|
الحب الفاسد / هل هو مستجد في روسيا أم ناتج عن سلطات تعاقبت على الفساد ..
مروان صباح
الحوار المتمدن-العدد: 6515 - 2020 / 3 / 16 - 21:17
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
/ لا يرف جفن من يخوض في تراث وضيع ومديد في صناعة الحب الفاسد ولا يخلو هذا النبش من نظرة سليمة الأركان ، إذن ، قد يلوح هذه الاستفسارات أن يتردد منها أصداء نافعة في إسهام فهم هذا التراث النقدي ، فهناك ثلاثة مومسات من مختلف الحقب يساجلنا بعضهم البعض ، يتساءلان وعلى وجوهم ابتسامة خجولة اتاحت لمعان أسنانهم ، أي الحقب كان الحب الأسود أفضل فيها ، هل كانت أيام القيصرية أو البالشفية أو البوتينية ، وقبل كل شيء ، ننوه للقارئ بأن كاتب هذه السطور يتناول سوق الحب الأسود وليست الأسواق القانونية ، ولأن القاعدة إياها التى تعتبر من بديهيات المهنة ، اعتادوا من سبقوا في هذا الوسط الاغوائي تسديد نصيحة تقليدية للمستجدات أو الملتحقات فيه ، ( بأن الرجال لا يحبون المرأة الذكية ) وبالتالي التظاهر بالغباء مسألة أساسية تحفظ لمنتهنيها الاستمرار وكسب الخصم ، ولأن روسيا كانت في عهد القياصرة مترعاً لسوق الحب الأسود واستمرت بطريقة أقل شكلاً أثناء حكم الماركسية وتحولت في ظل سلطة الرئيس بوتين إلى تجارةُ تصديرية للعالم أجمع ، باشر كثير من أبناء الدول الأكثر رخاءً والمحيطة بروسيا الاتحادية بفتح مدارس لتعليم الفتيات الراغبات في الانضمام بهذا المجال ، بضرورة الالتحاق بمدارس تختص في تعزيز قدراتهم الذاتية لاستجلاب الرجال وعلى الاخص الأغنياء منهم ، بالطبع يعتمد التعليم على جملة من الأكاذيب والتضليل وبالتالي الهدف أولاً واخيراً ، هو التخلص من أزماتهم الاقتصادية والفقر المدقع التى تعيشه كثير من الأحياء العاصمة والريف بصفة عامة .
وبالرغم من نوعية التعليم الأساسي الذي يحظى به المواطن الروسي ، وهذا يظهر في سلوك الحياتي للمرأة أو الفتاة الروسية اثناء مخالطتهما ، يتمتعون بمعرفة عدة لغات متعددة وايضاً العزف على نوع أو أكثر من الآلات الموسيقية وبالطبع اللياقة البدنية وإجمالاً فن الايتكيت ، لكن سرعان هذه المدارس ولمعرفتها بالتركيبة المدرسية للروس ، تطلب من المنتسبة بالتنازل عن ذكائها وتحويل نفسها إلى كائن غبي في جسم جميل ، أي المطلوب منها أن تتحول إلى دمية( كباربي ) ، وهنا ليس أمام الملتحقة في هذه المهنة سوى أن تقبل الخسارة لأن لا يوجد كلمات خفيفة أو رقيقة تقال ، بل ما هو متبقي للملتحقات شيء واحد ، الحرص على حرمان الخصم متعة التشفي على الأقل ، لأن معرفتهم بالمستوى العلمي أو الثقافي ، سيشعرهم بلذة الانتصار ، لهذا مع مرور الوقت تبدأ مكنة الحذف أتوماتيكياً بحذف تدريجياً ما تقتنيه الذاكرة .
القاعدة الأخرى ، ليست أقل شأناً من الأولى ، الحرص على أن لا تتمتع من في هذا الوسط بمخيلة ملحمية ، بل ما هو مطلوب فقط مخيلة فارغة استسلامية ، لكن بصراحة رغم تقدم الجانب العسكري في روسيا والحد من الفساد الذي كان يخيم على الجيش والمصانع الخاصة بالتسلح ووزارة الدفاع ، إلا أن بعبارة استفهامية ، روسيا مازالت بشكل عام وفي أغلب مناحي الحياة عليلة بالفساد والرشوة وبالتالي حالة النساء الروسيات بصفة عامة مزرية ، لقد مزقتهم الحياة ، بل هناك شبه اتفاق بين العلماء الذين يرصدون هذه الظاهرة ، على أن جذر المصيبة ، هو في التعارض بين الإحتياجات المتصاعدة إلى حد جنوني والتوزيع غير المتكافئ للثروات ، وبالتالي الدولة غير معنية من الحد أو إجتثاث المافيا في البلاد ، لأنها باختصار مرتبطة مع مراكز قوية بالدولة ويمثلون الدولة العميقة ، عملوا تاريخياً بهذا المجال والتى تدر عليهم بالمليارات الدولارات .
