|
هوليود ومسلسلات العنف بعراق العرب
سامي الاخرس
الحوار المتمدن-العدد: 1576 - 2006 / 6 / 9 - 10:39
المحور:
الادب والفن
هوليود مدينة صناعة السينما العالمية ، والتي تعتبر قبلة فناني وفنانات العالم ،بشتى أطيافهم ،لما تمثله من أقصي الطموحات لديهم ،وإلهام ارتقائهم سلالم المجد الفني ،والتي بدورها أنتجت لنا مفاهيم فنية ،تحولت بمرور الزمن لخطط استراتيجية إعلامية ،وعسكرية ،واقتصادية ، جسدت الدور الأمريكي ،وفكر الولايات المتحدة ،حامل مشعل التحرر والديمقراطية أثناء الحرب الباردة ،وأعطتنا خلطة سحرية ، جسدها عمليا بشخصيات فنية تمثلت بأرلوند ،ورامبو ،والعديد من الشخصيات التي فتنت قلوب مراهقي ومراهقات العالم، فأمضوا جل ساعات عمرهم يحلمون ويبحثون عن تقاليع هؤلاء الأبطال السينمائيين ،وأفلام الرعب ،وأساطير أمريكيا. هوليود ساحرة الفن ،مثلت القبطان والربان الماهر ،الذي قاد الدفة الإعلامية الأمريكية ،ولا زالت تقودها حتى راهن اللحظة ،حيث جسدت السياسة الأمريكية ، واستطاعت غزو كل بيت ،واقتحام كل أسرة .. هذه السياسة السينمائية التي تزامنت بالغزو العسكري ،والفكري والثقافي ،والحملات الأمريكية التي نلنا منها كعرب نصيب الأسد ، بعد انتهاء الحرب الباردة لصالح القطب الرأسمالي. بتأمل لمجري الأحداث على حلبات الصراع المتوترة بالمنطقة ،وخاصة في العراق وأفغانستان وفلسطين ، ينتابك الفضول للعودة بذاكرتك بضع سنين ،لاستعراض السينما الأمريكية ،والتعمق بمرتكزاتها ، لنتمكن من استخلاص ما تشهده الساحة العراقية في الوقت الراهن ، استخلاص مسلسل ذو حلقات متشابك يذكرنا بالمسلسل الشهير "دلاس" ، حيث بدأ المسلسل الأمريكي حلقاته من ما سمي بحرب تحرير الكويت ،التي حشدت بها الولايات المتحدة فنانيها من شتي بقاع العالم ،ومن جنسيات مختلفة بما فيها الفنان العربي الذي دون حضوره ، ولم يغفل كاتب السيناريو تواصل حلقاته بنسق مشوق متراكب ، ليتواصل بتقديم الجزء الثاني من حصار الشعب العراقي ، تخلله بعض العروض الخارجية لإضفاء التشوق لمسلسله ، فعرض بعض الحلقات الأخرى بأفغانستان وفلسطين ،والسودان ،والصومال ، متزامنة بعروضها مع مسلسل العرض الصهيوني في فلسطين . واستمرت هوليود بعرض مسلسلها بحلقات أسلحة الدمار الشامل ، وتعملق ذكاء كاتب السيناريو في حبكته الفنية التي أبدع في تصورها خيالياً ، مما مكنه لنقل مسرح عرضة لقلب الحدث ،وهي بغداد ، ورغم تغير الفنانين والأدوار إلا أن العرض يتماشى وفق رؤية المؤلف ، ورغباته . ترتسم عروض المسرح الهوليودي الأمريكي بالعراق ،الذي قسمته لمناطق ومذاهب ، وأحاطت أقطابها بالمنطقة الخضراء ليمارسوا إنتاج باقي حلقات العرض بأمان ، في الوقت الذي تحرق به باقي أجزاء بغداد الرشيد ، وتسلب كرامة أهل الفلوجه وبعقوبة ،واغتيال العلماء والمثقفين ورجال الأدب ، وسلبت خيرات العراق وهدمت بنيته التحتية ،وإعادته للمربع الأول من عصور الحضارة ، وهتك أعراض النساء ،والقتل بالهوية علي أيدي مليشيا الظلام ، وقصف المنازل وأطفالها نيام . تزامن واتفاق ، تتواصل حلقاته بإبداع في العراق ،وأفغانستان ، والسودان ، وولاية هوليود لم تتناسى عناوين سينمائية أخري تتمثل بالتراجيديا ،والمسلسلات الهزلية التي تلعب دورا رئيساً وهاماً ، في عروضها بالأردن ولبنان ،وسوريا ،والمغرب والجزائر ،وليبيا من خلال عروضها الدرامية ،والهزلية معاً . فالأدوار