أخبار عامة - وكالة أنباء المرأة - اخبار الأدب والفن - وكالة أنباء اليسار - وكالة أنباء العلمانية - وكالة أنباء العمال - وكالة أنباء حقوق الإنسان - اخبار الرياضة - اخبار الاقتصاد - اخبار الطب والعلوم
إذا لديكم مشاكل تقنية في تصفح الحوار المتمدن نرجو النقر هنا لاستخدام الموقع البديل

الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد دوير - خصخصة الألوهية














المزيد.....

خصخصة الألوهية


محمد دوير

الحوار المتمدن-العدد: 6520 - 2020 / 3 / 22 - 11:40
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
    


عندما تتحول الأفكار الدينية أو السياسية الي مصدر خطورة علي حياة البشر، يصبح الوقوف أمامها والتصدي لها ضرورة وجودية وفرض عين علي كل فرد. وقد كانت النزعة الرومانية الاستعمارية مستندة علي حق الرومان في احتلال العالم وتكوين امبراطورية عظمي تتخطي حدودهم الجغرافية، وأيضا كانت النزعة الألمانية النازية خطرا مباشرا علي العالم. وتمتليء صفحات التاريح بتلك النزعات التي استندت علي سيادة العرقية أو القومية أو العلو الديني، ومن بين هذه الصفحات تعيش المجتمعات العربية حالة شبيهة حيث تسيطر أفكار الاسلام السياسي بكافة فصائلة علي الوعي الجمعي، وتسعي الي توجيه هذا الوعي نحو القدرية التي يمتلك مشايخ الوهابية وغيرهم الحق الوحيد في تفسيرها وتوجيهها ..
وفي أزمة وباء كورونا تجلي هذا التصور في أسوأ صوره، حيث انتشر بين الناس مقولات قد تؤدي الي استفحال الوباء وانتشاره بصورة مجنونة، مثل : ( الله معنا ) .. ( الأعمار بيد الله ) .. ( يا عم سيبها علي الله ) ..( لكل أجل كتاب ) ....الخ من هذه المصفوفة التي تخالف قاعدة حفظ النفس الدينية الشهيرة.أضف الي ذلك التفسيرات الغريبة التي انتشرت منذ الثمانينيات بأن الله يعاقب أعداء الاسلام، فوباء كورونا انتشر في الصين لأنها كانت تعذب المسلمين، وبالتالي فإن الله هو ملكنا نحن، خلق العالم من أجلنا نحن، يعاقب كل من يقترب منا ، ويحرسنا نحن فقط دون باقي الديانات والشعوب الأخري.. هذا الفهم الديني لطبيعة وصفات الإله ناتجة عن عقلية دينية قاصرة لا تستريح سوي عندما يمتليء عقلها بفكرة الإله الخاص أو خصخصة الأولوهية ..
وانطلاقا من تلك الخصخصة يبدأ الانسان العربي والمصري خاصة في الاتكالية التي قد تغرق المجتمع كله في بحر الوباء، فيتصرف الناس بناء علي ذلك المفهوم، الذي هو بالاساس مفهوم ديني تحول الي سلوك اجتماعي، ومن ثم يصبح هذا السلوك خطرا محققا في حالة وباء مثل كورونا ينتقل في الازدحام وعدم الالتزام بقواعد العزل والفصل بين الناس..هنا تحولت الافكار الدينية الي كارثة قد تدخل المجتمع كله في كارثة ، لأن مجموعة من البشر لديهم قناعات أن الله لن يصيبنا بسوء لأننا مسلمين، ولأن الانقاذ معتمد علي التدين أو معياره التدين فيصبح مواصلة الاقتراب من الله عبر التظاهرات الدينية( صلاة الجماعة – حضور الموالد – الافراح – الجنازات ...الخ ) هو الالتزام التام بحقوق الله، لأنه هو من يحيي ومن يميت، هكذا يفهمون الدين، ويمارسون الحياة بناء علي هذا الفهم.
والمؤكد هنا أن الفكر الديني والتفكير انطلاقا منه، يعزل البشر عن التحديات التي تواجههم، فيفهمون أن الوباء هو عقاب من الله علي الكفرة، فليسوا هم المقصودين من العقاب، وبالتالي فهم في مأمن منه، ولن يضرهم الله بشيء( وان شاء الله هتعدي علي خير) .. والنتيجة أن مجموعة قناعات يعتنقها مجموعة من البشر شركاء لنا في الحياة قد تؤدي بالجميع الي الجحيم، أي الي انتشار الوباء، وهذا يذكرني بقصة الجماعة التي حاولت فتح ثقب في السفينة بحجة أنها يملكون هذا الجزء الذي يفتحون فيه الثقب، رغم أن دخول الماء للسفينة كاف لغرف السفينة كلها..
هكذا قد تتحول الأفكار الاتكالية الي كارثة اجتماعية، تهدد حياة كل البشر، ومن هنا صار من الضروري محاربتها والوقوف امامها والتصدي لها بكل قوة، فلم يعد الأمر مجرد خلاف في وجهات النظر السياسية حول كيفية ادارة الدولة، ولكن الأمر صار يهدد الحياة نفسها ، ويدفعنا جميعا الي الانتحار، والسبب أن ثمة جماعة يحكمها نمط تفكير معين قررت أن تختص الله لنفسها ، وتعتبره خلق الكون لأجلها، فتحولت هذه الجماعة الي شعب الله المختار فعلا، وما الوباء سوي تأديب من الله للكفرة والملحدين وليس لنا كمسلمين و مسيحيين مصريين..
الوباء كارثة يمكن السيطرة عليه.. ولكن منهج التعامل معه بهذه العقلية جريمة لا يمكن السكوت عليها ابدا.