منذ القيصرية يسجل الإتحاد الحالي ، النسبة الأكبر بالطلاق ، وهذا يعني بأن الأمور اخذةً بالسوء وليس بالتحسن ، لقد بدأ المتجمع يتدهور اخلاقياً في مطلع القرن التاسع عشر حتى أوائل العشرين ، تحديداً عام 1914م وصل المصابون بمرض الزهري بين النساء إلى 40% ، وعلى خلفية كثافة السكانية في ريف روسيا ، تدهور الوضع الزراعي وفقدت حكومة القيصر امكانية تسويق الإنتاج وباتت غير معنية بدعم المزارعين الذي دفع الفتايات بالانتقال إلى العاصمة من أجل البحث عن عمل ، انتشر في ذاك العصر مهنتين ، الصانعات في البيوت والعاملت في المخايط ، اللتين أفرزتا من خلالهما شبكات عريضة من البيوت الدعارة وبالتالي مع سقوط المنظومة الأخلاقية وتفشي الفساد في الدولة أصبح القياس ليس اخلاقياً بقدر ما هو مالياً أو الحصول على المال بأي طريقة كانت ، بالفعل اليوم مع ارتفاع نسبة الطلاق الذي نتج عنها تفكيك للعائلة ، تطورت مهنة الدعارة ، لقد تخلت المافيا عن البيوت الدعارة التقليدية وباتت شبكات من الملاهي الليلية والنوادي والفنادق والتجمعات السياحية وما شابه وبالتالي تحولت إلى منظومة عملاقة تمتلك من الطائرات والمنتجعات السياحية والملاهي الكبرى والكازينوهات التى باتت تشكل منظمومة أممية وليس محلية ، تدار على الأغلب من موسكو .
الحياة لا تقاس بالأعوام التى يعيشها المرء بقدر أنها تحسب باللحظات التى يشعر فيها بالرضا وطالما الرضا أمر غير وارد تحقيقه في مثل هذا العالم ، إذن ، ليس أمام المرء سوى أن يقهر ظروفه قبل أن تقهره ، وهذا لا يحدث إلا بتغير جذري ، بالطبع في المقام الأول ، يتطلب إقتلاع الفساد الذي يسبب كل هذه الآفات ، بل ما هو مستغرب ومتناقض وهذا يفسر بأن الشعوب ليست فاسدة بالأصل ، لكنها قابلة إلى ذلك حسب أنماط الحكومات الفاسدة وايضاً في المقابل على جهوزية كاملة لو وُفرت لها الحكومات العادلة حياة كريمة ستتغير بطبيعة الحال ، في المقابل للمرء أن يقتفي خلفيات أخرى محسوسة ومادية لحال الروس على الأخص ، هناك مقولة شعبية تخص مسرح البولشوي الأشهر في العالم وراقصينه ، ( إذا مرض راقص باليه واحد في مسرح البولشوي ، شعرت الأمة الروسية كلها بالمرض ) إذن السؤال المركزي من المفترض أن يجيب عنه من يتربع على كرسي الكرملين الذي يبتعد عن المسرح 500 متر فقط ، اليوم روسيا كلها تعاني من الأمراض ، فكيف يمكن للأمة أن تشعر بأمراض مسرحها التاريخي البولشوي . والسلام
#مروان_صباح (هاشتاغ)
كيف تدعم-ين الحوار المتمدن واليسار والعلمانية
على الانترنت؟
رأيكم مهم للجميع
- شارك في الحوار
والتعليق على الموضوع
للاطلاع وإضافة
التعليقات من خلال
الموقع نرجو النقر
على - تعليقات الحوار
المتمدن -
|
|
|
نسخة قابلة للطباعة
|
ارسل هذا الموضوع الى صديق
|
حفظ - ورد
|
حفظ
|
بحث
|
إضافة إلى المفضلة
|
للاتصال بالكاتب-ة
عدد الموضوعات المقروءة في الموقع الى الان : 4,294,967,295
|
-
الخضوع والخنوع يمهدان لحدوث الكوارث ...
