فتحي البوزيدي
الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 31 - 18:21
المحور:
الادب والفن
حزن
بلا أضراس
يمضغ شفتيّ.
لم أجرّب الحرب كما جرّبها مقاتل يمنيّ يمضي إلى جبهة القتال و في فمه مضغة قاتٍ.
لكنّي
جرّبت كلّ الهزائم الممكنة حتّى سقطت أسناني
من صقيع اللّيل,
من التّبغ,
من الخمر الرّخيص,
من البكاء وحدي كلّما رأيت جنازات الإنسان يأكل بعضه كاسطوانات الفولاذ.
في الحَجْر
نصحني الأطبّاء أن أصير سمكة داخل بيت بلّوريّ..
نصحوني أيضا
أن أغسل يديّ
من رفاقي,
من عشيقاتي,
من نادل المقهى,
من بائعة الياسمين الفقيرة تضمّد الظّلام بالعطر
بين الحانات,
و في أزقّة القلوب المكسورة.
القصائد موبوءة
تخفي وجهها في معبد العزلة
منذ كان النّاس يتجوّلون في المدينة,
يشترون من بوتيكات الملابس مرايا جديدة لملامحهم.
اعتدتُ أن أكتب نصوصي بأصابع قدمي كلّما عضّ بابُ المعبد يديّ.
ربّما..
كانت بوذيّة أو صوفيّة
تلك النّورسة القرطاجيّة هاجرت إلى مقاطعة فلاندرز البلجيكية على ظهر غيمة تغمر الأرض بالماء هناك.
ربّما
صارت نهرا يصبّ في المتوسّط,
تعود إليّ..
بعينيها
تغسل أوراقي من نزيف يديّ.
أخمّن أن نكسر الحَجْر
بممارسة الحبّ عن بُعْد,
بشرب نخبٍ يسكُب البحر بيننا
نبيذا.
بتلاوة قصيدة على إيقاعات
الرّيحِ,
الأجنحةِ,
قبلةِ نورسة تختطف الطعام من فمي.
في الحَجْر
يتكسّر الحلم سريعا
مثلما تتكسّر زعانف سمكة على جدران بيت بلّوري.
في الحجر
قد أمضغ شفتيك كما يمضغ القاتَ مقاتل يمنيّ
لكنّني
أكثرُ موتا
لأقاتل.
أقلُّ أجنحةً من حلم نورسة
لأهاجر.
لَا نهر
يجري من البلاد الواطئة ليسقي لسانُك ضفاف شواطئي المتوسّطيّةِ بالنبيذ.
زعانفي
كسرتها جدران بلّور سدّت مضيق باب المندب
لا ماء
يصبّ من بحر العرب إلى خليج عدن إذن.
لا ماء
يأخذ الأرضَ إلى الأرضِ.
لا ماء
لأصير مقاتلا..
أو عاشقا..
و لا أجنحة
لِأُغادر قصيدتي الموبوءةَ
إلى حربِ عاشقٍ يمضغ
القاتَ,
و شفتيْ حبيبة مهاجرة.
#فتحي_البوزيدي (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