ وفيرة ، وعلى وقعِ طلباتٍ مُخلصةٍ كثيرة لا أتمكنُّ من الإيفاء بها بسبب إكتمال العدد ، قرّرتُ أن أتفَقّدَ أصدقائي ، لأرى من هم بالضبط ، وكم منهم مايزالُ يُرزَقُ حيّا.
تبيّن لي أنّني وفي بداية حياتي الفيسبوكيّة ، كنتُ أُركِّزُ كثيراً على "الككَسْبِ الكَميّ" لزيادة شعبيتي ، مثل أيّ حزبٍ "شعبويّ" . ولهذا .. ولغرض التركيز على "النوع" .. شَرَعْتُ في إجراءِ عمليةٍ جراحيّةٍ كُبرى بهدف "الإنتقاء الطبيعي" للأصدقاء "الأصلحِ" للبقاء.
إكتشفتُ أن بعضَ "الأصدقاء" ما يزالُ حيّاً ، مع أنّني كنتُ أعتقدُ أنّهُ قد مات قبل سنواتٍ طويلة .. أو أنّهُ ربّما أعتقدَ أنّني أنا الذي مُتُّ قبل سنواتٍ طويلة.
بعضهم أجفَلَتني أسماءهم . يا إلهي ، كيفَ تنازلَ هؤلاء العمالقةِ العظام ، وقبلوا صداقتي؟
آخرونَ وأخريات يحملونَ أسماء الأزهار ومُلحقاتها : زهرة ذابلة ، وردة جفّفها الشوق ، ورود مُطفأة ، زهور رضيعة .
هناك أيضاً القلوب والعيون والدموع والشموع ، ومُشتقّاتها .
هناك حسابات تتحدّثُ عناوينها عن سرديّات مُدهشة ، مثل : كبريائي تذُلّني ، حنينكَ يوجِعني ، أصابعك تُدميني .
وجدتُ أيضاً : للقبلةِ أشرعة ، للفمِ سفينة ، للرغبةِ أجسادٌ غضّة.
وهناكَ أيضاً : أحلام مُبعثرة ، وأمنيةٌ تبحثُ عن مساحة ، وربّاتِ الحديقة الخلفيّة !!!.
أمّا توتة البيتوتة ، وبسكت بسكوتة ، ورنّوش رنّوشة ، ، ومِيَو مِيَو .. فحدّث ولا حَرَج.
تبيّن لي أنّني كنتُ موفّقاً فقط في عدم قبول صداقة "مهاويل" العشائر ، و فرسان الريف ، و صناديد البادية ، وجماعة جيفارا وهتلر و "الإسلام هو الحلّ" .. وحسناً فعلت.
كُلّ هذا يهون ، ولكن أنْ أجِدَ أنّ "شِيّاباً"، أعمارهم جميعاً فوق السبعينن ، وفوق الثمانين ، قد ورّطوني بصداقة عشرات الفتيات "الجامحات"، عن طريق ثقتي المُطلقة بهم كاصدقاء "مُشتَرَكين" ، لا تشوبُ اختياراتهم شائبة .. لأجدَ بعد ذهابي إلى الحسابات "المَصونَة" ، والمُحَصّنة بالشَعر الأبيض الخالص ، أنّ "براءتي" الطفوليّة قد تمّ إنتهاكها ، وأنّ "الصديقات المُشتركات" ليس لديهنّ حِسٌّ شِعري ، ولا ذائقة أدبيّة ، ولا "نوازع" فلسفيّة ، غير "نزعهنّ" للقسم الأكبر من ملابسهنّ "التقشفيّة" ، وانّ محتويات صفحة كلّ منهن هي عبارة عن أعضاء الجسم الرئيسة ، مع صُوَر البروفايل لسبعة من أصدقائي الشيّاب ، وهم يُحدّقونً بها من أعلى إلى أسفل ، ومن اسفل إلى أعلى .. ولا شيء آخر.
#عماد_عبد_اللطيف_سالم (هاشتاغ)
Imad_A.salim#
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