-
دراسة المسبب طريق لكشف العلاج
-
الثقة وحدها تبّني الإنسان والدولة ...
-
فيروس كورونا الأهم حتى إشعارٍ آخر ...
-
مؤتمر الخامسة لحركة فتح علامة افتراق بين الماضي والمستقبل ..
-
مصر الناهضة / أمام تحدي التكامل بين الجغرافيا والاقتصاد والت
...
-
الأرض لم تعد قادرة على بلع عبث الإنسان ...
-
العقيدة الإغتيالية في رسم بياني / من الواقع إلى الخيال ومن ث
...
-
حالة الترهل التى تعيشها حركة فتح ...
-
نتائج الانتخابات الإيرانية ، الإقصاء أكثر مع ارتفاع إيقاع ال
...
-
بعد ما شبعهم الشعب شتماً ، عادوا السياسين إلى سياسة التسول .
...
-
الشيطان الاكبر ونبته الشيطاني ...
-
اندفاعات يمينية تقلل من فرصة ترميم سفينة نوح ...
-
التردد عند هاملت والتردد عند السوريين ضاعف المأساة ...
-
حروب بيولوجية وأخرى انترنتية / النقل والتلاعب أمرين واردين .
...
-
قوة القوي وعجز العاجز ...
-
أيا كانت التكلفة ...
-
لإسرائيل الكلمة العليا في العمق الأفريقي ، سنوات من العمل ال
...
-
بوتين الساعي لإعادة كبرياء الروسي ...
-
الفارق بين من يستجدي تصريح يتيم وآخر يستجدونه لمشاركته باحتف
...
المزيد.....
-
-لا توجد تفاصيل واضحة-.. رئيس وزراء قطر يعلق على مفاوضات الم
...
-
فيديو وصور استقبال محمد بن سلمان لأحمد الشرع في الرياض بأول
...
-
الهند تختبر بنجاح نظاما للدفاع الجوي قصير المدى
-
الشرع يبدأ زيارة للسعودية هي الأولى للخارج منذ تسلمه الرئاسة
...
-
ولي العهد السعودي يستقبل الرئيس السوري أحمد الشرع في قصر الي
...
-
توافد اللبنانيين إلى مداخل ميس الجبل وحولا في جنوب لبنان وسط
...
-
وكالة الصحة الأفريقية: غوما الكونغو بؤرة انتشار جدري القردة
...
-
عاجل | مصادر للجزيرة: مصابون برصاص الاحتلال الإسرائيلي خلال
...
-
لحّن إحدى أغانيه الأيقونية.. محمد عبده يرثي ناصر الصالح بحفل
...
-
فرنسا: بايرو يعلن أنه سيلجأ للمادة 49.3 من الدستور لتمرير مش
...
المزيد.....
-
الخروج للنهار (كتاب الموتى)
/ شريف الصيفي
-
قراءة في الحال والأداء الوطني خلال العدوان الإسرائيلي وحرب ا
...
/ صلاح محمد عبد العاطي
-
لبنان: أزمة غذاء في ظل الحرب والاستغلال الرأسمالي
/ غسان مكارم
-
إرادة الشعوب ستسقط مشروع الشرق الأوسط الجديد الصهيو- أمريكي-
...
/ محمد حسن خليل
-
المجلد العشرون - دراسات ومقالات- منشورة بين عامي 2023 و 2024
/ غازي الصوراني
-
المجلد الثامن عشر - دراسات ومقالات - منشورة عام 2021
/ غازي الصوراني
-
المجلد السابع عشر - دراسات ومقالات- منشورة عام 2020
/ غازي الصوراني
-
المجلد السادس عشر " دراسات ومقالات" منشورة بين عامي 2015 و
...
/ غازي الصوراني
-
دراسات ومقالات في الفكر والسياسة والاقتصاد والمجتمع - المجلد
...
/ غازي الصوراني
-
تداخل الاجناس الأدبية في رواية قهوة سادة للكاتب السيد حافظ
/ غنية ولهي- - - سمية حملاوي
المزيد.....
|