أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكيمة لعلا - يوميات الحجر (4) وجها لوجه















المزيد.....

يوميات الحجر (4) وجها لوجه


حكيمة لعلا
دكتورة باحثة في علم الاجتماع جامعة الحسن الثاني الدار البضاء المغرب

(Hakima Laala)


الحوار المتمدن-العدد: 6524 - 2020 / 3 / 27 - 01:08
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


طلب الكثير منا إنهاء التجمعات بما فيها إغلاق الجوامع، حتى لا تكون بؤر عدوى، كنت قد طلبت في تدوينة سابقة فتح الجوامع كمكان استقبال للمرضى أو للفئات المهمشة، إيمانا بأنها بيوت الله وأنها مفتوحة للجميع، أعني لجميع الإنسانية كما هو حال الكنائس ، لاحظت أن التدوينة لم تستقبل بترحاب، فأدركت صعوبة الطلب أو استحالته، لهذا عندما أغلقت الجوامع بدون تعليق او استنكار استفزني الأمر فكريا، وتساءلت كيف خيم الصمت اتجاه هذا القرار، كان هناك احتمالان أولهما أن المغربي أدرك قساوة الوضع، وثانيهما أن القرار لم يأخذ على محمل الجد ويمكن تجاوزه. أي أن المتربعين على عرش السلفية لهم استراتجية موازية لتدبير الأمر، خصوصا للإبقاء على سلطانهم على مريدهم وتابعيهم والمحتاجين إليهم، فنحن كما نعرف يعتمدون المقايضة في كل شيء، الصلاة مقابل "القفة"، الصدقة، العشر، مقابل التصويت في الانتخابات، مقابل التهليل بأمجادهم و أفعالهم، باختصار مقابل تبعيتهم. حتما هؤلاء هيؤوا لبسط سلطانهم بقوة وذلك بتدبير هذه الكارثة بدفن الموتى والموعظة القائلة بأن هذا عذاب من الله ولايمكن مواجهته إلا بالطاعة، ليس لله، ولكن لكل من مكنوا أنفسهم من مرتبة الخليفة في حي أو درب أو أسرة، حتما قرروا أنهم كعادتهم سيمرون على كل المحتاجين ليتفقدوا أخبارهم، ليخبروهم أن موتى كورونا 19 هم شهداء في الجنة، حتما أن إغلاق الجوامع يعقد تنزيل فعلهم والحجز الصحي سيعرقل عملهم ولكن لابأس فهم أخطبوط متواجد في كل درب وفي كل عائلة، إنهم يمثلون الورع والاستسلام لله، ألم يقولوا أن الغنى ابتلاء وأن الفقر ابتلاء، بل قالوا أيضا أن الفيروس عقاب من الله، وسيقولون للذين يعانون من ألم المرض و لا يستطيعون التداوي، ان٦ه عقاب في الأرض قبل الآخرة لينزلوا في جنات النعيم. فكما لهم جواب إلهي لكل أمر جديد من المؤكد أيضا أن عندهم قدرات على الانفلات ستعينهم للمرة الألف، إنهم يدبرون بذكاء وحرفية للانفلات من عين السلطة المراقبة، فلن يمنعهم أحد من القيام بأعمال الأجر التي يجازيها الله عند كل إقتراع جديد. إلا أن السؤال يبقى مطروحا عن صمتهم عن إغلاق الجوامع، فالأمر الجديد هو أن الدولة تقرر لأول مرة الإغلاق الكلي للجوامع وهذه هزة قوية لمرتع اقتناصهم للتابعين، الدولة تقرر مباشرة الحجر الصحي تم الحجر الصحي الاضطراري، هذه القرارت ستقيد حتما وليس كليا تحركاتهم، فوسائل الانفلات تظل قائمة وممكنة، ولكن الأمر أصبح مقلقا عندما تعلن الدولة عن ضرورة الترخيص وتحديد سبب الخروج، فلايمكن اعتماد زيارة الأقارب كعذر للخروج، فالمنع هدفه عزل الأفراد وإنهاء التجمعات. هنا يصبح التضييق شيئا ملموسا ولكن تظل المراوغة والانفلات ممكنين. إلا أن القرار الذي جعل كل المراوغات مستحيلة هو الإعلان على دخول الجيش في معركة محاربة فيروس الكورونا 19، خروج رجال الأمن إلى الساحة العمومية لإرغام الناس على الدخول لمنازلهم ولو بالقوة. فبقدر ما تقدمت إستراتيجية الدولة لمحاصرة خطر انتشار العدوى بقدر ما تمت محاصرتهم، وجر البساط من تحت أرجلهم، بقدر ما احسوا أن سلطانهم على الهامش سيضعف، خصوصا بعد فشل مناوشتهم الأولى في تكثيف المصلين امام الجوامع المغلقة. من هنا سنجد أنفسنا مرة أخرى في حالة "وجه لوجه"، فالجماعات السلفية الإسلاموية بدأت ترى في ما تقوم به الدولة هو من اختصاصهم وأن الدولة تمشي في نطاق لا يخصها، فالهامش هو مرتع لها، من الطبع الهامش او المركز هما جزء من الدولة، ولكن القراءة جد مختلفة عند هؤلاء فهم يعملون على عزل الهامش ليس فقط عن المركز ولكن أيضا على سلطة الدولة وحتى عن دين الدولة، فإن كان الكثير من المغاربة يسعون لدين وسطي، فهم يسعون إلى التشدد، وإن كان الكثير من المغاربة يسعون إلى الحضارة والتقدم، فهم يسعون إلى مجتمع بدوي يعتبرونه السلف الصالح وهم لا يفقهون في التاريخ القديم شيئا، بل أصبغوا مجتمعهم السلفي بصبغة قراهم وقبائلهم وفقرهم وجهلهم وجعلوا منه الأمة الإسلامية المنشودة وهي بداية الجنة. إن تواجد الدولة هو دهس لهم ولوجودهم في وقت أزمة وكارثة إنسانية كانوا يريدون استغلالها لصالحهم، وربما استغلوها مرة أخرى ليؤكدوا على غياب الدولة في حمايتهم بل ووصمهم. قد يؤول البعض تدخل الدولة على هذا الغرار، وقد يستبعد عقله العاجز على إدراك الخطر ويعتبر أن الدولة تناوش هؤلاء للحد من نفوذهم، و قد يتناسى البعض أن حماية المواطنين هو واجب على كل دولة، قد تتعدد القراءات كما اعتدنا حسب اتجاهاتنا السياسية والاديولوجية ولكن الأهم في هذا أن تدخل الدولة جعل من الصعب استمرار الكثيرين الذين يعشقون التجريح في المؤسسات والأشخاص، مع العلم أن تدخل الدولة قد لا يكون الا بقدر إمكانياتها المادية واللوجستيكية، إلا أن شرعية الدولة قائمة في تدبير الأزمات وحماية مواطنيها.
إن ما وقع في الأمس من تكثلات في الشارع ليس إلا رد فعل للمجموعات الدعوية التي استبعدت تدخل الدولة بهذه الصرامة، انها مواجهة معلنة لفعل الدولة الشرعية. فبعدما فقدت هذه الجماعات سيطرتها على ما تعتبره مكتسبات مشروعة ، قاومت بمراوغة العصيان والمطالبة بفتح الجوامع لاسترداد اول معاقلها ، انا أؤكد على كلمة جوامع، أي مكان تجمع الناس، او الأماكن الجامعة للناس، لأن المسجد هو ينحو أكثر لعملية السجود والسجود في الإسلام هو قار وقائم في كل مكان. إن ما طالب هؤلاء به المتجمهرون به ليلة البارحة هو فتح معاقل تجمعاتهم، أي المكان الذي يتم فيه الالتفاف حول الشيخ من طرف مريديه. بالطبع ككل المظاهر التي تطبع هذه المظاهرات باسم الدين، هو تهييج العواطف والاعتماد عليها في تصعيد الشجون ونشر الرعب ومن هنا نشر صور الأطفال، واستغلال صورة طفل يبكي وهو يكبر للتأثير على الجماهير، إنه الاستغلال البشع للطفولة واستجداء التضامن معهم كمسلمين مدافعين عن الإسلام دون غيرهم، تثبيتا لقول زعيمهم، بأن المغرب أصبح دار حرب، متكتمين عن مذهبهم ودوافعهم السياسية، يبقى تساؤل كبير، هل الأطفال لهم إدراك بالفعل الإلهي أي ثنائية العقاب والثواب، ام أن تخويف الاطفال يجعلهم يبكون من الرعب. إن الخطير في المظاهرات هو انصياع الكثير من الناس لها، فهي لا تستقطب فقط مريدي الجوامع بل تمس كل الأفراد لأنها تعتمد على الترهيب من عقاب الله.
من هنا تبدأ مواجهة جديدة، ونجدنا، نحن، أي من أمن وطلب من الدولة التدخل لتدبير الأزمة وجها لوجه مع الجماعات السلفية الراقدة على أنفاس وعقول الهامش لتحصن وجودها وتجعل منه معقلا لها.
ربما ستفرز لنا هذه التجربة القاسية مواجهات أخرى...



