أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - كوميديات أمّي … في عيد الأم (2)














المزيد.....

كوميديات أمّي … في عيد الأم (2)


فاطمة ناعوت

الحوار المتمدن-العدد: 6526 - 2020 / 3 / 29 - 00:28
المحور: الادب والفن
    


الإثنين الماضي حدثتكم عن أمّي الجادّة الحادّة قليلة الابتسام، التي آمنت بأن الحياة “علمٌ وعملٌ”، وفقط. وأن أية دقيقة تُهدَر في غير ذلك، خسرانٌ وعدم. وقصصتُ عليكم مواقفَ طريفةً ومقالبَ أنتجتها تلك الجدّيةُ الفائقة، واليوم أكمل لكم مواقفَ أخرى.
مغارة الكنوز تحت السرير...
كانت أمي "تحظر" قراءة أي شيء خارج المنهج الدراسي من أجل التفوّق. والتفوق عند أمي يعني الدرجة النهائية؛ التي لتقبلها أمي على مضض، وكأنها طبائع الأمور. وأبدًا لم تستوعب أن 99٪ وما دونها بقليل يُعدُّ تفوقًا. هكذا أبناء برج "العذراء"؛ لا يقبلون إلا الكمال، والكمال لله. ابتكرتُ عديدَ الحِيَل لكي ألبّي شغفي بالقراءة، دون إغضاب أمي. حتى لا يقعَ "جسمُ الجريمة”: الكتاب، عُرضة للمصادرة إن أمسكت بي أمي متلبسةً بالقراءة في غير المنهج الدراسي. تجاوزتُ مبكرًا مرحلة إخفاء الكتب بين دفتيّ الكتب الدراسية. وكانت الواقعةُ الأخيرةُ كارثيةً حين قبضت أمي على "النبيّ"/ جبران، داخل كتاب التاريخ ثقيل الظلّ. وبدأت المشكلة حين دخلتُ في مرحلة "أمهات الكتب”. فأيُّ كتابٍ مدرسي بوسعه أن يُخفي بين دفتيه "الكوميديا الإلهية"، "الفردوس المفقود"، الإلياذة والأوديسة"، وغيرها؟! فكّرتُ في تمزيق الكتب إلى ملازم رفيعة يسهل إخفاؤها. لكنني خشيتُ من غضب دانتي وملتون وهوميروس! هنا بدأتُ التعرّفَ على العالم السحري الذي بنيته لنفسي تحت سريري. بعد نوم ماما و تحية المساء:"كواك كواك"، آخذُ أباجورة مكتبي، وأنزل تحت السرير، لأدخل مغارة الكلمات وأغترف من كنوز لآلئ الحروف. وكثيرًا ما استغرقني النومُ تحت السرير، لأصحو مرتعدةً الفرائص في السادسة صباحًا على صوت خطوات أمي خارجة من غرفتها، فأتحوّل إلى "شارلي شابلن"، لأخفي معالم الجريمة الليلية.
القطّة ودكتور اسطفانوس...
كانت أمي تمنعُ تربيةَ القطط في البيت لكي لا تشغلنا عن الدراسة. في أحد الأيام تعثّرت قدمي بالخطأ في قطّة تُرضع أطفالها على السلّم. وتسببتُ في التواء عنق إحدى القطط الوليدة. انهرتُ في البكاء، وحملتُ القطيطة المصابة إلى "أنكل اسطفانوس"، الطبيب البيطري جارنا في العمارة المقابلة. أنقذها وعالجها وجبّرها، ولكن دموعي لم تتوقف. فوجئتُ بأمي تسمحُ باستضافة القطة الأم وطفلاتها حتى نراعي الصغيرة الكسيرة. سعادتي ودهشتي بذلك القرار، تعادلان دهشة وسعادة "كريستوفر كولمبس" باكتشاف أمريكا. تعلّمت يومها أن الجديةَ تُخفي وراءها قلبًا ينبضُ.
جميل عطية إبراهيم….
في معرض القاهرة الدولي للكتاب عام 2005، فاجأني الكاتبُ المصري السويسري الشهير: د."جميل عطية إبراهيم" بأن طلبَ رقم هاتف أمي! هاتَفها وقال لها: (مدام سهير، عاوز أشكرك لأنك أنجبتِ بنت جميلة فتحت لي عالم "ڤرجينيا وولف” المغلق. أنا قرأتُ رواياتها بالإنجليزية، وقرأت ترجمات رواياتها بالفرنسية والألمانية؛ وبرضو مفهمتهاش ومحبتهاش؛ رغم إتقاني للغات الثلاث! فكرهتها، وقفلت بابها للأبد. ولكن لما قرأت شغلها بالعربية بترجمة بنتك، اكتشفت قد ايه عالم "ڤرچينيا وولف" ساحر، وبدأت أعشق أدبها. أنا مَدين لبنتك بدخولي عالم وولف الجميل أخيرًا، من بوابة ترجمات فاطمة ناعوت. أشكرك أيتها الأم العظيمة.) فأجبته أمي قائلة: ( تصوّريا د. جميل خرجت الصبح للمعرض من غير ما تفطر ولا تشرب اللبن؟!) ومن يومها صار د.جميل يتندّر بتلك المهاتفة العجائبية.
العالم كله ضدّ ابنتك….
في أحد صباحات 2006، استيقظتُ على صوت أمي بالهاتف يصرخ: (العالم كلّه ضدك؟! يا نهار أسود! كتبتي ايه؟!) انتفضتُ من السرير فزعةً؛ لأنني أعلمُ عن أمي الجديّة وعدم المزاح. (مش فاهمة يا ماما بتتكلمي عن ايه؟ إهدي وفهميني!) أجابت بهلع: (مانشيت في الأهرام النهارده بيقول: “العالم يحذّر من كتاب فاطمة ناعوت الجديد!). وبدأت في قراءة الخبرَ بصوت مُتهدّج: (صدر مؤخرًا للكاتبة فاطمة ناعوت كتابٌ جديد بعنوان "الكتابة بالطباشير”. ويقول المفكرُ الكبير "محمود أمين العالم” في تصدير الكتاب: "أيـها القارئ العزيز، حـذارِ أن تصدِّقَ عنوانَ هذا الكتـاب! فكتابتُه لم تتحقّـق، كما يزعم عنوانُه، بالطباشيـر! فهي ليسـت بالكتابـة السَّطحية التي يمكن أن تُمسـحَ أو تُنسى بمجرد مغادرتِها. بل هي بالحـق كتابـةٌ بالحفـر العميـق في حقائقَ وظواهـرِ تجاربنا الثقافية القومية والإنسانيّة، التراثيـّة والمعاصـرة...”). أغفلت الجريدة وضع الكسرة تحت حرف "اللام"، فقرأتها أمي: “العالَم، بدلا من العالِم". وظنّت أن العالم ضدي.
رحم الله أستاذي الجميل "محمود أمين العالِم"، وكلّ عام وكلّ أمّ جميلة. وحفظنا اللهُ من الويل والجائحات والمحن. “الدينُ لله، والوطنُ لمن يحبُّ الوطن.”