#محمد_دوير (هاشتاغ)      



اشترك في قناة ‫«الحوار المتمدن» على اليوتيوب
حوار مع الكاتبة انتصار الميالي حول تعديل قانون الاحوال الشخصية العراقي والضرر على حياة المراة والطفل، اجرت الحوار: بيان بدل
حوار مع الكاتب البحريني هشام عقيل حول الفكر الماركسي والتحديات التي يواجهها اليوم، اجرت الحوار: سوزان امين


كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية على الانترنت؟

تابعونا على: الفيسبوك التويتر اليوتيوب RSS الانستغرام لينكدإن تيلكرام بنترست تمبلر بلوكر فليبورد الموبايل



رأيكم مهم للجميع - شارك في الحوار والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة التعليقات من خلال الموقع نرجو النقر على - تعليقات الحوار المتمدن -
تعليقات الفيسبوك () تعليقات الحوار المتمدن (0)


| نسخة  قابلة  للطباعة | ارسل هذا الموضوع الى صديق | حفظ - ورد
| حفظ | بحث | إضافة إلى المفضلة | للاتصال بالكاتب-ة
    عدد الموضوعات  المقروءة في الموقع  الى الان : 4,294,967,295
- علي شاطئ الذاكرة للروائي الجزائري مصطفي الشيخ زاوي
- الماركسية .. كاستنارة
- ملخص الكتاب ماركس ضد نيتشه ..
- سيناريوهات المستقبل في مصر
- الحداثة الغائبة والتحديث الريعي
- وفاة مرسي
- في فقه المصالحة: العسكر والإخوان واليسار
- الثورة المصرية.. والبحث عن دولة يناير (3)
- الثورة المصرية .. والبحث عن دولة يناير (2)
- الثورة المصرية والبحث عن دولة يناير(1)
- التنوير الآتي من طيبة وليس من آثينا
- الحركة الاشتراكية الرابعة
- 30 يونيو: الحدث ذو الألف وجه
- حول انتخابات الرئاسة المصرية...ورقة للنقاش
- الاشتراكية العاجزة..1-5
- عشر مقولات ..في قتل الأقباط
- أسلمة النضال.. وسلفنة الثقافة
- شحاتة عبد الحليم .. تاريخ من العطاء
- خمسون عاما ..خلف قضبان الحياة
- أبو هشيمة: القصة والدلالة


المزيد.....




- الخارجية الإيرانية تحذر من إعادة تفعيل الجماعات التكفيرية في ...
- تعويض بمليون جنيه.. بلاغ جديد من الإعلامي المصري إبراهيم فاي ...
- متحدث الخارجية الايرانية يحذر من تنشيط الزمر الارهابية التكف ...
- قائد حرس الثورة الاسلامية اللواء سلامي: حزب الله فخر العالم ...
- تونس.. وفاة أستاذ تربية إسلامية أضرم النار في جسده (صورة)
- هشام العلوي: أية ديمقراطية في المجتمعات الإسلامية ؟
- تعداد خال من القومية والمذهب.. كيف سيعالج العراق غياب أرقامه ...
- وفد الجامعة العربية لدى الأمم المتحدة يدعو لحماية المنشآت ال ...
- ولد في اليمن.. وفاة اليهودي شالوم نجار الذي أعدم -مهندس المح ...
- ماما جابت بيبي..أضبطها الآن تردد قناة طيور الجنة بيبي على ال ...


المزيد.....

- شهداء الحرف والكلمة في الإسلام / المستنير الحازمي
- مأساة العرب: من حزب البعث العربي إلى حزب الله الإسلامي / حميد زناز
- العنف والحرية في الإسلام / محمد الهلالي وحنان قصبي
- هذه حياة لا تليق بالبشر .. تحرروا / محمد حسين يونس
- المرحومة نهى محمود سالم: لماذا خلعت الحجاب؟ لأنه لا يوجد جبر ... / سامي الذيب
- مقالة الفكر السياسي الإسلامي من عصر النهضة إلى ثورات الربيع ... / فارس إيغو
- الكراس كتاب ما بعد القرآن / محمد علي صاحبُ الكراس
- المسيحية بين الرومان والعرب / عيسى بن ضيف الله حداد
- ( ماهية الدولة الاسلامية ) الكتاب كاملا / أحمد صبحى منصور
- كتاب الحداثة و القرآن للباحث سعيد ناشيد / جدو دبريل


المزيد.....
الصفحة الرئيسية - العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني - محمد دوير - خصخصة الألوهية