#حكيمة_لعلا (هاشتاغ)       Hakima__Laala#          



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات الحجر (3) وجها لوجه
- يوميات الحجر (2) وجها لوجه
- يوميات الحجر (1) وجها لوجه
- -أنا- و -أنا-  في محك القرار


المزيد.....




- ماذا يعني إصدار مذكرات توقيف من الجنائية الدولية بحق نتانياه ...
- هولندا: سنعتقل نتنياهو وغالانت
- مصدر: مرتزقة فرنسيون أطلقوا النار على المدنيين في مدينة سيلي ...
- مكتب نتنياهو يعلق على مذكرتي اعتقاله وغالانت
- متى يكون الصداع علامة على مشكلة صحية خطيرة؟
- الأسباب الأكثر شيوعا لعقم الرجال
- -القسام- تعلن الإجهاز على 15 جنديا إسرائيليا في بيت لاهيا من ...
- كأس -بيلي جين كينغ- للتنس: سيدات إيطاليا يحرزن اللقب
- شاهد.. متهم يحطم جدار غرفة التحقيق ويحاول الهرب من الشرطة
- -أصبح من التاريخ-.. مغردون يتفاعلون مع مقتل مؤرخ إسرائيلي بج ...


المزيد.....

- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي
- الفلسفة القديمة وفلسفة العصور الوسطى ( الاقطاعية )والفلسفة ا ... / غازي الصوراني
- حقوق الإنسان من سقراط إلى ماركس / محمد الهلالي
- حقوق الإنسان من منظور نقدي / محمد الهلالي وخديجة رياضي
- فلسفات تسائل حياتنا / محمد الهلالي
- المُعاناة، المَعنى، العِناية/ مقالة ضد تبرير الشر / ياسين الحاج صالح
- الحلم جنين الواقع -الجزء التاسع / كريمة سلام
- سيغموند فرويد ، يهودية الأنوار : وفاء - مبهم - و - جوهري - / الحسن علاج


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكيمة لعلا - يوميات الحجر (4) وجها لوجه