أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكيمة لعلا - يوميات الحجر (3) وجها لوجه














المزيد.....

يوميات الحجر (3) وجها لوجه


حكيمة لعلا
دكتورة باحثة في علم الاجتماع جامعة الحسن الثاني الدار البضاء المغرب

(Hakima Laala)


الحوار المتمدن-العدد: 6523 - 2020 / 3 / 26 - 19:52
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
    


صديقتي الغالية:

أتمنى أن تكوني بألف خير، لقد كتب لنا أن نعيش هذه التجربة المخيفة، كتب لنا بعدما سمعنا و قرأنا طويلا وباستمرار عن الحجر الاجباري، كان واقعا مبهما، مفهوما غريبا علينا، لم نعره اهتماما كما ذكرت لك في آخر حديث لنا، اعتبرناه دائما شيئا لا يغير جذريا واقع الإنسان، ولا يمس حتما حرية الشخص مثل السجن ولايمثل قسوة في حد ذاتها.
الآن نحن تقريبا في نفس الوضع وإن كان في العمق مخالفا له، فهو في حالة هذا الوباء ليس عقوبة، بل هو حماية من خطر، نعجز على إدراكه حتى في المجرد. نشعر بالخطر يحيط بنا، ولا ندري هل طريقة احتمائنا سليمة. أغرقونا بالمعلومات وإن كانت متضاربة، وأطلت وجوه كثيرة لتوعيتنا، أصدقك القول، أستمع كثيرا لذوي الاختصاص، إنهم يبذلون ويبذلن جهدا في إيصال المعلومة والخطر والفاجعة المنتظرة، وإن كانت الأخبار الجديدة تنفي القديمة وتضعنا في وضع أضعف، احتمينا بالأقنعة والقفازات، شعرنا بنوع من الأمان، فمن عاداتنا حماية جسدنا الضعيف بأشياء لا تمت له بصلة، اعتدنا أن نساعده بلباس دافئ وأكل جيد لتدب فيه الحياة، ولكن لم نعي يوما ضعفنا، وأننا كنا دائما في صراع مع الموت حتى في أبسط اللحظات، دواء واعشاب ومقويات.... ومع ذلك لم نفهم أن الطبيعة قد تكيد لنا يوما، قد تحبك لنا مرضا... اعتقدنا أن الطبيعة في خدمتنا، ظلت علاقتنا بها جاهلة للغاية، نحن فعلا جهلة في المعرفة، ولن أقول متخلفين في الحياة والعلم، فهذا تحصيل حاصل، فقدنا حتى علم أجدادنا في علاقاتهم مع الطبيعة، فالمغربي الفلاح كان يعطي للأرض وما عليها مهلة لاسترجاع أنفاسها وهمتها لتكون معه معطاءة، لم نكتسب معرفة القدماء ولم نلج لمعرفة العصر، فقط، استرسلنا في فعلنا الاستهلاكي، استهلكنا كل شيء، المصنوع والطبيعي، واستنزفنا مصدر حياتنا، لم نراعي قيمة للماء. كنت تغضبين يا صديقتي في الحمام من الضياع الذي يلحقنه النساء بالماء، بعدما توقفت عن تكرار تلك الملاحظة يأسا مني وتوقفت على الذهاب إلى الحمام. حقا، وإن كنا ندرك أن الماء هو أصل الحياة وأنه بدون شرب الماء يموت الإنسان، لم نفطن أن الماء هو أساس الوقاية والعلاج، ها نحن نواجه فيروس الكورونا بغسل اليدين، بالتنظيف، ويبقى الماء هو العنصر الخارجي الأساسي لحماية جسد الإنسان. لم ينبه أحد للحفاظ على الماء، أو فعل البعض ذلك، ولكننا نغض الطرف في هاته الحالات، فالنهم الذي نعيشه لا يساويه إلا جهلنا بأسرار الطبيعة. تخيلي يا صديقتي، إن الكثير يعتبر أن السماء أمطرت لأن الإنسان كف عن أفعاله المخالفة لإرادة الله. أنت تعرفين أنني لا أرى الله مصدر عقاب، بل هو مصدر رحمة، ورأيت في سقوط المطر مساعدة منه ورحمة بالإنسان لكي يكافح هذا الفيروس، لقد مدنا بالماء. يجهل الكثيرون أن الماء هو هبة سماوية لم يستطع الانسان إعادة إنتاجها. هكذا أرى الامر.
أعود بك إلى هذا الحجر الصحي الإجباري، أقول لك أن كل شيء تغير، كل الأشياء العادية، أصبحت ذات قيمة عالية، التعقيم أصبح واجبا يوميا، وإن كنت أسائل نفسي عن مدى معرفتنا به، نحن فعلا لا ندرك ما لا نراه، فكيف لنا أن ندرك الجراثيم والفايروسات التي تعايشنا ونعايشها كل يوم؟ إن عجزنا على الاستيعاب راجع بالأساس لإدراكنا المبني في ثقافتنا على تقديم حجم الخطر بحجم الشيء، لم يعش الكثير من الناس فرصة معرفية لكي يدركوا بالعقل المجرد، أننا لدينا أصدقاء غير مرئيين، غير الجن الذي نهابه أكثر من الله، علاقتنا بالعلم هي وظيفية ولحظوية تنتهي بانتهاء المرض و الموت. لم نصاحبه قط ولم نجعل منه خلا لنا أو صاحبا يرافقنا في حياتنا، أكثر الكلام والسفسطة، وتركنا العلم للآخرين محترزين بالوهم. لم نتعلم الاحتماء من كل هاته الفيروسات التي تشاركنا الحياة. كيف يمكننا أن نحتمي ومن أكثر عاداتنا هو حك العينين، ولمس الوجه، وأنا أولهم وأنت كنت من حارب ويحارب هذه العادة التي تجعل يدي دائما مستقرة على وجهي، كيف نعمل ونحن نتشارك الأكل في إناء واحد والشرب في إناء واحد، وكل واحد رافض بهذا الفعل أن يقصى اجتماعيا، ويعتبر متكبرا، ومن ملة أخرى يتجسد فيه صفة استعلاء الغرب. وإن افترضنا أن وعينا كاف لفعل ذلك، هناك وضع آخر يطرح نفسه بكل مكر، هل كل المغاربة لهم الكمية الكافية من الأطباق والكؤوس؟ وإن لم يكن الأمر كذلك، هل سينظفون في كل مرة الكأس المشترك الذي يتبادلونه للشرب؟ إن المشكل يعم ثقافة بأكملها في تواجدها وغيابها..... وإن قلنا أنه يجب إعادة الترتيب الثقافي، هل لنا الوقت الآن لفعل ذلك، ربما لو تطوع المختصون لتعليم الكثير منا مفهوم التلقيح بما هو ممكن ومتداول، لسهل الأمر على الكثير....
محبتي