تختلف ،والغاية والهدف واحد ،أراده الفنان الأمريكي ،ونفذ حلقاته بإبداع وتألق . أمة عربية مسلوبة الإرادة ،تغرق بهمومها الاقتصادية ،والثقافية ،والسياسية ،مع محور جديد ألا وهو النفسي ،الذي يتخذ منحيين ،منحي شخصي لكل مواطن يتقوقع من خلاله بهموم آسرته بآلامها وهمومها ،ومنحي عام يتمثل بأمة أهدر تاريخها وحضارتها ،وقيمها ،وتراثها ، لتتسول قيم وتراث العولمة الأمريكية والغربية. وطن أسير بآسر أبنائه ،وهو الوطن العربي المقيد بقيود أبنائه ،لا يقوي على التحرر من فقره ،وضحالة ثقافته ،وتخلف التنموي. التخلف التنموي ،نال من شتي مناحي التنمية ، فلم يقتصر على التخلف الاقتصادي فقط ، بل عمم النموذج ،وأضحي التخلف يلقي بظلاله على القوة البشرية ،والتنمية الأخلاقية ، والتنمية الثقافية ،والسياسية . تتصارع التيارات الفكرية والمذهبية والسياسية ،في معركة كل أطرافها مهزومين ،ومنتصرا وحيدا هو التخلف الذي زرعت بذوره سينما هوليود ،ولم تتضح معالم النهاية لأطول مسلسل في التاريخ ، مسلسل الرعب بعراق العرب . سامي الأخرس
#سامي_الاخرس (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
صامدون كغصن الزيتون
-
أمة لا تتفاهم سوي بلغة المؤتمرات
-
أكسروا قيودي واحملوا ىمالي
-
الصحافة الفلسطينية وعصر التحديات
-
فلنلقي بغزة بالبحر
-
سأغادر
-
ولاية غزة المتحدة وعاصمتها جحر الديك
-
شاطئ غزة ... ملكية خاصة
-
لماذا الآن أشعلتم فتيل الحزبية ؟
-
حق بزمن اللاحق .. شعب وحكومة
-
المرأة العربية رمزاً للتخلف بعصر التمدن
-
حملوك فارساً ......
-
تعقيب علي مقال المرتد الأفغاني .. ورد علي الحوار المسيحي بشأ
...
-
الوطن العربي أغني البلاد ... أفقر العباد
-
وإنها لفوضي حتى النصر ... أو القهر
-
حياة المرتد الأفغاني بحياة أمة
-
يوم الأرض .... يوم الوفاء
-
شتان بين أم تنتظر هدية العيد ... وأم تذرف دمع فراق عزيز
-
المرأة وعولمة الجسد
-
من ينصف حمدي قرعان
المزيد.....
-
أسلوب الحكيم.. دراسة في بلاغة القدماء والمحدثين
-
الممثل السعودي إبراهيم الحجاج بمسلسل -يوميات رجل عانس- في رم
...
-
التشدد في ليبيا.. قمع موسيقى الراب والمهرجانات والرقص!
-
التلاعب بالرأي العام - مسرحية ترامبية كلاسيكية
-
بيت المدى يؤبن شيخ المخرجين السينمائيين العراقيين محمد شكري
...
-
مصر.. الحكم بحبس مخرج شهير شهرين
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي بتهم -الاعتداء والسب-
-
مصر.. حكم بحبس المخرج محمد سامي شهرين لهذا السبب
-
الكويت توزع جوائز الدولة وتحتفي باختيارها عاصمة للثقافة العر
...
-
حتى المواطنون يفشلون فيها.. اختبارات اللغة الفرنسية تهدد 60
...
المزيد.....
-
أدركها النسيان
/ سناء شعلان
-
مختارات من الشعر العربي المعاصر كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
نظرات نقدية في تجربة السيد حافظ الإبداعية 111
/ مصطفى رمضاني
-
جحيم المعتقلات في العراق كتاب كامل
/ كاظم حسن سعيد
-
رضاب سام
/ سجاد حسن عواد
-
اللغة الشعرية في رواية كابتشينو ل السيد حافظ - 110
/ وردة عطابي - إشراق عماري
-
تجربة الميج 21 الأولي لفاطمة ياسين
/ محمد دوير
-
مذكرات -آل پاتشينو- عن -العرّاب-
/ جلال نعيم
-
التجريب والتأسيس في مسرح السيد حافظ
/ عبد الكريم برشيد
-
مداخل أوليّة إلى عوالم السيد حافظ السرديّة
/ د. أمل درويش
المزيد.....
|