***



#فاطمة_ناعوت (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- في الفواجع … شعبُنا على كأس ماء بارد
- عاصفة كورونا السوداء
- كورونا … يذوبُ في الألوان
- الحبُّ في زمن الكورونا… اسألوا أهلَ الذِّكر
- زينب الكفراوي … نَمِرةُ بور سعيد الباسلة
- هالة زايد … وزيرة على خطّ النار
- وأكره اللي يقول: آمين... عزيزي الرئيس مبارك!
- وشاح محمد بن راشد ... لقلب مصر
- صوتُ الرئيس مبارك
- المايسترو مجدي يعقوب … ضابطُ إيقاع القلوب
- جواب اعتقال … سيكولوجية الإرهابيّ: (العقل والأداة)
- مافيا الإرهاب … من الداخل (جواب اعتقال)
- لماذا ينتحرُ المنتحرون؟ (2)
- لماذا ينتحرُ المنتحرون؟ (1)
- لينين… ضابطُ إيقاعِ الضحك الرفيع
- النحلة والدبور … إهداء المايسترو لحبيبته نيڤين
- هنا الإمارات … ومصرُ تصنعُ الحياة
- وسام القديس جورج … لقاهر الإرهاب الأسود
- معرض القاهرة الدولي للكتاب 2020
- معرض القاهرة الدولي للدواء 2020


المزيد.....




- أحلام تتفاعل مع تأثر ماجد المهندس بالغناء لعبدالله الرويشد
- شاهد/رسالة الفنان اللبناني معين شريف من فوق أنقاض منزله بعدم ...
- عندما يلتقي الإبداع بالذكاء الاصطناعي: لوحات فنية تبهر الأنظ ...
- فنان تشكيلي صيني يبدع في رسم سلسلة من اللوحات الفنية عن روسي ...
- فيلم - كونت مونت كريستو- في صدارة إيرادات شباك التذاكر الروس ...
- -الجوكر جنون مشترك- مغامرة سينمائية جريئة غارقة في الفوضى
- عالم اجتماع برتبة عسكري.. كيف تشرّع القتل بصياغة أكاديمية؟
- -لوكاندة بير الوطاويط-.. محمد رمضان يعلن عن تعاون سينمائي مع ...
- العرض الأول لفيلم -Rust- بعد 3 سنوات من مقتل مديرة تصويره ها ...
- معرض -الرياض تقرأ- بكل لغات العالم


المزيد.....

- جماليات الكتابة المسرحية الموجهة للطفل مسرحية "سندريلا و ال ... / مفيدةبودهوس - ريما بلفريطس
- المهاجـــر إلــى الــغــد السيد حافظ خمسون عاما من التجر ... / أحمد محمد الشريف
- مختارات أنخيل غونزاليس مونييز الشعرية / أكد الجبوري
- هندسة الشخصيات في رواية "وهمت به" للسيد حافظ / آيةسلي - نُسيبة بربيش لجنة المناقشة
- توظيف التراث في مسرحيات السيد حافظ / وحيدة بلقفصي - إيمان عبد لاوي
- مذكرات السيد حافظ الجزء الرابع بين عبقرية الإبداع وتهمي ... / د. ياسر جابر الجمال
- الحبكة الفنية و الدرامية في المسرحية العربية " الخادمة وال ... / إيـــمـــان جــبــــــارى
- ظروف استثنائية / عبد الباقي يوسف
- تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ / غنية ولهي- - - سمية حملاوي
- سيمياء بناء الشخصية في رواية ليالي دبي "شاي بالياسمين" لل ... / رانيا سحنون - بسمة زريق


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الادب والفن - فاطمة ناعوت - كوميديات أمّي … في عيد الأم (2)