#حكيمة_لعلا (هاشتاغ)       Hakima__Laala#          



الحوار المتمدن مشروع تطوعي مستقل يسعى لنشر قيم الحرية، العدالة الاجتماعية، والمساواة في العالم العربي. ولضمان استمراره واستقلاليته، يعتمد بشكل كامل على دعمكم. ساهم/ي معنا! بدعمكم بمبلغ 10 دولارات سنويًا أو أكثر حسب إمكانياتكم، تساهمون في استمرار هذا المنبر الحر والمستقل، ليبقى صوتًا قويًا للفكر اليساري والتقدمي، انقر هنا للاطلاع على معلومات التحويل والمشاركة في دعم هذا المشروع.
 



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- يوميات الحجر (2) وجها لوجه
- يوميات الحجر (1) وجها لوجه
- -أنا- و -أنا-  في محك القرار


المزيد.....




- أي أخلاق للذكاء الاصطناعي؟ حوار مع العالم السوري إياد رهوان ...
- ملايين السويديين يتابعون برنامجًا تلفزيونيًا عن الهجرة السنو ...
- متطوعون في روسيا يساعدون الضفادع على عبور الطريق للوصول إلى ...
- واشنطن: صفقة المعادن مع كييف غير مرتبطة بجهود وقف القتال في ...
- wsj: محادثات روما قد تضع إطارا عاما وجدولا زمنيا لاتفاق أمري ...
- قتلى وجرحى.. مأساة في حلبة مصارعة الديوك! (فيديو)
- سيئول: 38 منشقا كوريا شماليا وصلوا إلى كوريا الجنوبية
- خبير أمريكي: الاتحاد الأوروبي سينهار وسيأخذ معه الناتو
- -أيدت فلسطين-.. قاض أمريكي يحدد جلسة للنظر بقضية طالبة تركية ...
- تونس: أحكام بالسجن بين 13 و66 عاما على زعماء من المعارضة في ...


المزيد.....

- سور القرآن الكريم تحليل سوسيولوجي / محمود محمد رياض عبدالعال
- -تحولات ظاهرة التضامن الاجتماعي بالمجتمع القروي: التويزة نمو ... / ياسين احمادون وفاطمة البكاري
- المتعقرط - أربعون يوماً من الخلوة / حسنين آل دايخ
- حوار مع صديقي الشات (ج ب ت) / أحمد التاوتي
- قتل الأب عند دوستويفسكي / محمود الصباغ
- العلاقة التاريخية والمفاهيمية لترابط وتعاضد عالم الفيزياء وا ... / محمد احمد الغريب عبدربه
- تداولية المسؤولية الأخلاقية / زهير الخويلدي
- كتاب رينيه ديكارت، خطاب حول المنهج / زهير الخويلدي
- معالجة القضايا الاجتماعية بواسطة المقاربات العلمية / زهير الخويلدي
- الثقافة تحجب المعنى أومعضلة الترجمة في البلاد العربية الإسلا ... / قاسم المحبشي


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع - حكيمة لعلا - يوميات الحجر (3) وجها لوجه